جاري التحميل

مصطفى الجندي

الأعلام

مصطفى الجندي([1])
شهيد المروءة والنجدة الإنسانية
الدكتور المتفنن المرحوم مصطفى الجندي

هو سري بمنبته العريق، وثري بمواهبه وماله، حباه الله سجايا رفيعة، فكان سامي القدر والذكر بين أقرانه ومعارفه، قضى نحبه وهو في كهولته المبكرة شهيد المروءة والنجدة الإنسانية، يعز علي أن أصفه وهو ابن عمي وقرة الأعين والسمير المؤنس.

فأيـن العـزاء وحزنـي علـى فقده يتجدد كلما أقبل المساء؟!وأين السلوى ولا سبيل إلى السلوان، والصدر ينقبض لذكراه كلما شدا فاتن بصوته وساحر بعزقه، وقد كان السيد الأنيس بمعشره ومرحه وفنونه؟!

ذلك هو الدكتور المرحوم مصطفى بن المرحوم الحاج تقي الجندي وشقيق العلامة العبقري الأستاذ سليم الجندي الأصغر.

أصله ونشأته: ولد الفقيد في معرة النعمان مسقط رؤوس أجداده سنة 1900م، وبعد ولادته بأربعين يوماً استوطن المرحوم والده دمشق، فنشأ في مهد العز والفضيلة، تلقى دراسته الابتدائية والثانوية بدمشق، ونال شهادة الطب من جامعة دمشق سنة 1927م.

وفي سنة 1931م أوفدته وزارة الصحة إلى فرنسا للتخصص في التوليد والجراحة، وتنقل بين مستشفيات دير الزور وحلب وحمص وحماة ودمشق، فاشتهر أمره وذاع صيته، فكان طبيب الأرواح بفتوته والأجساد بمبضعه التيار، رحيماً بالفقراء والمعوزين.

وفي سنة 1936م نقل إلى القامشلي، سخطاً عليه من الفرنسيين لوطنيته وغيرته القومية.

ميزاته الفنية: خلقه الله فناناً بروحه وطبعه، فكان بيته ندوة أهل الفن من منشدين وعازفين، يقتني مجموعة من التسجيلات الفنية النادرة والآلات الموسيقية المتنوعة، وكان رحمه الله عازفاً ماهراً على آلتي العود والقانون، ورث أبناؤه هواية الفن الموسيقي فبرعوا بالعزف، فكانت أسرته تشكل فرقة فنية كاملة.

أحواله الخاصة: وفي سنة 1922م اقترن فأنجب السيد منذر، وهو من مواليد 1923م يحمل شهادة هندسة المصانع من جامعة بوسطن في أميركا الشمالية.

والمرحوم زهير، وهو من مواليد 1925م، ويحمل بكالوريوس علوم من الجامعة الأمريكية في بيروت، وقد قصفت المنية يانع غصنه في 6 مايس 1949م وهو في السنة الثانية في جامعة الحقوق بدمشق.

والسيد سهيل وقد تخصص في الهندسة العامة، وتخرج من جامعة (آيوه) في أميركا الشمالية.

والسيد زياد وهو في دراسة البكالوريا، وسيتخصص كإخوته في الهندسة.

وكريمة واحدة، وهي ذات ثقافة عالية، وقد اقترنت بالوجيه الحموي السيد لؤي الكيلاني.

لقد كان ثراؤه الروحي وخلقه الرضي أعظم شأناً من ثرائه المادي، ومن أبرز صفاته التنكيت الارتجالي الطريف.

وفاته: وفي شهر كانون الأول 1947م اشتدت وطأة الكوليرا في البلاد السورية، وضرب الحجر الصحي، وقامت وزارة الصحة تكافح هذا المرض الفتاك، فكان الفقيد أشد الأطباء نشاطاً في واجبه الإنساني يلقح أفواج الناس ضد الكوليرا، وقد ضن على نفسه بفترة الراحة والاستجمام، فقضى نحبه فجأة وإبرة التلقيح في يده، وذلك في الساعة الرابعة عشرة من يوم الأحد 28 كانون الأول 1947م و5 صفر 1367ﻫ، فكان نعيه أليماً وشاقًّا على أسرته ومعارفه، وألحد الثرى في مقبرة الدحداح بدمشق.

رحمك الله يا أبا منذر، فقد كنت سيداً في خلقك وفضائلك في حياتك، وعزيز الذكر في مماتك.

*  *  *

 



([1])  (أ) (1/347).

الأعلام