مريانا بنت فتح الله مراش
مريانا بنت فتح الله مراش([1])
نابغة الأدب والفن المرحومة مريانا بنت فتح الله مراش الحلبية
هي المرحومة مريانا بنت فتح الله بن نصر الله بن بطرس مراش، ولدت بحلب في شهر آب سنة 1848م، وتربت في بيئة فاضلة على الصيانة والكمال، وتغذّت ثمار العلم، فنشأت أديبة عالمة تجيد النظم والنثر، وكان أبوها أديباً يهوى المطالعة واقتناء الكتب النفيسة، يرعاها بعنايته.
دخلت المرحومة مريانا المدرسة المارونية وهي في الخامسة من عمرها، وتلقت دروسها، وكانت تتقد كالكوكب الدري بذكائها ونباهتها، وتلقت عن أبيها قواعد الصرف والنحو والعروض، وتمكنت من اللغة الفرنسية، ودرست الفن الموسيقي وأتقنته جيداً دون أستاذ، فتفردت في حلب وامتازت على أترابها، فنظر الناس إليها بغير العين التي ينظرون إلى غيرها، وتهافت الشبان على طلب يدها، فرضيت منهم زوجاً لها حبيب الغضبان، ورزقاً ولداً وبنتين: جبرائيل، وليا، وأسما.
شعرها: بدأت بنظم الشعر، فانقادت لها القوافي، ولها قصائد كثيرة في الغزل والمدح والرثاء، جمعت منها ديواناً صغيراً بعنوان (بنت فكر)، نشرته مطبوعاً في سنة 1893م، ومن نظمها البديع في الغزل هذه الأبيات:
للعاشقين بأحكام الغرام رضى | يمسون صرعى به لم يأنفوا المرضا |
لا يسمعون لعذل العاذلين لهم | فلا تكن يا فتى للجهل معترضا |
روحي الفداء لأحبابي وإن نقضوا | ذاك الذمام وقد ظنوا الهوى عرضا |
جاروا وما عدلوا في الحب إذ تركوا | عهد الوفي الذي للعهد ما نقضا |
قف واستمع سيرة الصب الذي قتلوا | وكان يزعم أن الموت قد فرضا |
أصابه سهم لحظ لم يبال به | فمات في حبهم لم يبلغ الغرضا |
رأى فحب فرام الوصل فامتنعوا | فما ابتغى بدلا منهم ولا عوضا |
تقطع القلب منه بانتظار منى | فسام صبراً فأعيا نيله فقضى |
كان بيتها مرتع الأدباء والفضلاء والفنانين، وقد سافرت إلى أوروبا واطلعت على أخلاق الغرب وعاداتهم، فاستفادت وبثت بين بنات جنسها روح التمدن الحديث.
موهبة صوتها وفنها: وهبها الله الصوت الحسن، فاشتهرت برخامته وجمال غنائها، وكانت تضرب على آلة القانون فتنطقه إنطاقها الأقلام، عليمة بالأنغام والأوزان، فكانت في المجتمع كالثريا، ولها مقطوعات غنائية من ألحانها على أنغام مختلفة.
وفي سنة 1919م هوت تلك النجمة الساطعة لتلحد الثرى مع أسرار فنونها، وقد دفنت في تربة أسرتها بحلب.
* * *