مرضى القلب والصيام
مرضى القلب والصيام
كتب الدكتور وليد بن خالد الجراد حول هذا الموضوع في كتاب ( النوازل في أحكام الصيام بين الأصالة والعاصرة ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1438 هـ - 2018م)
فقال :
لا شكّ أنّ هناك من الأمراض ما يُعالَجُ بالصيام؛ ويرتاح المريض معه، ولكنّ هناك أمراضًا أُخرى قد يزداد الأمر سوءًا بها مع الصيام. ومرضى القلب أنواع:
أ ـ ارتفاع ضغط الدم:
يفيد الصيام في علاج ارتفاع ضغط الدم، فإنقاص الوزن الذي يرافق الصيام يخفض ضغط الدم بصورة ملحوظة، كما أنّ الرياضة البدنية من صلاة وتراويح وتهجّد وغيرها تفيد في خفض ضغط الدم المرتفع.
وإذا كان ضغط الدم مسيطرًا عليه بالدواء أمكن للمريض الصيام شريطة أن يتناول أدويتـه بانتظام، فهناك حاليًا أدويـة لارتفاع ضغط الـدم تعطى مرة واحدة أو اثنتين في اليوم.
ب ـ فشل القلب (قصور القلب): Heart Failure
فشل القلب نوعان: فشل القلب الأيسر وفشل القلب الأيمن، ويشكو المريض عادة من ضيق النفس عند القيام بالجهد، وقد يحدث ضيق النفس في أثناء الراحة، وينصح المصاب بفشل القلب الحاد (Acute heart failure) بعدم الصيام، حيث يحتاج لتناول مدرات بولية وأدوية أخرى مقوية لعضلة القلب وكثيرًا ما يحتاج إلى علاج في المستشفى.
أمّا إذا تحسّنت حالته واستقر وضعه، وكان لا يتناول سوى جرعات صغيرة من المدرات البولية فقد يمكنه الصيام.
وينبغي استشارة طبيب القلب المسلم فهو الذي يقرر ما إذا كان المريض قادرًا على الصوم أم لا، إذ يعتمد ذلك على شدة المرض وكمية المدرات البولية التي يحتاج إليها.
ج ـ الذبحة الصدرية: Angina pectoris
تنجم الذبحة الصدرية عادة عن تضيق في الشرايين التاجية المغذية لعضلة القلب.
وإذا كانت أعراض المريض مستقرة بتناول العلاج، ولا يشكو المريض من ألم صدري أمكنه الصيام في شهر رمضان، بعد أن يراجع طبيبه للتأكد من إمكانية تغيير مواعيد تعاطي الدواء.
أمّا مرضـى الذبحـة الصدريـة غيـر المستقـرة، أو الذيـن يحتاجون لتناول حبوب النيتروغليسرين تحـت اللسان فـي أثنـاء النهار فـلا ينصحـون بالصوم، وينبغي عليهم مراجعة الطبيب لتحديد خطة العلاج.
د ـ جلطة القلب (احتشاء العضلة القلبية): Myocardial Infarction.
تنجم جلطة القلب عـن انسداد فـي أحد شراييـن القلـب التاجيـة، وهذا ما يؤدي إلى أن تموت خلايا المنطقة المصابة من القلب، ولا ينصح مرضى الجلطة الحديثة، وبخاصة في الأسابيع الستة الأولى بعد الجلطة بالصيام، أمّا إذا تماثل المريض للشفاء وعاد إلى حياته الطبيعية، فيمكنه حينئذ الصيام شريطة تناوله الأدوية بانتظام.
ﻫ ـ أمراض صمامات (دسامات) القلب:
تنشأ أمراض صمامات القلب عادة عن إصابة هذه الصمامات بالحمى الرئوية (الحمى الروماتيزمية) في فترة الطفولة، فيحدث تضيّق أو قلس (قصور) في الصمام نتيجة حدوث تليّف في وريقات الصمام.
وإذا كانت حالـة المريـض مستقـرة، ولا يشكـو مـن أعراض تذكر أمكنه الصيام، أمّا إذا كان المريض يشكو من ضيق النفس ويحتاج إلى تناول المدرات البولية فينصح بعدم الصوم.
ومن هم مرضى القلب الذين ينصحون بعدم الصيام ؟
1 ـ المرضى المصابون بفشل القلب (قصور القلب) غير المستقر.
2 ـ مرضى الذبحة الصدرية غير المستقرة، أو غير المستجيبة للعلاج.
3 ـ مرضى الجلطة القلبية الحديثة.
4 ـ حالات التضيق الشديد أو القصور الشديد في صمامات القلب.
5 ـ الحمى الرئوية (الروماتيزمية) النشطة.
6 ـ الاضطرابات الخطيرة في نظم القلب.
7 ـ خلال فترة الأسابيع الستة التي تعقب عمليات جراحة القلب([1]).
الخلاصة: يتبيّن لنا أنّ من المرضى من يكون الصيام سبباً في شفائه، ومنهم من يزداد مرضه سوءًا مع الصيام؛ وعلى حسب درجة المشقّة، وضرورة استخدام العلاج في أثناء نهار الصيام يتراوح الحكم الشرعي بين جواز الفطر للصائم أو وجوبه أو تحريمه، حيث تقدّر الضرورة بقدرها
* * *