لطفي جعفر أمان
لطفي جعفر أمان([1])
(1928م)
ولد في عدن في منتصف عام 1928م، وتلقى تحصيله في مدارس الحكومة، كان يميل إلى الأدب وحفظ الشعر منذ صغره، وفي سنة 1941م أتم دراسته الابتدائية بتفوق، فأوفدته الحكومة لإتمام دراسته في السودان، وأخذ أصول القوافي على الشاعر الأستاذ محمد عثمان جرتلي، وفي سنة 1943م بدأ بنظم القريض، وكانت مجلة (فتاة الجزيرة) التي تصدر بعدن تحمل بواكيره للقراء، وفي سنة 1946م التحق بقسم الأدب بكلية (غوردون) الجامعية بالخرطوم، ونال شهادتها بدرجة ممتازة في اللغة العربية.
أصدر ديوانه الأول (بقايا نغم)، وفي عام 1949م عاد الشاعر إلى مسقط رأسه في عدن بعد غياب سبع سنوات يعمل في ميدان الكفاح الوطني، وقد عين مدرساً بمدرسة الحكومة الثانوية، ومحرراً في جريدتي المستقبل وقناة الجزيرة.
وأخرج في عام 1950م ديوانه الجديد (أغاني البركان)، وقد ثار على التقاليد والأوضاع والحياة الجافة في بلده، وتجلت صرخته المؤلمة في قوله:
تلفت فلا لمحة من جمال | تلفت، فإن الحياة محال |
فأنى تلفت تلق الجبال | جبالاً تضج بنار الجحيم |
وسكان مقبرة في زوال | |
حياة، كحلم الصبا في سراب | حياة.. كلفح اللظى في عذاب |
حياة.. كثورة جنّ غضاب | لقد أزهق الحق.. يا ويحهم |
وديس على الفن فوق التراب | |
إذا الريح طوعي لسخرتها | إذ النار ملكي لأضرمتها |
وهذي الجبال لفجرتها | براكين تسحق هذي القبور |
فأزهو بأني حطمتها |
وفي سنة 1951م انتهى من معركة الحب ودخل في الحياة الزوجية، ورحل من عدن إلى غابات إفريقيا في (يوغندة) في شهر تشرين الثاني عام 1951م، وعهدإليه بإدارة مدرسة إسلامية في (كامولي).
وفي طريق هجرته من عدن إلى يوغندة نظم قصيدته الرائعة بعنوان (شريد)، منها:
سوف أمضي لكن إلى أين لا أدري | خطاً في الظلام تسري جريئه |
إلى إشراقة من الذات، من ذاتي | أنا هذه القتام الرضيئه |
عبرت والحياة، إثم وذنب | وعي منها ولكن منها بريئه |
كلما أفرغت جمالاً وطهرا | طفحت بالآثام كأساً مليئه |
ويح نفسي ضحية تتردى | في خناق التلال.. أية بيئه |
أنا في الناس سبحة من طهور | جففتها أنامل من خطيئه |
وحدتي . . يا غيوم ظللها الدمـ | ـع وأخرى في جانبيها أوراه |
تحتمي بالعذاب في كل قبر | نبذ الليل في الدجى أحجاره |
وهي في لينها وفي عطرها النامي | شباب ونفحة من طهاره |
والتجرد وهي من أبرز صفاته في أطوار حياته يراها فوق كل اعتبار ومنصب مزيف زائل، فعرفت الأمة له قدره، وحفظت له في صدرها جميل أعماله الوطنية المشرفة.
التجاؤه في العراق: وفي سنة 1940م التجأ مع بعض رفاقه إلى العراق بسبب المؤامرات التي حاكها الفرنسيون وأعوانهم عليه بسبب مقتل الزعيم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وفي عام 1941م عاد إلى دمشق وفاز بالنيابة، ثم تولى وزارة الداخلية.
يوم الجلاء: ولما تم الجلاء عن سورية كان أحد أبطاله العاملين في الحقل الوطني، فقد تابع جهاده في الوزارة القائم عليها إلى أن استقال منها في أواسط عام 1946م بعد أن تم جلاء آخر جندي أجنبي.
مشروع الفيجة: لقد قام بمجهود حيوي جبار في خدمة دمشق وإعلاء شأن قوميته، فنهض بمشروع جر مياه الفيجة إلى دور دمشق، وهو أضخم مشروع اقتصادي عرفته دمشق، أسسه بأموال وإدارة وطنية، ما زال يتولى رئاسة هذه المؤسسة.
مذكراته السياسية: أخرج ذكرياته السياسة في جزأين، وهي: ذكريات حافلة بآيات الوطنية والتضحية الصادقة، ومنتخبات من خطبه وأحاديثه ومقالاته، وقد رددتها قاعة المجلس النيابي، تشهد له بمواهبه ومواقفه الوطنية المشرفة التي لا تقوى على طمسها صروف الزمن ولا حوادث التاريخ، فقد أتى بالجوهر الرائع من حر الكلام ورائع البيان في خطبه الكثيرة في الحكمة الوطنية، وقد تعرض لأزمات كثيرة لقيها بثبات وثقة خليقين بأمثاله من أعاظم الرجال، فكان بحق من الأحرار الصابرين.
لقد كان في رسالته الوطنية مسؤولاً عن إعداد ناشئة، فقد بنى جيلاً وبعث نهضة وطنية صادقة، وبنى مجده الوطني التليد على الكفاح الوطني وتحملمسؤولية النضال.
* * *