الحقن وأنواعها هل يفطر الصائم ؟
الحقن وأنواعها هل يفطر الصائم ؟
كتب الدكتور وليد بن خالد الجراد حول هذا الموضوع في كتاب ( النوازل في أحكام الصيام بين الأصالة والعاصرة ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1438 هـ - 2018م)
فقال :
كان الفقهاء عندما يذكرون الحقنة قديمًا؛ فإنما يقصدون الحقنة الشرجية، أما الحقن اليوم فتختلف تبعاً لتطور وسائل الحياة المدنية التي رافقها تطور استخدام الأدوات الطبية.
فهناك الحقن الوريدية والتي منها ما يحمل المغذي (الجلوكوز) وهناك الحقن الجلدية والعضلية وتسمى الحقنة عرفاً: الإبرة.
وهذه الإبرة تشبه المخيط أو الخياط، إلا أنّها مجوّفة، تدفع عبرها السوائل إلى البدن، أو تستخرج بواسطتها السوائل من البدن([1]).
اختلاف الفقهاء المعاصرين حول الحقنة (الإبرة) على ثلاثة أقوال:
القول الأول: الحقن بجميع أنواعها لا تفطر الصائم: وهو قول محمّد حسن هيتو([2])، محمود مهدي الاستانبولي([3])،.ومن قبلهم محمّد شلتوت([4])، ومحمّد بخيت مطيعي([5])، والشيخ سيد سابق([6])، ودار الفتوى اللبنانية([7])، ودليلهم أنّ الإبرة ليست أكلاً ولا شرباً ولم تدخل من منفذ مفتوح، ولم ينص الشارع على تحريمها، ثم إنّ ما تصل إليه ليس جوفاً ولا في معنى الجوف.
القول الثاني: الحقنة بكل أنواعها تفطّر الصائم، والقائل بهذا محمّد المختار الشنقيطي([8]).
ودليله أنّ الشارع إنّما اعتبر الدخول إلى الجوف موجباً للفطر بغض النظر عن نوعية الداخل
وسواء أكان مغذياً أو غير مغذٍ.
القول الثالث: التفريق بين الحقن الوريدية المغذية، وبين الحقن العضلية أو الجلدية. القائلون بهذا: الشيخ عبد العزيز بن باز([9])، والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين([10])، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني([11])، والشيخ محمد أبو زهرة([12])، ومجمع الفقه الإسلامي([13])، وتوصيات الندوة الفقهية التاسعة([14])، والشيخ صالح الفوزان([15])، ودائرة الإفتاء العام في الأردن.
والقول الراجح(والله أعلم): هو التفريق بين ما ليس مغذياً أو يحمل السوائل فهذا يقوم مقام الأكل والشرب، وبالتالي هو يتعارض مع أحكام الشريعة في ترك الأكل والشرب للصائم، (فالعبرة هي التغذية؛ وبغض النظر عن كونها دخلت من منفذ مفتوح أو غير مفتوح وليس الشرط كذلك أن يرد النص الدال على التفطير، حتى يقال به، فهناك الكثير من المحرمات أو المباحات في الشريعة؛ وقع عليها الاجماع، لم يرد فيها نص شرعي.
بقي التنبيه إلى نوع من الإبر تُعطى تحت الجلد وتسبب الإقياء وتدعى (أبو مورفين) تُعطى في حالات التسممات الدوائية، وهذه حكمها حكم من يتعمد الإقياء. وذلك لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض)([16]).
وهو ما ذهب إليه الدكتور حسان شمسي باشا([17]).
([3])الاستانبولي: محمـود مهـدي، صـوم رمضان، أشـرف عليها وراجعهـا علـي حسن عبد الحميد، دار ابن حزم، (بيروت ـ لبنان)، ط 4، (1417ﻫ ـ 1997م)، ص63.
([4])شلتوت: محمد، الفتاوى دراسة لمشكلات المسلم المعاصر في حياته اليومية و العامة، دار القلم القاهرة، 7 ـ 13، ص136.
([6])سابق: سيد سابق، فقه السنة، إشراف مكتب البحوث و الدراسات، دار الفكر (بيروت ـ لبنان)، ط1، (1418ﻫ ـ 1997 م)، ط2، (1419ﻫ ـ 1998م)، ج1/ ص 341.
([8])موقع فضيلة الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي، دروس عمدة الفقه ـ رقم 44
http;// www. shahkeety. Net.
([11])أبو شادي: إبراهيم، الاختيارات الفقهية للإمام الألباني، دار الغد الجديد (القاهرة ـ مصر)، ط1، (1427ﻫ ـ 2006م)، ص 226.