جاري التحميل

نعمان ماهر الكنعاني

الأعلام

نعمان ماهر الكنعاني([1])
(1917م)

هو أحد أمراء السيف والبيان في العراق، الذي تحمل مسؤولية النضال الوطني وفي قلبه عزة بالغة نضالها الشموخ الوطني في طموح يبعد به عن مستوى الأرض ليحلق مع النجوم، هو الأستاذ نعمان بن المرحوم ماهر بن الحاج حمادة الكنعاني، وينتهي نسب هذه الأسرة إلى الشريف يحيى المقتول في عهد الخليفة العباسي المتوكل الذي رثاه ابن الرومي بقصيدة مشهورة مطلعها:

أمامك فانظر أي نهجك تنهج

طريقان شتى مستقيم وأعوج

ولد المترجم في مدينة سامراء سنة 1917م، ودرس في الكتاتيب الأهلية وفي المدرسة الابتدائية، وبعدها في المدارس الثانوية في بغداد، ثم تخرج من الكلية العسكرية في عام 1939م.

أدبه: تعمق في اللغة العربية وآدابها بدراساته الشخصية، وقرأ الشعر العربي من أوله إلى أخره، ويقوم الآن بوضع مؤلف من عيون الشعر من عصر الجاهلية حتى العصر الحاضر، انتهى حتى الآن من العصر الجاهلي والإسلامي والأموي والعباسي، وبقي العصر الأندلسي والفترة المظلمة.

تأثر أيام الدراسة بالأستاذ صادق الأعرجي من حيث اللغة العربية وحب الشعر، وبالأستاذ أنور العطار الشاعر السوري العبقري، الذي كان مدرساً للغة العربية في ثانوية بغداد، وتأثر بشعره الوجداني، ويعجبه من شعراء الجاهلية طرفة ابن العبد، ومن الأمويين جرير، ومن العباسين المتنبي والبحتري، ومن المعاصرين من عهد النهضة الأدبية شوقي، ومن الأحياء الشاعر الجواهري العراقي في الدرجة الأولى.

مؤلفاته: أصدر من الدواوين الشعرية مجموعة صغيرة عام 1943م، وديوان شعر بعنوان (المعازف) عام 1950م.

وأصدر دراسة أدبية عن شاعرية أبي فراس، ونشر من القصص الإنكليزية المترجمة (قصص مترجمة)، ولديه مجموعة شعرية مخطوطة بعنوان (المجامر).

شعره: يمتاز شعره بالحيوية وسمو الروح والوصف، وفي قصائده نفحات من أروع الشعر، ويعتبر في شاعريته خليفة للشاعر المصري محمود سامي باشا البارودي أمير السيف والقلم، وتدل قصيدته (ثراء) أن هذا الشاعر عاش على المعنويات الأدبية والأماني القومية، وأن أسلوبه يدل على صراحة ونبوغ واعتداد في الكرامة:

قالت دع الشعر إن الشعر منقصة

ودع يراعك فالآداب أوهام

لو أن للشعر والآداب منزلة

لنازعتك عليها اليوم أقوام

إن الحياة ثراء إن حظيت به

فالعلم والشعر والآداب خدام

فقلت مهلاً لقد أسرفت في عذلي

أنا الغني الذي ما شأنه ذام

نظمتهن عقوداً ليس يدركها

ـ وإن تطاولت الأيام ـ إعدام

وصنتهن عن الأيدي وما بذلت

فيها فأيأست أقوام بها هاموا

فلم تزل وستبقى في خزائنها

تحيطها من ثراء المجد أرقام

ويتجلى من خلال لآلئ شعره، إنه يهوى الغزل ومناجاة الحبيب، وفي قلبه إحساس نبيل، واستمع إلى قصيدته الرائعة بعنوان (أطيان)، قال:

يا حبيبي أراك في رافل البد

ر سنى فاتناً فيشرق نوري

ويضوع الشذا فأستاف ذكرا

ك عبيراً يحيي موات زهوري

ويغني بالهجر شاد معنى

فأناجيك بالهوى المسجور

ما أبث النجوى لتهفو وأيا

م هوانا ما إن لها من سمير

فرقتنا ما فرقت أنجم الليـ

ـل شؤون وأوغلت في المسير

وتناءت بنا الطريق فما نقـ

رب في خافقات الصدور

أما قصيدته الغزلية فقد أجاد فيها في الوصف، مما يدل على أن الابتسامة لا تفارقه في حياته أربدت الدنيا أو أشرقت، قال:

وضعت كأسها وقالت تأمل

هي ذي حمرتي على الكأس حيرى

فتتناولتها أقبل منها

موضع الثغر قبلة بعد أخرى

فتثنت نشوى وقالت أتدري

حمرتي صيرت شفاهك حمرا

قلت ماذا علي أن فاتني الثغر

تخيلت موضع الثغر ثغرا

فرمت صدرها علي فما تسـ

ـمع إلا الأنفاس تعصر خمرا

في خدمة الجيش: ترفع في الجيش العراقي إلى رتبة (مقدم)، وكان يشرف على مديرية النشر في وزارة الدفاع العراقية، ويرأس تحرير المجلة العسكرية ومجلة الجندي.

لم يبتسم الدهر لهذا الضابط الباسل ليتنسم ذروة المناصب العسكرية بفضل مواهبه الفذة، وقد أقصي عن خدمة الجيش العراقي عام 1957م لحبه لعروبته وقوميته، فإذا أغمد هذا السيف الباتر، فإن يراعه لأمضى من المهند الصارم، وسيبقىمسلولاً خالداً بعبقريته مدى الدهر، وقد مر بدمشق وحياها بقصيدة عامرة وتوجه بطريقه مختاراً الإقامة في مصر بلد العروبة والأحرار.

*  *  *

 



([1])  (أ) (2/236 ـ 237).

الأعلام