جاري التحميل

وديع عقل

الأعلام

وديع عقل([1])
(1882 ـ 1933م)

مولده ونشأته: هو الشاعر العبقري المرحوم وديع بن بشارة عقل، والدته (مدول سلهب عون)، ولد في الدامور في 15 شباط سنة 1882م وتلقى علومه في مدرسة المزار غزير، ثم انتقل إلى صرح الحكمة في بيروت حيث أكمل دروسه الفرنسية والعربية، وأتقن آداب اللغة وأصولها والفصاحة والبيان على يد الأستاذالعلامة المرحوم الشيخ عبد الله البستاني.

في خدمة العلم:  حاول أن يدرس الطب عام 1902م، ثم مال إلى التعليم، فدرس في مدرسة قرنة شهوان اللبنانية اللغة العربية، وبعد سبع سنوات انتقل إلى مدرسة مار يوسف الجديدة في بعبدا يعلم البيان والعروض والفصاحة والآداب.

في حقل الصحافة: تولى في عام 1911م تحرير مجلة (كوكب البرية) ولما نشبت الحرب العالمية الأولى عاد إلى مسقط رأسه في الدامور، وتولى فيها رئاسة البلدية، وأدى خدمات إصلاحية تذكر، ولما انتهت الحرب عين سكرتيراً لحاكم جبل لبنان، ثم أصدر جريدة الأحوال وجريدة الوطن بالاشتراك مع زميلين له، وحرر في جريدة النصير والبيرق، وراسل الأهرام المصرية وغيرها، وظل يحرر جريدة الوطن لغاية عام 1929م، ثم أبدلها بالراصد اليومية، وقد أسس نقابة الصحافة، وانتخبته مرتين نقيباً فوضع نظامها وأسس ناديها وأنشأ مكتبتها، والتف حوله في حياته جمهور من الأدباء الناشئين يصحح لهم كتبهم ويكتب لهم المقدمات.

في ميدان السياسة: اشتغل في السياسة فعين عضواً في المجلس التمثيلي عام 1924م، ثم انتخب نائباً عن جبل لبنان، ونال ثقة الشعب بإخلاصه ووطنيته.

مؤلفاته: منهـا المطبـوع والمخطـوط، بينهـا روايـات (فرسـنجو توركس) و(توماس باكت) و(مغارة اللصوص) و(اللبناني المهاجر)، وقد مثلت على أكثر مسارح لبنان، وكتاب (أوضح بيان لزراعة التبغ في لبنان)، والخيل وفرسانها، وشرح رسالة الغفران ولم تنشر بعد.

أدبـه: كـان خطيباً وشاعـراً لغويًّا وأديبـاً، شـهد له بالتفوق أستاذه الشيخ عبد الله البستاني وكبار العلماء والمنشئين، ومن ذكائه أنه حفظ وهو في المدرسة شوارد اللغة ومفرداتها في ذهنه وتضلع في قواعدها، وتصرف بدرر ألفاظها وبليغ تعابيرها، وله ديوان شعر طبع بعد وفاته.

في رئاسة المجمع العلمي: انتخب رئيساً للمجمع العلمي العربي اللبناني بالإجماع بعد وفاة رئيسه الأول العلامة المرحوم الشيخ عبد الله البستاني، وله مساجلات ومناظرات أدبية ولغوية وعلمية كثيرة، وكان من مؤسسي جامعة خريجي مدرسة الحكمة، وقد نال أوسمة رفيعة.

شعره: لقد نظم في العاطفة والغزل والوطنيات والاجتماعيات والوصف والرثاء والقصة، ومن بديع شعره بعنوان (قلمي) قوله:

كسروا رأسه فخر صريعا

فوق بيضاء خضبت بدماه

كسروه ظلماً فلم يبق حر

في بلاد الأعراب إلا بكاه

لهف نفسي هذا شهيد جديد

يا خليلي فارثياه ارثياه

واحملاه إلى كثيب قريب

حيث يثوي أحرارنا وادفناه

ثم عودوا وبشروا وطني

فالعيش أن نموت فداه

إن كسر الجباه بالفأس خير

لذويها من أن تذل الجباه

لقد أحب هذا الشاعر الذي امتلك ناصية اللغة واستباح سرها وسحرها لغته القومية وأشاد بعظمتها وحسناتها، فقال:

لا تقل عن لغتي أمُّ اللغات

إنها تبرأ من تلك البنات

لغتي أكرم أم لم تلد

لذويها العُرْب غير المكرمات

ما رأت للضاد عيني أثرا

في لغات الغرب ذات الثغثغات

إن ربي خلق الضاد وقد

خصها بالحسنات الخالدات

وقد تسامى في شعره الوطني، وتجلت عاطفته وحبه لقوميته فقال:

ولي وطنٌ قنعت به صغيرا

على أن لا يهون لمستبد

وبئس العيش في وطن كبير

إذا كانت ولايته لوغد

أعد ذكرى القديم عليَّ إني

أحن إلى القديم بكل وجدي

ففي الوطن القديم طويت سعدي

وفي الوطن الجديد نشرت نكدي

وفي الجبل الأشم حفظت هنداً

وفي شط الخضم أضعت هندي

وكان لي اليراع يراع حرّ

فصار لي اليراع يراع عبد

دعوت الموت ينقذني وقومي

فإن لم يرض قومي مت وحدي

وأغبط كل من قد مات قبلي

وأندب كل من قد عاش بعدي

وأحب لبنان وكان من أسرته شهداء في سبيل لبنان، فقال:

الفقر فيك ولا الغنى في غربة

والموت فيك ولا حياة فراق

وكان فقيراً كأكثر الشعراء، غير أن فقره مقرون بالشمم والإباء، فقال:

ولست فقيراً يا ثريا فإنني

غني بإجلالي غني بآمالي

غني بشعري وهو أعظم قيمة

من المال في عيني وأقوى من المال

أما شعره الغزلي فإنه يتجلى في وصفه (ثريا) وقد أبدع حتى حلق في الثريا، وهي قصيدة طويلة تعتبر من غرر الشعر.

وفاته: لقد طغى شعوره الفياض على جسمه فجعله ضئيلاً، وقد توفرت مشاغله فازدادت همومه وأنهكت قواه وهو الشاعر الجبار، فاعتراه مرض عضال، وفي ليلة الأربعاء 5 تموز سنة 1933م استأثرت به المنية، وقد أنجب ذرية مرموقة.

*  *  *

 



([1])  (أ) (2/385 ـ 387).

الأعلام