جاري التحميل

وصفي قرنفلة

الأعلام

وصفي قرنفلة([1])
(1911م)

مولده ونشأته: هو وصفي بن كامل بن اسطفان بن نوفل بن رفول، والجد الأعلى هو قدور قرنفلة، تنحدر هذه الأسرة من أصل عربي غساني، وقد نزحت عن وادي النصارى منذ قرون واستوطنت حمص.

ولد في حمص سنة 1911م، وتلقى علومه في الكلية الأرثوذكسية الحمصية إلى الصف الحادي عشر، ثم ترك المدرسة وانتسب إلى أعمال المساحة في عام 1929م، ولا يزال يتنقل بين دوائر الهندسة للمساحة.

زار مصر سنة 1931م ومكث فيها بضعة أشهر قضاها في المطالعة والتنقيب في المكاتب العامة الكبرى، وشاهد معالمها وآثارها التاريخية التي كان لها أعظم الأثر في نفسه.

أدبـه: درس اللغـة العربيـة علـى العلامة اللغوي المرحوم يوسف شاهين والأستاذ جرجس كنعان، ونظم الشعر وهو في بسمة صباه في السادسة عشر من عمره، وهو الآن في طليعة الشعراء السوريين المحلقين.

له ديوان شعر مخطوط ينيف عن خمسة آلاف بيت، وعسى أن تساعده الظروف لإخراجه إلى ميدان الأدب لتزدان به المكتبة ويطلع المجتمع على قوافي هذا الشاعر المتواضع المنطوي على نفسه الذي جادت قريحته بأروع القصائد الغزلية والوطنية ومحاربة الاستعمار.

لقد امتاز هذا الشاعر بوصف إحساسه على مثال غير مسبوق، وتسنى لقلب هذا الشاعر الخفاق أن يبدع ما شاء له الإبداع، ومن قوله في قصيدة طويلة بعنوان (تاريخنا والغزاة) نقتطف منها قوله:

نحن العروبة، في أسمى حقائقها

يا من على يدكم إنسانها صلبا

والمجد، نحن العوالي من شوامخه

والمجد، إذ ينتخي، لم يعدنا نسبا

ليس الأذلاء، في التاريخ، من عرب

وأنت منهم ولا من يعبد الذهبا

هذي البلاد لنا، ليست لكم أبدا

ونحن تاريخنا، لا ماخبا كتبا

الحب والسلم، ركن من حضارتنا

وكنتم الحقد، في التاريخ، والرعبا

*  *  *

قل للغزاة، وقد هموا بساحتنا

لن يدرك السيف، من أوطاننا، أربا

في مقلة الدهر، من تاريخنا دهش

لا ينتهي، أولسنا قل لهم عربا؟

واستنهض عزائم أهل العراق فقال يذكرهم بالماضي المجيد:

ما (للمثنى)، وراء القبر، متكئا

على الحسام، يرد الدمع، مكتئبا

بكى العراق، وناجانا فأرقنا

قل (للمثنى)، قريباً نوقظ الشهبا

رفاقنا الصيد، في بغداد، ما حفظوا

للذل جنحاً وما زالوا بها عربا

دماء (فهد) زئير في حناجرهم

يا ثار، جرحك، لم يرقد، ولا نضبا

لديهم الوحدة الكبرى، إذا وثبوا

بالأجنبي، فقل تاريخنا وثبا

غدا، لهم لجموع الشعب ترفدهم

يا صبح يا صبح، ماض الشوق فانتحب

غزله: لقد تجلى في غزله روعة الوصف وسمو الخيال، واستمع إلى قصيدته بعنوان حديث أسمر:

سمراء، يوم تقول، كل جوارحي

خدر، يدغدغه الحديث الأسمر

لا، لا تسلني، ما تقول، وإنما

سل كيف أني لا أعي، بل أنظر

حسبي، وحسب الشعر، فتنة نطقها

وشهي نكهته، غداة تثرثر

أصغي، فأحلم بالمروج، تفتحت

للفجر، يغسلها الندى، ويعطر

وكأن، في أذني، رنة جدول

سكران، تغمره المروج وتظهر

غنج، تكسر، في الشفاه، كأنما

هو دعوة، أو موعد متحير

القول، في فمها، لذيذ، ناعم

عذب، يكاد، وراء عينك يزهر

فكأنها نيسان، يغزل ورده

فمنمنم، في ثغرها، ومبعثر

رويت، فبرعمت الحروف وأشرقت

خلف الشفاه، ورف فيها الكوثر

اللون، لون الفجر، في كلماتها

والطعم ـ يا خجل البلاغة ـ سكر

وكأنما جرس المقاطع، بلبل

وكأنما ريح المقاطع، عنبر

*  *  *

هي بحة، أم غنة، أم نبرة

لا فرق، شيء، في لهاتك، سكر

الأفق، حولك، نشوة، وصبابة

والشعر، حين يلوح فهو، العبقر

*  *  *

آمنت، يا سمراء، بعد ضلالة

الغنج أسمر، والهوى؟ قل: أسمر

إن حمص تفخر بهذا الشاعر العبقري الذي سيكون عظيم الشأن في تاريخ الأدب.

*  *  *

 



([1])  (أ) (2/100 ـ 101).

الأعلام