جاري التحميل

منير الكلاليب

الأعلام

منير الكلاليب([1])

الشاعر المبدع الأستاذ منير الكلاليب الحمصي

أصله ونشأته: هو منير بن عبد السلام بن خالد بن حسن بن عمر بن الشيخ حسن الكلاليب بن نعمة بك العشاني، (وفي بعض الأوراق الغساني)، فهو من أصل عربي، ويقال:  إن العشابي ـ أو الغساني ـ من أصل أندلسي، هاجر من الأندلس إلى حلب الشام، ثم نزح بعض أولاده إلى حماة فلبث فيها طويلاً، ثم غادر بعض أبنائه إلى حمص، ويزعم بعضهم أنه من أصل كردي، ولم يثبت هذا بدليل ياء النسبة في (العشابي) التي هي خاصة في اللغة العربية مع ما تحمله كلمة (عشاب) من معنى عربي، أما إذا كانت (الغساني) هي النسبة الصحيحة فلا أشكال في عربية أصله.

ولد الأستاذ منير في حمص سنة 1901م من آباء يتوارثون العلم والأدب، فيأخذ الابن عن أبيه منذ الشيخ حسن الأول (الكلاليب) إلى يومنا هذا، وكل منهم يلقب بشيخ، فيحكى عن الشيخ حسن الأول أنه ذو قدم راسخة في العلم، كما كان الشيخ خالد ـ جد المترجم ـ من صناديد اللغة العربية وأعلام المذهب الشافعي، وكان كثير من أهل هذا البيت يتعاطون الشعر، فقد حاز عم المترجم وهو الشيخ أنيس الكلاليب قصب السبق في مسابقة شعرية اشترك فيها شعراء العرب كافة في زمنه، وتولت نشر ذلك جريدة كانت تصدر يومئذ اسمها (ثمرات الفنون)، بالإضافة إلى معرفته الواسعة بعلوم اللغة العربية.

وهب الله هذا الشاعر الذكاء الفطري، تلقى دراسته فنال شهادة التحصيل الابتدائي، وكان عازماً على إكمال دراسته، ولكنه أصيب بالتهاب عظمي في مفصل رجله اليسرى الحرقفي، إذ كان يخطب بدار الحكومة في حمص، واضطر أن ينفصل عن طلب العلم المقيد بالصف إلى طلب العلم المطلق بأن يختلف إلى العلماء والأدباء والشعراء المشهورين في تلك الأيام، وعكف على مطالعة كتب الأدب، ومكتبة أسرته غنية بنفائس الكتب والمؤلفات، وقد رحل إلى القاهرة، فمكث فيها حيناً من الدهر يتردد على دار كتبها وعلى جامعها الأزهر.

مؤلفاته: له ديوان شعر عنوانه (من شعر منير الكلاليب)، يشتمل على تسعة أبواب، وكتاب في المعاني والبديع لم يطبع، وكتاب يتضمن طريقة لتعليم الأميين، ثم القراءة سماه (الإصابة في تعليم القراءة بعد الكتابة).

شعره: هو شاعر مجيد وهبه الله بلاغة التعبير ورقة الوصف، ومن شعره البديع قوله بمناسبة ذكرى الشهداء في 6 أيار:

ذكرى لأيار تجد فتؤلم

فلها به من كل عام مأتم

وفم الزمان مهدل وجفونه

حزناً على العرب الجحاجح تسجم

وكأن كل محلة بمناحة

شغلت وجللها حداد أسحم

عاثت يد الجاني بجنتهم

وما رأفت بأزهار تهش وتبسم

أشجى (جمالاً) أن يسير أريجها

في الخافقين فينتشي المتنسم

قصفت يداه أولئك الملأ الألى

بذلوا النفوس بقومهم واستسلموا

من كل قمري بذورة سروة

غردٍ بمجد جدوده يترنم

(عبد الحميد) و(عزة الجندي) معاً

و(رفيق سلوم) وغر أعدموا

ومن نظمه في الغزل ما يدل على رقة شعوره وأسلوبه وخياله الرشيق قوله:

خطرت علي ولم تحيي فمالها

أسعى لها بي شانئ فأمالها

وغمزتها فنبت ولوت خدها

صعراً علي وأحدقت كلكالها

ومنها:

يا للغرام لنفس صب شفها

طول السهاد وطردها عذالها

هل من سبيل أن يطيف خيالها

فعساي أبرأ إن رأيت خيالها

أشكو فيأسوني الطبيب بقوله

إن تستعض عنها تجد أمثالها

*  *  *

 



([1])  (أ) (1/66 ـ 67).

الأعلام