جاري التحميل

قيصر المعلوف

الأعلام

قيصر المعلوف([1])

(1874م)

هو ابن إبراهيم باشا بن نعمان المعلوف، وأمه هندومة بنت شاهين المعلوف، ولد في زحلة في 28 كانون الثاني سنة 1874م، وتلقى العلوم في مدرسة صليما، ثم في المدرسة الأسقفية وفي مدارس الحكمة والبطريركية والآباء اليسوعيين في بيروت، وأتقن العربية والفرنسية وآدابهما، وقال الشعر في الثالثة عشرة من عمره، ونظم رواية نيرون الشعرية ومثلت سنة 1894م، ثم تخرج بالتجارة وقام بإدارة عقارات والده.

هجرته: وحدثته نفسه بالسفرإلى القطر الأمريكي، فسافر سنة 1895م إلى البرازيل، ولم يطل المقام هناك بعد أن تقلبت به الأحوال شأن المهاجرين الحديثي العهد حتى استقدم إليه أخاه السيد جورج، فتعاطيا الأعمال التجارية في ضواحي مدينة سان باولو، وتوفقا بشراء معمل تجاري للغسيل، واتسعت أعمالهما، وقام برحلات كثيرة، منها إلى استانبول، واتصل بأركان السلطنة العثمانية فأسندت إليه منصب قنصل في البرازيل، وفي سنة 1907م اقترن بالسيدة جوزفين شار.

في حقل الصحافة: لقد اهتم المترجم برفع شأن المهاجرين وخدمتهم، فأنشأ جريدة (البرازيل) سنة 1898م ومطبعتها، وهي أول صحيفة في أمريكية الجنوبية، كانت أسبوعية، وهو أقدم من مارس الصحافة في البرازيل، وكان يجاهر بآرائه ومبادئه، شديد الولاء والإخلاص للدولة العثمانية التي أنعمت على والده برتبة باشا، ونشر في جريدته رواية (فدية الحب)، وأخرى (أسمى) أو (الغادة السورية في الديار الأمريكية)، وبقي يخدم الصحافة وينظم القصائد مدة أربع سنوات، ثم ترك جريدة البرازيل وعاد إلى إدارة عمله.

شعره: هو شاعر مبدع غزير المادة، قوي البادرة والخيال، وقد طبع ديوانه (تذكار المهاجر) وأهداه إلى المؤلف العبقري المرحوم عيسى إسكندر المعلوف، وقد قرظته الصحف والمجلات في أمريكا ومصر وسوريا، وهو أول من مارس الشعر والأدب من المهاجرين، وكان لقصائده الوطنية المقام الأول، وديوانه على ثلاثة أقسام: قسم نظمه في البرازيل، وقسم على الطريق في عودته إلى سورية في صيف سنة 1906م، وقسم في المواطن.

وهذا نموذج من شعره ـ وقد كتب إلى صديقه أمير البلغاء الشهير مصطفى صادق الرافعي مقرظاً ديوانه ـ قال:

ذهب الورى إن الأوائل لم تدع

لبني الزمان من المعاني مبتكر

حتى نشرت عليهم (يا مصطفى)

آياتك الغرا فكذبت الخبر

ديوان شعرك فيه كل بديعة

لنظير آيتها ابن برد ما نظر

إن يشتهر بالقول غيرك إنه

بقصيدة سمح الزمان بها اشتهر

لكن شعرك كله (يا رافعي)

من معجزات الشعر والدرر الغرر

فات العدى المتشرقين بأنك الـ

ـملك الذي يعنو البيان إذا أمر

لو كان (أحمد) عالماً بك ما ادعى

حتى التنبؤ ظاهر لك كالقمر

ومن قصائده الشهيرة بعنوان (وقفة على الشاطئ) استطرد فيها ما يلاقيه المهاجرون هناك من الامتهان، ومن بديع شعره مرثية للإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية المتوفى سنة 1906م، منها قوله:

إمام بدا للمسلمين منارة

به يهتدي للحق والنور طالب

إذ ما بكاه المسلمون تأسفا

فدمع النصارى ما حكته السحائب

وقال يصف الصحافة عندما ما كان يصدر جريدة البرازيل وقد أجاد:

ترى ما الذي ترجو الصحافة خيره

إذا لم يكن ما ترتئيه له صدى

فهل نفعت خيل بدون فوارس

وهل دفعت سمر القنا وحدها العدى

ومن نظمه الخريدة البديعة (عليا وعصام)، وقد عرب رباعيات الخيام.

آثاره الأدبية: 1 ـ تذكار المهاجر، طبع في البرازيل، 2 ـ جمال بلادي، طبع في بيروت، 3 ـ ديوان قيصر المعلوف، الجزء الأول، وقد طبعته مجلة الورود سنة 1957م، 4 ـ وله ديوان كبير مخطوط لم ينشر بعد.

وأسس في سان باولو البرازيل مع المرحومين نعوم اللبكي صاحب جريدة المناظر، ووديع فرح معلوف والدكتور سعيد أبي جمرة وغيرهم (ندوة رواق المعري) الأدبية، وانطوى تحت لوائها الأدباء والشعراء، وكان قنصلاً تركيًّا للبنان في البرازيل زمن الحرب العالمية الأولى.

مآثره الاجتماعية: ولما أعلنت الحرب العالمية الأولى سنة 1914م عاد إلى لبنان، وكان الجوع يفتك بأبنائه، فأسس الملاجئ الخيرية، وبذل ثروته في تخفيف وطأة البؤس والجوع، تسانده في أعماله الإنسانية السيدة النبيلة عقيلته جوزفين شار، وهي من أكبر أسر الشام ثروة وعلماً وجاهاً.

انتخب عضواً في المجلس العام اللبناني، فأنقذ الكثيرين من اللبنانيين في أثناء الحرب من مظالم السلطنة التركية؛ لما كان يتمتع به لدى أركان الحكومة من ثقة وجاه، وقد أثرت الشيخوخة على صحته وقواه في أواخر حياته، فضعفت ذاكرته، وأنجب ولدين وكريمتين.

 

p  p p

 

 



([1] (أ) (2/ 296 ـ 297).

الأعلام