ميشال المعلوف
ميشال المعلوف([1])
(1889 ـ 1942م)
الشاعر ميشال المعلوف
مولده ونشأته: هـو ميشـال بـن إبراهيـم باشـا بن نعمان المعلوف، وشقيق الشعراء قيصر وجميل وشاهين وفدعة، وهو أحد نوابغ الأسرة المعلوفية في زحلة، والشاعر الملهم، ومؤسس العصبة الأندلسية ورئيسها في البرازيل، ولد في زحلة في أول تشرين الثاني سنة 1889م، وتلقى مبادىء العلوم في مدرستي الآباء اليسوعييـن والأسـقفية، ثـم أكمـل دراسـته فـي الكليـة الشرقية في زحلة ونال شهادتها.
هجرته: هاجر إلى أمريكا الشمالية في ربيع سنة 1910م ومكث فيها بضعة أشهر، ثم اختار الهجرة إلى البرازيل، وتعاطى التجارة مع إخوته، ثم استقل وأنشأ معملاً للحرير وتحسنت أحواله المادية.
أدبه: لم تمنعه أعماله التجارية من التفرغ للأدب، وقد رضع ثديه في مهده، فانبرى يجتمع مع أقرانه من الأدباء ويسعى حتى أسس العصبة الأندلسية في أول شهر كانون الثاني سنة 1933م، وهي سجل أدبي شعري لسائر شعراء المهجر، ومأثرة أدبية كبرى لآل معلوف تضم إلى مآثرهم الحميدة في ميدان العلم والثقافة.
وهزت الأريحية هذا الشاعر المطبوع، فبذل المال بسخاء لإحياء هذا المشروع الأدبي، والتف حوله فريقاً من الأدباء وقاموا بنهضة مباركة، فكان المترجم رئيساً للعصبة، ونائبه الأديب المعروف داود شكور، وجورج حسون خطيب العصبة، والشاعر المرحوم حسني غراب، والسادة: حبيب مسعود، وإسكندر كرباج، ونصر سمعان، وأنطون سليم سعد، ويوسف أسعد غانم، ويوسف البعيني، أعضاء فيها، وهو مع سمو مواهبه وتفوقه المادي فإنه لم يستأثر بمقدراتها كرئيس لها يغذيها بماله، بل كان الأمر شورى بين الأعضاء، والحكم للأكث
رية.
ومن أبرز مزاياه الكرم، فقد كان يعتبر الأدباء شركاء في ثروته المعتدلة، يراقب أحوالهم، ويتسقط أخبارهم، ويقوم بواجب عونهم، وقد أسس مجلة العصبة وتبارى الأدباء في تحريرها، وانخرط في عقدها نخبة من الشعراء، وفي طليعتهم شاعر عبقر الأستاذ شفيق المعلوف، ورشيد سليم الخوري، وإلياس فرحات، وعقل الجر، ونعمة قازان، وغيرهم من الأدباء وقادة الفكر، وكان دستور العصبة يحظر على أعضائها البحث في السياسة والدين، وقد أدت رسالتها الأدبية على أوسع نطاق، فكانت مجلتها من أقوى العوامل على تنشيط التبادل الأدبي والثقافي بين المهجر والأقطار العربية، وانتثر من عقد العصبة بحكم الوفاة عناصر كريمة وتركوا فراغاً لا يسد، أبرزهم رئيسها ميشال معلوف، وتولى بعده الرئاسة بالإجماع الشاعر العبقري رشيد الخوري الملقب بالقروي، ولما انتهت مدته حل مكانه بالإجماع شاعر عبقر الأستاذ شفيق المعلوف، وكان يمولها من ماله، ثم احتجبت لصدور مرسوم برازيلي قضى بتوقيف الصحف التي كانت تصدر بلغات أجنبية.
شعره: كان شاعراً مجيداً مبدعاً أنيقاً في قوافيه، وهذه قصيدته بعنوان الخريف في جنائن فرساي، وقد ترجمت إلى الفرنسية والإسبانية والبورتغالية، ونالت استحساناً عظيماً، وهي تدل على قوة شاعريته وسمو خياله وإلهامه، نقتطف منها بعض مقاطعها:
يا سحباً راكضة في الفضاء | مجدّة في السير المغيب |
ناشدتك الله ترى للفناء | ذاهبة أم للرجوع القريب |
ما ألطف الظل الذي تنشرين
أواه لو أنه
باق ولكنه
سارٍ مع السائرين
في الغاب لا يسمع غير الحفيف | وغير شدو البلبل النازح |
تفرق الشمل وعاد الخريف | ما أقرب اليوم إلى البارح |
يا ليتني أعلم أين النوى
وأين ريح الجنوب
تحمل عند الغروب
أوراق غصن ذوى
ومنها:
وهذه الخلوات حين النسيم | يهمس في آذانها ما يقول |
أهو معيد ذكر حب قديم | إن زال عهد للهوى لا يزول |
فهو مقيم حيث كان الحبيب
وحيث مرت خطاه
وودعت مقلتاه
شعاع شمس المغيب
لقد طبع له بعد وفاته مجموعة فيها جميع ما قيل في حفلة تأبينيه في البرازيل ولبنان وسوريا ومصر والعراق وكل ما نظمه في حياته، وقصائده قليلة العدد جليلة الفائدة، وآخر قصيدة نطمها هي (جرت عليك يا قلبي)، وفيها نبوءة مصير قلبه الذي تدهورت دقاته وتعطلت نبضاته وكان سبباً لوفاته.
وفاته: وافاه الأجل في بيروت يوم الأربعاء 3 حزيران 1942م، ونقل جثمانه إلى زحلة في اليوم الثاني، ودفن في مقبرة الأسرة لطائفة الروم الكاثوليك، وأقيمت له الحفلات التأبينية التي اشتركت فيها الحكومة والشعب.
* * *