محيي الدين بعيون
محيي الدين بعيون([1])
الملحن المتفنن والمطرب الشهير المرحوم محيي الدين بعيون
أصله ونشأته: هو المرحوم محيي الدين بن محمد بعيون، وهذه الأسرة قديمة العهد، ولد في مدينة بيروت سنة 1868م، وتلقى الفن عن فناني عصره، فكان عازفاً بارعاً بآلتي العود والبزق، وعليماً بالنغمة والتصوير والإيقاع، وهبه الله صوتاً قويًّا رخيماً في نبراته، اشتهر بالغناء البلدي والمواويل من اللون الإبراهيمي والشرقاوي والمصري والبغدادي.
وكان رحمه الله يختار أبدع القوافي من القصائد المشهورة فيلحنها بأسلوبه الخاص الذي انفرد به، وينشدها بطرب ونشوة سحرية تستهوي الألباب، ومن أبرز مواهبه الفنية أنه كان يرتجل تلحين قصائده في المناسبات، ويحفظ الكثير من الموشحات، متيناً في ضروب الإيقاع على الرق، فلا يبارى ببراعته ولا يجارى، وله مواقف مشهورة في هذا الميدان مع فطاحل الفنانين المصريين.
ألحانه: لقد لحن قصائد كثيرة سجلها في شركة بيضافون، منها قصيدة من مقام الحجاز كار (هاجري بالذي اصطفاك وحيداً)، وقصيدة:
ته بما شئت في الهوى وتحكم | واظلم الصب ما شكى وتظلم |
وقصيدة (أنا في الحب صاحب المعجزات)، وقصيدة (أنا من تسمع عنه وترى)، وقصيدة (تملكتم روحي وعقلي ومسمعي)، وقصيدة (أيا قمراً على غصن يميل)، وقصيدة (هذه مهجتي لديك لحيني)، وقصيدة (أماناً من لواحظك الفواتر)، وسجل موشح النهوند الشهير (لما بدا يتثنى)، وله تسجيلات من المواويل المطربة والتقاسيم على البزق من نغمات مختلفة وسماعي بياتي وغيرها كثير.
رحلاته: سافر فقيد الفن والطرب إلى مصر مرتين، وإلى العراق وحلب، وأقام فيها مدة طويلة يشتغل في مسارحها، وكان الإقبال على سماعه عظيماً، واجتمع بأشهر الفنانين، فكان فنه قبلة الأنظار، وحفظ الفنانون المحترفون والهاوون قصائده الجميلة ولاقت رواجاً كبيراً في الأوساط العربية، فكانت ألحانه تعبر عن قوته الفنية وذوقه بانتقاء أشجى النغمات، تخرج من وحي خياله وإلهامه في أوقات الصفا بين الراح والجمال.
أوصافه ووفاته: كان رحمه الله أسمر اللون، ضخم الجثة، طويلاً مرحاً، يهوى النكتة الطريفة، عفيف النفس، يلبس الطربوش، كريم اليد، وهو من الفنانين الذين صب الدهر عليهم نكباته ومآسيه، فلم يتعظ بمن سبقه، ولم يعتبر بمصيرهم، وأسرف في البذخ، فلم يدخر في حياته لأيام محنته ما يكفيه شقاء الحياة وعذاب المرض، وأصيب بالزلال السكري، وعانى من الآلام النفسية والعوز والأسى ما يدمي القلوب، وقضى هذا الفنان الألمعي نحبه وذلك في الثلاثين من شهر تموز سنة 1934م، رحمه الله.
* * *