جاري التحميل

عيسى بن أسعد الشيخ

الأعلام

عيسى بن أسعد الشيخ([1])

العلامة المرحوم الخوري عيسى الحمصي

ولد العلامة المرحوم الخوري عيسى بن أسعد الشيخ في حمص سنة 1878م، والدته مريم شعاع، وأسرتا والديه من (المقعبرة)، وهما حكام وادي النصارى في الحصن، وأنسباء مشايخ العازار في الكورة وآل خازن في كسروان انحدرتا من أصل غساني.

نشأته وثقافته: تلقى دروسه في مدرسة الملة، ثم تابع الدرس على نفسه طول حياته، وقد تمكن من اللغات اليونانية والسريانية والروسية والعبرانية علاوة على لغته العربية، كان معلماً في مدرسة صدد، وعلم أولاد السريان وفي المدرسة الأرثوذكسية التي كان له الفضل الأكبر في تأسيسها حتى عام 1931م.

سيامته: سامه المرحوم المطران اثناثيوس عطا الله كاهناً بتاريخ 17 تموز 1905م، ثم تقدم الكهنة ونال رتبة (بروتوباياس)، وعاون ثلاثة مطارنة: عطا الله، وابيفابنوس زائد، وجحى في خدمة أبرشية حمص، أوفده البطريك الكسندروس إلى أنطاكية نائباً بطريركيًّا عام 1932 ـ 1933م، وتولى منصب الوعظ في الكنائس عشرات السنين، ونال رتبة واعظ الكرسي الأنطاكي.

ومن مناقبه الحميدة أنه كان رحمه الله داعية إلى الخير والتآلف والاتحاد في خدمة العروبة والوطن ومناهضة الاستعمار.

خدماته الاجتماعية: وفي عام 1927م سافر إلى مصر مستطلعاً معاهدها ومتفقداً جمعيتها، فاحتفل باستقباله، وجمع مكتبة نفيسة فيها ألوف المجلدات في عدة لغات، كتب في عدة جرائد من عهد المحبة والمنار البيروتيتين إلى المقتطف والهلال والصخرة المصريات، وقد ترأس تحرير جريدة (حمص) نحو عشرين سنة.

وقد عني بالمعاهد والمؤسسات العلمية والثقافية والإنسانية، وترأس عدة جمعيات، منها: محفل أميسا الماسوني، ولجنة تسمية شوارع حمص، واستلم سكرتيرية الحكومة الوطنية الموقتة في حمص إثر انسحاب الأتراك منها، وكانت وقتئذ برئاسة السيد عمر الأتاسي سنة 1918م، وذاع صيته في الأوساط العلمية، فنال عدة أوسمة من قيصر روسيا نقولا الثاني عام 1911م والملك جورج السادس، وأوسمة يونانية ورمانية، ورشح للنيابة عن حمص في مجلس النواب السوري إثر الانسحاب العلماني.

وفي سنة 1916م ظهرت منه مقاومة سلبية لأعمال جمال باشا السفاح التركي، وقد طلب للتنكيل به، وكان الفضل في إنقاذه إلى السيد حسني الجندي، وكان رئيساً لبلدية حمص في العهد التركي.

مؤلفاته: ألف كتباً عديدة نشر منها عشرين في مختلف المواضيع، منها: تاريخ الكيفية، سلاسل تاريخية، الخلاصة الجلية، إنارة الأذهان في تاريخ الشهيد الحمصي اليان، إتمام الواجبات، زفرات القلوب لفقد الراعي المحبوب، أساس الأسرة، آثار النصرانية في الديار الشامية، تاريخ حمص، اقتن الحق ولا تبعه، نحن وشهوده يهوه، لماذا أنا أرثوذكسي، بوارق الآمال، نفحات الإلهام، تاريخ أرمينيا، تاريخ القديسة تقلا وديرها، إرشاد هواة البيان إلى ما أشكل إعرابه في القرآن، وصفحات بعض مؤلفاته أكثر من خمس مئة.

مرضه ووفاته: وانحرفت صحته قبل وفاته ببضعة أعوام، فكان جباراً متجلداً يتابع الإنشاء والتأليف، وفي الساعة الرابعة بعد ظهر يوم الإثنين في الثامن من شهر تشرين الثاني 1949م وافاه أجله المحتوم، وقد ألحد الثرى مع أسرار علمه في باحة كنيسة الأربعين شهيداً في اليوم التالي بجنازة حافلة، وأقيمت له حفلات تأبينية كبرى في حمص والمهاجر، ورثاه الخطباء والشعراء وأشادوا مواهبه، وأطلقت بلدية حمص اسمه على أحد شوارع المدينة تخليداً لذكراه بعد الوفاة.

وأنجب أربعة أنجال، وهم: السيد سعد الله، وهو أديب وتاجر في الشيلي، وسكرتير النادي السوري، وأحد مدراء جمعية الشبيبة الحمصية، والسيد فضل الله، تاجر في (مناوس ـ البرازيل)، والسيد منير، أديب وكاتب ومساعد أمين دار الكتب الوطنية، وأستاذ التاريخ في مدرستي الإناث والذكور الأرثوذكسيتين، والسيد كمال، وهو تاجر (في بونس أيرس ـ الأرجنتين)، رحمه الله بقدر ما أحسن إلى المجتمع بوعظه وإرشاده وعلمه.

*  *  *

 



([1] (أ) (1/ 60 ـ 61).

الأعلام