جاري التحميل

ميشيل النحاس الحمصي

الأعلام

ميشيل النحاس الحمصي([1])

العصامية المشرقة في مواهب السيد ميشيل النحاس الحمصي

لا أدري كيف أقدم للتاريخ عصاميًّا هو من أبرز الناس في كمال أوصافه وشمائله الفريدة، فإذا عدت السجايا فسجاياه جواهر مكنونة مصقوله، إذا افتر ثغره الوضاء قلت: ما هذا إلا ملك كريم.

قابلته مرة فامتلك فؤادي برقة حديثه وألطافه، هو كالبدر المفدى، يحمل أجمل رأس، في وجهه هالة سحرية من نبل ونور، تنطوي روحه على قوة خارقة من عناصر الكرم والمروءة والشمم، تتجلى فيها عظمة الخالق بين البشر.

ذلك هو السيد ميشيل بن المرحوم يوسف بن ميخائيل النحاس، وقد أطلّ محياه على الدنيا في الثاني من شهر تشرين الثاني سنة 1912م، وهاجر والده إلى البرازيل في سنة 1908م، واقترن بالآنسة المرحومة ماري بنت نجيب لطيف في سنة 1911م.

كان والده أكبر مستورد سوري عرفته البرازيل، تضرب بمناقبه الحميدة الأمثال.

مصائب الحياة: وفي سنة 1952م استأثرت المنية بوالده رحمه الله، ودفن في مقبرة سان باولو، وترك ذكريات عطرة في المجتمع، ثم لحقت به قرينته بعد ثمان وأربعين يوماً في السنة ذاتها، فكان لفقدهما رنة حزن وأسى.

دراسته: تلقى السيد ميشيل دراسته في الكلية السورية البرازيلية، وتعلم اللغة العربية على الأستاذ السيد ووديع اليازجي، فهو يحسن التكلم بها بكل فصاحة وطلاقة لسان، ومما يحز النفوس ألماً أن أكثر الجاليات العربية قد أهملت تعليم أبنائها لغة الجدود، والأقلية النادرة قد تمسكت بأهداب العروبة والوطنية، وحافظت على التقاليد العربية الموروثة، واعتنت بتثقيف أبنائها لغة الأجداد، والليث ميشيل من هذه العناصر الكريمة، فرحم الله وطنية تمثلت بروح والده الغساني وأجزل مثوبته وبارك بنجله المثالي الذي لم تصهره البيئة البرازيلية، وحافظ على عنصريته وقوميته ولغته، ولتكن عصاميته المشرقة قدوة وعبرة.

وفي سنة 1918م ترك الدراسة وبدأ العمل التجاري ينمو، وأخذ نجمه يسطع.

أسرته: وفي سنة 1939م اقترن بالآنسة المرحومة أوديت بنت جميل لطيف، وأنجبت أربعة أولاد، وهم: يوسف، إدوار، اليزابيت، وميرتس.

لقد كان سعيداً في زواجه، يخيم الصفاء على حياة الأسرة، إلا أنَّ القدر القاسي الذي لا يرحم عكر صفو حياته وأدمى قلبه وسقاه كأساً علقماً، إذ فقد قرينته المأسوف على صباها وفضائلها في يوم مشؤوم إثر حادث اصطدام وقع بتاريخ 27 حزيران 1953م وهو في أشد الحاجة إلى عطفها ورعايتها وحنانها لاحتضان فلذات كبدها، فكان مصرعها فاجعة مؤلمة تجل عن العزاء، فلبس حلة السواد، وتجمل بالصبر والسلوان، أعانه الله وعوضه خيراً.

أعماله التجارية: هو رجل صناعي كبير، جريء مقدام، يتحلى بمزايا أفذاذ الرجال، يملك عدة معامل لنسج الحرير والكتان، ويعتبر بالنسبة لعمره من أبرز العصامين طموحاً واكتساباً.

خدماته الاجتماعية: لقد أثرى، وانقادت لهذا الجواد المكرمات، يمتاز هذا الشهم النبيل بغيرته ومساهمته في جميع المشاريع الخيرية، فهو السباق للخير قبل النداء والعرض، أما خدماته للنادي الرياضي السوري فشهيرة محمودة، هو أحد الثلاثة عشرة ذاتاً الذين حضروا الاجتماع التاريخي لشراء أرض النادي الجديدة التي تشاد فيها أبنيته الضخمة، وهؤلاء هم فرسان النادي السوري في نهضته الثانية.

كان رئيساً للنادي الرياضي السوري سنة 1952م، فازدهر في عهده، وإني إذ آسف أن يتم التعارف بيننا قبل عودتي من البرازيل إلى الوطن بأيام قلائل لأتمنى لهذا المفضال كل خير وصفاء وسؤدد في مراحل حياته، وأن ينعم قلبه الكليم برحمة الله والصبر والسلوان.

 

p  p p

 


 



([1])  (أ) (1/163 ـ 164).

الأعلام