جعفر بن الطيب الكلبي
جعفر بن الطَّيِّب الكلبيُّ
أورد ترجمته الأستاذ الدكتور أسامة اختيار في كتابه الموسوعي (جمهرة أشعار الصقليين تحقيق ودارسة) والصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1437 هـ - 2016م)
فقال:
أ ـ ترجمته([1]):
الأمير جعفر بن الطَّيِّب الكلبيُّ، ذكره السِّلفيُّ (ت 579ﻫ) في معجمه وكنَّاه أبا الفضل([2])، وكنَّاه العماد (ت 597ﻫ) في (الخريدة) أبا محمَّد، وأسبغَ عليه لقبَ (الأمير) ولا تشير المصادر إلى ولايةٍ له، وإن كان في عِداد الأمراء الكلبيِّين، لأنَّه من أبنائهم.
قال العماد: «أثنى عليه مصنِّفُ الدُّرَّة الخطيرة، بالفضائل الكثيرة، وذكر أنَّ بينهما مكاتباتٍ وشدا منها طرَفاً وطُرفاً، وأورد من شعره»([3]).
له مدحةٌ في مدافع بن رشـيد الهلاليِّ([4])، الَّذي أنزلَهُ الموحِّدون عن إمارته (قابس)([5]) فغادرها سنة 554ﻫ، ومنه يُعْرَفُ عصرُ الشَّاعر.
ب ـ شعره:
ـ 1 ـ في معجم السَّفر (176)([6]):
ـ من مجزوء الكامل ـ
يا سيِّدَ الرُّسُل الكِرا | مِ، ومَنْ أتى بالمعجِزاتِ |
لو لم يَكُنْ لكَ غيرُ ما | أُوْتِيْتَ مِنْ حُسْنِ الصِّفاتِ
|
لَقَهَرْتَ كُلَّ مُعَانِدٍ | وَعَلَوتَ فَوقَ النَّيِّراتِ
|
لكَ هَيبَةٌ وجلالةٌ | سارَتْ إلى كُلِّ الجِهاتِ
|
وَمَوَدَّةٌ تَلْقاكَ مِنْ | كُلِّ العُيون النَّاظِراتِ
|
صَلَّى الإلهُ عليكَ ما | قَطَرَتْ دُموعُ الجارِياتِ
|
ـ 2 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 113)([7]):
ـ من الوافر ـ
أراها للرَّحيلِ مُثوَّراتِ | جِمالاً بالجَمالِ مُحَمَّلاتِ |
تَتِيهُ على الرَّكائبِ في سُراها | بأقمارٍ عليها طالعاتِ
|
ولو نَظَرَتْ لِمَنْ تَسْـري إليهِ | لَصَدَّتْ عَنْ وُجوهِ الغانياتِ([8])
|
وجازَتْ والفلاةُ لها رِكابٌ | كما كانَتْ رِكاباً للفَلاةِ
|
وَلَمْ تَعْلَقْ بشـيءٍ غيرِ شِعْرٍ | مَنابِتُهُ بأفْواهِ الرُّواةِ([9])
|
تمرُّ على المياهِ ولَمْ تَرِدْها | كأنَّ الرِّيَّ في زَجْرِ الحُداةِ([10])
|
أقولُ لها وقَدْ عَلِقَتْ ذَمِيلاً | [بأخفافٍ] لِزَجْريَ سامعاتِ([11]) |
[سأنْزِلُ]عَنْكِ في مرعًى خَصيبٍ | وماءٍ باردٍ عَذْبٍ فُراتِ([12]) |
بأرضِ مُدافِعٍ مأوى الأماني | وقَتَّالِ السِّنينَ المُجْدِباتِ([13]) |
فَيَحْمِلُ عَنْكِ هَمِّي فوقَ طِرْفٍ | سَبوقٍ مِنْ خُيولٍ سابقاتِ([14]) |
أَغَرَّ تخالُهُ رِيحاً أُعِيرَتْ | قوائمَ باللُّجينِ مُحَجَّلاتِ([15]) |
كَساهُ اللَّيلُ أثواباً ولكنْ | تَراها بالصَّباحِ مُرَقَّعاتِ([16]) |
وحَسْبُكِ ما يُفَرِّقُ من نَوالٍ | بأيْدٍ للمكارمِ جامعاتِ |
فَقَدْ أَطْمَعْتَ في جَدْواكَ حتَّى | سباع الطَّير مِنْ بعضِ العُفاةِ([17]) |
ـ 3 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 114):
ـ من الكامل ـ
فارقْتُكُمْ لا عَنْ قِلًى وتَرَكْتُكُمْ | رَغْماً على حُكْمِ الزَّمانِ الجائرِ([18])
|
وفَقَدْتُكُمْ مِنْ ناظِريْ فَوَجَدْتُكُمْ | لمَّا أردْتُ لقاءَكُمْ في خاطري([19])
|
ـ 4 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 114):
ـ من البسيط ـ
لَقَدْ بُلِيْتُ بشـيءٍ لسْتُ أعْرِفُهُ | مَولًى يجورُ على ضَعْفي وأُنْصِفُهُ
|
ما زالَ يُطْمِعُني لَفْظٌ له خَنِثٌ | يَمُنُّ بالوعدِ سِرّاً ثمَّ يُخْلِفُهُ([20])
|
يا ربِّ زِدْني غراماً في مَحَبَّتِهِ | ودَعْ فؤاديَ بالأشْواقِ يُتْلِفُهُ
|
ـ 5 ـ في معجم السَّفر (39):
ـ من مجزوء الرَّمل ـ
قُلْتُ لمَّا لم أَجِدْ لي | في صفات الحُبِّ صِدْقا:
|
خابَ مَنْ كان مُحِبّاً | فحبيبٌ ليس يَبْقى |
ـ 6 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 113 ـ 114):
ـ من الوافر ـ
ضَحوكٌ مرَّةً جَهداً وباكِ | وشاكرُ حالِهِ حِيناً وشاكِ([21]) |
ومُغْتَبِطٌ بعيشٍ غيرِ باقٍ | يرومُ سلامةً تحتَ الهلاكِ([22]) |
ألا يا حارِ قد حارَتْ عقولٌ | وعلَّتْ بالعَليلِ عنِ الحَراكِ([23]) |
وقَدْ نَصَبَتْ لكَ الدُّنيا شِباكاً | فإيَّاكَ الدُّنُوَّ منَ الشِّباكِ |
وإنْ شَيَّدْتَ لي يا حارِ بيتاً | فحاوِلْ أن يكونَ على السِّماكِ([24]) |
وأَبْعِدْ إنْ قَدَرْتَ على مكانٍ | فإنِّي والحوادثَ في عِراكِ |
ـ 7 ـ في معجم السَّفر (328)([25]):
ـ من مجزوء الكامل ـ
عَظُمَ اشْتياقي، والنَّوى | أَبَتِ التَّدانيَ والوُصُولْ([26])
|
واللهُ يَعْلَمُ صِدْقَ ما | تَحْتَ الضُّلوعِ وما أقولْ
|
عِشـرونَ عاماً فُرْقَةً | هيهاتَ ما يُغْني الرَّسولْ([27]) |
ـ 8 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 114)([28]):
ـ من الطَّويل ـ
وحقِّكَ لو نِلْتَ النَّوالَ مُعَجَّلاً | لغيرِ سؤالٍ كان غيرَ جميلِ([29]) |
فكيفَ وما في الأرض وجهُ مُؤَمَّلٍ | ولا يُرتجى للجودِ غيرُ بخيلِ([30]) |
ـ 9 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 115):
ـ من الوافر ـ
ألا سَكَنٌ إذا ما ضِقْتُ يوماً | سَكَنْتُ إليهِ في شَكْوى هُمومِي([31]) |
أُوَسِّعُ صَدْرَهُ وأَحُلُّ مِنْهُ | مَحَلَّ الجُودِ مِنْ قَلْبِ الكَريمِ |
ـ 10 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 112)([32]):
ـ من الكامل ـ
ما الصَّبرُ بَعْدَ فِراقِكُمْ من شاني | رحَلَ العزاءُ برحلةِ الأظْعانِ([33]) |
ما كنْتُ أحسَبُ للمنيَّةِ ثانياً | فإذا الفِراقُ هو الحِمام الثَّاني([34]) |
بُعْداً لِذاكَ اليومِ بُعداً إنَّهُ | أجرى دموعَ العَينِ بالهَمَلانِ([35]) |
مِنْ ساترٍ دَمْعاً بفَضْلِ ردائِهِ | أو مُمْسِكٍ قَلْباً من الخَفَقانِ([36]) |
وأَلِفْتُ فيك الحُزْنَ حتَّى إنَّني | لأُسَرُّ فيك بكثرة الأشجانِ |
مَلِكٌ إذا لاذَ العُفاة ببابِهِ | أخذوا من الأيَّام عَقْدَ أمانِ |
يعطي الجزيلَ ولا يَمُنُّ كأنَّما | فَرْضٌ عليهِ نوافِلُ الإحسانِ([37]) |
* * *
([2]) أتمّ ما ذكره السِّلفيُّ أنَّه «أبو الفضل جعفر بن الطيِّب الكلبيُّ الصِّقلِّيُّ »، وورد ذلك تامّاً في موضعٍ واحدٍ من معجم السَّفر: 33.
([4]) هو مدافعُ بن رشيد بن رافع بن مكِّيِّ بن كامل بن جامع الهلاليُّ، آخرُ أمراء قابس من بني جامع، خلعه الموحِّدون سنة 554ﻫ. للتَّفصيل انظر الرَّوض المعطار: 1/ 451، ورحلة التجاني: 100 ـ 101. وتأتي مدحةُ الشَّاعر في ثَبْتِ شعره (ق2، ص70).
([5]) قابس مدينةٌ بين طرابلسَ الغرب وسفاقسَ على ساحل البحر، فيها نخلٌ وبساتين، كثيرةُ الثَّمرِ، وفيها حصنٌ حصينٌ ومبانٍ زاهيةٌ. انظر معجم البلدان: قابس.
([6]) قال السِّـلفي: «أنشـدني أبو القاسم عبد الرَّحمن بن إبراهيم بن يحيى الصَّابونيُّ المهدويُّ بالإسكندريَّة، أنشدني أبو الفضل جعفرُ بن الطَّيِّب الصِّقلِّيُّ لنفسه يخاطبُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يا سيِّدَ الرُّسُل الكِرام... (الأبيات)» معجم السَّفر: 176.
([15]) أغرُّ: أبيضُ الغُرَّةِ حَسَنُها. اللُّجين: الفضَّـة. المُحَجَّلات: الَّتي يرتفع البياضُ في قوائمها في موضع القَيد منها، ويجاوزُ الأرساغَ ولا يجاوِزُ الرُّكبتين.
([17]) جَدْواكَ: عطاياكَ وهباتك، والمفرد: جَدْوَى. سِباعُ الطَّير: الجوارحُ منها، والمُفْتَرِسُ مِنْ كلِّ حيوانٍ، المفرد سَـبُعٌ، بضمِّ الباء. العُفاةُ: الأَضْيافُ وطُلاَّب المَعْـرُوف الَّذين يَعْفُونك، أَي يأْتونك يَطْلُبون ما عندك، واحدُهُمْ عافٍ. يريد: أنَّ سباعَ الطَّير من طالبي جدواه، يعني بذلكَ قَتْلَهُ الأعداءَ، فتأتي الطَّيرُ لتأكلَ من لحومِهم.
([23]) حار: مُرَخَّمُ حارث. حارت: تاهَتْ في أمْرِها وتردَّدَتْ. علَّتْ بالعليـل: تشـاغلَتْ بـه. الحَراك: الحَرَكَةُ. ومعنى عجز البيت: شَغَلَتْهُ الهمومُ حتَّى أَقْعَدَتْهُ عن التَّدبير.
([24]) السِّماك: نجمٌ معروفٌ، وهما سِماكان؛ رامحٌ وأَعْزَل، والرَّامحُ إلى جهةِ الشِّمالِ، والأَعْزَلُ إِلى جهة الجنوب.
([25]) قال السِّلَفيُّ: «أنشدني أبو حفصٍ عمر بن عبد العزيز بن عبيد بن يوسف الطَّرابلسيُّ المالكيُّ بالثَّغر لأبي الفضل جعفر بن الطَّيِّب الصِّقلِّيِّ، وكتب بها إلى أخيه: عَظُمَ اشتياقي والنَّوى...(الأبيات)» معجم السَّفر: 328.
([28]) قال العماد: «وله في ذمِّ الاجتداء من البخـلاء: وحقِّكَ لو نِلْتَ النَّوالَ مُعَجَّـلاً...» انظر الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 114.
([31]) السَّكَنُ: مَنْ تَسْكُنُ النَّفسُ إليه منَ النَّاس وتَقَرُّ به. سَكَنْتُ: رَكَنْتُ إليه واطْمَأْنَنْتُ.
([32]) قال العماد قبل البيتين الأخيرين من هذه القطعة: « ومنها في المديح: مَلِكٌ إذا لاذَ العُفاة ببابه...» الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 112.
([33]) شاني: شأني؛ بالهمز، وسهَّلَ للتَّصريع. العزاءُ: حُسْنُ الصَّبرِ عن كلِّ ما يُفْقَدُ. الأظعان: جمع ظَعِينَة، وهي المرأة في الهَوْدَج.