جاري التحميل

أبو الضوء الصقلي

الأعلام

أبو الضَّوء الصِّقلِّيُّ

أورد ترجمته الأستاذ الدكتور أسامة اختيار في كتابه الموسوعي (جمهرة أشعار الصقليين تحقيق ودارسة) والصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1437 هـ - 2016م)

فقال:

 

أ ـ ترجمته([1]):

أبو الضَّوء سراج بن أحمد بن رجاء المراديُّ.

قال العماد: «هذا الفاضل لم يقع إليَّ من شعره شيءٌ، لكنَّني أحببْتُ ذكرَهُ بإثباتِ ما قيلَ فيه، وشهادة ذلك على قدره النَّبيه، وإن سمحَ الدَّهرُ الضَّنينُ بعد هذا بشيءٍ من فوائده اغتنمْتُ إثباتَهُ، وجمعْتُ في هذا المؤلَّف شتاتَهُ، ثمَّ وقع بيدي كتابٌ ألَّفه ابنُ بِشرون الكاتبُ بصقلِّيَّة في عصرنا هذا، ووسمَهُ بالمختار في النَّظم والنَّثر لأفاضل العصر، وذكر فيه الشيخَ أبا الضَّوء سراجاً، وأوضحَ من محاسِنِهِ الغُرِّ ومناقبه الزُّهر منهاجاً، ووصفه بصحَّةِ التَّصوُّر، وصِدْقِ التَّخيُّل، وسدادِ الرَّأي، وحِدَّةِ الخاطر، وأنَّ شعرَهُ بديعُ الحَوْكِ، رفيعُ السَّلْكِ»([2]).

توفي سنة إحدى وأربعين وخمسمئة (541 ﻫ)([3]).

ب ـ شعره:

 ـ 1 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 277):

 ـ من المنسرح ـ

قالُوا: حبيبي أصابَهُ رَمَدٌ

جَفا الكَرَى جَفْنُهُ لِما وَجَدا([4])

يا لَيتَنِي كُنْتُ دُونَهُ ولَهُ

نَفْسِـي فِداءٌ فَقَلَّ ذاكَ فِدا

مَرَّ فأبْدَى احْمِرارُ وَجْنَتِهِ

مِنْ دَمِ قَلْبي هواهُ ما وَجِدا([5])

فَراعَنِي بَهْجَةً وأَدْهَشَنِي

فَظَلْتُ أَدْعُوهُ مُنْشِداً غَرِدا([6])

يا أرمدَ العَينِ قِفْ بساحَتِنا

كَيما نُداوي مِنْ جَفْنِكَ الرَّمدا

 ـ 2 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 277 ـ 278)([7]):

 ـ من الطَّويل ـ

بكاءٌ، وما سَالَتْ عُيونٌ وأجفانُ

شُجونٌ، وما ذابَتْ قلوبٌ وأبدانُ

خَبا القَمَرُ الأَسْنَى فَأَظْلَمَتِ الدُّنى

ومادَ منَ العَلياءِ والمَجْدِ أركانُ

أَحِيْنَ اسْتَوى في حُسْنِهِ وجَلالِهِ

وتاهَتْ بهِ أطوادُ عِزٍّ وأوطانُ([8])


تَخَطَّفَهُ رَيْبُ المَنُونِ مُخاتِلاً

على غِرَّةٍ إنَّ المَنُونَ لَخَوَّانُ([9])
 

كذلكَ أعْراضُ البُدورِ يَعُوقُها

إذا كَمُلَتْ مِنْ حادثِ الدَّهْرِ نُقْصانُ

لَحقٌّ بأنْ يُبْكَى عليهِ بأدمُعٍ

لها في مَسِيلِ الخَدِّ دُرٌّ ومَرْجانُ

وتُحْرَقَ أكبادٌ وتَمْرَضَ أنْفُسٌ

وتَعْظُمَ أتْراحٌ وتَكْبُرَ أشْجانُ

وتهتاجَ أحزانٌ وتهمى مدامعٌ

وتُجْمَعَ أمواهٌ غِزارٌ ونِيرانُ

تَبَكَّتْ لهُ خَيماتُه وقُصُورُه

وناحَتْ عليه مُرْهَفاتٌ ومُرَّانُ([10])

وعادَ صَهيلُ الخَيلِ في لَهَواتِها

حَنِيناً وعَافَتْهُنَّ لُجْمٌ وأَرْسانُ([11])

وما ناحَ وُرْقُ الأَيْكِ إلَّا لَهُ، فلو

دَرَتْ لَبَكَتْ قَبْلَ الحَمائمِ أغصانُ([12])
 

فَيَا لكَ مِنْ رُزْءٍ عَظيمٍ وحادثٍ
 

يَعزُّ له صَبْرٌ ويُعْوِزُ سُلْوانُ

ويا يَومَهُ ما كانَ [أفْظَعَ] هَوْلَهُ

تَشِيبُ لِمَرآهُ المُرَوِّعِ وُلْدانُ([13])

كأنَّ مُنادِي البَعْثِ قامَ مُنادِياً
 

لِحَشرٍ فَهَبَّ الخَلْقُ طُرّاً كما كانُوا

وشُقَّتْ قُلوبٌ لا جُيوبٌ، ورَجَّعَتْ

بَلابِلُ، وارْتَجَّتْ نفوسٌ وأذهانُ([14])
 

وكانُوا بلُبْسِ اللَّهوِ بِيضاً حَمائماً
 

فَعادُوا وَهُمْ في مَلْبَسِ الحُزْنِ غِرْبانُ

 ـ 3 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 276)([15]):

 ـ من الوافر ـ

ألا انجابَتْ فَضاءَ لنا الخَفِيُّ

وأَعْشَى الأَعْيُنَ القَمَرُ المُضِـيُّ([16])

وما خابَتْ بما شَامَتْ نُفُوسٌ

شَفَى غُلاَّتِها جُودٌ ورِيُّ([17])

مَنِ [الحَبْرُ] الَّذي وافَى بَلِرْما

أعيسى المجدُ أمْ عيسى النَّبيُّ؟([18])

وكيفَ بدا وما إنْ حانَ حَشْـرٌ

وَكُلُّ مَواتِ هذا الخَلْقِ حَيُّ؟

رُوَيدَكَ رُبَّ خَوَّارٍ ضعيفٍ

غدا وَهُوَ القَوِيُّ القَسْوَرِيُّ([19])

أعِدْ نَظَراً، وجَلِّ بحُسْنِ ظَنٍّ

غَبايا الشَّكِّ يَبْدُ لكَ الجَلِيُّ([20])

ألا خُذْها وِداداً لا عِناداً

أجَدَّ صفاءَها قَلْبٌ صَفِيُّ([21])

*  *  *



([1])   الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 273 ـ 276، هدية العارفين: 1/ 382.

([2])   الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 275 ـ 276.

([3])   هدية العارفين: 1/ 382.

([4])   الرَّمَدُ: هَيجانُ العَينِ وانتفاخُها.

([5])   الوَجْنَةُ: ما ارتفعَ منَ الخَدَّيْن. ما وَجِدَ: ما كابدَ الحبَّ.

([6])   راعني: أعجبني، والرَّوعُ المَسْحَةُ من الجمال.

([7])   قال العماد: «وقولُه من مَرْثِيَةٍ في وَلَدِ رُجار الإفرنجيِّ صاحبِ صقلِّيَّة أوَّلها: بكاءٌ وما سالَتْ عُيونٌ وأجفانُ... (الأبيات)» الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 277.

([8])   تاه: اختالَ عُجباً. أطواد: جمع طَوْد، وهو الجَبَلُ العظيمُ.

([9])   تَخَطَّفَهُ: أخذه استلاباً. رَيْبُ المَنُونِ: صَرْفُهُ. المُخاتِلُ: المُخادِعُ. على غِرَّةٍ: على غَفْلةٍ.

([10])   المُرهَفاتُ: السُّيوفُ الرَّقيقةُ الحواشي. المُرَّان: الرِّماحُ الصُّلْبَةُ اللَّدْنَةُ، واحدتُها مُرَّانة.

([11])  لَهَواتُ: جمع لَهاة، وهي اللَّحْمَةُ المُشْـرِفةُ على الحَلْقِ. عافَتْهُنَّ: تَرَكَتْهُنَّ. لُجْم: جمع لِجام، ويكون من حَبْلٍ أَو عصاً تُدْخَل في فم الدَّابَّة. أَرْسان: جمع رَسَن، وهو الحَبْلُ وما كان من زِمامٍ يُقادُ به الفرس.

([12])   وُرْق: جمع وَرْقاء، صفةُ لونٍ للحَمامةِ بين السَّوادِ والغُبْرَة. الأيْكُ: الشَّجَرُ المُلْتَفُّ.

([13])   في الأصل (أقطع) بدلَ (أفظع) والمعنى يقتضي ما أثبتُّه.

([14])   رَجَّعَتْ: رَدَّدَتْ وأعادَتِ الشَّدْوَ. ارْتَجَّتْ: اضطربَتْ.

([15])   في مناسبة الأبيات: «أنَّ الفقيهَ عيسى بنَ عبد المُنْعِم الصِّقلِّيَّ كتبَ إليهِ يستعيرُ منه كتاباً:

لنا حاجٌ وأنتَ بها مَلِيُّ

ورَأيُكَ في السَّماحِ بها عَلِيُّ



فأجابه أبو الضَّوء: ألا انجابَتْ فضاءَ لنا الخَفِيُّ... الأبيات». انظر الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 276.

تأتي أبياتُ عيسى بن عبد المُنْعِم الصِّقلِّيِّ بتمامها في شعره: (ق10، ص264 ـ 265). وتأتي ترجمة الشَّاعر عيسى بن عبد المُنْعِم الصِّقلِّيُّ:ص256.

([16])   انجابَتْ: تَكَشَّفَتْ غُمَّتُها. أعشى الأعينَ: أصابَها بالعَشا فلا تُبْصِرُ ليلاً.

([17])   شامَ: نظرَ إلى السَّحاب أينَ يَقْصِدُ وأين يُمطر. الغُلَّةُ: شدَّةُ العَطَشِ وحرارتُه.

([18])   في الأصل (الخبر) بدلَ (الحبر) والمعنى يقتضي ما أثبتُّه، والحَبْرُ: العالِمُ.

([19])   الخوَّارُ: الَّذي لا عَزْمَ له في الشِّدَّة. القَسْوَرِيُّ: المنسوبُ إلى القَسْوَر، وهو الأسَدُ.

([20])   جَلِّ: أَظْهِرْ وأَوْضِحْ. غبايا الشَّكِّ: خفاياه. الجليُّ: الأمرُ الواضح.

([21])   أجدَّ صفاءَها: جَدَّدَهُ وأَوْضَحَه. صَفِيٌّ: خالصٌ من كلِّ شائبة.

الأعلام