إسحاق بن عيسى بن نجيح أبو يعقوب
إِسْحَاقُ بنُ عِيْسَى بنِ نَجِيْحٍ أبو يعقوبَ
ترجم له الإمام ابن ناصر الدين في كتابه إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك والذي صدر عن دار المقتبس في طبعته الأولى سنة 1439هـ - 2018م بتحقيق الدكتور إبراهيم حمود إبراهيم،
فقال :
[اسمه: ] إِسْحَاقُ بنُ عِيْسَى([1]) بنِ نَجِيْحٍ أبو يعقوبَ، ابنِ الطَّباعِ، البغداديُّ، نزِيلَُ أَذَنَةَ([2])، أخو محمدٍ ويوسفَ.
[وفاتـه: ] توفّي إسحاقُ بأَذَنَةَ سنةَ خمسَ عشرةَ ومائتينِ([3])، وكان مولدُه سنةَ أربعينَ ومائةٍ([4]).
حدّث عن: جريرِ بـنِ حازمٍ، وأنسِ بنِ عياضٍ، وشَرِيكِ بنِ عبدِ اللهِ([5])، وعبدِ الرحمن بنِ زيدِ بنِ أَسْلمَ، وغيرِهم([6]). وعنه: أحمدُ بنُ حَنْبلٍ، وعبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرحمن الدَّارِمِيُّ، ويعقوبُ بنُ شَيبةَ، وعباسُ بنُ محمدٍ الدُّوريُّ، وابنُ أخيِه محمدُ بنُ يوسفَ بنِ عيسى، وآخرُونَ([7]).
وكان من الثِّقاتِ([8]).
روى له مسلمٌ، والتّرمذيُّ، والنّسائيُّ، وابنُ ماجه([9]).
249 ـ أنبأنَا أبـو بكرٍ محمدُ بنُ عبدِ الله الحافظُ، أخبرنا الأديبُ أبو عبدِ الله محمدُ بنُ أبي بكرِ بنِ القاسمِ ـ وكان من شيـوخ الشِّيعةِ ـ قراءةً عليه وأنا أسمعُ في سنةِ سبعَ عشرةَ وسبع مئةٍ، أخبرنا الرَّشيدُ أحمدُ بنُ المُفَرَّجِ، أنبأنا يحيى بنُ ثابتِ بنِبُنْدَارَ، وأحمدُ بنُ عبدِ الغني بنِ حنيفـةَ، قالا: أخبرنا أبو المعالي ثابتُ بنُ بُنْدَارَ بنِ إبراهيمَ البَقَّالُ، أخبرنا عبدُ الرحمن بنُ عبيدِ الله السِّمْسَارُ، أخبرنا أبو أحمدَ حمزةُ بنُ محمدٍ الدَّهْقَانُ، حدثنا الحارثُ بنُ محمدٍ:
حدثنا إسحاقُ بنُ عيسى، حدثنا مالكٌ، عن هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ زوجِ النَّبيِّ/[68ـ أ] صلى الله عليه وسلم: أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «مُرُوا أبا بكْرٍ فلْيُصَلِّ بالنَّاسِ».
فقالت عائشةُ رضي الله عنها: يا رسولَ الله! إنَّ أبا بكرٍ إذا قامَ في مقامكَ لَم يُسْمعِ النَّاسَ منَ البكاءِ، فمُرْ عُمَرَ فليُصَلِّ للنَّاسِ.
قال: «مُرُوا أبا بكْرٍ فليُصَلِّ بالنَّاسِ». قالت عائشةُ: فقلتُ لحَفْصَةَ: قولِي لهُ: إنَّ أبا بكْرٍ إذا قامَ في مقامكَ لمْ يُسْمِعِ النَّاسَ منَ البُكاءِ، فَمُرْ عُمَرَ فليُصَلِّ بالنَّاسِ.
ففعلتْ حَفْصَةُ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّكُنَّ لأنْتُنَّ صواحبُ يُوسُفَ، مُرُواأبا بكْرٍ فليُصَلِّ بالنَّاسِ». فقالَتْ حَفْصةُ لعائشةَ رضي الله عنها: ما كنْتُ لأُصيبَ منْكِ خيْراً.
خرَّجهُ البخاريُّ: عن عبدِ اللهِ بنِ يوسفَ([10])، وإسماعيلَ بنِ أبي أُويسٍ([11]).
والتّرمذيُّ: عن إسحاقَ بنِ موسى عن مَعْنٍ([12]).
والنّسائيُّ: عن محمدِ بنِ سَلَمةَ عن ابنِ القَاسمِ([13]). الأربعةُ عن مالكٍ بهِ.
250 ـ وقال الحافظُ أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ عبدِ الحَكَمِ: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يعقوبَ، حدثنا محمدُ بـنُ إسحاقَ الصَّغانيُّ: حدثنا إسحاقُ بنُ عيسى، سمعتُ مالـكَ بنَ أنسٍ يَعِيبُ الجِدَالَ في الدِّينِ، ويقول: كلَّما جاءنَا رجلٌ أجْدَلُ مِنْ رجلٍ، أردْنَا أَنْ نَرُدَّ مَا جاءَ بهِ جِبْرِيلُ عليهِ السَّلام إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؟!(5).
* * *([14])
([1]) ذكـره في رواة «الموطـأ»: القاضي عيـاض في «ترتيب المدارك»: (1/108)، والسيوطي في «تنوير الحوالـك» (1/10). ينظر ترجمته في: «التاريخ الكبير»: (1/399)، «الجرح والتعديل»: (2/230)، «الثقات»: (8/114)، «تاريخ بغداد»: (6/332)، «المنتظم»: (10/267 ـ 268)، «ترتيب المدارك»: (1/243)، «تهذيب الكمال»: (2/462 ـ 464)، «تاريخ الإسلام»: (15/65 ـ 66)، «الكاشف»: (1/238)، «الوافي بالوفيات»: (8/272 ـ 273)، («تهذيب التهذيب»: (1/214)، «تقريب التهذيب»: (ص 102)، «طبقات الحفاظ»: (ص174)، «خلاصـة تذهيب تهذيب الكـمال في أسـماء الرجـال» للخزرجي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، دار البشائر، بيروت، ط5/ 1416ﻫ: (ص29).
([2]) أَذَنَة: بفتح الهمزة والذال المعجمة والنون، وهي بليدة بساحل الشام عند طرسوس بُنِيَ حصنها سنة أربع وأربعين ومئة. وقال ياقوت الحموي عند حديثه عن نهر سَيْحان: وهو نهر كبير بالثغر الشامي، من نواحي المصيصة، يمر بأذنة (أَضنة).
قلت: أذنة اليـوم هـي مدينـة أضنـة، وهي مدينة تركية تقع جنوب البلاد على ساحل البحر الأبيض المتوسط. ينظر: معجم البلدان (3/293)، «وفيات الأعيان»: (3/476)، «معجم ما استعجم»: (1/132)، «أطلس الحديث النبوي» (ص228).
([3]) نقلـه الخطيب في «تاريـخ بغداد» (6/332) عن محمد بن سعد، وزاد: في ربيع الأول، ونقل عن أبي الحسين ابن قانع ـ وهو قول ابن حبان في «الثقات»: (8/114) ـ أنه توفيسنة (214)، ثم قال: والأول أصح، والله أعلم.
وينظر: «ترتيب المدارك»: (1/2430)، «تهذيب الكمال»: (2/464)، «تهذيب التهذيب»: (1/214).
([8]) قال البخاري في «التاريخ الكبير»: (1/399): مشهور الحديث.
وقال صالح بن محمد الحافظ كما في «تهذيب الكمال»: (2/463): لا بأس به صدوق.
وقال أبو حاتم الرازي في «الجرح والتعديل»: (2/230): أخوه محمد أحب إلي منه، وهو صدوق.
وقال الخليلي كما في «تهذيب التهذيب»: (1/214): إسحاق ومحمد ولدا عيسى ثقتان متفق عليهما. =
= قال الذهبي في «الكاشف»: (1/238): ثقة.
قال ابن حجر في «تقريب التهذيب»: (ص 102): صدوق من التاسعة.
([10]) من طريق عبد الله بن يوسف: خرَّجه البخاري في «صحيحه»: في كتاب الجماعة والإمامة، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة (1/240) برقم (647).
([11]) مـن طريـق إسماعيل بن أبي أويس: خرَّجه البخاري في «صحيحه»: في كتاب الجماعة والإمامة، باب إذا بكى الإمام في الصلاة (1/252) برقم (684).
([12]) من طريق معن بن عيسى: خرَّجه الترمذي في «سننه»: في كتاب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باب في مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كليهما (5/613) برقم (3672).
([13]) من طريق ابن القاسم: خرَّجه النسائي في «السنن الكبرى»: في كتاب التفسير، باب، سورة يوسـف: قولـه تعالى: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّـهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ﴾[يوسف: 18] (6/368) برقم (11252).
والحديث في «الموطأ» برواية يحيى بن يحيى الليثي: في كتاب قصر الصلاة في السفر، باب جامع الصلاة (1/170) برقم (412).
([14]) أخرجه أحمد في «العلل ومعرفة الرجال»: (2/72)، واللالكائي في «اعتقاد أهل السنة»: (1/144)، وأبـو نعيـم في «الحليـة»: (6/324)، والبيهقي في «شعب الإيمان»: باب:=
= فصل في الحلم والتؤدة والرفق في الأمور كلها (6/354) برقم (8490)، وفي «المدخل إلى السنن الكبرى»: (ص201) برقم (238)، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث»: (ص5)، وفي «الفقيه والمتفقه»: (1/554)، والهروي في «ذم الكلام وأهله»: (5/68) برقم (855): كلهم من طريق إسحاق بن عيسى عن مالك به.
وورد ت لهذا الأثر عدة روايات منها:
ما أخرج أبو نعيم في «الحلية»: (2/95) عن مالك قال: «كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله».
وأخرج الهروي في «ذم الكلام وأهله» (5/69) عن مالك قال: «كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما نحن عليه إذاً لا نزال في طلب الدِّين».
ـ لقد كان منهج الإمام مالك رحمه الله: النهي عن الجدل في العقائد، والأمر بالسَّير على سَنَن السَّالفين.
قال الإمام مالـك رحمه الله فيما أخرج الذهبي في «السير» (8/106): الجدال في الدِّين ينشئ الِمراء، ويذهب بنور العلم من القلب، ويقسي ويورث الضغن.
وقال الشَّافعي فيما أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (6/324): كان مالك إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال: أما إنِّي على بَيِّنَةٍ من ديني، وأمَّا أنت فشَاكٌّ، اذهب إلى شَاكٍّ مثلك فخاصمه، ثم قرأ: ﴿قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ﴾[يوسف: 45].
وأخرج ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله»: (2/95) عن الإمام مالك رحمه الله قال: الكلام في الدين أكرهه، وكان أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه نحو الكلام في رأي جهـم والقدر وكل ما أشبـه ذلـك، ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل، فأما الكلام في الدين وفي الله عز وجـل، فالسكوت أحب إلي؛ لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا ما تحته عمل.