جاري التحميل

فهد العساكر

الأعلام

فهد العساكر([1])

(1910 ـ 1951م)

مولده ونشأته: ولد هذا الشاعر في الكويت عام 1910م، ونشأ وعاش فيه، انحدر من أسرة عربية، وتلقى دراسته في مدارس الكويت الجامعة لعلوم الدين واللغة العربية، وكان منذ صغره مولعاً بقراءة كتب الأدب، شديد الشغف بتعلم اللغة العربية وقواعدها، وقد اطلع على الكتب الحديثة ذات النزعة التحررية.

مواهبه الأدبية: بدأ بنظم الشعر الذي صور فيه تدينه ونسكه الموروث، ثم صور تحرره الفكري وآراءه في الدين والحياة بحرية وانطلاق فكري رائع، ويعتبر في طليعة شعراء الكويت المجددين الذين آمنوا بضرورة مسايرة الشعر تطوراً مع الزمن والمجتمع.

كان مطبوعاً لا يتكلف الشعر، ذا عاطفة ثائرة واطلاع واسع، وكان للأحداث التي مرت عليه أثرها العميق في عقله وفنه، وقد سخط على الحياة والمجتمع، ولم يعرف له من الفنون الأدبية غير الشعر الذي كان صورة نفسه بهمومها وحنقها، ولم يستسلم للنزعة التشاؤمية، فقد كان كثير التغني بالجمال ومفاتنه وبمشاهد الطبيعة، كما كان يصف ألوان الحياة وينظم في وصف الراح ومجلسها ونداماها بالإضافة إلى مدحه وهجائه وفخره ورثائه.

وكثيراً ما كان يدعى في مناسبة طارئة فيقول الشعر ارتجالاً، وقصائده هذه يظهر فيها التكلف لأنها لم تصدر عن شعور صادق أو إحساس فياض، ومن هنا أخذ عليه بعض الأدباء ضعف بعض قصائده، ولكن شعره في عامته صادق جزل في ألفاظه، ويتأنق في أسلوبه ومعانيه، ويؤخذ عليه عنايته بالصياغة، وخلو شعره من المعاني الرفيعة في بعض الأحيان.

وكان الشاعر يساير حركة التجدد في الشعر، وقد استطاع أن يكون بشعره طابعاً خاصًّا مميزاً له في النواحي القومية، وقد ضاع أغلب شعره، ومن قصيدة له:

يا بني العرب والكوارث تترى

أوقفوا سيرها وصونوا البقيه

يا بني الفاتحين أنا بعصر

لا مساواة فيه لا مدينه

ها هي الحرب أشعلوها فرحما

ك إلهي بالأمة العربيه

غيرنا حقق الأماني وبتنا

لم نحقق لنا ولا أمنيه

نكبته: وقد أمعن الدهر في القسوة على هذا الشاعر المسكين، فكف بصره في السنوات الأخيرة من حياته، فزاد ذلك من شدة حاسيته وانطوائه على نفسه وهروبه من الناس وإيثار العزلة، وصور الشكوى كثيرة في شعره، منها:

كفي الملام وعلليني

فالشك أودى باليقن

وتناهت كبدي الشجو

ن فمن مجيري من شجوني؟

أين التي خلقت لتهـ

ـواني وبانت تجتويني

أماه قد غلب الأسى

كفي الكلام وعلليني

الله يا أماه فيـ

ـيَ ترفقي لا تعذليني

وفاته: وقد ظل الشاعر كذلك رهن المحبسين العمى والعزلة حتى استأثرت به رحمة الله عام 1951م، وقد لازمه سوء الحظ حتى بعد وفاته، فقد أحرق أهله الجهلاء الذين لا يقدرون الأدب ديوانه الشعري وجميع الأوراق الخاصة به، ولم يبق من آثاره إلا ما كان مفرقاً بين أصدقائه ومنشوراً في الصحف والمجلات.

لقد سجل اسم فهد في صفحات الخلود، فلينعم أهله بشهرته الأدبية بعد عقوقهم وحرقهم لآثاره.

*  *  *

 



([1](أ) (2/ 241 ـ 243).

الأعلام