الغسيل الكلوي والحجامة هل يفطر الصائم ؟
الغسيل الكلوي والحجامة هل يفطر الصائم ؟
كتب الدكتور وليد بن خالد الجراد حول هذا الموضوع في كتاب ( النوازل في أحكام الصيام بين الأصالة والعاصرة ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1438 هـ - 2018م)
فقال :
الحجامة: هي استخدام آلة مجوّفة ذات فوهتين، وقد تُتَّخذ من قرن كقرن ثور مثلا ً([1])، توضع الفوهة الواسعة على الجلد مكان المحجم المختار ثم يسحب هواء المحجم من الفوهة الثانية بمصـه بواسطـة الفـم فبالمص يخلخل الهواء في المحجم المطبـق فيحدث هجـوم دمـوي بسبب ازديـاد الضغط الداخلـي عن الخارجي([2]).
ـ خلاف الفقهاء حول الحجامة:
ذهب الجمهور إلى جواز الحجامة للصائم([3])، إلا أنها تكره إذا كانت تضعفه([4])
بينما يرى الحنابلة وفقهاء الحديث كإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر أنها مفطّرة([5]) .
والغسيل الكلوي ينقسم إلى نوعين: غسيل دموي وغسيل بريتوني([6]).
الغسيل الدموي: يتم سحب الدم من الجسم عن طريق القسطرة المؤقتة أو التوصيلات الشريانية ثم يمرر الدم عبر الفلتر الذي يقوم بتنقيته من السموم ثم يتم إعادته إلى الجسم.
الفلتر يحتوي على غشاء شبه نفاذ يسمح بمرور السموم من الدم إلى سائل الإنفاذ([7])
الغسيل البريتوني: يوجد في البطن غشاء يسمّى الغشاء البريتوني، هذا الغشاء يحيط بالأمعاء وأعضاء البطن الأخرى، يعمل هذا الغشاء تماماً كالكلية الصناعيـة، لذلك يتم وضـع السوائل في تجـويف البطـن حيـث تنتقـل السموم والأملاح من الدم إلى سائل الغسيل البريتوني الموجود في تجويف البطن، ويتم تكرار هذه العملية أربع مرات يومياً، ويستطيع تجويف البطن استيعاب كميات مختلفة تتراوح بين لتر إلى ثلاثة لترات عند البالغين حسب طول الشخص([8]) ومن الجدير بالذكر أنّ هناك سوائل مدخلة في كلا نوعي الغسيل الكلوي، وهذه المواد تقوي الجسم وتكسبه نشاطًا وحيوية.
اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم الغسيل الكلوي على قولين:
القول الأول: عملية الغسيل الكلوي مفطّرة. وهم أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء([9])، ودائرة الافتاء العام في الأردن([10])، ودار الإفتاء الفلسطينية([11])، والشيخ عبد العزيز بن باز([12])، والدكتور وهبة الزحيلي([13])
واستدلوا بما يلي:
1 ـ إنّ عملية الغسيل تزود الجسم بالدم النقي.
2 ـ يتمّ إضافة بعض المواد الكيماوية والغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم([14])
القول الثاني: الغسيل الكلوي غير مفطّر: والقائلون بهذا القول هم الدكتور علي قره داغي، والشيخ صالح السدلان([15])، والدكتور محمد هيثم الخياط([16]).
واستدلُّوا بما يلي:
1 ـ إنّ عملية غسيل الكلى ليست أكلاً ولا شرباً.
2 ـ حقن بعض السوائل لمرضى الفشل الكلوي، إنما هي لتنظيف البدن مما فيه من سموم أي ليس المقصود منه التغذية بحد ذاتها.
المناقشة والراجح:
هل يصح قياس الغسيل على الحجامة ؟
يصح قياس الغسيل على الحجامة من جهة؛ ويخالفها من جهة أخرى.
فهو يوافق الحجامة من جهة ما يخرج، ولكن يخالفها من كون الخارج سيرجع للدخول مرة ثانية نقياً، بل محملاً بالغذاء و الدواء.
وعملية الغسيل هي في معنى الأكل والشرب، وهي أقرب ما تكون إلى الإبر المغذية التي سبق الحديث عنها وعن حكمها، حيث تبين أنّها مفسدة للصيام.
ولقد قمت بإجراء مقابلة مع الدكتور مخلص الشيخ سليمان (اختصاصي باطنية) في مستوصف خالد الطبي، في مدينة الرياض، مساء يوم الجمعة الموافق (1/ 2/ 1434ﻫ)، (14/ 12/ 2012م).
وكان السؤال على الشكل التالي:
س: هل يستطيع مريض الغسيل الكلوي الصيام ؟
ج: لا يستطيع الصوم بحال من الأحوال.
س: ما طبيعة المادة المدخلة عبر جهاز الغسيل الكلوي ؟
ج: هي عبارة عن: ماء وسكر وملح.
إذًا المادة المدخلة عبر الجهاز هي مغذٍّ حقيقي.
* * *
([2])الحازمي: إبراهيم بن عبد الله، الحجامة أحكامها و فوائدها، دار الشريف (الرياض ـ المملكة العربية السعودية)، ط 4(1426ﻫ ـ 2000م).
([3])السمرقندي: محمد بن أحمد بن أبي أحمد، (ت ـ نحو540ﻫ) (دار الكتب العلمية) (بيروت ـ لبنان) ط2(1414ﻫ ـ 2994م)، ج1/ ص368، ابن مكرم: حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني، ج1/ ص337،، العمراني اليمني: أبو الحسين يحي بن أبي الخير بن سالم، (ت ـ 558ﻫ)، البيان في مذهب الإمام الشافعي، تحقيـق: قـاسم محمـد النـوري، دار المنهـاج، (جـدة ـ المملكـة العربيـة السعودية) ط1(1421ﻫ 2000م)، ج3/ ص 532، الزحيلـي: الفقـه الإسلامـي وأدلته، ج2/ ص678.
([4])الخزرجي المنبجي: أبو محمد علي بن أبي يحي زكريا بن مسعود (ت ـ 686ﻫ)، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، تحقيق د: محمد فضل عبد العزيـز المـراد، دار القلم ـ دار الشامية (دمشق ـ سوريا) (بيروت ـ لبنان) ط2 (1414ﻫ ـ 1994 م) ج1/ ص405.
([5])ابن قاسم: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي القحطاني الحنبلي (ت ـ 1392ﻫ) الإحكام شرح أصول الأحكام ط2(1406ﻫ) ج2/ ص 238.
([8])السويداء: د. عبد الكريم عمر، المرشد الشامل لمرضى الفشل الكلوي، دار وهج الحياة للنشر، (الرياض ـ المملكة العربية السعودية) ط1(2010م ـ 1431ﻫ) ص44 ـ 45.
([12])محمد ماهر مسودة http:// www. darifta. org فتاوى علماء البلد الحرام، ص297.