جاري التحميل

يحيى السعودي الفلسطيني

الأعلام

يحيى السعودي الفلسطيني([1])
الموسيقار المتفنن الأستاذ يحيى السعودي الفلسطيني

أصله ونشأته: هو الأستاذ يحيى بن المرحوم أسعد بن محمد السعودي، وأصل هذه العائلة من المغرب، حضر جده الأعلى الشيخ موسى العلم منذ ثمان مئة سنة والياً على القدس واستوطنها، وتكنت هذه العائلة بـ(السعودي)في عهد جده الثاني، والسبب أن شخصاً اشتهر بورعه قابل جده ليلاً وفاجأه مبشراً بقوله: إن غلاماً سيأتيك فسمّه محمد السعودي، فغلبت هذه الكنية الجديدة على كنية (العلم) القديمة.

ولد المترجم في القدس سنة 1905م، ودرس في مدرسة روضة المعارف الأهلية الابتدائية، وتوفي والده وهو في العاشرة من عمره، فاعتنى عمه الحاج موسى السعودي بتثقيفه، وتابع دروسه حتى بدء الدراسة الثانوية في مدارس الحكومة، ثم ترك المدرسة وتعاطى الأعمال الحرة.

فنه: تعلق الفنان السعودي منذ صغره بالفن وكان رئيساً لفرقة المنشدين في المدرسة ويأخذ الأدوار الرئيسية في حفلات السنة الختامية، وقد ظهر نبوغه وصوته إذ ذاك.

عشق الفن فقضى أكثر حياته الفنية غاوياً، درس على نفسه العزف على العود دون معلم يرشده ويوجهه، فكان الطريق الفني طويلاً وشائكاً بالنسبة إليه لعدم اتباعه قواعد الفن، فكان يغني ولا يعرف العزف، ثم تمرن بالعزف على آلة العود حتى وصل إلى ما تصبو إليه نفسه الطموحة، وأصبح عازفاً ومنشداً بارعاً له مكانته في عالم الفن، درس علم النوطة مدة ثلاثة أشهر على الأستاذ الفنان يوسف البتروني، وكان الأخذ سهلاً عليه لحفظه الموشحات القديمة وأوزانها والقطعات الصامتة، وبقي غاوياً حتى تاريخ افتتاح دار الإذاعة الفلسطينية في القدس سنة 1936م، وعندها اشترك الأستاذ السعودي بتأسيسها وأخذ على عاتقه قيادة الفرقة الموسيقية، وبقي فيها مدة اثنتي عشرة سنة وهو يوجه أعمالها الفنية بنجاح وإعجاب، وقد تخرج على يديه كثير من الفنانين المعروفين.

رحيله إلى دمشق: وشاءت الأقدار أن تقع كارثة فلسطين فكان بين اللاجئين، وسعدت سوريا بمواهبه، فحط رحاله في دمشق وبقي فيها مدة سنة بلا عمل، والسبب أنه كان يأمل العودة إلى وطنه بعد تسوية المشكلة الفلسطينية، وبعد أن رأى المصير مجهولاً عين مراقباً موسيقيًّا في إذاعة دمشق، ولما فتح المعهد الموسيقي الشرقي التابع لوزارة المعارف أبوابه في سنة 1950م عهد إليه بإدارة المعهد الفنية، فكان لتوجيهاته الأثر الحسن بنجاح أعماله في دوراته الدراسية الفنية.

ألحانه وصوته: وهب الله الأستاذ السعودي الصوت الجهوري القوي، وباستطاعته إخراج طبقات الأجوبة في الغناء وإنشاد الدور لوحده دون مساعد إذا اقتضى الأمر، وقد لحن أربعة أدوار من نغمات البيات والسيكاه والحجاز والرست وأبرز هذه الدوار متانة في الفن وروعة في المغنى والطرب دور السيكاه، ومطلعه (أول ما شفتك حبيتك)، وقد سجلت محطة الشرق الأدنى هذه الأدوار.

ولحن موشحات بديعة سجلتها دار الإذاعة السورية، وهي من مقام الحجاز كار كردي.

الموشح الأول: وزنه سماعي ثقيل: يا ظالمي حقًّا يكفيك ما ألقاه، والشعر قديم.

الموشح الثاني: وزنه دوار هندي، من شعر البهاء زهير:

سلم الله على من

جاءنا منه السلام

الموشح الثالث: وزنه سماعي دارج، من شعر الأستاذ نزار التغلبي:

خمر العيون أديري

فالكاس كانت حراما

الوصلة الثانية من مقام البستنكار، الموشح الأول: وزنه سماعي ثقيل، من نظم المرحوم إبراهيم طوقان، وهو:

(انشدي يا صبا

وارقصي يا غصون)

الموشح الثاني: وزنه داور هندي، والشعر أندلسي قديم:

(ليت من طير نرمي).

الموشح الثالث: وزنه سماعي دارج، من شعر عبد المحسن الصوري:

(بالذي ألهم تعذيبي

من ثناياك العذابا)

ولحن موشحات مثيرة متفرقة من عدة نغمات لإكمال الناقصة من الموشحات.

ولحن قصائد وطقاطيق كثيرة من نغمات شتى، وما زالت قريحته تجود بروائع الفن.

*  *  *

 



([1])  (أ) (1/290).

الأعلام