أحمد بن قاسم الصقلي
أحمد بن قاسم الصِّقلِّيُّ
أورد ترجمته الأستاذ الدكتور أسامة اختيار في كتابه الموسوعي (جمهرة أشعار الصقليين تحقيق ودارسة) والصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1437 هـ - 2016م)
فقال:
أ ـ ترجمته([1]):
أحمد بن قاسـم الصِّقلِّيُّ، لَقَبُـهُ الرَّشـيد، وهو من فقهاء عصره، كان أديباً شاعراً.
لـه شـعرٌ في مدح الأفضلِ([2]) أميرِ الجيوشِ المصريَّة، وكانت وفاة الأفضل سنة (515ﻫ)، وهذا يدلُّ على العصر الذي كان فيه الشَّاعر.
عاصر الحُكْمَ النُّورمانيَّ في صقلِّيَّـة، ورحل عنها إلى مصر، وذكره العمادُ في الطَّارئين على مصر، فأدرجَه في باب «ذكر جماعةٍ من الوافدين إلى مصر»([3]).
وَلِيَ أمرَ القضاء في مصر أيَّامَ الأفضل، فكان قاضيَ قضاتها، وله معه خبر([4]).
ب ـ شعره:
ـ 1 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 336)([5]):
ـ من الطَّويل ـ
أُلِينَ لِداوُودَ الحَدِيدُ بِقُدْرَةٍ | يُقدِّرُهُ في السَّـرْدِ كيفَ يريدُ([6]) |
ولانَ لكَ المَرْجانُ وهْوَ حِجارَةٌ | على أنَّهُ صَعْبُ المَرامِ شَديدُ |
ـ 2 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 336)([7]):
ـ من الوافر ـ
أَيا مَولَى الأنامِ بلا احْتِشامٍ | وسيِّدَهُمْ على رَغْمِ الحَسودِ([8]) |
لِعَبْدِك بالقَرافَةِ دارُ نُزْلٍ | لِمَوجُودِ الحياةِ أوِ الفقيدِ([9]) |
لِمَوجُودٍ يعيشُ بها لِوَقْتٍ | وَمَفْقُودٍ يُوارَى في الصَّعيدِ([10]) |
وفي أَرْجائها شَجَرٌ ظِماءٌ | عَدِمْنَ الحُسْنَ مِنْ وَرَقٍ وَعُودِ([11]) |
فَمُذْ غَدَتِ المصانِعُ مُمْتِعاتٍ | عَدِمْنَ الرِّيَّ في زَمَنِ الوجودِ([12]) |
يَقُلْنَ إذا سَمِعْنَ شَجا السَّواقي | مَقالةَ هائمٍ صَبٍّ عَميدِ |
أرى ماءً وبي عَطَشٌ شَديدٌ | ولَكِنْ لا سَبيلَ إلى الوُرودِ([13]) |
ـ 3 ـ في الخريدة ـ شعراء المغرب (1/ 337)([14]):
ـ من البسيط ـ
إنْ لم أزُرْكِ ولم أقْنَعْ برؤياكِ | فَلِلْفؤادِ طَوافٌ حولَ مَغْناكِ |
يا ظَبْيَةً ظَلْتُ مِنْ أشْراكِها عَلِقاً | يومَ الوداعِ ولم تَعْلَقْ بأشْراكي([15]) |
رَعَيْتِ قلبي وما راعَيْتِ حُرمَتَهُ | يا هذهِ كيفَ ما راعَيتِ مَرعاكِ؟ |
أتَحْرِقِينَ فؤاداً قَدْ حَلَلْتِ بهِ | بنارِ حُبِّكِ عَمْداً وَهْوَ مأواكِ؟ |
ما نفحةُ الرِّيحِ مِنْ أرضٍ بها شَجَني | هلْ لِلْمُحبِّ حياةٌ غيرُ ذِكْراكِ([16]) |
* * *
([2]) الأفضل هو أحمد بن بدر الجماليُّ، وزير المستنصر العُبيديِّ، قتله المستنصرُ غِيلةً سنة (515ﻫ). انظر النُّجوم الزَّاهرة: 5/ 225.
([5]) قال العماد في مناسبة البيتين: «دخل يوماً إلى الأفضل وبين يديه دواةٌ من عاجٍ مُحَلاَّةٌ بمَرْجان، فقال: أُلِينَ لِداوُودَ الحَدِيدُ بِقُدْرَةٍ...» الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 336. والأفضلُ المذكور في الخبر تقدَّمت ترجمته: 49. والبيتان لأحمد بن قاسم في ديوان حيص بيص (ت 574ﻫ): 2/ 19.
([6]) في وفيات الأعيان: «الحديد كرامةً» وفي ديوان حيص بيص: «الحديد كرامةً ـ يقـدِّر منه السَّرد...». داوُد: هو النَّبيُّ، وفي البيت إشارةٌ إلى قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾[سبأ: 10].
([7]) قال العماد: «وكان الأفضلُ قد أجرى الماءَ إلى قَرافة مصر، فكتب إليه يرجو إجراءَ الماءِ إلى دار له بها (الأبيات)» الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 336.
([9]) القَرافَة بفُسْطاط مصر، كانت لبني غُصن بن سيف بن وائل من المعافر، وقَرافةُ بطنٌ منهم من قبائل اليمن، نزلوها فَسُمِّيَت بهم، وكانت مُتَنَزَّهَ أهل القاهرة، للتَّفصيل انظر معجم البلدان: قرافة.
([14]) ظاهرٌ أنَّ الشَّاعر يعارضُ قصيدةَ الشَّريف الرَّضيِّ الَّتي مَطْلَعُها (ديوانه 2/ 93):
يا ظَبْيَةَ البانِ تَرْعى في خَمائلهِ | لِيَهْنَكِ اليَوْمَ أنَّ القَلْبَ مَرعاكِ |
([15]) ظَلْتُ وظِلْتُ بمعنى ظَلِلْتُ بكسر اللاَّم، وأهلُ الحجاز يكسرون الظَّاءَ على كسرة اللاَّم المحذوفة، فيقولون: ظِلْنا، ومَنْ جعلَها من العرب مفتوحةً (ظَلْتُ) حذفَ اللاَّمَ والكسرَ معاً لثِقَلِ التَّضعيف وبقيت الظَّاءُ على فتحِها. الأشْراكُ: جمع الشَّرَكِ، وهو حِبالةُ الصَّيْد. العَلِقُ: المُحِبُّ محبَّةً لازمةً.