جاري التحميل

العنف المذهبي

الموضوعات

العنف الذهبي

كتب الدكتور تيسير خميس العمر حول هذا الموضوع في كتابه ( العنف والحرب والجهاد) الصادر عن دار المقتبس بيروت  سنة (1439هـ - 2018م)

فقال :

 إن النصارى لم يتفقوا على مذهب عقدي واحد، بل لعبت يد الأهواء فيهم لعبتها، فاختلفوا اختلافاً شديداً، وتقطعوا أيدي سبأ، وافترقوا على مذاهب كثيرة، كان من أهمها مذهبان عقديان يعتبران الأساس في المذاهب النصرانية، أما المذهب الأول فهو مذهب (الملكانيـة)([1]) وأما المذهب الثاني فهـو مذهب (اليعاقبـة)([2]).

 لقد شرخ هذا الشقاق صفوف النصارى، فانتزع وحدتهم وأضعف قوتهم، وحولهم إلى أعداء يكيدون لبعضهم البعض، فأحس هرقل بذلك وأراد أن يقوم بتوحيد المذاهب النصرانيـة، بعقـد مؤتمر (خلقيدونيه) بعد انتصاره على الفرس، فعمل فعلاً على تنفيذ ما أراد بالقوة، خاصة بعـد أن رفض الأقباط قبول لك، أو الاقتناع بالعقيـدة (الملكانيـة) على الأخص (بنيامين)، وبعد أن فشل (هرقل) في الإقناع بالمعنى لج في البطش والاضطهاد عشر سنوات حسوماً، وكان أخو بنيامين ممن عذبـوا كثيراً، إذ أوقـدت المشاعل وسلطت نارهـا على جسمه، فأخذ يحترق حتى سال دهنه من جانبيه إلى الأرض، ولكنه لم يتزعزع عن إيمانه، فخلعت أسنانه ثم وضع في كيـس مملـوء بالرمل، وحمل إلى البحر حتى إذا صار على قرب سبع خطوات، عرضوا عليه الحياة إذا هو آمن بما أقـر مجلس (خلقيدونيه) فعلوا ذلك ثلاثاً، وهو يرفض في كل مرة فرموه في البحر فمات غرقا([3]).

*  *  *

 



(([1]   الملكانية: مذهب نصراني يقول: إن الابن المسيح مولود في الأب قبل الدهور وغير مخلوق. وهو جوهره ونوره. والابن اتحد بالإنسان المأخوذ من مريم فصار واحد وهو المسيح.

(([2]   اليعاقبة: مذهب نصراني يقول إن الطبيعة الإلهية والبشرية. امتزجتا في المسيح وصار فيه طبيعة واحدة فكان عند التجسيد ذا طبيعتين أما بعده فصار ذا طبيعة واحدة.

(([3]   التعصب والتسامح ـ الغزالي ـ ص 76 ـ 77 قصة الاضطهاد الديني ص 8.

الموضوعات