جاري التحميل

البلنوبي (أبو الحسن)

الأعلام

البَلَّنُوبيُّ (أبو الحسن)

أورد ترجمته الأستاذ الدكتور أسامة اختيار في كتابه الموسوعي (جمهرة أشعار الصقليين تحقيق ودارسة) والصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1437 هـ - 2016م)

فقال:

 

أ ـ ترجمته([1]):

عليُّ بن عبد الرَّحمـن بن أبي البِشْر الصِّقلِّيُّ البلَّنوبيُّ، كنَّاهُ شهابُ الدِّين الخفاجيُّ بأبي البشائر ولم يذكر اسمَهُ، وروى له بيتاً واحداً([2])، ووردَ ذِكْرُهُ لدى العمـاد مرَّةً: ابن أبي البشـائر([3])، وثـلاثَ مـرَّاتٍ: ابن أبـي البِشْر([4])، وذكر ابنُ الصَّيرفيِّ (ت 542ﻫ) أنَّهُ أبو الحسن عليُّ بن عبد الرَّحمن([5])، ولقَّبَهُ السِّلَفيُّ بالعَروضيِّ، وروى له شعراً في مدح أبي محمَّد الحسنِ بن علي اليازَوَرِيِّ الذي استوزرَ للمستنصـر العُبيديِّ من سنة (442 ﻫ) إلى سنة (450 ﻫ) ويبدو أنَّ الشَّاعرَ عُمِّرَ حتَّى لقيَ السِّلَفيَّ (ت 579 ﻫ) يُعْرَفُ ذلك من خبرٍ ذكرَهُ السِّلَفيُّ، قال: «أبو الحسن هذا... مِنْ أَعْرَفِ النَّاسِ بالخطوط، وأثمان الكتب، وقد اشتريْتُ منه كثيراً، وعلقْتُ منه فوائدَ أدبيَّةً وحكاياتٍ»([6]).

ذكره القفطيُّ في (إنباه الرُّواة) في ترجمة الطَّرْطائيِّ محمَّد بن زيد الصِّقلِّيِّ، ولقَّبَهُ بالشَّيخ العروضيِّ الصِّقلِّيِّ من دون ذكرٍ لاسمِهِ أوكُنيته، ولم يقفْ عليه محقِّقُ (إنباه الرُّواة)([7]) وأرى أنَّ القفطيَّ أراد به البَلَّنُوبيَّ أبا الحسن، ولاسيَّما أنَّه أشار في المصدر نفسه إلى تفرُّده مع معاصره الطَّرْطائيِّ بِسَعَةِ عِلْمِهما في الأوزان والقوافي في زمانهما([8])، وعاد القفطيُّ فأفرد ترجمةً له ذكرَ فيها أنَّه عليُّ بن عبد الرَّحمن الصِّقلِّيُّ النَّحويُّ العَروضيُّ، وذكر أنَّه نزل مدينة الإسكندريَّة، فقال: «عليُّ بن عبد الرَّحمن الصِّقلِّيُّ النَّحويُّ العَروضيُّ نزيلُ الإسكندريَّة عالمٌ بعلمَي النَّحو والعَروض متيَّمٌ بهما، بليغٌ فيهما، مشارِكٌ في جميع الأنواع الأدبيَّة»([9])، ويُرجَّح من شعره أنَّه هجر صقلِّيَّة بعد احتلال النُّورمان لها، والبَلَّنُوبيُّ نسبة إلى بَلَّنُوبة، وهي بُلَيدةٌ بجزيرة صقلِّيَّة ذكرها ياقوت الحَمَويُّ، ونسبَ إليها الشَّاعر([10])، ومعنى (بَلَّنُوبة Villa Nueba) باللاتينيَّة: القرية الجديدة.

ذكرَ العمادُ أنَّ لأبي الحسن البَلَّنُوبيِّ مجموعَ شعرٍ، فقال: «قرأتُ في مجموع شعرٍ نظماً حرّاً، يفوق ياقوتاً ودرّاً، منسوباً إلى أبي الحسن بن أبي البشْـر مشتملاً من المعاني على الغُرَر»([11])، واستهلَّ به العمادُ مختاراتِه من الشِّعر الصِّقلِّيِّ.

ب ـ شعره:

له ديوانُ شعرٍ مطبوعٌ في سِفْرٍ لطيفٍ، حقَّقه الدكتور هلال ناجي، وأخرجه في أربعٍ وسبعين صفحةً([12])، وهو على قسمين:

الأوَّل: أصل الدِّيوان، بروايـة أبي محمَّد عبد الله بن يحيى بن حمُّود الخريميِّ (ت 514ﻫ)([13]) ويشتمل على خمسةَ عشرَ نصّاً شعريّاً بين مقطَّعاتٍ وقصائدَ طوالٍ، وأرى أنَّ هذا الدِّيوان هو نفسه الَّذي أشار إليه العمادُ في الخريدة ونقل عنه بعضَ اختياراته.

الثَّاني: ذيل الدِّيوان بصنعةِ المحقِّقِ، ويشتمل على ثمانيةٍ وأربعينَ قطعةً شعريَّةً جَمَعَها المحقِّقُ من بطون المصادر الأدبيَّة وغيرها، غير أنَّ من بين قطع ذيل الدِّيوان ممَّا جَمَعَهُ المحقِّقُ قطعةً نسبَها إلى أبي الحسن البَلَّنُوبيِّ، وقدَّمَ لها بقوله: «وكتب إلى الأفضل في وصف النِّيل ليلةَ المهرجان»([14])، وأبياتها([15]):

 ـ من المنسرح ـ

أبدعْتَ للنَّاسِ منظراً عَجَبا

لا زِلْتَ تُحْيِي السُّـرورَ والطَّربا

 (1)

جمعْتَ بينَ الضِّدينِ مُقتدِراً

فَمَنْ رأى الماءَ خالطَ اللَّهبا؟

كأنَّما النِّيلُ والشُّموعُ بهِ

أُفْقُ سماءٍ تألَّقَتْ شُهُبُا

 

قد كان [من] فِضَّةٍ فَصَيَّرهُ

تَوَقُّدُ النَّارِ فوقَهُ ذَهَبا([16])

 

قلْتُ: هذا خطأٌ، إذ أحالَ المحقِّقُ الأبيات إلى (الخريدة) ونسبَها إلى أبي الحسن البَلَّنُوبيِّ، والصَّواب أنَّها لأبي الصَّلتِ أميَّـةَ بن عبد العزيز الأندلسـيِّ (ت 529ﻫ) وقد ذكرَ العمادُ في (الخريدة) في ترجمته لأبي الحسن البَلَّنُوبيِّ ما يومئُ إلى ذلك، فقال([17]): «عليُّ بن عبد الرَّحمن بن أبي البِشْر الكاتبُ الصِّقلِّيُّ الأنصاريُّ، سمَّاه أبو الصَّلت في رسالته من أهل العصر، وأثنى على بلاغته بعد ذِكْر أبياتٍ لنفسِه [أي لأبي الصِّلت] في وصف النِّيل كَتَبَها إلى الأفضل ليلةَ المهرجان، وهي: أبدعْتَ للنَّاس منظراً عجبا... [الأبيات] قال [أي أبو الصَّلت]: وقد تعاورَ الشُّعراءُ وصفَ وقوعِ الشُّعاع على صفحات الماء، ومن مليح ما قيل فيه قولُ بعضِ أهل العصر، وهو أبو الحسن عليُّ بن أبي البِشْر الكاتب:

 ـ من الوافر ـ

شَرِبْنا مَعْ غُروبِ الشَّمسِ شَمْساً

مُشَعْشَعةً إلى وَقْتِ الطُّلوعِ([18])

 

وضَوءُ الشَّمسِ فوقَ النِّيلِ بادٍ

كأطرافِ الأَسِنَّةِ في الدُّروعِ»

ولم أُدْرِجْ في هذا الكتاب شيئاً من شعر أبي الحسن البَلَّنُوبيِّ غيرَ ما قيلَ آنفاً، لأنَّ شعرَهُ مجموعٌ ومحقَّقٌ.

*  *  *

 



([1])   الخريدة ـ شـعراء المغرب: 1/ 5، معجم السَّـفر: 279، إنباه الرُّواة: 2/ 290، معجم البلدان: بلَّنوبة، طراز المجالس: 180، عنوان الأريب: 1/ 134.

([2])   طراز المجالس: 180.

([3])   الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 5.

([4])   المصدر نفسه: 1/ 6، 8.

([5])   عنوان الأريب: 1/ 134.

([6])   معجم السَّفر: 279.

([7])   إنباه الرُّواة: 3/ 128.

([8])   المصدر نفسه: 3/ 128.

([9])   المصدر نفسه: 2/290.

([10])   معجم البلدان: بَلَّنُوبةَ.

([11])   الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 6.

([12])   صدر بعنوان «ديوان عليِّ بن عبد الرَّحمن البلَّنوبيِّ الصِّقلِّيِّ» عن دار الرِّسالة، بغداد، سنة 1976م.

([13])   المصدر نفسه: 14.

([14])   المصدر نفسه: 42، والأفضل هو أحمد بن بدر الجماليُّ، تقدَّمت ترجمته: 49.

([15])   المصدر نفسه: 42.

([16])   في الأصل (في) تحريفٌ.

([17])   الخريدة ـ شعراء المغرب: 1/ 6.

([18])   مُشَعْشَعَة: ممزوجة، يُقال: شَعْشَعَ الشَّرابَ إذا مَزَجَه.

الأعلام