جاري التحميل

علي بن أبي الفتح الأموي

الأعلام

عليُّ بن أبي الفَتْح الأُمَوِيُّ

أورد ترجمته الأستاذ الدكتور أسامة اختيار في كتابه الموسوعي (جمهرة أشعار الصقليين تحقيق ودارسة) والصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1437 هـ - 2016م)

فقال:

 

أ ـ ترجمته([1]):

أبو الحسن عليُّ بن أبي الفتح بن خلف الأُمَوِيُّ.

ذكره العِماد وقال: « لا شكَّ أنَّه من ساكني صقلِّيَّة»([2]) ثمَّ قال: «وإنَّما ذكرتُه أنا في أهل مصر حيث اقتضاه هذا الموضع للمكاتبات الَّتي جرَتْ بينَه وبين ابن قَلاقِس»([3]) ولَقِيَهُ ابنُ قَلاقِس فيمن لَقِيَهُمْ بصقلِّيَّةَ، وكان دخولُ ابنِ قَلاقِس إليها سنةَ ثلاثٍ وستِّينَ وخمسمئةٍ (563ﻫ) وافداً على بعض خلاَّنِهِ من القُوَّاد([4])، ويُعْرَفُ من ذلك أنَّ عليَّ بن أبي الفتح من الشُّعراء الَّذين أدركوا الوجودَ النُّورمانيَّ في صقلِّيَّة.

ب ـ شعره:

 ـ 1 ـ في الزهر الباسم (44 ـ 45):

 ـ من الخفيف ـ

قَدْ غدا بي أنْ أُنْجِزَ المِيعادا

يا صَفِيّاً في عِلْمِهِ قَدْ سادا

هاطِلاتٌ مِنْ الثُّلوجِ تَوالَتْ

ثُمَّ نَوٌّ مِنْ بَعْدِها قَدْ تَمادَى([5])

غَمَرَ السُّبْلَ والحُزُونَ جَمِيعاً

ثُمَّ سَاوَى الرُّبا معاً والْوِهادا([6])

وأعادَ السَّـرِيعَ وَهْوَ بَطِيءٌ

وَالْفَصِيحَ البَدِيعَ قِدْماً جَمادا

فَاعْذُرَنْ لا عدِمْتَ لِلْفَضْلِ أَهْلاً

مُخْلِصاً في الوَلاءِ تُصْفِي الوِدادا

وَلَوِ اسْطَاعَ ما وَنَى في مُرادٍ

مُبْلِغٌ مَنْ أُحِبُّ فِيهِ المُرادا

مِنْ رَئيسَينِ ماجِدَينِ أَبِيَّيْـ

 ـنِ أَبَرَّا على الأَنامِ وزادا([7])

وَرِثا عَنْ أَبِيهِما شَرَفَ النَّفْـ

ـسِ وزادا فَأَكْمَدا الحُسَّادا

فَهُما في الجَمالِ بَدْرا كَمالٍ

وَهُما في الأَنامِ بَذَّا العِبادا([8])

تَخِذا الْبَذْلَ والسَّماحَ اعْتِياداً

وادِّراعَ الأمداحِ فِيهِمْ عَتادا([9])

فَأَبُو القاسِمِ الأَجَلُّ سِراجٌ

مُشْـرِقٌ نُورُهُ يَزِيدُ اتِّقادا([10])

وَأَخُوهُ أبو عَلِيٍّ فَقِيهٌ

كُلُّ نَوعٍ مِنَ العُلُومِ أجادا([11])

ما رَأَيْنا ولا سَمِعْنا رَئيْسَيْـ

 ـنِ أقاما لِكُلِّ مَجْدٍ عِمادا

كَابْنَي القائدِ المُمَجَّدِ حَمُّو

دٍ أَجَلِّ امْرِئٍ على المَجْدِ سادا

فَابْسُطِ العُذْرَ يا أميرَ القَوافِي

لامْرِئٍ في رِضاكَ والَى وَعادى

وَابْقَ في الْفَضْلِ حاوِياً قَصَبَ السَّبْـ

ـقِ، وَكُلٌّ يُلْقِي إليكَ القِيادا

ما تَغَنَّتْ حَمائِمٌ فَوْقَ أَيْكٍ

تُوْقِفُ الصَّادِرِينَ والْوُرَّادا([12])

 ـ 2 ـ الأبيات في الزهـر الباسـم (26) وهـي فـي الخريدة ـ شـعراء مصر (2/ 166 ـ 167) سوى الأبيات من الرَّابع إلى السَّادس والبيتين الأخيرين([13]):

 ـ من الوافر ـ

أَيا شَمْسَ الْجَلالِ على اقْتِصادِ

ويا بَدْرَ الكَمالِ لَدَى اتِّقادِ

ويا مَنْ بَذَّ في الأشعارِ مَنْ قَدْ

أبادَ الدَّهْرُ مِنْ أزمانِ عادِ([14])

لَقَدْ أَصْبَحْتَ لِي خلاًّ صَفِيّاً

وَحُبُّكَ قَدْ تَمَكَّنَ في فؤادِي

بما أبْدَيْتَ مِنْ شُكْرٍ وَبِرٍّ

يُؤَكِّدُهُ خُلُوصُ الإعْتِقادِ([15])

فَلَو ظفرَتْ يَدايَ ببَعْضِ سُؤلِي

لَكُنْتَ مِنَ المُنَى أَقْصَـى مُرادِي

وَلَو حُكِّمْتُ فِيما أَشْتَهِيهِ

لمَا فارَقْتُكُمْ حتَّى التَّنادِي([16])

يَعِزُّ عَلَيَّ أنْ تَنْأَى وأَبْقَى

فَرِيداً مُسْتَهاماً لِلْبعادِ([17])

وَإنْ حَكَمَتْ بفُرْقَتِنا اللَّيالِي

وَقِدْماً فَرَّقَتْ أَهلَ الوِدادِ

فَودِّي ثابتٌ أبداً مُقِيمٌ

على مَرِّ اللَّيالِي في ازْدِيادِ([18])

سَلامُ اللَّهِ عِدَّةَ رَمْلِ خَبْتٍ

عَلَيْكُمْ رائحٌ أبداً وغاد([19])

وَدُمْتَ مُسَلَّماً مِنْ كُلِّ سُوءٍ

وَعِشْتَ مُعَظَّماً في كُلِّ ناد

 ـ 3 ـ في الزهر الباسم (25 ـ 26)، والخريدة ـ شعراء المغرب (2/166)([20]):

 ـ من البسيط ـ

يا ماجِداً طَبْعُهُ أَحْلَى منَ المَاذِي

وَمَنْ يَفُوقُ ذكاءً أَهْلَ بَغْداذِ([21])

وَهِمْتُ في رُقْعَةٍ سَيَّرْتُها عَجِلاً

إليكَ ما بينَ تِلْمِيذٍ وأُسْتاذِ

فَابْسُطْ لِيَ العُذْرَ واعْلَمْ أَنَّنِي قَلِقٌ

ذو خاطِرٍ لِنَواكُمْ آلِمٌ هاذِ([22])

 ـ 4 ـ في الزهر الباسم (35):

 ـ من مجزوء الكامل ـ

مَنَعَ الشِّتاءُ منَ الْوُصو

لِ مَعَ الرَّسُولِ إلى دِيارِي

وأَعادَنِي، وعَلَى اخْتِيارِ

يَ جاءَ مِنْ غَيرِ اخْتِيارِي([23])

وَلَرُبَّما وَقَعَ الحِما

رُ، وكانَ مِنْ غَرَضِ المُكَارِي([24])

 ـ 5 ـ في الزهر الباسم (37):

 ـ من الطَّويل ـ

طَرِبْتُ لِذِكْرَى مِنْكِ هاجَتْ جَوانِحِي

كَما يُطْرِبُ النَّدْمانَ كَأْسُ مُدامِ([25])

وما زالَ بي ذِكْراكِ في كلِّ ساعةٍ

وَشَخْصُكِ حتَّى كُنْتِ طَيْفَ مَنامِ

وما ذَكَرَتْكِ النَّفْسُ إلَّا أَصابَها

[كَلَذْعِ ضِرامٍ] أو كَوَخْزِ سِهامِ([26])

وإنَّ حَدِيثاً مِنْكِ أَحْلَى مَذَاقُهُ

منَ الشَّهْدِ مَمْزُوجاً بماءِ غَمامِ

وإنَّ بقَلْبِي مِنْكِ سِرَّ مَوَدَّةٍ

كأنَّ بهِ دَاءَيْ هوًى وغَرامِ

ولمَّا أتى عَنْكِ الْبَشِيرُ اسْتَخَفَّنِي

إليكِ وِدادٌ لَمْ يُقَدْ بِزِمامِ([27])

وطارَ إلى مَثْواكِ قَلْبي [تَقَضِّياً]

كَما انْقَضَّ مِنْ جَوِّ السَّماءِ قُطَامِي([28])

 ـ 6 ـ في الزهر الباسم (29):

 ـ من مجزوء الرَّمل ـ

ما رأينا وَسَمِعْنا

في حَدِيثٍ وَقَدِيمِ

ذا اضْطِلاعٍ بالمعالِي

واطِّلاعٍ بالعُلُومِ([29])

كابنِ عبدِ الله نصـرٍ

غُرَّة الدَّهرِ البَهِيمِ([30])

ليسَ يَلْقاهُ مَلِيماً

أو أخا طَبْعٍ لَئِيمِ([31])

همُّهُ همَّةُ نَفْسٍ

قَدْرُها فوقَ النُّجُومِ

زانَ لَخْماً وَهوَ مِنْها

حِينَ يُعْزَى في الصَّمِيمِ([32])

خَيْرُ خِلٍّ وَصَفِيٍّ

وَصَدِيقٍ وَحَمِيمِ

ما ارْجَحَنَّتْ ساجِعاتٌ

فَوقَ غُصْنٍ في نَسِيمِ([33])

 ـ 7 ـ في الزهر الباسم (27 ـ 28)([34]):

 ـ من الوافر ـ

ألا يا سَيِّدَ الشُّعراءِ طُرّاً

وأَسْماهُمْ، إذا حَضَـرُوا، مكانا

وأَحْضَـرَهُمْ، إذا سُئلُوا، جواباً

وَأَفْصَحَهُمْ، إذا نَطَقُوا، لِسانا

وأَشْرَفَهُمْ، إذا انْتَسَبُوا، أُصُولاً

وأَثْبَتَهُمْ، إذا صالُوا، جَنانا([35])

وَأَنْداهُمْ لَدَى المعروفِ كفّاً

وأَطْوَلَهُمْ، إذا أَجْرَوا، عِنانا([36])

سَمِعْنا عَنْكَ آداباً ونُبْلاً

وأَخْلاقاً مُهَذَّبةً حِسانا

فَكِدْنا أنْ نَطِيرَ إليكَ شَوقاً

لِنُبْصِـرَ ما سَمِعْناهُ عِيانا

فَأَسْعَفَنا الزَّمانُ بِسَعْدِ جَدٍّ

وباللُّقْيا فَأَحْمَدْنا الزَّمانا

فَدُمْ لِلْمَعْلُواتِ قَرِيرَ عَينٍ

وَحُزْ مِنْ شَرِّ ما تَخْشَى الأمانا([37])

ومَنْ يَشْنأْكَ لا يَنْفَكُّ يُلْقَى

لَدَى الأيَّامِ مُطَّرَحاً مُهانا([38])

*  *  *

 



([1])   الخريدة ـ شعراء مصر: 2/ 166، والزهر الباسم: 24.

([2])   الخريدة ـ شعراء مصر : 2/ 166.

([3])   المصدر نفسه: 2/ 166. وابن قَلاقِسُ المذكور تأتي ترجمته: 450.

([4])   وفيات الأعيان: 5/ 388.

([5])  نَوٌّ: نوءٌ، بتسهيل الهمز، وهو سقوطُ النَّجم وطلوعُ غيره، وكانت العربُ في الجاهليَّة تزعم أنَّه إِذا سقطَ نجمٌ وطَلَعَ آخرُ يكون عند ذلك مطرٌ.

([6])   السُّبْل: واحدتها سبيل؛ وهي الطَّريق، وتسكين العَين للضَّرورة. الحُزُون: الواحد حَزْن، وهو ما غَلظَ من الأرض. الوِهاد: الواحدة وَهْدَة، وهي ما انخفضَ من الأرض.

([7])   من رئيسين: يأتي ذِكْرُهُما في البيتين الحادي عشر والثَّاني عشر من هذه القصيدة.

([8])   بذَّ: سبقَ وغلبَ.

([9])   ادِّراع: لُبْسُ الدِّرْع؛ جعلَ المدائحَ كالدُّروع. العَتادُ: عُدَّةُ الحربِ وآلتُها.

([10])   أبو القاسم: الممدوح، وهو أبو القاسم بن حمُّود؛ ابن حَجَر القائد، وفيه صُنِّفَ كتاب (الزهر الباسم والعَرْف النَّاسم في مديح الأجلِّ أبي القاسم) وفيه مآثره.

([11])   أبو عليٍّ: هو أخو أبي القاسم بن حمُّود المذكور آنفاً في الإحالة السابقة.

([12])   الأيْكُ: الشَّجر الملتفُّ، الواحدة أَيْكة. الصَّادر: مَنْ وَرَدَ المكانَ ثمَّ شَخَصَ عنه.

([13])  قال ابن قَلاقِس: «وفاضَ بحرُ آدابِهِ فيضاً فكتبَ إليَّ أيضاً: أَيا شَمْسَ الْجَلالِ على اقْتِصادِ... (الأبيات)» الزهر الباسم: 26. وتأتي ترجمة ابن قلاقس: 250.

([14])  بذَّ: غلبَ وسبقَ. عاد: قومُ هود أَهْلَكَهُمُ الله تعالى، انظر قصَّتهم في القرآن الكريم في سورة الفجر: الآية 6.

([15])   الاعتقاد: قَطَعَ الهمزةَ لضرورة الوزن.

([16])   التَّنادي: من أسماء يوم القيامة في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ [غافر: 32]، أي يوم يُنادي أَصحابَ الجنَّةِ أَصحابُ النَّار أَن أَفِيضُوا علينا من الماء.

([17])   تنأى: تبتعد. مُسْتَهامٌ: مُذهَبُ الفؤادِ هائمٌ.

([18])  في الزهر الباسم (فؤادي) بدلَ (فَوُدِّي) ولا يستقيم بالأُولى معنى عَجُزِ البيتِ، والتَّصويبُ من الخريدة.

([19])   الخَبْتُ: المطمئنُّ منَ الأَرضِ فيه رَمْلٌ، وعَلَمٌ لصحراء بين مكَّة والمدينة. انظر معجم البلدان: خبت.

([20])  قال ابن قلاقس: « كتب لي أبو الحسن عليُّ بن خلف الأمويُّ رقعةً أنفذها لمَّا أَرَدْتُ الرَّحيلَ عن صِقِلِّيَّة: يا ماجِداً طَبْعُهُ أَحْلَى منَ المَاذِي... (الأبيات)» الزهر الباسم: 25. وتأتي ترجمة ابن قلاقس: 250.

([21])   الماذي: العَسَلُ الأبيض. بَغْداذ: بَغداد حاضرة العِراق.

([22])   نَواكم: بُعْدُكم. الهاذي: الَّذي يتكلَّمُ كلاماً لا يُفْهم من الحُمَّى أو غيرِها.

([23])   وعلى اختياري جاء من غير اختياري: أي جاء موافقاً لرغبتي من غير قَصْدٍ منِّي لذلك.

([24])   الغَرَضُ: الغايةُ والحاجة. المُكاري: المُسْتأجِر.

([25])   النَّدْمانُ: جليسُ الشَّراب والْجَمْعُ نَدامى.

([26])   في الأصل (كلدغ صرام) تصحيفٌ.

([27])   استخفَّني: حملني على الخِفَّة، وهي الطَّيشُ. الزِّمام: الحَبْلُ الذي يُزَمُّ به مِقْوَدُ البَعِيرِ.

([28])  في الأصل (تقيّضا) بدلَ (تقضّيا). تَقَضِّياً: هَلَكَةً وفناءً. انقضَّ: هَوَى في طَيَرانِهِ. القُطَامُيُّ: الصَّقر؛ ووَرَدَ بفتح القاف، انظر لسان العرب: قطم.

([29])  الاضْطِّلاعُ بالمعالي: القيامُ بالمعالي والنُّهوض بها، والمعالي: مكاسِبُ الشَّرفِ، جمع المَعْلُوَة.

([30])  يُعْرَفُ بابن قلاقس، نصر الله بن عبد الله بن مخلوف بن عليِّ بن قلاقس، أبو الفتح اللَّخْمِيُّ الأزهريُّ الإسكندريُّ، له نثرٌ جيِّدٌ، وهو من الشُّعراء المُجيدين، كان كثير الأسفار، دخل صقلِّيَّة ومدح بعض أعيانها، وُلِدَ سنة (532ﻫ) وتوفي في شوال سنة (ت 567ﻫ). انظر وفيات الأعيان: 5/ 385.

([31])   المَليمُ: الَّذي يقعُ عليهِ اللَّوم.

([32])  لَخْم: حيٌّ من اليمن، هو مالك بن عَدِيِّ بن الحارث بن مرَّةَ بن أُدَد بن زيد بن يَشْجُب، وإليه نَسَبُ قبيلة الممدوح في الأبيات. انظر عجالة المبتدي: 110.

([33])   ارجحنَّت: مالَتْ واهْتَزَّتْ.

([34])   الأبياتُ في مدح ابن قَلاقِسَ، وقد تقدَّمت ترجمته: 250.

([35])   صالَ: سطا. الجَنان: القَلْبُ لاستِتاره في الصَّدر.

([36])   أندى: أكرم. العِنان: اللِّجَامُ أو السَّيْرُ الَّذي يكون بيَدِ الفارسِ يُقَوِّمُ به رأسَ الفَرَس.

([37])   المَعْلُوات: الواحدة مَعْلُوَة، ومكَاسِبُ الشَّرَف والعُلُو.

([38])   يَشْنَأُ: يكره ويبغض. مُطَّرَحٌ: منبوذٌ مَرْمِيٌّ في ناحِية.

الأعلام