جاري التحميل

علي بن زياد العبسي التونسي أبو الحسن

عليُّ بنُ زيادٍ العَبْسيُّ التُّونسيُّ أبو الحسنِ

ترجم له الإمام ابن ناصر الدين في كتابه إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك والذي صدر عن دار المقتبس في طبعته الأولى سنة 1439هـ - 2018م بتحقيق الدكتور إبراهيم حمود إبراهيم،

فقال :

 

[اسمه: ] عليُّ بنُ زيادٍ العَبْسيُّ([1])، التُّونسيُّ، أبو الحسنِ.

[ولادته: ] ولِدَ بِأَطرَابلسَ، ثم انتقل إلى تونسٍ فسكنها([2]). وكان فقيهاً، ثقةً، مأموناً، عابداً، خاشعاً([3]).

وروى عن مالكٍ «الموطَّأَ»([4]).

وهو شيخُ سُحْنُونَ تفقّه بهِ ([5]).

وقال أسدُ بنُ الفراتِ: كان عليُّ بنُ زيادٍ من نُقَّادِ أصحابِ مالكٍ، وقال: إنِّي لأدعـو في أدبارِ صلاتي لمعلِّميَّ، وأَبْدَأُ بعليِّ بنِ زيادٍ؛ لأنه أوَّلُ من تعلّمتُ منه العلمَ([6]).

[وفاته: ] مات عليُّ بنُ زيادٍ سنةَ ثلاثٍ وثمانِينَ ومائةٍ([7]).

وله كتبٌ على مذهبِ مالكٍ، منها كتابُه اسمُه «خيرٌ من زِنَتِهِ»([8]).

وفي أصحابِ مالكٍ آخرُ اسمُه عليُّ بنُ زيادٍ أبو الحسنِ، وهذا إسكندرانيٌّ معدودٌ في المصريِّين، ويُعـرفُ بالمحتسبِ([9])، وهو الرّاوي عن مالكٍ لـمَّا سُئِلَ عمَّا نُسب إليه أنَّه يُجيزُ وَطْءَ النِّساءِ في أَدْبَارِهنَّ.

فقال مالكٌ: كَذَبُوا عليَّ، عَافَاكَ اللهُ(1).

*  *  *([10])

 



([1])   ينظر في ترجمتـه: «فتـح الباب في الكـنى والألقاب» (ص231)، «الانتقاء» (ص60)، «طبقاتالفقهاء» (ص156) «الإكمال»: (1/524)، «ترتيب المدارك» (1/185ـ187)، «المنتظم»: (9/85)، «سير أعلام النبلاء»: (8/84)، «تاريخ الإسلام»: (12/304)، «الوافي بالوفيات»: (21/82)، «الديباج المذهـب» (ص192 ـ 193)، «شجرة النور الزكية»: (ص60). مقدمة الجزء المطبوع من موطأ ابن زياد للشيخ محمد الشاذلي النيفر (ص29 ـ 50).

([2])   قاله عياض في «ترتيب المدارك» (1/185).

([3])   نقل عياض هذا القول كاملاً عن أبي العرب التميمي في «ترتيب المدارك» (1/186).

ووثقـه الذهبي في «تاريخ الإسلام»: (12/304)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (ص 192).

([4])   قال بذلك جمعٌ من العلماء ممن ترجم له، منهم: ابن منده في «فتح الباب في الكنى والألقاب» (ص231)، وابن ماكولا في «الإكمال»: (1/524)، والشيرازي في «طبقات الفقهاء»: (ص156) والقاضـي عيـاض فـي «ترتيب المـدارك»: (1/90)، وابـن الجوزي في «المنتظم»: (9/85)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء»: (8/84)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (ص192)، والسيوطي في تنوير الحوالك (1/11).

ونقل عياض عن أبي سعيد بن يونس في «ترتيب المدارك» (1/113) قال: هو أول من أدخل «الموطأ» وجامع سفيان المغربَ، وفسر لهم قول مالك ولم يكونوا يعرفونه، وكان قد دخل الحجاز والعراق في طلب العلم.

وقال القاضي عياض أيضاً: روى عن مالك... وكان أهل العلم بالقيروان إذا اختلفوا في مسألة كتبـوا بها إلى علي بن زياد ليعلمهم بالصواب، وكان خير أهل أفريقية في الضبط للعلم.

ونقل الذهبي في «تاريخ الإسلام»: (12/304) عن أسد بن الفرات قال: كان علي بن زياد من أكابـر أصحاب مالك. وينظر: «الإكمال»: (1/524)، «المنتظم»: (9/85). «الديباج المذهب»: (ص192).

قلت: وهناك قطعة من رواية علي بن زياد للموطأ مطبوعة، بتحقيق الشيخ محمد الشاذلي النيفر، طبعته دار الغرب الإسلامي، ببيروت، سنة (2005م).

([5])   قاله الشيرازي في «طبقات الفقهاء»: (ص156)، ونقله عنه عياض في «ترتيب المدارك»: (1/186) وقال: وكان سحنون لا يقدم عليه أحداً من أهل أفريقية.

([6])   نقله القاضي عياض عن أسد بن الفرات في «ترتيب المدارك»: (1/186).

([7])   نقله ابن ماكولا في «الإكمال»: (1/524) عن ابن يونس، وقاله ابن فرحون في «الديباج المذهب» (ص 193). وقال الزركلي في «الأعلام» (4/289): قبره معروف في تونس إلى الآن.

([8])   ذكره الشيرازي في طبقات الفقهاء (ص156).

ونقل القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (1/186) عن سحنون قال: كتاب «خيرٌ من زِنَتِهِ» أصله لابن أشرس، إلا أنا سمعناه من ابن زياد... وهو ثلاثة كتب: بيوع، ونكاح، وطلاق، وسماعه من مالك ثلاثة كتب.

وقال أبو الحسن بن أبي طالب القيرواني: إنَّ علي بن زياد لما ألف كتابه في البيع لم يدرِ ما يسميه به، فقيل له في المنام سمه: كتاب «خيرٌ من زِنَتِهِ».

ورأى حبيب أخو سحنون في منامه، خُذْ كتاب «خيرٌ من زِنَتِهِ ذهباً».

وقـال الذهبي في «تاريخ الإسلام»: (12/304): وصنـف في الفقه... فذكره، وقال: يشتمل على البيوع والأنكحة.

وقال ابن فرحـون في «الديباج المذهب» (ص 192): روى عن مالك «الموطأ»، وكتباً وهي: بيوع ونكاح وطلاق، سماعه من مالك الثلاثة.

([9])   أبو الحسن علي بن زياد بن عبد الملك الإسكندراني، المُحْتَسِبْ، مولى بني سهم. روى عنه: محمد بـن الوزير، وسعيد بن أبي مريم، ويونس بن عبد الأعلى، روى عن مالك وغيره. قال القاضي عياض: من رواة مالـك المشهورين، من أهل الخير والزهد، ولم يشتهر في الفقهاء من أصحابه، ولكن له رواية عن مالك في الحديث والمسائل.

            وكان زاهداً عابداً، له كتاب «الموجز»، وكتاب «التوحيد»، مات سنة (193ﻫ). ينظر في ترجمته: «فتح الباب في الكنى والألقاب» (ص231)، «ترتيب المدارك»: (1/270)، «تاريخ الإسلام»: (13/310 ـ 311).

([10])   ذكر القاضي عيـاض هذا الأثر في «ترتيب المدارك» (1/270) في ترجمة علي بن زياد، فقال: وهو روى عن مالك إنكار مسألة وطء النساء في أدبارهن، قال بعض رواة مالك: حضـرت علي بن زياد يسأل مالكاً، فقال: عندنا يا أبا عبد الله قوم بمصر يحدثون عنك أنك تجيز وطء النساء في أدبارهن! فقال مالك: كذبوا عليّ عافاك الله.

قلت: لعله من المناسب هنا الإشارة إلى مذهب المالكية في هذه المسألة وما نقل عن الإمام مالك رحمه الله في ذلك.

قال ابنُ الحاجبِ في «جامع الأمّهاتِ»: في كتاب النكاح (ص261): ويحل كل استمتاع إلا الإتيان في الدبر، ونسب تحليلـه إلى مالـك في «كتاب السـر» وهو مجهول، وعن ابن وهب: سألت مالكاً وقلت: إنهم حكوا عنك أنك تراه، فقال: معاذ الله، وتلا قوله تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ [البقرة: 223] وقال: لا يكون الحرث إلا في موضع الزرع.

قال القرافي في «الذخيرة في فروع المالكية» ، تحقيق محمـد حجـي، دار الغرب، بيروت، ط/ 1994م: (4/416): عقـد النكاح يبيح كـل استمتاع إلا الـوطء في الدبر، وقاله الأئمة، ونسبتـه إلى مالـك كـذب. قال ابن وهب: قلت لمالك: إنّهم حكوا عنك حله، فقال: معـاذ الله، أليس أنتـم قوماً عرباً، قلـت: بلى، قال: قال الله تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ [البقرة: 223] وهل يكون الحرث إلا في موضع الزرع أو موضع النبت؟. وقال إسرائيل بن روح: سألته عن إتيان النساء في أدبارهن، فقال: ما أنتم قوم عرب هل يكون الحرث إلا في موضع الزرع؟، ألا تسمعون الله يقول: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ [البقرة: 223]  قاعدة وقائمة وعلى جنبها ولا يتعدى الفرج. 

       قلت: يا أبا عبد الله إنهم ينقلون عنك حله، فقال: يكذبون علي، يكذبون علي، يكذبون علي.

رواه الدارقطني وقال له علي بن زياد: يا أبا عبد الله عندنا قوم بمصر يحدثون عنك أنَّك تجيز الوطء في الدبر، فقال: كذبوا علي. فالروايات متظافرة عنه بتكذيبهم وكذبهم عليه.

قال ابن جزيء المالكـي في «القوانين الفقهية» (ص 141): ويجوز للرجل أن يستمتع بزوجته وأمته بجميع وجوه الاستمتاع إلا الإتيان في الدبر فإنه حرام، ولقد افترى من نسب جوازه إلى مالك.

قـال الحطـاب في «مواهب الجليل لشـرح مختصر خليل»، دار الفكر، بيروت، ط2/ 1398ﻫ: (3/407): وأمـا الـوطء في الدبـر فالمشهور: أنه لا يجوز، والقول بالجواز منسوب لمالك في «كتاب السر»... أما «كتاب السر» فمنكر.

قال ابن فرحون: وقفت عليه فيه من الغض من الصحابة والقدح في دينهم ـ خصوصاًعثمان رضي الله تعالى عنه ـ ومن الحط على العلماء والقدح فيهم ونسبتهم إلى قلة الدين، مع إجماع أهل العلم على فضلهم ـ خصوصا ً أشهب ـ ما لا أستبيح ذكره، وورع مالك ودينه ينافي ما اشتمل عليه كتاب «السر» وهو جزء لطيف نحو ثلاثين ورقة. انتهى.

قال القرطبي في «المفهم» (4/157): وقد تواردت روايات أصحاب مالك عنه بإنكار ذلك القـول وتكذيبه لمن نقل ذلك عنه، وقد حكينا نص ما نقل عن مالك من ذلك في جزء كتبناه في هذه المسألة سميناه «إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار» وذكرنا فيه غاية أدلة الفريقين.

الأعلام