جاري التحميل

محمد طبارة

الأعلام

محمد طبارة([1])

الشيخ محمد طبارة

(1848 ـ 1933م)

مولده ونشأته:هو الشيخ محمد بن الحاج يحيى طبارة، وهذه الأسرة من أصل عربي حسني، هاجرت من المغرب إلى بيروت قبل القرن الحادي عشر للهجرة، وكان مقامها في البدء في الموضع المعروف بالخارجة بجوار قلعة بيروت، وإليها تنتسب الجنينة التي كانت معروفة بجنينة بني طبارة بجوار مقبرة المصلى، وقد بارك الله في ذرية هذه الأسرة فأنجبت أفذاذ الرجال في العلم والأدب والسياسة والتجارة، ومن أبرزهم في هذا العهد هو الأديب والمؤلف الألمعي الأستاذ شفيق طبارة، مؤلف تاريخ آل طبارة، وقد أصدر في عام 1957م مؤلفاًبعنوان (الرقص في العصور القديمة)، وقد أفاض بمواضيعه الفنية، مما يدل على سمو مواهبه وهو مع كثرة أعماله التجارية فإنه أديب، توفر إلى دراسات أدبية ممتعة.

ولد العلامة المترجم سنة 1848م في بيروت، ونشأ في مهد أسرة اشتهرت بالعلم والتقوى، وتلقى العلوم العقلية والنقلية على علامة دمشق الشيخ عطا الكسم مفتي دمشق وغيره من العلماء، وتضلع في العلوم الشرعية.

مآثره الاجتماعية: كان عضواً في محكمة استئناف الحقوق بولاية بيروت، ثم محامياً في المحكمة الشرعية، وهو من مؤسسي جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، وهي مؤسسة ثقافية أسسها سنة 1871م مدحت باشا والي سوريا بالاشتراك مع طائفة من أعلام المسلمين في بيروت.

أدبه: كان شاعراً مجيداً وناثراً بليغاً، وقد ترك مكتبة نفيسة، ومن المؤسف أن لا يقدر ورثته تراثه الأدبي والعلمي، فباعت ما حوته المكتبة من مطبوع ومخطوط، وهكذا ضاعت آثار هذا الشاعر العالم ولما يمضي على وفاته أكثر من ربع قرن.

وقد استطعت أن أعثر على بعض قصائده وموشحاته، وهي تدل علو موهبته الشعرية، ومن كان له هذا المجد الأدبي التليد حق له ولشعره الخلود.

ومن آثاره الأدبية تشطيره قول المعري:

حسنت نظم كلام توصفين به

ومنطقاً دائماً يفتر عن درر

وقد حللت بقلب هام فيك جوى

ومنزلاً بك معموراً من الخفر

فالحسن يظهر في شيئين رونقه

خد من الورد أو طرف من الحور

وهكذا الطرف في بيتين مسكنه

بيت من الشعر أو بيت من الشعر

وقال مشطراً وقد أبدع:

تعشقها عمياء شاب وليدها

على حين ألهى الناس حور كواعب

وفي مذهبي حبي لها خير مذهب

وللناس فيما يعشقون مذاهب

أما تصويره الرائع الذي يملك الجنان، وتعمده في ابتكار المعاني فتجلى في غزله الفاتن حيث قال:

يا مهاة أودعت قلبي شجى

وغراماً ساقني للتلف

إن دمعي وسقامي شهدا

أنني صب كثير الشغف

فبروحي أفتديها غادة

سلبت عقلي بريق القرقف

وغدت تهزأ في شمس الضحى

ببريق قال للبدر اختف

وله من موشح:

وعلى وجنة بدر عاطني

شمس راح عرفها بي عرفا

وأدر صرفاً مداماً عتقت

نقدها عني العناقد صرفا

وعلى صوت المثاني هاتها

وبمعناها لسمعي شنفا

واغنم الأنس بارقات صفت

حيث تلقى ماحلاً مرتشفا

ومهاة الخدر في مبسمها

ما يعاطي عاشقيها قرقفا

ولم يبق من آثار مؤلفاته سوى (الأساس في العفة)، وهو يدرس في المدارس.

وفاته: لقد عاش هذا العلامة (87) سنة قضاها في الخدمات الاجتماعية والعلم والدين، صلب العقيدة، قوي اليقين، وفي سنة 1933م وافته المنية.

*  *  *

 



([1])  (أ) (2/340 ـ 341).

الأعلام