ابن يخلف الكلبي الصقلي
ابن يَخْلُف الكَلْبِيُّ الصِّقلِّيُّ
أورد ترجمته الأستاذ الدكتور أسامة اختيار في كتابه الموسوعي (جمهرة أشعار الصقليين تحقيق ودارسة) والصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1437 هـ - 2016م)
فقال:
أ ـ ترجمته([1]):
أبو القاسم عبد الله بن سليمان بن يخلف الكلبيُّ الصِّقلِّيُّ.
قال الصفديُّ: «أحدُ الأدباء المُجيدين والشُّعراء المعدودين»([2]). ذكره ابنُ الصَّيرفيِّ (ت542ﻫ) في جملة شعراء اختارهم عنواناً على درجة الأدب بصقلِّيَّة قبل سقوطها بيد النُّورمان، وهذا يعني أنَّه من الشُّعراء الَّذين عاصروا مرحلة الحكم العربيِّ فيها، ونشرَ اختيارَ ابنِ الصَّيرفيِّ الشَّيخُ النَّيفَرُ في (عنوان الأريب)([3]).
ب ـ شعره:
ـ 1 ـ في الوافي بالوفيات (17/ 203 ـ 204) تامَّة، وفي فوات الوفيات (2/ 177) من دون البيت الأخير:
ـ من الوافر ـ
شَرِبْتُ على الرِّياضِ النَّيِّراتِ | وتَغْريدِ الحَمامِ السَّاجِعاتِ |
مُعَتَّقَةً أَلَذُّ منَ التَّصابي | وأَشْرَفُ في النُّفوسِ منَ الحياةِ([4]) |
تَسيرُ إلى الهُمُومِ بلا ارتياعٍ | كما سارَ الكَمِيُّ إلى الكُماةِ([5]) |
وتَجْرِي في النُّفوسِ شِفاءَ داءٍ | مَجارِي الماءِ في أصْلِ النَّباتِ([6]) |
كأنَّ حَبابَها شَبَكٌ مُقِيمٌ | لِصَيدِ الأَلْسُنِ المُتطايِراتِ([7]) |
لنا مِنْ لونِها شَفَقُ العَشايا | ومِنْ أقداحِها فَلَقُ الغَدَاةِ([8]) |
كأنَّ الأُقْحُوانَ فُصوصُ تِبْرٍ | تَرَكَّب في اللُّجينِ مُوَسَّطاتِ([9]) |
ونارَنْجٍ على الأغصانِ يَحْكِي | كُؤُوسَ الخمرِ في أيدي السُّقاةِ([10]) |
إذا ما لم تُنَعِّمْنِي حَياتِي | فَما فَضْلُ الحياةِ على الْمَماتِ |
ـ 2 ـ في الوافي بالوفيات (17/ 204) وفي فوات الوفيات (2/ 177):
ـ من الوافر ـ
أَرَحْتُ النَّفْسَ مِنْ هَمٍّ بَراحِ | وهانَ عَلَيَّ إلحاحُ اللَّواحِي([11]) |
وصاحبْتُ المُدامَ وصاحَبَتْنِي | على لذَّاتِها وعلى سَماحِي([12]) |
فما تُبْقِي على طَرَبٍ مَصُونٍ | ولا أُبْقِي على مالٍ مُباحِ |
ثَوَتْ في دَنِّها ولها هدِيرٌ | هَدِيرَ الفَحْلِ ما بينَ اللِّقاحِ([13]) |
وَصَفَّتْها السِّنُونُ ورَقَّقَتْها | كما رقَّ النَّسِيمُ مَعَ الرَّواحِ([14]) |
إلى أنْ كَشَّفَتْ عَنْها اللَّيالي | ونالَتْها يدُ القَدَرِ المُتاحِ |
فَأَبْرَزَها بُزالُ الدَّنِّ صِرْفًا | كما انْبَعَثَ النَّجِيعُ منَ الجِراحِ([15])
|
ـ 3 ـ في الوافي بالوفيات (17/ 202 ـ 203)، وهي في فوات الوفيات من دون البيت الأوَّل (2/ 176 ـ 177):
ـ من المتقارب ـ
نَعِيمِيَ أَحْلَى بِتِلْكَ الدِّيارِ | رَواحِي إلى لَذَّةٍ وابْتِكارِي([16]) |
فَلَيْتَ لَيالِي الصُّدُودِ الطِّوالَ | فداءُ لَيالِي الوِصالِ القِصارِ |
زَماناً أَبِيتُ طَلِيقَ الرُّقادِ | وأَغْدُو خَلِيّاً خَلِيعَ العِذارِ([17]) |
وَلْم يَكُنِ الهَجْرُ مِمَّا أخافُ | ولا العاذِلُ الفَظُّ مِمَّنْ أُدارِي([18]) |
أُسابِقُ صَحْبِي بِصُبْحِ الدِّنانِ | وأَصْرِفُ لَيلِي بِصِـرْفِ العُقارِ([19]) |
ألا رُبَّ يومٍ لنا بالمُروجِ | بَخِيلِ الضِّياءِ جَوادِ القِطارِ([20]) |
كأنَّ الشَّقيقَ بها وَجْنَةٌ | بآخرِها لَمْعَةٌ مِنْ عِذارِ([21]) |
وسَوسَنُها مِثْلُ بِيضِ القِبابِ | بأوساطِها عُمُدٌ مِنْ نُضارِ([22]) |
ترى النَّرْجِسَ الغَضَّ فوقَ الغُصو | نِ مِثْلَ المَصابيحِ فوقَ المَنارِ([23]) |
أَقَمْنا نُسابِقُ صَرْفَ الزَّمانِ | بِداراً إلى عَيشِنا المُسْتَعارِ([24]) |
نُجِيبُ وصوتُ القَناني القِيانُ | إذا ما أَجابَتْ غِناءَ القَمَارِي([25]) |
وَتُصْبحُ عِيدانُنا في اصْطِخابٍ | يَلَذُّ وأطيارُنا في اشْتِجارِ([26]) |
نَشُمُّ الخُدُودَ شَمِيمَ الرِّياضِ | ونَجْنِي النُّهودَ اجْتِناءَ الثِّمارِ |
ونُسْقَى على النَّور مِثْلَ النُّجومِ | ومِثْلَ البُدُورِ اعْتَلَتْ لِلْمَدارِ([27]) |
عُقاراً هِيَ النَّارُ في نُورِها | فلولا المِزاجُ رَمَتْ بالشَّـرارِ([28]) |
إذا ما لَقِيتَ اللَّيالِي بها | فَأَنْتَ على صَرْفِها بالخِيارِ([29]) |
نَعِمْنا بها وكأنَّ النُّجومَ | دراهِمُ مِنْ فِضَّةٍ في نِثارِ([30]) |
ـ 4 ـ في عنوان الأريب (1/ 126):
ـ من الكامل ـ
عَهْدِي ببؤسِ رُباكَ وَهْوَ نَعِيمُ | أيَّامَ أنتَ على الحِسانِ كَرِيمُ |
أيَّامَ فيكَ منَ الكَواعِبِ جَنَّةٌ | مَعْشُوقةٌ ومنَ الوُشاةِ جَحِيمُ |
وأهاجَنِي بَرْقٌ يَشُوقُ إلى الحِمى | قَلْبَ المَشُوقِ فلا يزالُ يَهِيمُ |
حَسُنَتْ بهِ الدُّنيا فكلُّ قَرارَةٍ | روضٌ وكُلُّ صَباً يَهبُّ نَسِيمُ([31]) |
تِلْكَ الرِّياضُ المُحْيِيَاتُ نفوسَنا | أنفاسُها، لا الشِّيحُ والقَيصومُ([32]) |
[سُقياً] لأيَّام ِالرَّبيعِ وحُسْنِها | لو أنَّ ذاكَ الحُسْنَ كانَ يدومُ([33]) |
طابَتْ حدائقُها و[رُقْنَ] كأنَّها | جُودي النَّثيرُ ولَفْظيَ المنظومُ([34]) |
وأنا الَّذي حازَتْ مَناسِبُهُ العُلا | وأنافَ مِنْها مُحْدَثٌ وقَدِيمُ([35]) |
شَرَفي سَماءٌ للسَّماءِ مُنِيفَةٌ | وخَلائقي فوقَ النُّجوم نجومُ |
مادُمْتُ فالفخرُ المُؤَثَّلُ دائمٌ | فإذا عُدِمْتُ فإنَّهُ مَعْدومُ([36]) |
* * *
([9]) الأُقُحوان: نَبْتٌ طيِّبُ الرِّيحِ حواليه وَرَقٌ أبيضُ ووَسَطُهُ أَصْفَرُ، واحدته أُقْحوانة. فصوصُ التِّبرِ: حبَّاتُ الذَّهَبِ. اللُّجين: الفِضَّة.
([13]) ثَوَتْ: أقامَتْ. الدَّنُّ: ما عَظُمَ من الرَّواقيدِ والأوعيةِ تُجْعَلُ فيه الخَمْرُ وغيرُها. الفَحْلُ: الذَّكَرُ من الإبل وغيرها. اللِّقاح: بكسر اللاَّم، الإِبلُ بأعيانها؛ الواحدة لَقُوح.
([19]) في الوافي بالوفيات (صبحي) بدلَ (صحبي) يجوز. وفيه (الكبار) بدلَ (العقار) تحريفٌ، والتَّصويب من فوات الوفيات. العُقار: الخمر، سمِّيت بذلك لمُعاقَرتها الدَّنَّ؛ أَي ملازمته.
([23]) في فوات الوفيات (شبيه) بدلَ (مثل) ويختلُّ به الوزن، والتَّصويب من الوافي بالوفيات. النَّرجِسُ: ضربٌ من الرَّياحين. غضٌّ: طريٌّ.
([25]) في فوات الوفيات (تجيب لصوت القناني القيانُ...). القَناني: الواحدة قِنِّينَة، وهي إناءٌ من زُجاجٍ يُتَّخَذ للشَّرابِ. القِيان: واحدتها قَينة، وهي الأَمَةُ المُغَنِيَّة. أراد: كأنَّ صوتَ قَناني الخمرِ غناءُ القِيانِ. القَمَارِيُّ: الواحدةُ قُمْرِيَّة؛ ضَرْبٌ من الحَمامِ.
([26]) في فوات الوفيات (تلذُّ). العِيدانُ: الواحد عُودٌ، وهو ضَرْبٌ من المعازِف معروفٌ. الاصطخابُ: اختلاط الأصوات.