جاري التحميل

غانم إلياس

الأعلام

غانم إلياس([1])

(1877 ـ 1939م)

مولده: ولد المرحوم غانم بن إلياس غانم في بانياس من أعمال اللاذقية سنة 1877م، ونشأ في مهد العز والفضائل، تلقى دروسه في مدرسة عين ورقة الشهيرة التي تخرج منها فطاحل الأعلام، وأنهى دراسته فيها ونال شهادته بتفوق غريب، وتفتحت مواهبه كأكمام الورود، وهو فتى يافع في الرابعة عشرة من عمره، وبدأ ينظم الشعر.

بطولته: ولما شب برزت رجولته وبطولته، فكان شجاعاً جباراً يقتحم الموت في سبيل الذود عن حياض كرامته، فخاض معركة بانياس الدامية التي وقعت عامي 1920م و1921م، وصمد لوحده ينازل عدداً كبيراً من الثوار الذيـن تطاولوا في النهـب والسلب، أصيب على أثرها بسبعة عشرة رصاصة، ولكن الله كتب له السلامة ليستأنف الحياة عاملاً بنفوذه ووجاهته على جمع الكلمة، ورأب الصدع، ووحدة الصف، وإزالة ما علق من إحن، وما يختلج في الأفئدة من أضغان.

في خدمة الدولة: ولست في حديثي هذا أتوخى أن أشيد بمناقب هذه الأسرة، وأنشر أريج مزاياها وشذا مكارمها وما يتحلى به أفرادها من خلق ونبل وسؤدد وكرامة، فهذا لا يتسع المجال لبيانه، فقد أظهر من رجاحة الفضل ما دعا إلى تسنّمه مناصب رفيعة في وزارة العدل، فكان مثال الحاكم النزيه الشريف الجريء، وكانت آخر وظيفة شغلها مدة طويلة هي النائب العام في القضاء، وبقي فيها حتى وفاته، ونال أوسمة رفيعة.

أدبه: كان شاعراً مجيداً، نظم كثيراً من القصائد في شتى المناسبات، ويتألف تراثه الأدبي من مجموعة مازالت مخطوطة، ومن أبرز سجاياه أنه كان جريئاً لا ينثني عن أمر اعتقده حقًّا، يكره الباطل والزلفى والشفاعات، وبمناسبة استقالتهمـن وظيفتـه على إثر خلاف جرى بينه وبين موظف فرنسي كبير قال في قصيدة نقتطف منها قوله البليغ:

لما رأيت نعامة

برزت تهاجم قسورا

ورأيت عضبي نابيا

ورأيت قدري مزدرى

ورأيت طرفي كابيا

ورأيت طرفي أعورا

ناجيت نفساً حرة

أن تستقيل فتعذرا

لبت نداء مؤرخ

إني استقلت مخيرا

وأثناء هجوم الثوار على بانياس نظم قصيدة طويلة نقتطف منها قوله:

لا تقتحم غابة آسادها فيها

ولا ربوعاً أباة الضيم تحميها

أي مقبلي من بنات الريح سافية

اضبط عنانك واحذر من تناهيها

كم أتلف الجهل آساداً غطارفة

وكم بلاد، به أقوت بمن فيها

وفاته: رحل إلى عالم الخلود متأثراً بالذبحة الصدرية في سنة 1939م وهو يقوم بواجبه المسلكي، ودفن في بانياس، وقد بارك الله في ذريته، فأنجب سبعة عشر ولداً من بطن واحد، اخترط الموت منهم تسعة، والأحياء هم الشاعر الملهم الأستاذ نوفل إلياس النائب في البرلمان السوري، السيد نزيه قائم مقام الزبداني حاليًّا، والأستاذ نبيه المحامي في دمشق، والسيد وجيه المزارع، والدكتور رقيه الاختصاصي بالأمراض الداخلية، وثلاث كرائم.

 

p  p p

 

 



([1](أ) (2/ 158 ـ 159).

الأعلام