جاري التحميل

عثمان بن علي السرقوسي

الأعلام

عثمان بن علي السَّرَقُوسِيُّ

أورد ترجمته الأستاذ الدكتور أسامة اختيار في كتابه الموسوعي (جمهرة أشعار الصقليين تحقيق ودارسة) والصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1437 هـ - 2016م)

فقال:

 

أ ـ ترجمته([1]):

أبو عمرو عثمان بن عليِّ بن عمر الخَزْرَجِيُّ السَّرَقُوسِيُّ الصِّقلِّيُّ. والسَّرَقُوسيُّ نسبة إلى (سَرَقُوسَة)([2]).

أديبٌ شاعرٌ مقرئٌ لغويٌّ عالمٌ بالنَّحو. ذكره ياقوت الحَمَويُّ في ترجمتين منفصلتين، ويتَّضح من التَّرجمتين أنَّهما له، ونَسَبُهُ في التَّرجمة الأُولى: عثمانُ بنُ عليِّ ابنِ عمرَ السَّرَقُوسِيُّ النَّحويُّ الصِّقلِّيُّ أبو عمرو([3])، وذكر ياقوتُ خبراً دلَّ على اتِّصال نَسَبِ هذا الشَّاعر بالأنصار من الخَزْرج، ويتَّضحُ ذِكْرُ ذلك في بعض مناسباتِ شعره أيضاً([4])، ونَسَبُه في التَّرجمة الثَّانية: عثمانُ بنُ عليِّ بنِ عمرَ الخَزْرَجِيُّ الصِّقِلِّيُّ أبو عَمرو النَّحويُّ([5]) وما في التَّرجمتين يؤكِّد أنَّهما لرجلٍ واحدٍ.

غادر صقلِّيَّةَ فيمن غادرها بعد اضطراب أحوالها في أثناء الحكم النُّورمانيِّ، فدخل مصر، ولقيه السِّلَفِيُّ (ت 576ﻫ) وقرَّظه فقال: «له تواليفُ في القراءات والنَّحو والعَروض، وصارت له في جامع مصر حَلْقَةٌ للإقراء وانْتُفِع به، ولا زمني مدَّةَ مقامي بمصر، وقرأ عليَّ كثيراً»([6]).

من مصنَّفاته: (المختصر في القوافي) و(مخارج الحروف) و(مختصر العُمْدَة لابن رشيق) و(شرح الإيضاح للقزوينيِّ)([7]).

ب ـ شعره:

 ـ 1 ـ في إنباه الرُّواة (2/ 342 ـ 343)، وفي إشارة التَّعيين (202 ـ 203) والبُلغة (143) من دون البيت الرَّابع فيهما، ومنها البيت الأوَّل في معجم الأدباء (3/ 488 ):

 ـ من الكامل ـ

إنَّ المشيبَ منَ الخُطُوبِ خَطِيبُ

ألَّا هوًى بَعْدَ الشَّبابِ يَطِيبُ

خَطَبَ الخِضابُ على قَضِيبكَ خُطْبَةً



لا غُصْنَ مِنْ بَعْدِ المَشِيبِ رَطِيبُ

فَدَعِ الصِّبا فَمِنَ المُصِيبَةِ أنْ تُرْى

صَبّاً وَصَيِّبُ مُقْلَتَيكَ يَصُوبُ

إنَّ الخِضابَ لِعَيْنِ عِيْنٍ ضِدُّهُ

بِبَنانِهنَّ وَكَفُّهنَّ خَضِيبُ([8])

ضَحِكَ المَشِيبُ بِلِمَّتِي فَبَكَتْ لَهُ

عَينِي فَمِنِّي ضاحِكٌ وقَطُوبُ([9])

ضِدَّانِ مُجْتَمِعانِ في وَقْتٍ مَعاً

في ذاتِ مَرْءٍ إنَّ ذا لَعَجِيبُ

 ـ 2 ـ في معجم الأدباء (3/ 489 ):

 ـ من الكامل ـ

هَيْنٌ عليها أنْ تَرَى الصَّبَّا

يَتَجَرَّعُ الأَوْصابَ والْكَرْبَا

مَنْ لَمْ يَصِدْ بتَكَلُّفٍ قَنَصاً

وَتَعَمُّدٍ للصَّيدِ لَمْ يَعْبَا([10])

لا تَعْتَنِي، يا هذهِ، بِفَتًى

أخذَتْ جُفُونُكِ قَلْبَهُ غَصْبَا

أَوَ ما عَلِمْتِ بأنَّهُ رَجُلٌ

لَمَّا دَعاهُ هَواكُمُ لَبَّى؟ 

 ـ 3 ـ في معجم الأدباء (3/ 492):

 ـ من الكامل ـ

دَمْعٌ رأى بَرْقَ الحِمَى فَتَحَدَّرا

وَجَوًى ذكَرْتُ لَهُ الحِمَى فَتَسَعَّرا([11])

لَو لَمْ يَكُنْ هَجْرٌ لما عَذُبَ الهَوَى

أنا أَشْتَهِي مِنْ هاجِرِي أنْ يَهْجُرا

بَينِي وبَيْنَ الحِبِّ نِسْبَةُ عُنْصُـرٍ

فَمَتَى وَصَلْتُ وَصَلْتُ ذاكَ العُنْصُرا([12])

 ـ 4 ـ في معجم الأدباء (3/ 492):

 ـ من الكامل ـ

رَحَلَتْ فَعَلَّمَتِ الفُؤادَ رَحِيلا

وَبَكَتْ فَصَيَّرَتِ الأسِيلَ مَسِيلا([13])

وَحَدا بها حادٍ حَدا بي للنَّوَى

لَكِنَّ منَّا قاتِلاً وَقَتِيلا

وإذا الحبيبُ أرادَ قَتْلَ مُحِبِّهِ

جَعَلَ الفِراقَ إلى المماتِ سَبيلا

 ـ 5 ـ في معجم الأدباء (3/ 488 ـ 489)([14]):

 ـ من السَّريع ـ

تَوَّجَنِي مَولايَ مِنْ قَولِهِ

تاجاً عَلا التِّيجانَ مِنْ قَبْلِهِ

لأنَّها تَبْلَى، وهذا إذا

مَرَّتْ بهِ الأيَّامُ لَمْ تُبْلِهِ

فَنَثْرُه الإكْلِيلُ في فَرْعِهِ

وَنَظْمُهُ الجَوْهَرُ مِنْ أَصْلِه

وَهْوَ فَقِيهٌ حافِظٌ في الْوَرَى

مُهَذَّبٌ يجري على رِسْلِهِ

كَلاَّ، وأمَّا إنْ جَرَى فالْوَرَى

عُذراهُمُ ما كانَ مِنْ سَيلِهِ

فَعِلْمُهُ يُشْتَقُّ مِنْ لَفْظِهِ

وَلَفْظُهُ يُشْتَقُّ مِنْ فَضْلِهِ

تَكامَلَتْ أَوصافُهُ كُلُّها

وَمِثْلُهُ مَنْ كانَ مِنْ مِثْلِهِ

وما أنا إلَّا كَمُهدٍ إلى

بغدادَ وَالْبَصْـرَةَ مِنْ نَخْلِهِ

فَلَو تَفَرَّغْتُ إلى نَقْلِهِ

أَوْ كانَ عِنْدِي الأمُّ مَنْ شَكْلِهِ([15])

عُذْرِي إلى مَولايَ أنِّي امرؤٌ

مسافرٌ والشُّغْلُ مِنْ فِعْلِهِ

لِكُلِّهِ مِنْ بَعْضِهِ شاغِلٌ

وبَعْضُهُ المشْغُولُ مِنْ كلِّهِ

 ـ 6 ـ في معجم الأدباء (3/ 493):

 ـ من الطَّويل ـ

يَهُونُ عليها أنْ أبيتَ مُتَيَّما

وأُصْبِحَ مَحْزُوناً وأُضْحِيَ مُغْرَما

صِلِي مُدْنَفاً أَوْ واعِدِيهِ وأَخْلِفِي

فَقَدْ يَتَرَجَّى الآلَ مَنْ شَفَّهُ الظَّما([16])

ضَمانٌ على عَيْنَيكِ قَتْلِي وإنَّما

ضَمانٌ على عَيْنَيَّ أنْ تَبْكِيا دَما

لِيَفْدِكِ ما أَسْأَرْتِ مِنِّي فإنَّها

حُشاشَةُ صَبٍّ أَزْمَعَتْ أنْ تَصَرَّما([17])

*  *  *

 



([1])  معجم الأدباء: 3/ 488 ـ 489، 3/ 489 ـ 493. إشارة التَّعيين: 202 ـ 203. إنباه الرُّواة: 2/ 342 ـ 343. بغية الوعاة: 2/ 134. البُلْغَة: 142.

([2])  مدينةٌ في صقلِّيَّة عظيمةٌ، تقع على السَّاحل الشَّرقيِّ من ناحية الجنوب، ذاتُ أسواقٍ كبيرةٍ، ومبانٍ واسعةٍ. انظر نزهة المشتاق: 2/ 597، ومعجم البلدان: سرقوسة.

([3])   معجم الأدباء: 3/ 488 ـ 489.

([4])   يأتي ذلك في مناسبة شعره (ق5، ص232 ـ 233).

([5])   معجم الأدباء: 3/ 489 ـ 493.

([6])   المصدر نفسه: 3/ 488.

([7])   معجم الآباء: 3/ 492.

([8])   عِين: جمع عَيناء وهي المرأةُ الواسعةُ العَينِ. معنى البيت: الخِضابُ للرَّجل في عَينِ النِّساءِ قبيحٌ، على خلافِ الخِضابِ في بَنانِهِنَّ وأَكُفِّهِنَّ.

([9])   في إشارة التَّعيين وفي البُلْغَة ( باسم) بدلَ (ضاحك).

([10])   التكلُّف: تَجَشُّمُ المشقَّة. يعبا: يعبأ؛ بتسهيل الهمز، أي يبالي ويهتمُّ له.

([11])   تحدَّرَ: تَنَزَّلَ وسال. الجَوى: شدَّةُ الوَجْدِ. تسعَّرَ: اتَّقدَ.

([12])   الحِبُّ: بكسر الباء، الحبيب. العُنصر: الأصلُ والحَسَبُ.

([13])   الأسيلُ: الأملسُ المستوي، صفةٌ لِلْخَدِّ. المسيلُ: مجرى سَيَلانِ الدَّمع.

([14])   المناسبة: «قال أحمدُ بنُ سِلَفَة: كَتَبْتُ إلى المُقرئ أبي عمرو عثمان بن عليِّ بن عمر الصِّقلِّيِّ الأنصاريِّ بالإسكندريَّة كتاباً يشتملُ على نظمٍ ونثرٍ من جُمْلَتِهِ:                                    =

=

ما وَقَعَتْ عَينِي على مِثْلِهِ

في فَضْلِهِ الوافي وفي نُبْلِهِ

 

وليس بدعاً مثل أخلاقهِ

منه وممَّنْ كان في شكلِهِ

 

فإنَّهُ من عُنْصُـرٍ طيِّبٍ

ويرجعُ الفَرْعُ إلى أصلِهِ

فأجابَ بهذهِ الورقةِ: وَقَفْتُ على ما تَفَضَّلَتْ به حَضْرَتُه، وانتهَتْ إليه من الآداب هِمَّتُه، فمن نثرٍ رأيتُ العلمَ مضمونَه، والدُّرَّ مكنونَه، والحكمةَ قرينَه، ومِنْ نظمٍ كانت الفصاحةُ يمينَه، وفصل الخطاب عِرنينه. ووَدَّ فصيحُ الكلامِ أن يكونَه، وأحيا القلوب، وكشفَ لها المحجوب، من كلِّ حكمة لم تكن لتصلَ إليه لولاه، وسحر بلاغةٍ له مَنَحَهُ إيَّاها الله، فقلْتُ والخاطرُ لسفري خاطر، وماءُ مُزني بعدَ شآبيبِهِ قاطر: تَوَّجَنِي مولاي من قَولِهِ... (الأبيات)» معجم الأدباء: 3/ 488 ـ 489. أحمد بن سِلَفَة هو جدُّ السِّلَفيِّ أبي طاهر أحمد بن محمَّد المعروف، فقيهٌ أديبٌ. انظر ترجمته في سير أعلام النُّبلاء: 21/ 5 ـ 6.

([15])   تفرَّغ: تخلَّى من الشُّغْلِ لأمرٍ. الأمُّ: الأصلُ.

([16])   المُدْنَفُ: من براهُ المرضُ. الآلُ: السَّراب. الظَّما: الظَّمأ؛ بتسهيل الهمز.

([17])  أَسْأَرْتِ: أَبْقَيْتِ. الحُشاشَةُ: بقيَّةُ الرُّوح في المريض. الصَّبُّ: المشوق. أَزْمَعَتْ: عَزَمَتْ. تَصَرَّم: تَتَصَرَّم بحذف إحدى التاءين تخفيفاً، أي تَتَقَطَّع.

الأعلام