حكم الداخل عبر القبل هل يفطر الصائم ؟
حكم الداخل عبر القبل هل يفطر الصائم ؟
كتب الدكتور وليد بن خالد الجراد حول هذا الموضوع في كتاب ( النوازل في أحكام الصيام بين الأصالة والعاصرة ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1438 هـ - 2018م)
فقال :
وهذا يشمل عدة محاور يمكننا الوقوف عليها:
المبحث الأول: حكم الداخل عبر المهبل: المَهْبِل لغة هو بكسر الباء موضع الولد من الرحم، وقيل أقصاه: وهو البهو بين الوركين حيث يجثم الولد، شبّه بمهبل الجبل وهو الهوّة الذاهبة في الأرض([1]).
يقـول الدكتـور الألفـي: المهبـل هـو القناة التـي تبتدئ بالفتحة المعروفة، وتنتهي بفم الرحم([2]).
* المطلب الأول ـ حكم الداخل عبر المهبل:
الفرع الأول ـ الغسول المهبلي: (دوش مهبلي):
هو ما يكون من محاليل مطهرة أو علاجية تتعاطاها المرأة عن طريق الفرج (القبل)([3]).
وهذه المسألة تشبه إلى حد كبير ما ذكره الفقهاء في كتبهم عن تقطير المرأة في فرجها أو إدخال مائع؛ وقد اختلف الفقهاء في ذلك:
حيث ذهب الحنابلة([4]) والمالكية([5]) إلى عدم التفطير بذلك؛ لأنَّ فرج المرأة ليس متصلاً بالجوف
ولأن مسلك الذكر من فرج المرأة في حكم الظاهر.
وذهب الحنفية([6]) ......................................................
والشافعية([7]) إلى أن دخول المائع إلى قبل المرأة يفطر.
ودليلهم أن لمثانتها منفذاً يصل إلى الجوف كالإقطار في الأذن([8]).
المناقشة:
وقول الحنابلة والمالكية هو الأقرب للصواب لأنّ الأطباء المختصين يثبتون أنّ ما يصل إلى المهبل لا يصل إلى الجوف، وهو بهذا لا يفطر.
وممّن ذهب إلى هذا من الأطباء المعاصرين الدكتور حسان شمسي باشا([9])، والدكتور محمد علي البار([10])، وهو ما قرره المجمع الفقهي([11])، وتوصيات الندوة الفقهية الطبية التاسعة المنعقدة في الدار البيضاء([12]).
الفرع الثاني ـ التحاميل (اللبوس):
وهما نوعان: شرجية ومهبلية، وحديثنا عن المهبلية.
التحاميل المهبلية: تعريفها:
وهي التحاميل التي تؤخذ عن طريق المهبل، وتكون عبارة عن مضادات حيوية، وهذه التحاميل يتم امتصاصها موضعياً دون أن تنتقل إلى الدورة الدموية.
والحكم على التحاميل المهبلية كالحكم السابق على الغسول المهبلي. وهـو ما قرره المجمع الفقهي([13]).
الفرع الثالث ـ إصبع التحليل الطبي:
والصحيح أن إصبع التحليل للفحص الطبي لا يُعدُّ مفطّراً لعدم اتصال الجوف بالمهبل وهو ما قرره كذلك المجمع الفقهي([14])
الفرع الرابع ـ المنظار المهبلي: تعريفه:
هو إجراء طبي علاجي أو تشخيصي، يمكن الطبيب من فحص المهبل، وعنق الرحم عن كثب، فبواسطة منظار المهبل (coloposcope) يمكن تسليط الضوء على عنق الرحم، وتضخيم الصورة ليراها الطبيب؛ في بداية التنظير، تستلقي المريضة على ظهرها وتضع قدميها على ركاب خاص يرفعهما، يقوم بعده الطبيب بإدخال المنظار في المهبل، يقوم الطبيب في العادة بوضع محلول من الخل ضمن منطقة عنق الرحم والمهبل بواسطة قطنة أو مسحه بالخل، وهذا يجعل الأنسجة الشاذة بيضاء اللون حتى يتمكن من تحديدها ودراستها لتقييم أفضل([15]).
وقد قرر المجمع الفقهي في دورته المنعقدة حول المفطرات([16]) أن المنظار المهبلي غير مفطر، لأن ما يدخل عبرْه لا يصل إلى المعدة ولا إلى الجهاز الهضمي عموماً.
* المطلب الثاني ـ حكم الداخل عبر الإحليل ؟
تعريف الإحليل: هو مخرج البول([17]).
* نظرة سريعة حول ما يُجعل في الإحليل أو المثانة من دواء وغيره.
يقول الدكتور حسان شمسي باشا([18]): المثانة عضو كيسي يتجمع فيه البول الذي تفرزه الكليتان وتتصل المثانة من الأسفل بقناة مجرى البول والتي تسمى الإحليل. ورغم أن المثانة عضو أجوف إلا أنه لا علاقة لها بالجهاز الهضمي، وليست هي مدخلاً للطعام أو الشراب.
اختلف الفقهـاء فـي حكـم الداخل عبـر الإحليل، سواء أكان محلـولًا أو منظارًا أو دواءً.
القول الأول: لا يفطِّر: والقائلون به أبو حنيفة ومحمد([19]) والمالكية([20]) ووجه للشافعية([21]) والحنابلة([22]) قالوا: لأنه لا يصل إلى المعدة([23]).
والراجح هو قول الجمهور، وهو ما ذهب إليه المجمع الفقهي([24]) ووافقهم الطب الحديث في عدم اعتبار الإحليل واصلاً إلى المعدة. سواء أكان دواءً أو قسطارًا أو منظارًا؛ وبالتالي لا يصح اعتبار ذلك من مفسدات الصيام.
* * *
([2])ابن منظور: محمد بن مكرم بن علي، أبو الفضل، جمال الدين (ت ـ 711ﻫ)، دار صادر (بيروت ـ لبنان)، ط3 (1414ﻫ) فصل الهاء، ج 11/ ص 678
([4])البهوتي: منصور بن يونس بن صلاح الدين ابن حسن بن إدريس(ت ـ 1051ﻫ) دقائق أولي النُّهى لشرح المنتهى المعروف بشرح منتهى الإرادات، عالم الكتب، ط1 (1414ﻫ ـ 1993م)، ج 1/ ص 482
([6])الكاساني: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ج2/ ص93 والزبيدي: أبو بكر بن علي =
= ابن محمد الحدادي (ت ـ 800 ﻫ)، الجوهرة النيرة، المطبعة الخيرية، ط1، (1322ﻫ) ج1/ ص 142
([7])أحمد سلامة القليوبي، وأحمد البرلسي عميرة، : حاشيتا قليوبي وعميرة (دار الفكر ـ بيروت) بلا طبعة، 1415ﻫ ـ 1995م) ج2/ ص 72 .
([19])السُّغدي: أبو الحسن علي بن الحسين بن محمد (ت ـ 461ﻫ) النتف في الفتاوى، المحقق المحامي الدكتور صلاح الدين الناهي، دار الفرقان، مؤسسة الرسالة (عمان ـ الأردن) ط 2(1404ﻫ ـ 1984م)، ج1/ ص 158
([20]) ـ الكلبي: ابن جزي، القوانين الفقهية، ج1/ ص80، القروي: محمد العربي، الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية، دار الكتب العلمية (بيروت ـ لبنان)، ج1، ص200.
([22])ابن قاسم: عبد الرحمن بن محمد العاصمي (ت ـ 1392ﻫ) حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع ط1، (1397ﻫ) ج3/ ص392.