جاري التحميل

سليمان بن محمد الطرابنشي

الأعلام

سليمان بن محمَّد الطَّرابُنْشِيُّ

أورد ترجمته الأستاذ الدكتور أسامة اختيار في كتابه الموسوعي (جمهرة أشعار الصقليين تحقيق ودارسة) والصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1437 هـ - 2016م)

فقال:

 

أ ـ ترجمته([1]):

سُليمان بن محمَّد الطَّرابُنْشِيُّ الصِّقِلِّيُّ. قرأ محقِّقُ (الخريدة) نسبتَهُ «الطَّرابلسي»، وذكرَ أنَّها في الأصل (الطَّرامسي) وقال: «النِّسبةُ غيرُ واضحةٍ، وهذا شَكْلُها كما وَرَدَتْ: الطرامسي»([2])، قلُتُ: الصَّوابُ أنَّها (الطَّرابُنْشيُّ) نسبةً إلى (طَرابُنْشَ)، وقد ذكره ياقوت الحَمَويُّ في الرِّجال المنسوبين إلى (طرابُنْشَ) فقال: «طَرَابُنُش: اسمُ مدينةٍ بجزيرة صقلِّيَّة، يُنْسَبُ إليها قومٌ، منهم: سُليمان بن محمَّد الطَّرابُنْشِيُّ»([3]).

ذكره العِمادُ نقلاً عن ابن القطَّاع، وبذلك يكون من الشُّعراء الَّذين عاصروا طرفاً من الحكم العربيِّ في صقلِّيَّة.

غادر صقلِّيَّة بعد أن اضطربَتْ أحوالُها في عهد أمراء الطَّوائف فيها، وقدم إلى الأندلس، ونقلَ العِمادُ عن ابن القطَّاع أنَّه: «سافر إلى إفريقيَّة، وانتقل إلى الأندلس وتوطَّنها، واتَّخذها لمخالطةِ ملوكِها سَكَناً»([4])، وذكر ابن بسٍّام سنة وفادته على الأندلس، قال: «وَفَدَ على هذا القُطْرِ [أي الأندلس] سنة أربعينَ وأربعمئةٍ، وقَصَدَبمديحهِ عدَّةً من الرُّؤساء، وتقدَّمَ بفضلِ أدبه عند الكُبراء»([5]) وقال الحميديُّ: «مِنْ أهلِ العِلْمِ والأدبِ والشِّعر، قدمَ الأندلسَ بعدَ الأربعينَ وأربعمئةٍ، ومدحَ ملوكَها، وتقدَّم عند كُبرائها بفضلِ أدبهِ وحُسْنِ شِعْرِهِ»([6]).

ب ـ شعره:

 ـ 1 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 95):

 ـ من الكامل ـ

سُبْحانَ مَنْ صاغَ الأنامَ بِقُدْرَةٍ
 

مِنْهُ وأَفْرَدَ بالمَلاحَةِ جَعْفَرا

حَمَلَ المحاسِنَ كُلَّها مَجْمُوعَةً

في وَجْهِهِ كالصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرا([7])

 ـ 2 ـ في معجم البلدان (طرابنش)([8]):

 ـ من الطَّويل ـ

ولا مُسْعِدٌ إلَّا مُسامِرَةٌ سَخَتْ

بدمعٍ ولم تفجَعْ بِبَيْنٍ ولا هَجْرِ([9])

تكونُ إذا ما حَلَّتِ السِّتْرَ[خِلَّةً]

على أنَّها لَمْ تَبْلُغِ الباعَ في القَدْرِ([10])

إذا أَيْقَنَتْ بالموتِ بادَرْتُ رأسَها

بقَطْعٍ فَتَسْتَحْيِي جديداً مِنَ العُمْرِ

حَكَتْنِيَ في لَوْنٍ وحُزْنٍ وحُرْقَةٍ

وفي بَهَرٍ بَرْحٍ وفي مَدْمَعٍ هَمْرِ([11])

 ـ 3 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 94):

 ـ من البسيط ـ

أجِرْ جُفُونِيَ مَنْ دَمْعٍ وَمِنْ سَهَرِ
 

وأضْلُعِي مِنْ جَوًى فِيْهِنَّ مُسْتَعِرِ

جَرَى عَلَيَّ بما شاءَ الهَوَى قَدَرٌ

يا قَوْمُ ما حِيلَةُ الإنسانِ في القَدَرِ

ما كُنْتُ أَحْسَبُ دَمْعِي سافِكاً لِدَمِي

حتَّى أَبَحْتُ لِعَيْنِي لَذَّةَ النَّظَرِ

رَمَيْتُ نَبْلاً أَصَابَتْنِي فَلَسْتُ أرى

يوماً أُعاوِدُ ذاكَ النَّزْعَ في وَتَرِي([12])

 ـ 4 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 94):

 ـ من السَّريع ـ

نَبَّهْتُهُ لَمَّا تَغَنَّى الحَمامْ

وَمَزَّقَ الفَجْرُ قَمِيصَ الظَّلامْ

وقُلْتُ: قُمْ يا بَدْرَ تِمٍّ أدِرْ

في فَلَكِ اللَّهْوِ شُمُوسَ المُدامْ([13])

فقامَ نَشْوانَ وشَمْلُ الكَرَى

لَهُ [ يُرِيْ في ] مُقْلَتَيْهِ الْتِئامْ([14])

وَمَجَّ في الدَّنِّ خَلُوقِيَّةً

عَتَّقَها في الدَّنِّ طُولُ المَقامْ([15])

لاحَتْ تُحاكِي ذَهَباً خالِصاً

دارَ مِنَ الدُّرِّ عَلَيها نِظامْ([16])

بِنْتُ عناقيدَ إذا خامَرَتْ

شَيْخاً أعارَتْهُ مُجُونَ الغُلامْ([17])

يا هَلْ لِعَيْشِـي مَعَهُ أَوْبةٌ

تُعِيدُ في وَجْهِ حياتي ابْتِسامْ

 ـ 5 ـ في جذوة المقتبس (1/ 346 ـ 347) تامَّة، ومنها الأبيات الخمسة الأخيرة في الذَّخيرة (4/ 1/ 120):

 ـ من الوافر ـ

عجِبْتُ لِمَعْشَـرٍ عَزُّوا وبَزُّوا

ولم يَصِلُوا إلى الرُّتَبِ السَّوامِي([18])

طلَبْتُ بهِمْ مِنَ العَدَم انْتِصاراً

فَأَشْبَهْتُ ابنَ نُوْحٍ في اعْتِصامِي([19])

تَقَلَّبَ دَهْرُنا فالصَّقْرُ فيهِ

يُطالِبُ فَضْلَ أرزاقِ الحَمامِ

على الدُّنيا العَفاءُ، فقد تَنَاهى

تَسَـرُّعُها إلى أَيْدِي اللِّئامِ([20])

وما النَّعْماءُ لِلْمَفْضُول إلَّا

كَمِثْل الحَلْيِ للسَّيفِ الكَهامِ([21])

ذَرِينِي أَجْعَلِ التِّرْحالَ سِلْكاً

أُنَظِّمُ فيهِ ساحاتِ المَوامِي([22])

فإنِّي كالزُّلال العَذْبِ يُؤْذي

صَفاهُ وطَعْمَهُ طُولُ المَقامِ

 ـ 6 ـ في الذَّخيرة (4/ 1/ 119) وجذوة المقتبس (1/ 347):

 ـ من الطَّويل ـ

رأى وَجْهَ مَنْ أَهْوَى عَذولِي فقال لي:

أُجِلُّكَ عَنْ وَجْهٍ أَراهُ كَرِيها

فَقُلْتُ لَهُ: بَلْ وَجْهُ حِبِّي مِراءَةٌ

وأنْتَ تَرَى تِمثالَ وَجْهِكَ فيها([23])

*  *  *

 



([1])   الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 94، والذَّخيرة: 4/ 1/ 119، وجذوة المقتبس: 1/ 344، ومعجم البلدان: طرابنش.

([2])   الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 94.

([3])   معجم البلدان: طرابنش.

([4])   الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 94.

([5])   الذَّخيرة: 4/ 1/ 119.

([6])   جذوة المقتبس: 1/ 344.

([7])   الصَّيْدُ في جَوفِ الفَرا: هذا مَثَلٌ «كلُّ الصَّيْدِ في جَوفِ الفَرا» والفَرَأُ: حمار الوحش، والمرادُ منَ المثلِ أنَّ كلَّ صَيْدٍ دونَهُ، يُضْرَبُ للرَّجلِ تكونُ له حاجاتٌ، منها واحدةٌ كبيرةٌ، فإِذا قُضِيَتْ تلك الكَبيرةُ لم يُبالِ ألَّا تُقْضَى باقي حاجاتِهِ. انظر: مجمع الأمثال: 2/ 136.

([8])   وفيه مناسبة الشِّعر، قال: «في صفة شمعةٍ روميَّةٍ: ولا مُسْعِدٌ إلاَّ مُسامِرَةٌ سَخَتْ...».

([9])   المسامِرةُ: رفيقةُ السَّمَرِ، والسَّمَرُ: حديثُ اللَّيل. سَختْ: جادَتْ. لم تفجَعْ: لم تُصَبْ بفجيعةٍ، وهي الرِّزْءُ. البينُ: الفِراقُ.

([10])   في الأصل (حلَّة) بدلَ (خلَّة) والمعنى يقتضي ما أثبتُّه. حلَّتِ السِّتْرَ: نزلت به. السِّتْرُ: كُلُّ ما سَتَرَ عنكَ. الخِلَّةُ: الخليلةُ. الباعُ: مقياس، وهو قَدْرُ مَدِّ اليَدَيْنِ.

([11])  البَهْرُ: مصدرُ بَهَرَ، وهو تتابعُ النَّفَسِ أو انقطاعُه من الحَرِّ أو الحمَّى أو غيرِهما، وحرَّكَهُ للضَّرورة. البَرْح: الشَّديد. الهَمْرُ: المُنْهَمِر.

([12])  رميتُ نبلاً: أرادَ أنَّه مَن ابتدأَ النَّظرَ، والنَّبْلُ: مؤنَّثةٌ، لا واحد لها من لفظها، وهي السِّهام. أعاودُ ذاك النَّزع: أُعيدُهُ وأُكرِّرُه، والنَّزع: جذبُ الوَتَرِ لرَمْيِ السَّهْمِ.

([13])   التِّمُّ: بمعنى التَّمام. الفَلَكُ: مَدارُ النُّجوم. المُدام: الخمرُ الَّتي دامَتْ في الدَّنِّ زماناً.

([14])  في الأصل (يرتمي) بدلَ (يُرِي في) والصَّواب ما أثبتُّه لاقتضاء الوزن والمعنى. قام نشوانَ: مُتمايلاً منَ النُّعاس كَمَنْ أخَذهُ السُّكْرُ. شَمَلُ الكَرَى: قَلِيلُه، وسكَّنَ الشَّمَلَ للضَّرورة.

([15])  مجَّ: قَذفَ وأسالَ. الدَّنُّ: ما عَظُمَ من الرَّواقيدِ والأوعيةِ تُجْعَلُ فيه الخَمْرُ وغيرُها. خلوقيَّة: نسبة إلى خَلُوق، وهو ضَرْبٌ من الطِّيب. عتَّقَها: جعلَها مُعتَّقةً، أي قديمةً كريمةً. المَقام: الإقامةُ، إذا جعلْتَهُ من (قام يقوم)، ويكون للمكان بضمِّ الميم إن جعلْتَهُ من (أقام يقيم).

([16])  تُحاكي: تُماثل. النِّظام: السِّلْكُ الَّذي يَنْتَظِمُ الدُّرَّ. دارَ مِنَ الدُّرِّ عَلَيها نظام: أرادَ دورانَ الحَبابِ الطَّافي عليها إذا فارَتْ في الكأس أو الدَّنِّ.

([17])   بنتُ عناقيد: مصنوعةٌ من العِنَب. خامرَتْ شيخاً: خالطَتْ عقلَه.

([18])   البزُّ: السَّلْبُ، يُقال: مَنْ عَزَّ بَزَّ، أي سَلَبَ.

([19])  أشبهْتُ ابنَ نوحٍ في اعتصامي: أرادَ اعتصامَهُ من الطُّوفان بالجَبَل. مأخوذٌ من قوله تعالى: ﴿ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮯ ﮰ ﮱ   ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ... [هود: 42 ـ 43].

([20])   العَفاءُ: البِلَى. تناهى: بلغَ المُنتهى.

([21])   المفضول: مَنْ يُتَفَضَّلُ عليه. الحَلْيُ: ما يُزَيَّنُ به من مَصُوغٍ. الكَهام: الكَليل.

([22])   المَوامي: جمع مَوماةٍ ومَوماء، وهي الفَلَواتُ.

([23])   في جذوة المقتبس (مرآة) ويختلُّ بها الوزن.

الأعلام