معـن بـن عيسى بن يحيى بن دينار الأشجعي
مَعْـنُ بـنُ عيسى بنِ يحيى بنِ دِينارٍ الأشْجَعِيُّ
ترجم له الإمام ابن ناصر الدين في كتابه إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك والذي صدر عن دار المقتبس في طبعته الأولى سنة 1439هـ - 2018م بتحقيق الدكتور إبراهيم حمود إبراهيم،
فقال :
مَعْـنُ بـنُ عيسى بنِ يحيى بنِ دِينارٍ الأشْجَعِيُّ([1])، مولاهُم، أبو يحيى، القَزَّازُ([2])، المدنيُّ، الثِّقةُ، المأمونُ.
روى عن: مالـكٍ، وابنِ أبي ذِئْبٍ، ومُعاويـةَ بنِ صالحٍ، ومَخْرَمَـةَ بنِ بُكَيْرٍ، وآخرينَ([3]).
وعنهُ: أحمدُ بنُ حنبل، ويحيى بنُ مَعينٍ، وعليُّ بنُ المَديْنيِّ، ومحمدُ بنُ رافعٍ، وإبراهيمُ بنُ المُنذرِ، وآخرُونَ([4]).
وهو فيما قال أبو حاتمٍ الرَّازيُّ: أَثبتُ أصحاب مالكٍ([5]).
وقال أبو الخطَّابِ عمرُ بنُ دِحْيَةَ([6]): وهو مـن أكبرِ مـن روى عـن مالـكٍ «الموطَّأ»([7])، قاله في كتاب «المسائلُ المُفيدةُ».
كانمَعْنٌ ربيبَ مالكٍ([8])، وكان مالك يتوكَّأُ عليه إذا خرجَ إلى المسجد، ولهذا كـان يقـال لـه: عُصَيَّةُ مالكٍ([9])، وهـو الَّذي قرأَ عليه([10]) «الموطَّأ» لإسماع هارونَ الرَّشيد وبنيه([11])، كما تقدَّمتْ الرِّوايةُ بذلك([12]).
[وفاته: ]
توفي في شوالٍ سنةَ ثمانٍ وتسعِينَ ومائةٍ بالمدينةِ الشَّريفةِ رحمهُ اللهُ([13]).
94ـ أخبرنا أبو هريـرة عبدُ الرحمن بنُ الحافـظ أبي عبـدِ اللهِ محمدِ بنِ أحمدَ الذَّهبيّ، أخبرنا أبو محمد القاسمُ ابنُ المُظفَّرِ سماعاً، وأبو نَصرٍ محمدُ بنُ محمدِ بنِ أبي نَصرٍ الفَارسيُّ قراءةً عليه وأنا حاضرٌ قالا: أنبأنا محمدُ ابنُ إبراهيمَ المديْنيُّ، أخبرنا إسماعيلُ بنُ عليّ الحَمَّامِيُّ قراءةً عليـه وأنـا أسمـعُ في يومِ الأربعاءِ لأربعٍ بقينَ من المحرَّمِ سنةَ إحـدى وخمسِينَ وخمسِمائـةٍ، أخبرنـا أبو مسلمٍ محمدُ بنُ عليِّ بنِ محمدٍ المُفَسِّرُ /[16ـ ب]، أخبرنـا أبو بكـرٍ محمدُ بنُ إبراهيـمَ المُقْرِئُ، حدثنـا مأمونُ بنُ هارونَ، حدثنا الحسينُ ـ يعني: ابنَ عيسى ـ، حدثنـا مَعْنُ بنُ عيسى، عن مالكِ بنِ أنسٍ، عن العلاءِ، عن أبيه([14]): عن أبي هريرة: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «أَلَا أخبرُكُم بِمَا يَمحو اللهُ بـه الخَطايا، ويرفعُ بـه الدَّرجاتِ؛ إسْبَاغُ الوضوءِ([15]) عندَ المكارهِ([16])، وكَثْـرةُ الخُطَى إلى المساجـدِ، وانْتظارُ الصَّلاةِ بعـد الصَّلاةِ، فَذلـك الرِّباطُ، فَذلك الرِّباطُ([17])([18]).
هذا حديث صحيحٌ عالٍ. خرَّجهُ مسلمٌ في «صحيحهِ» من طُرقٍ إلى العلاءِ ابنِ عبدِ الرحمن، منها ما قال: حدثني إسحاقُ بنُ موسى الأنصاريُّ، حدثنا مَعْنٌ،حدثنا مالك، فذكرهُ مختصراً([19]).
فوقعَ لنا بدلاً له عالياً، ولِله الحمد.
95 ـ أنبأنا الحافظ أبو بكرٍ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ السَّعْدِيُّ، أخبرتنا سِتُّ الفُقهاءِ ابنةُ إبراهيمَ بنِ عليٍّ الواسِطِيِّ سماعاً، أنبأنا جعفرُ بنُ عليٍّ، أخبرنا أبو طاهرٍ أحمدُ بنُ محمدٍ الحافظُ قراءةً عليه وأنا أسمعُ، أخبرنا أبو عليٍّ أحمدُ بنُ محمدٍ البَردَانِيُّ الحافظُ، والمباركُ بنُ عبدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ بقراءتي عليهما بدارِ السَّلامِ، قالا: حدثنا إبراهيم ابنُ هَنَّادُ النَّسَفِيُّ، أخبرنا أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ أحمدَ الغُنْجَارُ الحافظُ ببُخارى، أخبرنا خَلـفُ بنُ محمدٍ([20])، حدثنا أبـو عصمـةَ أحمدُ بنُ محمدٍ السكُرِيُّ([21])، قال: سمعتُ عبدَ اللهِ بنَ حَمَّادٍ، يقول: سمعتُ إبراهيمَ بنَ المنذرِ، يقول:
سمعتُ مَعْنَ بنَ عيسى، يقول: قلت لمالـكِ بنِ أنسٍ: يا أبا عبدِ اللهِ! كيف لم تَكتُب عن النَّاسِ، وقد أدرَكتهُم مُتوافرِينَ؟ قـال: «أَدْركتُهمْ مُتَوافرينَ، ولكـن لا أَكتُب إلَّا عَنْ رجلٍ يعرِفُ ما يخرجُ من رأْسه»([22]).
96 ـ وقال أبو يوسفَ يعقوبُ بنُ سفيانَ الفَسَوِيُّ الحافظُ: حدثنا إبراهيمُ ابنُ المنذرِ، حدّثني مَعْنُ بنُ عيسى، قال: كان مالك بنُ أنسٍ يقول: «لا تَأخذ العلمَ من أَربعةٍ، وخُذْ ممَّنْ سِوى ذلك: لا تَأخذ من سفيهٍ مُعلنٍ بِالسَّفَهِ، وإِنْ كان أَرْوى النَّاسِ، ولا تأخُذ من كذَّابٍ يَكذِبُ في أحاديثِ النَّاسِ، إذا جُرِّب/[17ـ أ] ذلك عليه، وإِنْ كان لا يُتَّهمُ أَنْ يكْذبَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولا من صاحبِ هوى يَدعُو النَّاسَ إلى هَواهُ، ولا من شيخٍ له فضلٌ وعبادةٌ، إذا كان لا يعرفُ ما يُحدِّثُ بهِ ِ».
قال إبراهيمُ بنُ المنذرِ: فذكرتُ هذا الحديث لِمُطَرِّفِ بنِ عبدِ اللهِ اليَسَارِيِّ مولى زيد بنِ أَسْلمَ، فقال:
ما أدري ما هذا؟ ولكن أَشهدُ لَسمعتُ مالكَ بنَ أنسٍ يقول: «لقد أَدركتُ بهذا البلدِ ـ يعني: المديْنةَ ـ مشْيخةً لَـهم فَضلٌ وصلاحٌ وعبادةٌ يُحدِّثُونَ، ما سمعتُ من واحدٍ منهُم حديثاً قَطُّ»، قيل له: ولِـمَ يا أبا عبدِ اللهِ؟ قال: «لَم يَكُونُوا يعرفونَ ما يُحدِّثُونَ»([23]).
مُطَرِّفٌ منسوبٌ إلى جـدِّهِ يَسارٍ، مولـى ميمُونَةَ أمِّ المُؤمنِينَ([24]) كـما سيأتـي ذكرُهُ([25]) إِنْ شـاء اللهُ تعالى، وما ذُكِرَ هنـا أنَّه مولى زيـد بن أَسلَمَ غيرُ معروفٍ([26])، والله أعلم.
* * *
([1]) ينظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» لابن سعد: (5/437)، «التاريخ الكبير» للبخاري: (7/390)، «الجـرح والتعديـل»: (8/277)، «الثقـات» لابـن حِبَّـان: (9/181)، «الانتقاء»: (ص61)، «التعديل والتجريح»: (2/726)، «ترتيب المدارك»: (1/212 ـ 213)، «تهذيـب الكـمال»: (28/336 ـ 340)، «الكاشـف»: (2/284)، «تذكـرة الحفـاظ»: (1/332)، «سـير أعلام النبلاء»: (9/304 ـ 306)، «تاريـخ الإسلام»: (13/ 406 ـ 407)، «الديباج المذهب»: (ص347)، «تهذيب التهذيب» (10/226)، «تقريب التهذيـب»: (ص 542)، «طبقـات الحفـاظ»: (ص144ـ145)، «شـذرات الذهب»: (1/355).
([2]) قال ابن سعد في «الطبقات الكبرى»: (5/437): وسمـي بـ «القزَّاز»: لأنه كان يُعالِجُ القَزَّ بالمدينة ويشتريه، وكان لهُ غلمانٌ حاكةٌ، وكان يشترِي ويُلقي إليهم.
([5]) قالـه في «الجـرح والتعديـل»: (8/278). وقـال ابـن حجـر في «تقريب التهذيـب» (ص 542): ثقةٌ ثبتٌ، أخرجَ لهُ الأئمة الستة.
([6]) عمـر بن حسن بـن أحمـد بن دحيـة بن خليفة، أبو الخطاب، الداني، السبتي، توفي سنة (633ﻫ)، لـه معرفةٌ جيدة بالحديث ولغته، ورجاله، وله تواليف منها: كتاب «المطْربُ من أشعار أهل المغرب». ينظر: «تاريخ الإسلام»: (46/157ـ 159)، «تذكرة الحفاظ»: (4/1420ـ 1423)، «كشف الظنون»: (2/1718)، «هدية العارفين»: (5/786).
([7]) ذكره في رواة «الموطَّأ»: ابن حبان في «الثقات»: (9/181)، وابن الأكفاني في «تسمية من روى الموطأ عن مالك» (ق201ـ أ)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك»: (1/213)، والمزي في «تهذيب الكمال»: (28/339)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء»: (9/304)، وابـن فرحـون في الديبـاج المذهـب (ص347)، وابـن حجـر في «تهذيب التهذيب»: (10/226)، والسيوطي في «تنوير الحوالك» (1/9).
([8]) «طبقـات الفقهـاء»: (ص154)، ونقلـه عنـه القاضـي عيـاض في «ترتيـب المدارك»: (1/212)، «الديباج المذهب»: (ص347).
([14]) واسمه عبد الرحمن بن يعقـوب الحُرَقي، أبو شِبْل المدني، صدوق، مات سنة (132ﻫ). ينظر: «التاريخ الكبير»: (6/508)، «تقريب التهذيب»: (ص435).
([15]) قال المباركفوري في «تحفة الأحوذي»: (1/141): أي: إتمامهُ وإكمالهُ باستيعاب المحلِّ بالغَسل، وتطويل الغُرة وتكرار الغسل ثلاثاً.
([16]) قال المباركفوري في «تحفة الأحوذي»: (1/141): جمعُ مَكرهٍ: أي: يتوضأ مع برد شديد وعلل يتأذى معها.
([17]) قال النووي في «شرحه على صحيح مسلم»، دار إحياء التراث العربي، بيـروت، ط2/ 1392م: (3/ 141): وأصل الرباط الحبس على الشيء، كأنه حبس نفسه على هذه الطاعة.
قال المباركفوري في «تحفة الأحوذي»: (1/142): يعني أن المواظبة على الطهارة ونحوها كالجهاد.
([18]) وتابع معناً جماعة عن مالك منهم:
أ ـ يحيى بن يحىى الليثي بروايته للــ«موطأ» في كتاب النداء للصلاة، باب: انتظار الصلاة والمشي إليهـا (3/162) رقـم (7729). ورواية: عبد الله بن وهب عند ابن خزيمة في «صحيح ابن خزيمة، تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1970 م»: (1/6).
ب ـ وعبد الرزاق بن همام في «مصنفه»: (1/520)، ومن طريقه خرجه أحمد بن حنبل في «مسنده»: (2/277).
ج ـ وإسحاق بن عيسى الطباع عند أحمد بن حنبل في «مسند أحمد، أحمد بن حنبل، مؤسسة قرطبة، مصر»: (2/303)، وأبي عوانة في «مسنده»: (1/196)، والترمذي في «سننه»: (1/72) برقم (39).
د ـ وقتيبة بن سعيد عند النسائي في «سننه»: (1/89) برقم (143).
ﻫ ـ وعبد الله بن نافع الصائغ، ومطرف بن عبد الله عند أبي عوانة في «مسنده»: (1/196).
وهناك متابعات أخرى لم أطل بذكرها، فالحديث مخرَّج في «الصحيح».
([20]) خلف بن محمد الخيام البخاري، أبو صالح، مشهور، أكثر عنه ابن منده. قال الحاكم: سقط حديثـه بروايـة حديث: نهى عن الوقاع قبل الملاعبة. وقال أبو يعلى الخليلي: خلط وهو ضعيف جداً، روى متوناً لا تُعرف.
قال الذهبي: مـات في حـدود الخمسين وثلاث. وقال الحاكم وابن أبي زرعة: كتبنا عنه الكثير ونبرأ من عهدته، وإنما كتبتا عنه للاعتبار. «لسان الميزان»: (2/404).
قلت: السند ضعيف، والمتن صحيح، يقويه الرواية التي ساقها ابن ناصر الدين الدمشقي بعدها، وروايات ستمر فيما يأتي من الكلام.
([22]) هذا الأثر خرَّجه الخطيب البغدادي في كتابه «الكفاية في علم الرواية» باب ما جاء في رواية الحديث على اللفظ ومن رأى ذلك واجباً (ص169) قال: أخبرني أبـو الوليـد الحسن بن محمـد الدربندي، قال: أخبرنـا محمـد بن أحمـد بن محمد بن سليمان الحافظ ببخارى... ثم ساق بقية السند به.
قال السخاوي في «فتح المغيث شرح ألفية الحديث»: (2/2): ترك الأخذ عمن له فضل وصلاح، إذا كان لا يعـرف ما يحدث به، بكونه كان قبل أن تدون الكتب، والحديث في الصدور، لأنه يخشى أن يخلط فيما يحدث به، فيه إشارة إلى: أنهم كانوا يحدثون على المعاني، وإلا فلـو حفظـه لفظاً لما أنكره. ومن ثم اشترط الشافعي ومن تبعه فيمن لم يتقيد بلفظ المحدث كونه عاقلاً لما يحيل معناه.
([23]) قاله الفسوي في كتابه «المعرفـة والتاريـخ»: (ص 384 ـ 385)، ومن طريق الفسوي: خرجه المروذي في «العلل ومعرفة الرجال»: (ص185 ـ 186) برقم (328)، والخطيب في «الكفاية في علم الرواية»: (ص116)، و«الجامع لأخلاق الراوي»: (1/139).
وخرجـه العقيلي فـي «الضعفـاء الكبير»: (1/13 ـ 14)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل»: (1/403)، وابن أبي حاتم الرازي في «الجرح والتعديل»: (2/32) مختصراً، وابن عـدي في «الكامـل»: (1/92)، والحاكـم في «المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل»، تحقيق معتز عبـد اللطيـف الخطيب، دار الفيحـاء، دمشق، ط1/ 1422ﻫ: (ص78)، وابن عبد البر في «التمهيد»: (1/66 ـ 67)، وفي «الانتقاء»: (ص16/17)، والقاضي عياض في «الإلماع»: (ص 60)، وابن خير الإشبيلي في «الفهرسة»: (ص19)، وابن نقطة في «التقييد»: (ص436). جميعهم خرجوه من طرق عن إبراهيم بن المنذر قال: حدثني معن بن عيسى به.
قلت: سند هذه الرواية صحيح ورجاله كلهم ثقات: فيعقوب بن سفيان الفسوي، ثقة حافظ، مات سنة (277ﻫ). ينظر: «تقريب التهذيب»: (ص608).
وإبراهيم بن المنذر بن عبد الله الأسدي، الحزامي، صدوق تكلم فيه أحمد لأجل القرآن، مات سنـة (236ﻫ). «تقريب التهذيب»: (ص94). ومعن بن عيسى القزَّاز، صاحب الترجمة، ثقة، ثبت، مات سنة (198ﻫ). «تقريب التهذيب»: (ص542).
هذا بالنسبة لسنـد الحديث، أما المتن فيشهد له نصوص كثيرة مذكورة في مواضعها من كتب المصطلح.
وقد ذكر الإمام السيوطي في كتابه إسعاف المبطأ، تحقيق خالد القريوتي، طبعة مكتبة الرشد، الرياض، ط1/1425ﻫ ـ 2004م: (ص65ـ77) في معنى هذا الأثر ما يدل على التثبت والتحري في نقل الأخبار، وأغلب هذه الآثار عن الإمام مالك نفسه منها:
قال جعفـر الفريابي: كـان من مذهب مالـك التقصي والبحـث عمن يحمل عنه العلم، ويسمع منه.
قال شعبة بن الحجاج: كان مالك أحد المُميِّزينَ، ولقد سمعته يقول: ليس كل الناس يكتب عنهم، وإن كان لهم فضل في أنفسهم، إنما هي أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تؤخذ إلا من أهلها.
وقال إسماعيل بن أبي أويس: سمعت خالي مالكاً يقول: إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم، لقد أدركت سبعين ممّن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هـذه الأساطين ـ وهي العمـود والساريـة. «المعجـم الوسيط»: (ص17) ـ فما أخذت عنهم شيئاً، وإن أحدهـم لو ائتمن علـى بيت مـال لكان بـه أميناً، لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، فقدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم على بابه.
وقال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: لقد أدركت بالمدينة أقواماً لو استسقي بهم القطر لسقوا، وقد سمعوا من العلم والحديث شيئاً كثيراً وما أخذت عن واحد منهم، وذلك أنهم كانوا قد ألزموا أنفسهم خوف الله والزهد، وهذا الشأن ـ يعني الحديث والفتيا ـ يحتـاج إلـى رجـل معـه تقـى وورع وصيانة وإتقـان وعلم وفهم، ويعلم ما يخـرج من رأسـه وما يصل إليه غداً في القيامة، فأما زهد بلا إتقان ولا معرفة فلا ينتفع به، وليس هو بحجة، ولا يحمل عنهم العلم.
ونقل إسحـاق بن الفروي عن مالك أنه قال: لا يكتب العلم إلا ممن يحفظ، ويكون قد طلب وجالس الناس، وعرف وعمل، ويكون معه ورع.
وقال معن بن عيسى: كنت أسأل مالكاً عن الحديث، وأكرر عليه أسماء الرجال، فأقول: لم تركت فلاناً وكتبت عن فلان؟ فيقول لي: لو كتبت عن كل ما سمعت، لكان هذا البيت ملآنَ كتباً، يا معن! اختر لدينك ولا تكتب في ورقك إلا من تحتج به.
([24]) مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار، أبو مصعب اليساري، ، مولى ميمونة، ابن أخت مالك، ثقـة، روى عن: خالـه مالـك، ونافـع القارئ، وغيرهما، وروى عنه: البخاري، وأبو زرعة، وغيرهما، مات سنة (220ﻫ). ينظر ترجمته في: «التاريخ الكبير»: (7/397)، «الجرح والتعديل»: (8/315)، «تهذيب الكـمال»: (28/71 ـ 73)، «تهذيب التهذيب»: (10/158).
([26]) أشار ابن سعد في «طبقاته»: (5/438) إلى هذ ا القول: وكان يسار ـ أي: جد مطرف ـ مكاتباً لرجل من أسلم، فأدى عنه عبد الله بن أبي فروة كتابته، فعتق، فصار هو وولده مع آل عبد الله بن أبي فروة وفي دعوتهم.
والذي يبدو لي: أن هذا القول انفرد به ابن سعد، فكل من ترجم لجده قال: مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. ينظر: «التاريخ الكبير»: (7/397)، «الجرح والتعديل»: (8/315)، «تهذيب الكمال»: (28/71 ـ 73)، «تهذيب التهذيب»: (10/158).