جاري التحميل

هنا كسباني كوراني

الأعلام

هنا كسباني كوراني([1])

(1870 ـ 1898م)

مولدها ونشأتها: هي سورية الأصل، لبنانية المولد، شرقية النزعة، ولدت في قرية كفر شيما في أول شباط سنة 1870م، ونشأت في بيت علم وأدب، وظهرت عليها علائم النجابة، وبرهنت في طفولتها على استعداد يرجى منه خيراً.

تلقت مبادئ القراءة في مدرسة حكومية، ثم دخلت مدرسة المرسلين الأميركان في كفر شيما، ثم مدرسة البنات الأمريكية الكبرى في بيروت، وظلت أربع سنوات درست في خلالها قواعد اللغتين العربية والإنكليزية وشتى العلوم، ومن الذين تلقت عنهم العلوم العلامة الشيخ إبراهيم الحوراني، ولما فازت بالشهادة النهائية دعيت للتعلم في مدرسة البنات الأمريكية في طرابلس، فبقيت مدة سنة، ثم عادت إلى كفر شيما، فاقترنت بالمرحوم أمين كوراني، وأقامت في الشويفات وبيروت تراسل الجرائد والمجلات بمقالاتها الرائعة، وتترجم روايات وتؤلف رسائل، وتعلم في مدرسة الأحد وتخطب في الأندية.

رحلاتها: وفي أوائل عام 1892م سافرت إلى أميركا الشمالية مندوبة من قبل بنات سوريا لحضور مؤتمر النساء العلمي في معرض شيكاغو، وهناك ألقت محاضرات عن الشرق والشرقيين، ودافعت عن الفتاة الشرقية، وخطبت في المدن الكبيرة، فذاع صيتها، وكان مراسلو الجرائد يتسابقون إلى محادثتها واستطلاعها أخبار الشرق وعادات أهليه ومقام المرأة فيه، وكثيراً ما كانت تخطب في الجماهير الغفيرة وهي في الزي الشرقي، وبقيت ثلاث سنين في تلك البلاد الثنائية تقوم بدعايات حسنة إلى وطنها والعروبة، وربحت بخطبها ماديًّا وأدبيًّا، وقد ساءت صحتها لكثرة التعب والبرد.

وبلغت شهرتها برلين عاصمة ألمانيا، فدعيت لتكون عضواً في الجمعية التأسيسية الإمبراطورية، وتعرفت في مصر على أعلام العلماء، وكان لها في أميركا مقام أدبي جليل.

آثارها: ألفت رسالة في الأخلاق والعادات طبعتها وكافأها السلطان بمنحها وسام الشفقة، وترجمت روايات مطبوعة منها (فارس وحماره)، و(زقاق المقلاة)، و(الحطاب وكلبه بارود)، وهي روايات قصيرة.

كانت لطيفة الأسلوب، ذات صوت رنان، قوية اللهجة، سلسة العبارة، جريئة مقدامة، واسعة الصدر، جدية الفكر، ذكية الفؤاد، نقية غيورة، طويلة القامة، ممتلئة الجسم، كبيرة العينين، جميلة لطيفة، وكانت مع انهماكها بالكتابة والخطابة والمطالعة، تتعاطى الأشغال اليدوية، وتتقن الأعمال المنزلية، إلا أنها لم تكن سعيدة في حياتها الزوجية، ولم ترزق أولاداً، ولم يتسن لها بلوغ ما قدرته لنفسها من السعادة.

وفاتها: عادت إلى لبنان للاستشفاء، ومازال جسمها ينحل، والداء يذيبه، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة في كفر شيما مساء الجمعة في 6 أيار سنة 1898م، وهي في أوائل التاسعة والعشرين من عمرها، وقد ذوت هذه الزهرة في ربيع الحياة بعد أن عطرت جو الإنسانية بشذا أنفاسها، وتركت آثاراً أدبية، وقد أنفقت أعوامها بأسمى ما تنفقه فتاة ونالت شهرة عظيمة.

*  *  *

 



([1])  (أ) (2/530).

الأعلام