ملحم إبراهيم البستاني
ملحم إبراهيم البستاني([1])
(1892م)
مولده ونشأته:هو المؤرخ والشاعر الأديب مؤلف (كوثر النفوس وسفر الخالدين عن أعلام البستانيين) ملحم بن إبراهيم بن إلياس بن إبراهيم بن أنطون بن نصار بن نادر بن خالد بن ناصر بن مقيم البستاني.
أطل على الوجود في الدبية موطن العباقرة والنوابغ سنة 1892م، وتخرج من مدارس الأميركان الابتدائية، ومدارس القسس في وطنه، ومن مدارس الليلفي الولايات المتحدة.
سافر إلى أميركا الشمالية سنة 1906م، وعاد إلى وطنه عام 1912م، وأخذ يراجع العربية ويدرسها على نفسه، وعلى أساتذة خصوصيين، ولا ينفك عن مطالعة اللغة الإنكليزية، وفي سنة 1912م تزوج نسيبته نظيرة ابنة يوسف حبيب البستاني، وقد أنجبا خمسة ذكور، منهم ثلاثة شعراء وأدباء نوابغ.
ولما وقعت الحرب العالمية الأولى ثم الثانية؛ كابد الناس ضيقاً، فلجأ إلى الخدمة تفادياً من بيع أملاكه، فشغل عدة مراكز في وطنه وفي الخارج، وقد حالت أشغاله وأعباء العائلة لانصرافه لكليته إلى الأدب الذي تعشقه منذ صغره، وكفاه فخراً واعتزازاً أنه مؤلف كبير ومؤرخ لوذعي تفرغ لإخراج أكبر سفر تاريخي عن نوابغ الأسرة البستانية، ونشر مقالات كثيرة على صفحات الجرائد، وعرب عن الإنكليزية عدة روايات لشكسبير، واختزن في صدره أخبار العرب وآدابهم، وحفظ من آيات القرآن الكريم الشيء الكبير، وهو عصامي، وهب نفسه لتثقيف أولاده، فأتحف العروبة والأدب بمواهبهم الفذة.
أدبه: لقد كانت مقدمة مؤلفه النفيس فذة جامعة وافية لشتى المواضيع التاريخية والأدبية، وقد تحدث فيها عن العرب وعن الدولة الكبرى التي شاد بناءها النبي العربي العظيم ﷺ على أساس الحق والعدل والمساواة، فكانت في مصاف أعظم دول الأرض، وبلغت من القوة والسؤدد أنها اجتاحت ثلاث قارات من قارات العالم: آسية، وأوربة، وإفريقية، وتحدث عن الدبية (عرين البستانيين) الذين جاهدوا في سبيل الإنسانية ونشر العلم والأدب في الوطن العربي الأكبر، وصاحب هذه الترجمة كاتب قدير، وشاعر مقل مرتجل، وقد صدف أن زار مكتب شركة البترول (التابلاين)، فطلب أحد الحاضرين وقد جاء يصافح صديقاً له فعلق القلم بين كفيهما، وعجباً لهذا الاتفاق الغريب، فوصف المشهد مرتجلاً بقوله:
جلست بمكتب (التابلاين) يوما | أفتش فيه عن رقم شرود |
فأقبل صاحب من أهل ودي | يخاطبني بإخلاص مزيد |
فقمت مرحباً ومددت رأسي | أصافحه بتقبيل الخدود |
وقد سبق اليراع إليه كفي | فيا رباه، من قلم حسود |
وطلب أحد أصدقائه منه أن يهجوه، فقال بداهة:
نزلت على قوم أُراعي جوارهم | لأمحضهم ودي وأخلصهم حبي |
توخيت عمداً بالنهى سبر غورهم | فلما تبدى الحق ملهم قلبي |
ولكنني صياد رزق بأرضهم | ولا بد للصياد من عشرة الكلب |
والبيت الأخير هو من نظم الشاعر طانيوس عيدو، استعاره المترجم تتمة للبيتين اللذين نظمهما.
قناعته: على أن الدهر إذا لم يسعف مؤلف (سفر الخالدين) بالحظ في الثراء، وكان نصيبه في الحياة الرضا بما قدر، فكفاه مجداً متألقاً أن ينحدر من أصلابه ثلاثة نوابغ تسنمو عروش القوافي والأدب.
* * *