جاري التحميل

الإمام مالك بن أنس

الإمام مالكِ بنِ أنسٍ

ترجم له الإمام ابن ناصر الدين في كتابه إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك والذي صدر عن دار المقتبس في طبعته الأولى سنة 1439هـ - 2018م بتحقيق الدكتور إبراهيم حمود إبراهيم،

فقال :

[اسمه ونسبته]: فهو: مالكُ بنُ أنسِ بنِ مالـكِ بنِ أبي عامرِ بنِ عَمرِو بنِ الحارثِ بنِ غَيْمَانَ ـ وهو على الصَّحيح بغينٍ مُعجمـةٍ مفتُوحـةٍ، ثم بمثنَّاةٍ تحت ساكنة، ثم ميمٍ تليها ألفٌ، ثم نونٌ ـ ابنِ خُثَيْلِ ـ بخاءٍ معجمةٍ مضمومةٍ، ثم مُثلَّثةٍ مفتوحةٍ، تليها مُثَنَّاةٌ تحتَ سَاكنةٍ، ثم لامٌ، وقيل: بالجيمِ أوله، وعُدَّ تصحِيفاً([1]) ـ ابنِ عَمْرو بنِ الحَارِثِ([2])، وهو ذُو أَصْبَحَ.

وفيما فوقهُ من النَّسب خلافٌ. فالَّذي ذكرهُ الجمهورُ: أنَّ ذَا أصْبَحَ هُو: ابنُ عَوفِ بنِ مالكٍ([3]). وأسقطَ هشامُ بنُ الكَلْبيِّ في «جمهرةِ النَّسبِ»: عَوْفاً، فقال: ذُو أَصْبَـح: بطنٌ، هُو: الحارثُ([4]) بنُ مالـكِ بنِ زَيدِ بنِ عَوْفِ بنِ سعدِ بِن عَوْفِ بنِ عَدِيِّ بنِ مالكِ بنِ زَيدِ بنِ سَهلِ بنِ عَمرٍو.

وذكـر أن عمـراًهذا هُو: ابنُ قَيسِ بنِ معاويةَ بنِ جُشَمَ بنِ عبدِ شمسِ بنِ وائِـلِ بنِ الغَوْثِ بـنِ قَطَنِ بنِ عُرَيْبِ بنِ زُهيرِ بنِ أَيمنَ بنِ الهَمَيْسعِ بنِ حِمْيَرِ بنِ سَبَأَ([5]) ـ واسمُه: عامرٌ ـ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ ـ وهو: المُرْعِفُ ـ بنِ قَحْطَانَ([6]) بنِ عَابِرَ بنِ شَالِخَ بنِ أَرْفَخْشَذَ بنِ سامِ بنِ نُوحٍ عليه الصلاة والسلامُ([7]).

ونسبُ قَحْطانَهذا حكاهُ الزُّبيرُ بنُ بكَّارٍ([8]) عن نُسَّابِ أهلِ اليمنِ([9]).

وقيل:قَحْطَانُ بنُ الهُمَيْسَعِ بنِ تَيْمَنَ بنِ نَبْتِ بنِ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَعليهما الصلاةُ والسلامُ([10]).

وقَحْطَانُ أصلُ جميع عربِ اليمنِ([11]).

14ـ قال أبو بكرٍ أحمدُ بنُ أبي خَيْثمةَ([12]) في «تاريخِه»([13]):

حدثنـا أبو عبدِ اللهِ مصعبُ بنُ عبدِ اللِه، حدثني أبي، عن أبيه مصعبِ بنِ ثابتِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ، قال:

ذُكِرَ لعامرِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ([14]) أبو مالكٍ بنِ أنسٍ، وأَعمَامُه، وأَهلُ بيتِه، فقال: أمَا إنَّهم منَ اليمنِ، وأمَا إنَّهم من العربِ ذُو قرابةٍ بالنَّضْرِ ابنِ يَرِيْمَ([15]).

أبوه: أنسُ بنُ مالكٍ، حدَّثَ عن أبيه [7/أ] مالكِ بنِ أبي عامرٍ، سمعَ منه ابنهُ مالكٌ الإمامُ ([16]).

وجَدُّهُ: مالكُ بنُ أبي عامرٍ([17])، كُنيتُه: أبو أنسٍ، سمعَ جماعةً من الصَّحابةِ وغيرهم، منهم: عمر بنُ الخطَّابِ، وعثمانُ، وطلحةُ، وأبو هريرة رضي الله عنهم([18]). 

حدَّثَ عنهُ: بنوهُ: أنسٌ، وأبو سُهيلٍ نافعٌ، وأُويسٌ، والرَّبيعُ([19]).

وكان أحد القُرَّاء في زمانِ عثمانُ ويكتب المصاحفَ([20])، وأَغْزَاهُ عثمانَ إلى إِفريقيةَ ففتحها اللهُ ونصر المسلمينَ([21])، وكان عمر بنُ عبدِ العزيزِ يستشِيرُهُ ([22]).

وجدَّهُ الأعلى: أبو عامرٍ، قيل: اسمُه عمرو([23])، كان في زمنِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولم يَلقَهُ، سمعَ عثمانَ بن عفَّانَ، فهو تابعيٌّ مُخضرمٌ في قولٍ.

قال الذَّهبيُّ: ولم أَرَ أحداً ذَكرهُ في الصَّحابة؛ قالهُ في «التَّجْريدِ»([24]).

15 ـ وقال القاضي عياضٌ: ذكـرَ القاضي بكرُ بن العلاءِ القُشَيرِيُّ: أنَّ أبا عامرِ بن عمرٍو جَدُّ أبي مالكٍ ـ رحمهُ اللهُ ـ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ،قال: وشهدَ المغازِيَ كلَّها مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم خَلَا بَدراً؛ قَالهُ في كتابِ «تَرتيبِ المداركِ»([25]).

16 ـ وقـال أبـو إسحـاقَ إبراهيمُ بنُ محمد بنِ سعيدٍ التُّسْتَرِيُّ الحافظُ([26]): كان أبو عامرٍ تَحالَـفَ هُو وعثمانُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ طَلحةَ التَّيْمِيُّ في الجاهليَّةِ، فَقدِمَ عُثمَانُ بنُ عبدِ اللهِ المدينـةَ مع أبي عامرٍ، فكان بَنُو عَامرٍ في ديوانِ بَنِي تَيْمِ بنِ مُرَّةَ إلى اليومِ. رواهُ أبو بكرٍ محمـدُ بنُ إبراهيـمَ بنِ المُقْرِئِ([27]) عنه في غرائبِ حديثِ مالكِ ابنِ أنسٍ من «فوائده»([28]).

17 ـ ورويَ عـن عبدِ اللهِ بنِ مصعبِ بنِ ثابتِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ قال: قَـدِمَ مالكُ بنُ أبي عامرٍ المدينة مُتظلِّماً من بعضِ الولاةِ باليمنِ، فمالَ إلى بعضِ بني تَيْمِ بنِ مُرَّةَ، فعَاقدَهُ وصار معهم([29]).

18 ـ وقال أبو عبدِ اللهِ البخاريُّ في «تاريخِه الأوسَطِ»: حدثني إبراهيمُ بنُ المُنذِرِ، حدثنا أبو بكرٍ، يعني: الأويْسِيَّ، حدثني سليمانُ، يعني: ابنَ بلالٍ، عن نافعِ([30]) ابنِ مالكِ بنِ أبي عامرٍ، عن أبيه، قال:

قـال لِي عبدُ الرحمنِ بنُ عُثمانَ بـنِ [7/ب] عُبيدِ اللهِ التَّيْمِيُّ ـ قال البخاريُّ: هو ابنُ أَخِي طلحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ القرشيِّ التَّيمِيِّ ـ بطريقِ مَكَّةَ: يا مالكُ! هَلْ لكَ إلى ما دعانَا إِليهِ غَيرُكَ فَأَبَيْنَاهُ؟ أَنْ يكُونَ دَمُنَا دَمَكَ، وهَدْمُنَا هَدْمَكَ، ما بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً([31]). فأَجبتهُ إلى ذلك([32]).

19 ـ وقال عبدُ اللهِ ابنُ الإمام أحمدَ: حدثني بكرُ بنُ عبدِ الوهَّابِ، حدثنا أبو بكرِ بنُ أبي أُويسٍ، عن سليمانَ بنِ بلالٍ، عن الرَّبيعِ بنِ مالكٍ، عن أبيه قال: قال لي عبدُ الرّحمنِ بنُ عُثمانَ التَّيْمِيُّ: هل لَكَ أَنْ تَغْمسَ يدكَ معنا فيما نحنُ فيهِ ـ أَي: في الحِلْفِ ـ؟ قال: قلتُ: لا حاجةَ لي فيهِ ونحنُ قومٌ من ذِي أَصْبحَ([33]).([34]) الرَّبيعُ بنُ مالكٍ: عمُّ مالكِ بنِ أنسٍ([35]) لم يَرْوِ عنه إلَّا سليمانُ بنُ بلالٍ([36]).

20 ـ وقال أبو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بنُ الفَرجِ المصريُّ: سمعتُ أبا مصعبٍ يقول: مالكُ بنُ أنسٍ في العربِ صَلِيبَةٌ، وحِلْفُهُ في قُريشٍ في بَنِي تَيْمِ بنِ مُرَّةَ([37]).

وأمَّا قولُ ابنِ شهـابٍ في «صحيـحِ البخاريِّ»: حدثني ابنُ أبي أنسٍ مولى التَّيْمِيِّينَ، أنَّ أباهُ حدّثهُ: أنَّه سمعَ أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذا دخلَ رمضانُ فُتِّحَتْ أَبْوابُ السَّماءِ... الحديث»([38]).

فمرادهُ بـ «المولى»: الحَليفُ، كما هو أحد معاني المولى، وعليه يحملُ قولُ ابنِ إسحاقَ وغـيره عن مالـكٍ أنَّه مولى تَيْمِ بنِ مُرَّةَ. المرادُ الحِلـفُ الَّذي تقدَّمَ، واللهُ أعلم([39]).

21 ـ وما أحسنَ ما قال الحافظ أبو يوسفَ يعقوبُ بنُ سفيانَ الفَسَوِيُّ([40]) في «مشْيختِهِ» في ذكـرِ رجـالِ أهلِ المدينةِ([41]): حدثنا أبـو عبدِ اللهِ إسـماعيلُ بنُ أبي أُويْسٍ ـ واسمُه: عبدُ اللهِ ـ ابنِ عبدِ اللهِ بنِ أبي أُويْسِ بنِ مالكِ بنِ أبي عامرٍ القرشيُّ، ثم التَّيْمِيُّ، ثم الأَصْبَحِيُّ: حدثني سليمانُ بنُ بلالٍ، فذكرَ حديثاً ([42]).

وبهذا يقـال للإمامِ مالـك: التَّيْمِيُّ، ويقال له: الأصْبَحِيُّ المدنيُّ إمامُ دارِ الهجرة.

كُنيتُه: أبو عبدِ اللهِ.

وأُمُّه: العَاليةُ بنتُ شَرِيْكِ بنِ عبدِ الرحمن بنِ شَرِيكٍ الأزْدِيَّةُ.

كذا حكاهُ أبو القاسم عبدُ الرحمن/[8/آ ] بنُ عبدِ اللهِ الجَوْهَرِيُّ([43]) في كتابه «مُسندُ حديث الموطَّأ([44])».

22 ـ وروى أبو بكـرٍ محمدُ بنُ إبراهيمَ بنِ المُقْرئِ في «فوائدهِ»([45])، عن إبراهيمَ بنِ محمدٍ التُّسْتَرِيِّ قال:

وأُمُّ مالكٍ: العَالِيَةُ بنتُ شَرِيْكِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ شَرِيكٍ الأزْدِيَّةُ([46]).

23ـ وقال يحيى بنُ عبدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ: حملتْ بِمالكٍ أُمُّهُ سنتينِ([47]).

24ـ وقـال عبدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، ومحمدُ بنُ الضَّحَّاكِ، والواقِديُّ في إحدى الرِّوايتين عنه وغيرهم([48]):

وحملتْ به أُمُّه ثلاثَ سنينَ([49]).

25ـ وقال عَطَّافُ بنُ خالدٍ والواقديُّ في روايةٍ: حملتْ به أُمُّهُ سنةً. 

[ولادته: ] 

26ـ وقال عيسى بنُ صالح: حدثنا يحيى بنُ بُكَيْرٍ: سمعتُ مالكَ بنَ أنسٍ يقول: ولدتُ سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ ([50]).

27ـ وقال أحمدُ بنُ منصورٍ: حدثنا يحيى بنُ بُكَيْرٍ، حدثنا عطَّافُ بنُ خالدٍ قال: ولدتُ سنةَ إحدى وتسعينَ، وولِدَ مالكٌ سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ، عَطَّافٌ يقول: وولد مالكٌ([51]).

28ـ ورويَ عن ابن بُكَيْرٍ أَيضاً قال: كانَ مولدُ مالكٍ بِذي المروةِ ([52]). ([53])

29 ـ وقال أبو أحمدَ عبدُ اللهِ بنُ بكرٍ الطَّبرانيُّ: حدثنا عليُّ بنُ أحمدَ بنِ الفَتْحِ، حدثنـا سليمانُ بنُ أحمـدَ، يعني: المَلْطِيَّ، حدثنا فضْلُ بنُ محمدٍ، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الوهَّابِ الحَجَبِيُّ: سمعتُ مالكَ بنَ أنسٍ يقولُ: ما أفتَيتُ حتَّى قال لِي ثلاثُونَمعَمَّماً: أَفـتِ، فأَفْتيتُ وأنا ابنُ أربـعَ عشرةَ سنةً، وكان في ذلـك الزَّمـانِ لا يتعمَّمُ تَحتَ حِلقهِ إلَّا فقيهٌ([54]).

[صفتهُ وخَلْقه: ]

 30 ـ وروى أبو بكرٍ محمدُ بنُ المُقْرِيِّ في «فوائدِه»: عن شيخهِ أبي إسحاقَ إبراهيمَ بنِ محمـدٍ الحافظِ، قال:وكـان مالـكٌ شديدَ البياضِ إِلى الشُّقرةِ، طويلاً، عَظِيمَ الهامةِ، أَصْلعَ([55]).

31ـ وقال عليُّ بنُ عبدِ العزيزِ: قال أبو عبدِ الرحمن ـ يعني: القَعنبيَّ([56]) ـ: رأيتُ مالكاً أبيضَ الرَّأسِ واللِّحيةِ([57]).

32ـ قال إبراهيمُ بنُ أبي داود البُرلُّسِيُّ: وسمعتُ عبدَ اللهِ بنَ يوسفَ قال: رأيتُ مالكاً لا يُغيّر، أبيضَ الرَّأسِ واللِّحيةِ([58]).

33ـ وذكر القاضي عياضٌ في صفتهِ ما عَزاهُ إلى مُطَرِّفٍ وإسماعيلَ ـ يعني: ابنَ أبي أُويْسٍ ـ والشافعيِّ، وبعضهم يَزيد على بعضٍ، قالوا: كان طُوالاً، جَسِيْماً، عَظيمَ الهامةِ [8/ب]، أَبيضَ الرَّأسِ واللِّحيـةِ، أَشدَّ البياض إلى الصُّفرةِ، أعْيَنَ([59])، حَسنَ الصُّورةِ، أَصْلعَ، أَشَمّ([60])، عَظيمَ اللِّحيةِ تَامَّهَا تَبْلُغُ صَدرهُ، ذاتَ سَعَةٍ وطُولٍ، وكان يَأخُذُ إِطارَ شَاربهِ ولا يَحْلِقهُ ولَا يُحْفِيهِ، ويَرى حَلْقهُ من المُثْلَةِ، وكان يَتركُ له سَبلَتينِ([61]) طَويلتينِ، ويَحتجُّ بِفتلِ عمرَ لشاربهِ إذا أَهمَّهُ أَمرٌ([62]). ووصفهُ أبو حنيفةَ: أَزْرَقَ، أَشْقرَ.

34ـ وقـال القاضي عياضٌ أيضاً: وقـال مصعب الزُّبيريُّ: كان مالكٌ من أَحسنِ النَّاسِ وجهـاً، وأَجْلَاهُم عَيناً، وأَنْقَاهُم بَياضـاً، وأَتـمّهم طُولاً، في جَودةِ بَدَنٍ. ذكرهُ في كتابهِ «ترتيب المدَارك»([63]). ومع بهاءِ منظرِ مالكٍ وحُسْنِ شكلِه كانَ ذَا مَهَابةٍ وجلالةٍ، وزُهدٍ وعبادةٍ.

[حاله وخُلقه]:

35ـ قال الزُّبير بنُ بَكَّارٍ: حدثني عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ بنِ القاسمِ وجماعةٌ سَمَّاهُم، قالـوا: كـان جُلسـاءُ مالـكِ بـنِ أنـسٍ كـأنَّ علـى رُؤُوْسـهِمُ الطَّـيرُ([64]) تَزمُّتـاً ووقَاراً([65])، وكـان إذا سُئِلَ عَن المسألةِ فقال فيهـا، لم يَجْتَرِئْ أَحدٌ أَنْ يَسْألهُ من أَينَ رَأَى ذلك. 

36ـ وقال أبو عبدِ اللهِ محمـدُ بنُ أحمدَ القَطَّانِ بنِ شَاكرٍ([66]) في كتابهِ «فضائلِ الشافعيِّ»: حدثنا مُؤمَّلُ بنُ يحيى بنِ مهدِيٍّ أَخُو أبي الذِّكْرِ محمدٍ بنِ يحيى بنِ مَهْديٍّ المُعَدَّل، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ القَزْوِيْنيُّ، حدثنا أبو طَاهِرٍ محمدُ بنُ عبدِ الغَنيِّ، حدثنا أبي قال: قال لي أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ إِدريسَ الشافعيُّ:

كان مالكُ بنُ أنسٍ شديدَ الهيبةِ، كثيرَ الصَّمتِ، لا يكادُ يَتكلَّمُ إلَّا أَنْ يُسْألَ، وربَّما سُئِلَ فصمتَ كـثيراً، حتَّى يتوهَّـم السَّائلُ أَنْ لا يُحْسنُ، ثم يُـجِيبهُ بعدَ مُدّةٍ، فإذا أجابَ فرحَ السَّائلُ بجوابهِ واستَغْنَمهُ، وربَّما احْتاجَ أَنْ يَسْتفْهمهُ، فَمنْ هيبتـهِ يَسْكتُ. 

37 ـ وقال محمدُ بنُ الحسنِ الآبُرِّيُّ([67]): حدثنا أبو عمرو أَحمَدُ بنُ محمدٍ الحِيْرِيُّ النَّيْسَابوريُّ، سمعتُ أبـا أحمـدَ محمدَ بنَ عبدِ الوهَّابِ النَّيْسَابورِيَّ، سمعتُ أبـي يقول: كُنَّا نأتِي مالكَ بنَ أنسٍ، فَيجلِسُ في دِهْلِيزٍ([68]) له، وتجِيءُ بنُو هاشمٍ فتجلسُ على مَنَازِلـها، ويـجِيءُ جاريةٌ له بِمراوحَ فتَنبِذُهَا، فيأخُذُ النَّاسُ فيتَروحُونَ /[9/أ] بالمراوحِ، فيقول الشيخُ بِالمِصْراعِ هكذا فَيَفتَحهُ، فينظرُ إلى قريشٍ كأنَّ على رُؤُوسهَا الطَّيرُ إذا خرجَ، يعني: مالكاً.

قال أبو أحمد([69]): وفيه قال الأُولُ، يعني: في مالكِ بنِ أنسٍ ومجلسهِ وهيبتهِ:

يَأْبَى الجَواب فَمَا يُراجَعُ هَيْبَةً

والسَّائلُونَ نَواكِسُ الأذْقَانِ

أدَبُ الوقَارِ وعزُّ سُلْطَانِ التُّقَى

فهو المُطَاعُ وليسَ ذا سُلْطانِ([70])

 38 ـ وقال الحافظ أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ([71]): حدثنا أبو الطَّيِّبِ محمدُ بنُ أحمدَ بنِ الحسنِ المَنَادِيليُّ، حدثنا محمدُ بنُ عبدِ الوهَّابِ بنِ حبيبٍ العَبدِيُّ،سمعتُ أبي يقول: كنَّا نأتِي مالكَ بنَ أنسٍ، نجلسُ في دِهْلِيزٍ له وعليه مِصْراعان، فتجِيءُ هاشمٌ فتجـلسُ، وتَجـيءُ قريشٌ فتجلسُ على مَنَازِلهـا، ثـم نَجـيءُ نحـنُ فنجلسُ، وتَخرجُ جاريةٌ لنا بالمراوحِ، فيأْخذُ النَّاسُ يتَروحُونَ، فَيقولُ الشيخُ بِالمصْرَاعِ فَيَفْتحهُ، فيخرجُ، فَنَنظرُ إلى قريشٍ كأنَّمَا على رُؤُوسِها الطَّيرُ إذا نَظروا إليهِ إِجلالاً، قال: وفي ذلك يقولُ الشَّاعرُ:

يَأْبَى الجَوابَ فَمَا يُراجَعُ هَيْبَةً

والسَّائِلُونَ نَواكِسُ الأذْقَانِ

أدَبُ الوقَارِ وعزُّ سُلْطَانِ التُّقَى

فهو المُطَاعُ وليسَ ذا سُلْطانِ([72])

39ـ وقد روى هذا الشِّعر بنحوِهِ فيما قال الحافظ محمدُ بنُ المُظَفَّرِ([73]): حدثنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ عمرِو بن جابر، حدثنا عبيد بنُ محمدٍ الكِشْورِيُّ، حدثني عليُّ بنُ إسماعيلَ:

 أخبرني عَمْرُو بنُ عثمانَ بنِ أبي قَبَاحَةَ الزُّهْرِيُّ، قال: دخل شاعرٌ على مالكِ ابنِ أنسٍ فمدحَهُ:

يَدَعُ الجَوابَ فَلَا يُجاوِبُ هَيْبَةً

والسَّائِلُونَ نَواكِسُ الأذْقَانِ

نُورُ الوقَارِ([74]) وعزُّ سُلْطَانِ التُّقَى

فهو المَهِيبُ ولَيسَ ذا سُلْطانِ([75])

هذا الشَّاعرُ صاحبُ البيتينِ هو عبدُ اللهِ بنُ سالمٍ الخيَّاطُ([76]).

40 ـ وقال الحافظُ أبو الشيخِ عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ جعفرِ بنِ حَيَّانَ([77]): حدثنا زكريّا بنُ يحيى السَّاجِيُّ:

حدثنـا/ [9/ب ] أبـو عاصمٍ يونسُ بنُ دينارٍ قال: أنشدنِي بعضُ أصحابِنا المدنِيِّينَ في مالكٍ:

يَدَعُ الجَوابَ فَلَا يُراجَعُ هَيْبَةً

والسَّائِلُونَ نَواكِسُ الأذْقَانِ

أدَبُ الوقَارِ وعزُّ سُلْطَانِ التُّقَى

فهو المُطَاعُ ولَيسَ ذا سُلْطانِ([78])

41 ـ وقـال أبـو الحسنِ عليُّ بنُ عمرَ الدَّارَقُطْنِيُّ([79]): حدثني أحمدُ بنُ محمدِ ابنِ عبيدِ بنِ عبدِ المؤمـنِ بمصرَ، حدثنا أبـو عمرو الدِّمشقيُّ عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ دَيْزَوَيْهِ، حدثنا عبدُ الواحِـدِ بنُ أَبي عُسَيْلَةَ([80])، حدثنا أحمدُ ابنُ محمدٍ الجُمَحِيُّ([81])، حدثنا إبراهيمُ بنُ مَهْدِيٍّ: سمعتُ مالكاً يقولُ: «لو أَعلمُ أنَّ قلبي يَصْلُحُ على كُنَاسةٍ لَذهبتُ حتَّى أَجلسَ عليها ([82])»([83]).

[بيان الكلام عن الحديث الوارد في فضل الإمام مالك والخلاف فيه]:

ومن فضائلِ الإمامِ مالكٍ أنَّه في قولِ من يُعتمدُ عليه عالمُ المدينةِ، المُشارُ في ذلك الحديث إليه، وهو ما:

42 ـ أخبرنا أبو محمد عبدُ القادر بنُ إبراهيمَ الحَرِيْرِيُّ وعَليُّ بنُ إسماعيلَ المُؤَذِّنُ وغيرهما بقراءتِي عليهم.

قال الأوّلُ: أنبأَتنَا زينبُ ابنةُ الكـمالِ أحمدَ، أخبرنا عبدُ الخالقِ بنُ الأنْجَبِ كتابةً من مَاردِينَ([84]).

وقال الباقـونَ: أخبرنا عمرُ بنُ الحسنِ المَرَاغِيُّ قراءةً عليه ونحنُ نسمعُ، أخبرنا عليُّ بنُ أحمـدَ السَّعْديُّ، أخبرنا عمرُ بنُ محمدٍ الدَّارَقَزِّيُّ. قال هو وابنُ الأنْجَبِ: أخبرنا عبدُ الملكِ بنُ أبي القاسمِ.

قال الدَّارَقَزِّيُّ وابنُ الأنْجَبِ إجـازةً: أخبرنـا محمودُ بنُ القاسمِ، وأحمدُ بنُ عبدِ الصَّمدِ، وعبدُ العزيزِ بنُ محمدٍ سماعاً، قالوا: أخبرنا عبدُ الجبَّارِ بنُ محمدٍ، أخبرنا محمـدُ بنُ أحمـدَ بنِ مَحبُوبٍ، أخبرنا محمـدُ بنُ عيسى التِّرْمذيُّ، حدثنا الحسنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، وإسحاقُ بنُ موسى الأَنصاريُّ قالا: حدثنا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن ابـن جُرَيْجٍ([85])، عن أبـي الزُّبير([86])، عن أبي صالح([87]): عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه روايةً([88]): «يُوشكُ أَنْ يَضربَ النَّاسُ أَكْبـادَ الإبلِ([89])، يَطلبـونَ العلمَ فَلا يجِدُونَ أَحداً أَعلمَ من عالِـمِ المدينةِ»([90]).

هذا حديث حسنٌ([91])، وهو حديث ابن عُيينةَ.

ـ وقد رُوي عن ابن عُيينةَ أنَّه قال في هذا([92]): من عَالِـمُ المدينةِ؟([93]) إنَّه مالكُ [10/أ] بنُ أنسٍ([94]).

قال([95]) إسحـاقُ بنُ موسى: وسمعتُ ابنَ عُيينةَ قال: هو العُمَرِيُّ الزَّاهدِ، واسمُه: عبدُ العزيزِ بنُ عبد الله.

وسمعتُ يحيى بنَ موسى يقول: قال عبدُ الرَّزاقِ: هو مالكُ بنُ أنسٍ. قالهُ التِّرمذيُّ([96]).

وعبدُ العزيزِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخَطَّابِ العُمريُّ المذكورُ إنَّما هُو: والدُ الزَّاهدِ، واسمُه: عبدُ اللهِ بنُ عبدِ العزيزِ، فكأنهُ انقلبَ على من سمَّاهُ كما تَقدَّم([97])، واللهُ أعلمُ.

43 ـ وقولُ عبدُ الرَّزّاقِ هذا، رواهُ بنحوهِ الحافظ أبو عبدُ اللهِ محمدُ بنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانيُّ الرَّازيُّ([98])، نزيلُ عَسقلانَ في «فوائدهِ»([99])، فقال: أخبرنا عبدُ الرَّزاقِ، عن ابنِ عُيينةَ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن أبي الزُّبير، عن أبي صالحٍ: عن أبي هريرةَ رضي الله عنه فيما أَحسِبُ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُوْشكُ النَّاسُ أَنْ يَضربُوا آبَاطَ الإِبلِ يَطْلُبونَ العلمَ، فَلا يَجِدُوْنَ عَالِـماً أَعلمَ مِن عالِـم أهلِ المدينةِ».

قال عبدُ الرَّزّاقِ: فَكُنَّا نَرى أنَّه مالكُ بنُ أنسٍ([100]).

44 ـ وأخبرنا أبو هريرة عبدُ الرحمـن بنُ الذَّهَبيِّ، أخبرنا محمدُ بنُ أبي بكرِ ابنِ عثمانَ بنِ مُشْرقٍ الكَتَّانيُّ، حدثنا الإمامُ أبو العباس أَحمَدُ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الغَنيِّ المَقْدسيُّ، أخبرتنـا عينُ الشَّمسِ بنتُ أحمـدَ بنِ أبي الفَرجِ الثَّقفيَّةُ، أخبرنـا أبو بكرٍ محمدُ بنُ عليِّ بنِ أبي ذَرٍّ الصَّالحَانيُّ، أخبرنا أبو طَاهرٍ محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ الرَّحيمِ، أخبرنـا عبدُ اللهِ بنُ محمدِ بـنِ جعفرِ بنِ حَيَّانَ، حدثنـا إسحـاقُ بنُ أحمـدَ، حدثنا عبدُ الرحمن بـنُ بشْـرِ ابـنِ الحَكـمِ، حدثنـا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن ابنِ جُرَيجٍ، عن أبي الزُّبـير، عـن أبـي صالـح، عن أبـي هريرةَ رضي الله عنـه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «يُوْشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ الإِبلَ، فَلا يـَجِدُونَ أَعلمَ من عالِـمِ المدينةِ»([101]). تابعهُم عمـرو بـنُ عليٍّ الفَلَّاسُ([102])، وعبـدُ الرحمـن بنُ مَهـدِيٍّ([103])، وإبراهيـمُ بنُ محمدٍ الشّافعيُّ([104])، وإبراهيمُ بنُ بَشَّارٍ([105])، وأبو حامدٍ أحمدُ بنُ محمدٍ الشَّرْقِيُّ([106])، وأبو يحيى محمدُ بنُ سعيـدِ بنِ غالبٍ [10/ب] العَطَّارُ([107]) وغَيرُهُم([108])، عـن سفيانَ. ومنهم: نُعيمُ بنُ حمَّادٍ([109])، وفي آخرِ حديثهِ عن سفيانَ، قال نُعَيمُ بنُ حمَّادٍ: فسمعتُهُ أكثرَ من ثلاثينَ مرّةً يقول: إِنْ كان أحدٌ فهو العُمريُّ([110])، واللهُ أعلم.

45 ـ وخَرَّجَ الحديث أبو عبدِ الرحمن النَّسَائيُّ، عن عليِّ بنِ محمدِ بنِ عليٍّ، عن محمدِ بنِ كثيرٍ، عن سفيـانَ ابنِ عُيينةَ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن أبي الزِّنَادِ، عن أبي صالح بهِ ([111]).

وقولُه: «عن أبي الزِّنادِ»: عُدَّ خطأً، وصوابُه: «عن أبي الزُّبير» كما تَقدَّمَ من روايةِ جماعةٍ، عن سفيانَ([112]).

لكن له عِلَّةٌ:

46 ـ قال الحافظ أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ الذَّهَبِيِّ: فيما وجَدتُه بخطِّهِ: وقال لي أبو الحجَّاجِ المِزِّيُّ: إنَّ مُسلِماً سألَ البخاريَّ عن هذا الحديث، فقال له: لم يَسمَعهُ ابنُ جُرَيْجٍ من أبي الزُّبَيْرِ([113])، فقام مُسلم وقبَّلَهُ. 

47ـ وقال أبـو بكـرٍ أحمـدُ بنُ أبي خَيْثمـةَ في «تاريخِـه»: حدثنـا يحيـى بـنُ عبـدِ الحمـيدِ([114])، حدثنا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن ابنِ جُرَيجٍ، عن أبي الزُّبير، عن أبي صالح:

عَن أبي هريرةَ رضي الله عنه يَبلُغُ بهِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: «يُوْشِكُ أَنْ يَأْتيَ على النَّاسِ زَمانٌ يَضرِبُـوا أَكْبـادَ الإبلِ يَطْلُبُـونَ العلمَ، فلا يَـجِدُوْنَ عَالِـماً أَعلمَ من عَالِـمِ المدينةِ»([115]).

48ـ وحدثناهُ الوليدُ بنُ شجـاعٍ، حدثنـا المُحارِبيُّ، حدثنا ابنُ جُرَيجٍ، عن أبي الزُّبير، عن أبي صالحٍ الزَّيَّاتِ: عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: «يُوْشِكُ النَّاسُ أَنْ يَضرِبُوا أَكْبادَ الإِبلِ يَطْلبُونَ العلمَ، فلا يَجِدُوْنَ عَالِماً أَعْلمَ من عَالِـمِ المدينةِ»([116]). 

49 ـ وسمعتُ([117]) يحيـى بـنَ مَعينٍ وذُكِرَ لـه قـولُ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «يُوْشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّـاسُ أَكْبـادَ الإِبـلِ يَطْلبُونَ العِلْمَ، فلا يَـجِدُوْنَ عَالـِماً أَعْلمَ مـن عَالـِمِ المدينةِ»، فقال يحيى بنُ مَعينٍ: سمعتُ سفيـان بنَ عُيينةَ يقول: نَظنُّ أنَّه مالكُ بنُ أنسٍ([118]).

وقال سفيانُ بنُ عُيينةَ في عقبِ الكلامِ: مَنْ نَحنُ عندَ مالكٍ؟! إنَّما كُنَّا نَتَّبعُ آثارَ مالكٍ، ونَنظرُ إلى الشيخِ، إِنْ كان كتبَ عنهُ، وإلَّا تَركْنَاهُ([119]).

50 ـ وقـال أبو أحمـدَ عبدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ الحافظُ([120]): حدثنا أحمدُ بنُ الحسينِ الصُّوفِيُّ، حدثنا أبو موسى [11/أ ] إسحاقُ بنُ موسى الأنصاريُّ، قال: بَلغني أنَّ ابنَ جُرَيْجٍ كان يقولُ: نَرى أنَّه مالكُ بنُ أنسٍ.

يعني: «عَالِـمَ المدينةِ» المشارَ إليهِ في الحديث المذكورِ([121]).

51 ـ وأنبأنا عِدَّةٌ، منهم: محمدُ بنُ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النِّعَاليُّ، عن أحمدَ بنِ أبي طالبٍ وغيره: أنَّ جعفرَ بنَ أبي الحسنِ المُقْرِيَّ أَنبأهُم: أخبرنا القاضي أبو محمد عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرحمن الدِّيْبَاجِيُّ بقراءتي عليه، أخبرنا محمدُ بنُ منصُورٍ الحُرْضِيُّ وجعفرُ بنُ إسماعيـلَ المُقرِئُ قـالا: أخبرنـا أحمدُ بنُ سعيـدِ بنِ نَفِيْسٍ، أخـبرنا أبو القاسم عبدُ الرحمن بنُ عبدِ اللهِ الغَافِقيُّ المصريُّ، حدثنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ أحمدَ بنِ الأصْبَغِ، حدثنا هاشمُ بنُ مَرْثَدٍ، حدثنا إبراهيمُ بنُ المنذرِ الحِزَامِيُّ، حدثنا سفيانُ بنعيينة، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن أبي الزُّبير، عن أبي صالحٍ:

عَن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُوْشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبلِ يَطْلُبُونَ العلمَ، فلا يَـجِدُوْنَ عَالـِماً أَعلمَ من عَالِـمِ المدينةِ»([122]).

52 ـ وبالإسنادِ إلى الغَافِقيِّ([123]) قال: حدثنا أبو بكرِ بنُ([124]) الأصْبَغِ([125])، حدثنا هاشمُ بنُ مَرْثَدِ بنِ جَنَّادٍ، حدثنا مصعبُ بنُ عبدِ اللهِ الزُّبيريُّ قال:

قال سفيانُ بنُ عُيينةَ: نرى أنَّه مالك بنُ أنسٍ رحمهُ اللهُ([126]).

وللحديث شاهدٌ عن أبي موسى الأشْعَرِيِّ رضي الله عنه.

53 ـ قال الحاكمُ أبو أحمـدَ محمـدُ بنُ محمدِ بنِ إسحاقَ الحافظُ([127]): أخبرنا أبو عَرُوْبَـةَ الحسينُ بـنُ أبـي مَعْشَرٍ السُّلَميُّ بحَرَّانَ ([128])، حدثنـا أحمـدُ بـنُ المُباركِ الإسماعِيْليُّ، حدثنا أبو مُسلمٍ المُسْتَمْليّ ـ يعني: عبدَ الرحمن ابنَ يُونسَ ـ، حدثنا مَعنُابنُ عيسى، حدثني زُهيرُ بنُ محمدٍ أبو المُنذر، حدثني عبيدُ اللهِ بنُ عمرَ، عن سعيد ابنِ أبي هندٍ: عن أبي موسى الأشْعريِّ رضي الله عنه، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ نَاسٌ من المَشْرقِ والمـَغْربِ في طلبِ العلمِ، فلا يَجِدُوْنَ عَالـِماً أَعلمَ من عَالِـمِ المدينةِ»([129]).

54 ـ ورواهُ أبـو عبـد اللهِ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحَاكمُ فقـال: حدثنا أبو النَّضْرِ الفقيهُ وأبو الحسنِ أحمدُ بنُ محمدٍ [11/ب] العَنْزِيُّ، حدثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارميُّ، حدثنا أبو مُسلـمٍ عبدُ الرحمن بنُ يُوْنسَ المُسْتَمْليّ، حدثنا مَعنُ بنُ عيسى، حدثني زهيرٌ أبو المُنذرِ التَّمِيْمِيُّ، حدثنا عبيدُ اللهِ بنُ عمرَ، عن سعيدِ بنِ أبي هندٍ:

عن أبي موسى الأشْعَرِيِّ رضي الله عنه: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ نَاسٌ من الـمَشْرقِ والـمَغْربِ في طلبِ العلمِ، فلا يَـجِدُوْنَ عَالِـماً أَعلمَ من عَالِـمِ المدينةِ»، أَو قال: «عَالـِم أهلِ المدينةِ»([130]).

55 ـ ورواهُ أبو أحمد بنُ عبدِ اللهِ بنِ عَدِيٍّ الحافظُ، عن عمرَ بنِ سِنانٍ، عن يعقوبَ بنِ حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ، عن مَعنِ بنِ عيسى، فذكرهُ بنحوهِ([131]). وقال: لا أعلمُ روى هـذا الحديث عـن عبيـد اللهِ بنِ عمرَ غيرُ زهيرٍ، ولا عن زهيرٍ غَيرُ مَعنِ بنِ عيسى([132]). انتهى.

56 ـ ورواهُ عن مَعنٍ أيضاً: ذُؤَيْبُ بنُ عِمامةَ السَّهْميُّ([133]). (

الأعلام