جاري التحميل

محمد الحسن السمان

الأعلام

محمد الحسن السمان([1])

(1877 ـ 1935م)

هو المرحوم محمد الحسن الملقب بـ (جمال الدين ) والمكنى بأبي العزم، ولد بحماة في شهر صفر عام 1294ﻫ، شباط سنة 1877م من أبوين أميين، وتعلم القرآن العظيم في كتّاب أهلي، وتلقى دراسته الابتدائية وكان خطيباً للمدرسة باللغتين العربية والتركية، ثم دخل المدرسة الرشدية ولم يكمل دراسته بناء على رغبة والده الذي كان لا يستحسن العلم لولده، وتلقى العلوم والفنون والنحو والصرف والمنطق والفقه والتوحيد والتاريخ على علماء حماة.

إيفاده إلى تركيا: وأوفده والده سنة 1893م إلى (برسواط) إحدى قرى ولاية أضنة حيث كان عمه مقيماً فيها، وخلال مدة وجوده فيها تعلم اللغة التركية وبعض الفنون، وفي سنة 1894م عاد إلى حماة وتتلمذ على المرحوم محمد نوري باشا الكيلاني وأجازه، وفي أوائل عام 1895م سافر إلى الأستانة لطلب العلم ورجع إلى وطنه بعد فترة.

في خدمة الدولة: وفي أواخر 1895م عين مأمورا لشعبة البريد في بيروت، وبعد أربعة أشهر سافر مع البريد إلى الأستانة وزار أستاذه الكيلاني، فمكث فيها شهراً كاملاً ثم رجع إلى حماة في نهاية هذه السنة، وفي سنة 1896م عين معلماً ابتدائياً.

في الأزهر: وفي سنة 1897م سافر إلى مصر وانتظم في سلك الطلبة في الجامع الأزهر فتلقى أنواع العلوم العقلية والنقلية ونال الإجازة العامة بجميع علوم الأزهر إفتاء وتدريساً، وقام بحركة ثقافية جديدة، وهي تأسيس جمعية (الرياض الأزهرية)، وكان المترجم خطيبها الدائم في جلساتها الأسبوعية ونمت واشتهرت وأشادت بغاياتها الثقافية المثلى الصحف المصرية، إلا أن شيخ الأزهر عمل على إبطالها فماتت في مهدها.

كان صاحب هذه الترجمة أثناء إقامته في الأزهر يشتغل بعلمه ليحصل على قوته، فكان يحرر المقالات بالأجر، ويؤلف بعض الكتب وينظم القريض، وينسخ بعض الكتب، ويعطي دروساً للراغبين ليعيش بهذه الوسيلة في بيئة اجتماعية ثقافية راقية، وفي سنة 1899م جعل إقامته بمدينة حلوان وذاع صيته، فكان المدرس الخاص لبعض أبناء العائلة المالكة المصرية، واستمر حتى سنة 1912م، فكان يجد بالعلم والعمل والتعليم.

رحلاته: قام المترجم برحلات إلى الأستانة والأناضول وأكثر البلاد اليونانية وتجول في أكثر البلاد المصرية، وكان متفانياً بحب الحزب الوطني المصري، وكتب وخطب ونظم القصائد لأجله، ووضع أول نشيد باسم المرحوم سعد باشا زغلول.

الوكيل المطلق لشركة المعادن: وفي أواخر عام 1912م عين وكيلاً مطلقاً لشركـة معادن مصريـة وطنيـة مقرهـا (آفوة) مـن قـرى آداليـا وأنطاليـا في بلاد الأناضول، وصاحبا الشركة هما السيدان عبد الباقي العمري وكنج نجل المرحوم محمد شاكر باشا (داماد) العائلة المالكة بمصر.

عودته إلى حماة: وفي عام 1913م حضر إلى حماة، وأسس مدرسة باسم (الكلية الإسلامية الحرة)، ونمت وازدهرت، ثم طلبه أحمد شوقي نجل الفريق محمد باشا شوقي إلى مصر فلبى الطلب، وبعد مدة وجيزة اشتعلت نار الحرب العالمية الأولى، واضطر أن يعمل معلماً من سنة 1913م إلى سنة 1917م.

عودته إلى حماة: وفي عام 1923م عاد إلى حماة على أمل العودة إلى مصر، ولكنه ما لبث أن بقي فيها حتى أدركته الوفاة.

حياته في مصر: كانت حياته في مصر تنحصر في ناحيتين، علمية وسياسية، أما حياته العلمية العملية فكان مدرساً خاصًّا في القاهرة وحلوان لأبناء وبنات أمـراء وأعيـان البلديـن المذكوريـن، وكـان يحضـر دروسه الفلسفية كبار العلماء والمستشرقين منهم الكونت دي جلارزا فيكونت سانتكلارا أستاذ الفلسفة في الجامعة المصرية آنئذ.

لقد وهبه الله عبقرية فذة، فكانت قريحته كالبحر الزاخر الخضم تجود بالمواضيـع والمؤلفـات القيمـة، وفـي عـام 1336ﻫ طبع له بمصر كتاب (عقيدة الحموي) وقد انتشر وترجمه إلى اللغة الفرنسية الموسيو (إدمون دوريجللو) وقدمه إلى السيد (بول ديشانل) رئيس جمهورية فرنسا سنة 1915م مع صورة المترجم، فمنح المترجم وسام العلم مع لقب دكتور.

وطنيته المثلى: وأما الناحية الثانية من حياته، فهي التزامه خطة واحدة على مبدأ ثابت، وهي الخطة الوطنية الصادقة، وله بذلك مواقف مشهورة.

حياته في حماة: وفي عام 1922م عاد إلى حماة وتزوج فيها، وشغل مديرية مدرسة الهداية حتى عام 1924م و1926م كان ملازماً بين كتبة المحكمة الشرعية بحماة، وفي عام 1927م عين إماماً لدار الحكومة بحماة، ومن الطريف أن هذه الإمامية لم تحصل له إلا نتيجة فحص تحريري، فانتابه شعور مرير مفعم بالسخرية من هذه المهزلة، فلم يسعه إلا أن كتب مجيباً على سؤال وجه إليه في إرادة الله تعالى فقال:

إرادة الله أراها نافذه

بها رجعنا القهقري تلامذه

من بعد ما سدنا الورى أساتذه

كنا نعد بينهم جهابذة

وفي الوقت نفسه عين أميناً على مكتبة أستاذه المرحوم محمد نوري باشا الكيلاني بجامع الشيخ إبراهيم، وظل طيلة هذه المدة في حماة عاكفاً على تأليف الكتب وتدوين الدواوين ونسخ بعض المؤلفات، وكان جلوداً في عمله لم يتسرب لقلبه اليأس والملل، وآثاره أكبر دليل على إنتاجه الضخم، فقد ألف ما يربو على المئة مجلد بمختلف العلوم والفنون.

ومن مؤلفاته في التفسير: 1 ـ أنور الأثر في تفسير ﴿    ﴾، وأجمل الكلام في تفسير سورة يوسف.

وفي الحديث الشريف: 2 ـ كتاب الأربعين الحموية في الأحاديث الصحيحة النبوية.

3 ـ أدب الإسلام. 4 ـ فلسفة الحياة.

وألف في النحو والصرف، وفي الأدب ديوان 5 ـ (الحمويات). 6 ـ جمال التقديس في جمال التشطير والتخميس. 6 ـ مطرب السادة الأخبار في التواشيح والأناشيد والأدوار. 7 ـ معجم الأبيات الشواعر. 8 ـ دموع الشعراء في مرائي العظماء. 9 ـ قصة شعرية لفقيد سوريا المرحوم فوزي الغزي. 9 ـ سلوان الأديب وتفريج الهموم عن الغريب، وهو (رباعيات).

وله مؤلفات في الهزليات الأدبية، وأخرى متنوعة كثيرة لا مجال لتعدادها، والمطبوع منها يعد على الأصابع، وما تبقى لا يزال بخط قلمه لم يطبع.

وفاته: ذكر الذين عرفوه أنه توفي عام 1935م ودفن بحماة.

*  *  *

 



([1])  (أ) (2/48 ـ 50).

الأعلام