جاري التحميل

مرضى الكلى والصيام

مرضى الكلى والصيام

كتب الدكتور وليد بن خالد الجراد حول هذا الموضوع في كتاب ( النوازل في أحكام الصيام بين الأصالة والعاصرة ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة (1438 هـ - 2018م)

فقال :

لقد مرّ بنا الحديث حول الغسيل الكلوي بنوعيْه، وبيّنّا إمكانية صيام المريض من عدمه.

أمّا هنا فالحديث يأخذ نظرة شمولية حول مرضى الكلى بأنواعهم.

يقول الدكتور حسان شمسي باشا([1]):

تقوم الكليتان بوظائف عديدة منها تنقية الدم من الفضلات الآزوتية، ومراقبة توازن الماء والشوارد في الدم، والحفاظ على توازن قلوي حامضي ثابت في الجسم، وإذا كانت الكليتان سليمتين فالصوم لهما راحة وعافية، أما عندما تصبح الكلى مريضة، فلا تستطيع القيام بالكفاءة المطلوبة لتركيز البول والتخلّص من المواد السامة كالبولة الدموية (urea) وغيرها.

ومن هنا يصبح الصيام عبثًا على المريض المصاب بالفشل الكلوي، وبخاصّة في المناطق الحارة، ممّا قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة البولة الدموية والكرياتنين في الدم، وينبغي على أي مريض مصاب بمرض كلوي استشارة طبيبه قبل البدء بالصيام، فإذا لم يتناول مريض الكلى كمية كافية من الماء فقد يصاب بالفشل الكلوي.

أ ـ الحالات الحادة من أمراض الكلى: قد يحتاج المصاب بمرض كلوي حاد دخول المستشفى وتلقِّي العلاج هناك، وفي هذه الحالة ينبغي عدم الصوم. ومن هذه الحالات التهـاب الحويضـة والكليـة الحاد، والتهاب المثانـة الحاد والقولنج الكلوي، والتهاب الكبد والكلية الحاد.

ب ـ الحصيات الكلوية: إذا لم يكن لدى المرء حصيّات كلويّة من قبل فلا داعي للقلق.

في شهر رمضان، أمّا الذين لديهم حصيات كلوية، أو قد يتكرر حدوث حصيات في الكلى لديهم، فقد تزداد حالتهم سوءًا بالجفاف إذا لم يشرب المريض السوائل بكميات كافية.

ويستحسن في مرضى الحصيات بالذات الامتناع عن الصيام في الأيام الشديدة الحرارة، حيث تقل كمية البول بدرجة ملحوظة ممّا قد يساعد على زيادة حجم الحصيات، ويعود تقدير الحالة إلى الطبيب المختص.

وعمومًا ينصح مرضى الحصيات الكلوية بتناول كميات وافرة من السوائل في المساء وعند السحور، مع تجنب التعرض للحر والمجهود المضني في أثناء النهار.

ج ـ التهاب الحويضة والكلية المزمن: Chronic pyelonephritis 

وقد تؤدي هذه الحالة بعد فترة من الزمن إلى حدوث الفشل الكلوي، ولهذا يستحسن عدم الصوم، فقد يزيد ذلك من احتمال حدوث الفشل الكلوي، ويعود تقدير ذلك إلى الطبيب المعالج.

د ـ التهاب الكبد والكلى المزمن: chronic Glomerulonephritis

وفيه تصاب الكلى بخلل في وظائفها، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث (التناذر الكلوي) وفيه يصاب المريض بوذمة (انتفاخ) في الساقين، وبنقص في ألبومين الدم، وظهور كميات كبيرة من البروتين في البول. وينصح هؤلاء المرضى بعدم الصوم، وبخاصة إذا كان المرض مصحوبًا بالتناذر الكلوي وارتفاع ضغط الدم أو الفشل الكلوي.

ﻫ ـ الفشل الكلوي المزمن: Chronic Renal Failure

تمـر بعض أمـراض الكلى بمراحل قـد تنتهي بما يسمـى الفشل الكلوي المزمن، وذلك حينما يتخرب قسم كبير من أنسجة الكليتين، ويشكو المريض حينئذ من الإعياء والفواق وكثرة التبوُّل، والتبوال الليلي والعطش، ويرتفع في تلك الحالة مستوى البولة الدموية والكرياتنين، وقد يزداد بوتاسيوم الدم، وينصح مرضى الفشل الكلوي المزمن بعدم الصوم، أما إذا كان المريض يتلقى الغسيل الكلوي فربما يستطيع الصوم في اليوم الذي لا يجري فيه غسيل الكلى، ويفطر في يوم الغسيل الكلوي، ومرة أخرى ينبغي على المريض استشارة طبيبه المختص في ذلك([2]).

ويقول الشيخ خليفة أبو بكر (أستاذ كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ـ السودان ):

بالنسبة للكلى وكونـه لا يفسد الصـوم، أو لا يبطل الصـوم، أظنُّ أنّ هذا لا محلَّ له؛ لأنَّ من هو مصاب بمرضى الكلى أساساً يباح له أن يفطر، فكيف نبحث عن أنه يصوم؟ هذه المسائل أعتقد أنها ربما تكون إيغالاً في الترف؛ لأنّ هذا الشخص أساسًا التركيبة والحالة التي هو عليها لا تبيح الصوم له، فلا يصوم أساساً وهو معفو عنه([3]).

ولقد قمت بإجراء مقابلة مع الدكتور مخلص الشيخ سليمان، (اختصاصي باطنية) مستوصف خالد الطبي، مدينة الرياض، مساء يوم الجمعة الموافق (1/ 2/ 1434ﻫ ، 14/ 12/ 2012 م).

وكان السؤال على الشكل التالي:

س ـ هل يستطيع مرضى الكلى الصيام ؟ وهـل يـوجد بيـن أنـواع المرض ما يستطيع المريض الصوم معه ؟

ج ـ مريض الكلى لا يستطيع الصوم بحال من الأحوال للمشقَّة؛ وجوب انتظام ساعات أخذ العلاج

وقد أفتت اللجنة الدائمة بجواز فطر مرضى الكلى حال عدم القدرة على الصيام، وتحديد مرجع عدم القدرة إلى الطبيب المسلم([4]).

*  *  *

 



   ([1])باشا: حسان شمسي، التداوي والمفطرات، مجلة المجمع، ع10، ج2/ ص271 ـ 273.

   ([2])باشا: حسان شمسي، التداوي والمفطرات، مجلة المجمع، ع10، ج2/ ص271 ـ 273.

   ([3])أبو بكر: خليفة، مجلة المجمع، ع10، ج 2/ ص390.

   ([4])فتاوى اللجنة الدائمة، ج 9/ ص 98.

الموضوعات