جاري التحميل

م ـ ميخائيل نعيمة

الأعلام

                                   675/م ـ ميخائيل نعيمة([1])

(1889م)

هو الفيلسوف الشاعر، والأديب المصلح، والكاتب الناقد العربي الذي خفقت رايات نبوغه وعبقريته في آفاق الدنيا، ولد في بسكنتا (بلبنان) عام 1889م، وتلقى دراسته الابتدائية في المدارس الروسية في لبنان والناصرة، ثم انتدبته المدرسة للسفر إلى روسيا لإكمال تحصيله العالي في جامعة (بلتافا).

في الولايات المتحدة: رحل إلى الولايات المتحدة، ودرس الحقوق في جامعة واشنطن فنال شهادتها سنة 1916م، وعكف بعد ذلك على الكتابة والنظم، وفي عام 1917م كان جنديًّا في الجيش الأمريكي، وأرسل إلى فرنسا، ولما وضعت الحرب أوزارها اختارته القيادة الأمريكية لدخول جامعة (رين) في شمالي فرنسا، فتلقى تاريخ الفن والسياسة والآداب الفرنسية، وفي عام 1919م عاد إلى الولاياتالمتحدة.

مواهبه: هـو صاحـب فلسـفة جديـدة تضـيء لأبناء العرب مجاهل الحياة وأسرارها، وتسمو بهم إلى الحق والجمال والخير، وقد أشهر قلمه للحرب على التقاليد والخرافات، وسما بمثاليته وإنسانيته وتفكيره، واشتهر بنقده الجريء، وهو في هذا المضمار أمير النقد بمذهبه الطريف، وقد تفنن بنقده بمهارة بذّ فيها كل من جال في ميادين النقد بلفظ جزل متخير وديباجة مشرقة، وصيغ مؤنقة، ونسج متلاحم، وقد أضاف إلى الأدب ثروة تعتز بها العروبة، وتتجلى في فلسفة رأيه الحر الخالص في الحياة والناس.

كان من الأركان العاملين في رابطة المهجر العلمية إلى جانب إخوانه جبران والريحاني وإيليا أبو ماضي ونسيب عريضة ورشيد أيوب والخوري وغيرهم، وكان كلما اختلف المترجم العبقري في بحث لغوي مع قرينه جبران خليل جبران احتكما إلى المرحوم نسيب عريضة الحمصي، وارتضيا به حكماً بينهما لتضلعه في اللغة العربية.

أما موقفه من السياسة والساسة فعلى طرفي نقيض، فكم هزأ بهم وبمؤتمراتهم، ورأيه الصريح في حرية المرأة وهم.

شعره: هو شاعر من الطبقة الأولى، ومعانيه الشعرية فيها جلال المعاني، يترك الألفاظ مهما كانت درجتها في البلاغة نسياً منسيًّا، وتلك هي البلاغة بعينها، وهذا الشاعر الملهم من الذين وضعوا يدهم على المحراث في حقل الأدب ليحولوا جذبه إلى خصب وقفره إلى جنة غناء.

أقصوصة الأدب العربي: لقد كان من السباقين إلى العناية بالأقصوصة في الأدب العربي الحديث، وما يراد بها من الإفضاء بالحكمة والعبرة إلى الأذهان بطريق القصة والفكاهة، وله أقاصيص عالج فيها مواضيع هامة في المجتمع كانتوما زالت موضع إعجاب المجتمع.

والشاعر العبقري متشرب من الأدب الروسي، وهو أغنى الآداب العصرية وأعمقها، ويرى القارىء في مؤلفاته وديوان شعره أنه ليس للأدب الأمريكي أثر يلامس نفسه كما لامسها الأدب الروسي، فصلاها ناراً، وأطلقها لتفعل فعلها في ميدان الأدب العربي.

مؤلفاتـه: أخرج مؤلفات قيمـة، وهـي: 1 ـ أخرج روايـة الآباء والبنون. 2 ـالغربال. 3 ـ جبران خليل جبران. 4 ـ البيادر. 5 ـ زاد المعاد. 6 ـ وقطعة عنوانها الجندي المجهول، ذهبت مجرى الأمثال لما حوته من تحليل ونقد للحرب. 7 ـ المراحل.8 ـ كرم على درب. 9 ـ الأوثان صوت العالم. 10 ـ مرداد.

عدا عن المقالات والمحاضرات التي لا تحصى.

أطواره: لهذا العبقري أطوار خاصة في الحياة، فقد عاد إلى وطنه سنة 1932م ليصطاف في الشخروب ويشتي ببسكنتا، والشخروب مزرعة ورثها وإخوته عن أجداده، وقد اعتكف عن الناس واعتزل عن صخب الحياة في قريته ليكمل كتابة مؤلفه (الأساطير).

فهناك على أكف صنين يعيش الأديب والفيلسوف ويستمد من تجارب الحياة وكهولته المباركة أدباً حيًّا وفلسفة جديدة، فهو يعمل بصمت وهدوء، يزوره المعجبون بأدبه من المستشرقين والعرب، وقد عاف كل زخارف الحياة، وصدف عن نعمائها وتابع أيامها بهذه البساطة بين الفلاحين.

يعتزل في كهف ويكتب في قلمه أكثر مؤلفاته، وهو كهف ظليل ابتدعت الطبيعة تكوينه أجمل إبداع، يرسل الصواعق المحرقة لتلتهم كافة ما ائتلف الناس على تصديقه.

*  *  *

 



([1])  (أ) (2/404 ـ 405).

الأعلام