جاري التحميل

ابن بشرون

الأعلام

ابن بِشْرون

أورد ترجمته الأستاذ الدكتور أسامة اختيار في كتابه الموسوعي (جمهرة أشعار الصقليين تحقيق ودارسة) والصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1437 هـ - 2016م)

فقال:

 

أ ـ ترجمته([1]):

عثمان بن عبـد الرَّحيـم بن عبد الرَّزاق بن جعفـر بـن بِشْـرون بن شـبيب الصِّقِلِّيُّ([2]).

أديبٌ شاعرٌ مصنِّفٌ، له كتابٌ سقطَ من يدِ الزَّمان ذكرَ فيه شعراءَ عصره، وخصَّ أبناءَ قُطْره من الصِّقلِّيِّين المعاصرين له بالعناية، ونقل العمادُ عن هذا الكتابِ شعرَ جملةٍ من الصِّقلِّيِّين في (الخريدة)([3]).

ذكـر العمـادُ مصنَّفَ ابن بِشْرون في مواضعَ كثيرةٍ من (الخريدة) فسمَّاه (المختار) اختصاراً، ثمَّ ذكرَ عنوانَهُ تامّاً في سياق ما نقلَهُ عنه من تراجم المصـريِّين، فسـمَّاه (المختار في النَّظم والنَّثر لأفاضل أهـل العصر)([4]) وذكرَ عنوانَهُ أيضاً في سياق ما أوردَهُ من مكاتباتٍ منظومةٍ ومنثورةٍ كانت قد جرَتْ بين الأديب الحكيم أبي الصَّلْتِ أميَّـة بن عبـد العزيـز الأندلسيِّ (ت 529ﻫ)([5]) وأبي الضَّوء الصِّقلِّيِّ([6])، وذكرَ عنوانَه في هذا الموضع من غير لفظ (أهل) فقال: «ثمَّ وقعَ بيدي كتابٌ ألَّفَهُ ابن بِشْرون الكاتب بصقلِّيَّة في عصرنا هذا ووَسَمَهُ بالمختار في النَّظم والنَّثر لأفاضل العصر»([7]).

ذكر العمادُ السَّنـة الَّتي وضع فيها ابنُ بِشْـرون كتابَه (المختار) فقال: «وقد صَنَّفَ هذا الكتابَ في عصرنا الأقرب في سنة إحدى وستِّين وخمس مئةٍ»([8])فتكون وفاته (بعد 561ﻫ).

ولمَّا كان شعراءُ ابن بِشْرون في (المختار) من أهل عصره فهذا يدلُّ على زَمَنِهم، وبذلك يكون الصِّقلِّيُّون في كتابه من شعراء العصر النُّورمانيِّ.

ب ـ شعره:

في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 24)([9]):

 ـ من مجزوء الكامل ـ

للهِ مَنْصُورِيَّةٌ

راقَتْ ببَهْجَتِها البَهِيَّةْ([10])

وبقَصـْرِها الحَسَنِ البِنا

والشَّكْلِ والغُرَفِ العَلِيَّةْ

وبوَحْشِها ومِياهِها الْـ

 ـغُزْرِ العُيونِ الكَوْثَريَّةْ([11])

فَقَدِ اكتَسَتْ جَنَّاتُها

مِنْ نَبْتِها حُلَلاً بَهِيَّةْ([12])

غَطَّى عَبِيرَ تُرابِها

بمُدَبَّجاتٍ سُنْدُسِيَّةْ([13])


يُهْدِي إليكَ نَسِيمُها

أفْواهَ طِيبٍ عَنْبَرِيَّةْ([14])

واستَوْسَقَتْ أشْجارُها

بأطايِبِ [الثَّمَرِ] الجَنِيَّةْ([15])

وتَجاوَبَتْ أطْيارُها

في الصُّبْحِ دَأْباً والعَشِيَّةْ([16])

وبها (رُجَارُ) سَما العُلا

مَلِكُ المُلُوكِ القَيْصـَرِيَّةْ([17])

في طِيبِ عَيشٍ دائِمٍ

ومَشاهدٍ فيها شَهِيَّةْ

*  *  *

 



([1])   الخريدة ـ شعراء مصر: 2/ 115. وكشف الظُّنون: 2/ 1102.

([2])   ذُكِرَ بكُنيته (ابن بشـرون) في كشـف الظُّنون: 2/ 1102، وتفرَّد العمادُ بذكر نَسَبِهِ تامّاً في الخريدة ـ شعراء مصر: 2/ 115.

([3])   انظر الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 17 ـ 47.

([4])   الخريدة ـ شعراء مصر: 2/ 115، وكشف الظُّنون: 2/ 1102.

([5])   أبو الصَّلت أميَّة بن عبد العزيز بن أبي الصَّلت الدَّانيُّ الأندلسيُّ (ت 529ﻫ)، أديبٌ شاعرٌ ناثرٌ، له تصانيفُ حِسان. انظر ترجمته في وفيات الأعيان: 1/ 243.

([6])   أبو الضَّوء أحدُ الشُّعراء الصِّقلِّيِّين، وتأتي ترجمته: 150.

([7])   الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 276.

([8])   الخريدة ـ شعراء مصر: 2/ 115.

([9])   نَظَمَ الشَّاعر الصِّقلِّيُّ عبدُ الرَّحمن البَثِيرِيُّ قصيدةً مدحَ بها روجار الثَّاني (ت548ﻫ) حاكمَ صقلِّيَّة الَّذي قرَّب إليه العربَ في زمان حُكْمِهِ، ومطلعُها:

أدِرِ الرَّحِيقَ العَسْجَدِيَّةْ

وَصِلِ اصطباحَكَ بالعَشِيَّةْ

 

قال العماد: «قال ابن بشرون: لمَّا عَرَضَ عبد الرَّحمن عليَّ هذه القصيدة، سألني أنْ أعملَ على وَزْنِها ورَوِيِّها، فقلت: للهِ مَنْصُورِيَّةٌ... (الأبيات)» الخريدة ـ شعراء المغرب 1/ 24، وتأتي ترجمة الشَّاعر عبد الرَّحمن البَثِيرِيِّ: 214.

أمَّا روجارُ الثَّاني المذكور فهو حاكمُ صقلِّيَّة وليها بعد أبيه روجار سنة (494ﻫ)، وحكمَها على طريقة ملوك العرب، وكان يتقن العربيَّة، واتَّخذ شعراء من العرب يمدحونه. للتَّفصيل انظر العِبر: 4/ 269، والخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 21.

([10])   المنصوريَّة مدينـةٌ في صقلِّـيَّة استحدثها المنصور أبو الطَّاهر إسماعيل (ت 341ﻫ) وكان قد استحدثَ قبلها المنصوريَّةَ الَّتي بالمغرب سنة 337ﻫ . معجم البلدان: منصورة.

([11])   الكَوثريَّة: نسبة إلى الكَوثر، وهو نَهْرٌ في الجنَّة، تتشعَّبُ منه أنهارُها جميعاً.

([12])   حُلَل: جمع حُلَّة، والحُلَّة عند العرب القميص والإِزار والرِّداء معاً، واستعارها للجنَّات للدِّلالة على الوَشْيِ والحَبْرَة.

([13])  المُدَبَّجات: الثِّيابُ الَّتي زُيِّنَتْ أطرافُها بالدِّيباج، وهو ضَرْبٌ من الحرير. السُّنْدُسِيَّة: المُتَّخذة منَ السُّنْدُس، وهو رقيقُ الدِّيباج. وأرادَ الأرضَ الَّتي اكتسَتْ بأبهى حُلَلِها.

([14])   أفْواهُ الطِّيب: نوافِحُهُ، المفرد فُوْهٌ.

([15])  في الأصل (الشَّجر) تحريفٌ، ولعلَّ المعنى يقتضي أن يكون (الثَّمر) كما أثبتُّه، منعاً لتكرار =

   =     اللَّفظ من غير فائدةٍ.

استَوْسَقَتْ: تَجَمَّعَتْ وكَثُرَ حَمْلُها. الأطايب: الخِيارُ من كلِّ شيءٍ، واحدُهُ أَطْيَبُ. الجَنِيَّة: الثِّمارُ إذا صارَتْ تُجْتَنَى لِتُؤكَلَ.

([16])   تجاوَبَتْ: جاوبَ بعضُها بعضاً في الشَّـدْوِ. دَأْباً منصـوبٌ على المصـدر، والدَّأبُ: العادةُ والمُلازَمةُ لأمرٍ.

([17])   رُجَارُ: هو روجار الثَّاني حاكم صقلِّيَّة، تقدَّمت ترجمته: 59.

الأعلام