جاري التحميل

الكيان اليهودي ربيب الإرهاب

الموضوعات

الكيان اليهودي ربيب الإرهاب

كتب الدكتور تيسير خميس العمر حول هذا الموضوع في كتابه ( العنف والحرب والجهاد) الصادر عن دار المقتبس بيروت  سنة (1439هـ - 2018م)

فقال :

 أراد اليهـود أن يجمعوا أشتاتهم من بقـاع الأرض، وأن تكـون لهـم دولة مستقلة، فتخيروا فلسطين من بين العديـد من دول العالم المقترحـة، لإقامـة هذا الكيان المصطنع، بهـذا أعلن اليهود المؤتمرون في سويسرة عام 1897م كما عرفنا من التاريخ.

 اعتمد اليهود طريق «العنف والإرهاب للوصول إلى مآربهم، فبدأت عصابة الهاشومار أي (الحارس) التي وفـدت مع اليهود من مهاجرهم إلى فلسطين، بعد أن كانـت لهـا مهمة الدفـاع عن أحـياء (الجيتو) ([1])، وكـان اسحـق بنتسفي أحد أصحاب هذه الفكرة ومن المنفذين لهـا في روسيا، ولقد حملها معه حين هاجر إلى فلسطـين، وحـين التقـى مـع بنغريون في مستعمرة (بتاح تكفه)» وبدأ الاثنان([2]) يرسمان الخط اليهودي الدامي الجديـد في فلسطين، حيث كان لهذه العصابة دور كبير في ترويـع العـرب، وارتكاب المجـازر في فلسطين والأخص القدس، تحت تصـرف الإرهابي فلاديمير جابوتينسكي (زعيـم حركـة الصهيونيـة التصحيحيـة) الذي دعا إلى إنشاء دولـة يهوديـة فـي فلسطين وشـرق الأردن بالعنف، وبأقصى سرعة، وهو الأب الروحي للكثير من المنظمات الإرهابية([3]).

*  *  *

 المبحث الأول
الهاجانا

هذه الكلمـة تعني الدفاع، وهي عصابـة أسست على أنقـاض الهاشومـار (الحارس) قادهـا محترفون من المجرمين اليهـود، فعملت على الصعيد الخارجي: بتأمين المهاجرين اليهود، بالترغيب والترهيب «فقد أوفد بنغوريون في عام1950م 1951م عصابة من أفراد الهاجاناإلى العراق للقيام بأعمال تخريبية ضد اليهود ونسبها للعرب»([4]).

 وعلى الصعيد الداخلي: قاموا بترويع العرب الآمنين في أرضهم، بحملهم علـى الهجـرة بعـد إرهابهـم، بأعـمال عنيفـة «ولقد هاجم إرهابيو هاجانا بعض القرى على ضفاف نهر الأردن... وبالرغم من أن السكان كانوا آمنين ومن المسالمين، فأن سفاحي الهاجانا حصدوهم بالرشاشات، ولقد ابتدءوا  بذبح النساء والأطفال وتشويه جثثهم، أما من قبض عليهم أحياء من الشيوخ، فقد قطعـوا رؤوسهم وأيديهم وأرجلهم، أما الشباب فقد جمعوا كلهم في دار أقفلت عليهـم، وصب على الدار البترول وأشعلـت النـار فيهـم، وشويـت أجسادهم وهم أحياء، أمام أعين من تبقى من شيوخ القرية، الذين سيقوا لمشاهدة هذا المنظر المروع، ثم أطلق سراحهم بعد أن طلبوا منهم أن يذهبوا، ويحدثوا عالمهم العربـي بما شاهـدوا، وتهكمـوا عليهـم بقولهـم اطلبوا إلى الدول العربية أن تأتي لمساعدتكم»([5]) بمثـل هـذه الجرائم البشعة والعشرات من أمثالها، قام الكيان اليهودي في فلسطين.

*  *  *

 المبحث الثاني
البالماخ (الصاعقة)

لقـد كـان لهـذه العصابـة أثرٌ بالـغ في تاريـخ إسرائيل، فزعماؤهـا تسلموا مناصب عالية في حكومة إسرائيل، منهم (موشيه ديان) (واسحق رابين) (وحاييم بارليف)، هذا ولقد عرف الجيش الإسرائيلي 45 فرداً برتبة لواء، كانوا أصلاً أعضاء في هذه العصابة. ونحن نعرف التاريخ الأسود لهذه الأسماء، التي انطوت تحت راية البالماخ، لما تسلموا مناصب في الحكومة الإسرائيلية.

 ـ الآرجون:

 حسبنا أن نعرف عن هذه العصابـة أن (مناحيم بيغن)([6]) هو الذي خلف (جابو تينسكي) على رئاسـة هـذه العصابة عام 1940، الذي خاطب العصابات اليهودية، التي استشرى إجرامها على الأرض العربية، «تقبلوا تهانيَّ بمناسبة التنفيذ الرائع لهذه العملية، وانقلوا أمنياتي لكل الضباط والجنود، الذين شاركوا في أدائها، إننا نحـن القيادة نحييكم ونفتخر بالنتائج الباهرة... قاتلوا حتى النصر الكامل، وليكـن الأمـر في كـل مكـان، كما كـان في (دير ياسين)، يجب الهجوم على العدو والقضاء عليـه، إلهي إلهي لقد اخترتنا من أجل الفتوحات»([7]). إن (بيغن) يعتبر المذابـح التي ارتكبت بحـق الفلسطينيين، لم تخالـف قوانين الحرب، وهو صادق فيما يعتقد، لا تخالـف الحـرب التوراتية، لا القوانين الإنسـانية التي تعير الإنسان اهتماماً.

*  *  *

 المبحث الثالث
شتيــرن

انشقت هذه العصابة عن (الآرجون) أسسها (إبراهيم شتيرن) عام 1940 عصابة إرهابية، قادت الكثير من العمليات الإجرامية، ليس ضد أعداء اليهود فقط، بل كذلك ضد أبناء جلدتهم «كان شامير أحد قادة حزب (لاهي) (lahe) المعروف عـادة باسم مجموعة (شتيرن) وكشف المؤرخ الألماني (كلاوس بوكلن) عند تفحصه وثائق الرايخ الثالث السرية، عن التحالف الذي اقترحتـه مجموعـة شيترن، على وزير الخارجية الهتلري في كانون الثاني عام 1941م»([8]).

 إن أفران الغاز التي التهمت أجسـاد اليهود، كانت قد أعدت بأيد هتلرية يهودية معاً، فالنازية والصهيونية صنوان مشربهم واحد الإجرام والإرهاب.

 قامت هذه العصابة باغتيالات كثيرة، منها اغتيال وزير الدولة الإنكليزية في الشـرق الأوسـط اللـورد (مويـن) في شهـر كانون الأول 1944م واغتالـوابالأسلوب الإرهابي نفسه في القدس في 17 / أيلول 1948م (الكونت برنادوت) وسيـط الأمـم المتحدة([9]) فالاعتبـار الأول عندهـم هو تحقيق مآربهم ولا يشترط الاكتراث بحقوق الإنسان أو كرامته.

*  *  *

 المبحث الرابع
سيـرة لا تنتـهي

من الصعب جداً على الكاتب أن يستطيـع جمـع كـل شيء حـول الإجرام اليهودي، ومن الصعب كذلك أن يتوقع نهاية لهـذه السلسلة الحاقدة المتغطرسة.

 لقـد تربت أجيالهـم هكذا، ورضعت ألبان الغواية والعنصرية والجريمة، فبعد أن حَـلَّ الجيشُ مكان هذه العصابات السالفة الذكر، قام يكمل المهمة التي بدأتها العصابات، فكـان إتحـاد عصابات منظـم لتبرير مـا تريده الصهيونيـة من مخططات إجرامية، فنرى ما حدث في البلاد العربية المجاورة لإسرائيل من مآسي، ولقد تمثل الإجرام اليهـودي أكثـر فأكثـر في بيروت، بالاعتداء على الآمنين، وفي جنوب لبنان بتنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا، والآن الانتفاضة في فلسطين نعرف عنها من خلال وسائل الإعلام، ما يمارس من عنف وإرهاب ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي يطالب بحقوقـه، ويريد أن يحصل على كرامته ولقمة عيشه، فيأتي الفجور اليهودي على ذلك، وتتوالى مواكب الشهداء ويصبر الفلسطينيون بإيمان وإباء، رغم تقطيع الأوصال وتفريق الأهل وتثكيل الأمهات، وترميل الزوجات، وتيتيم الأطفال حتى يأتي نصر الله.

*  *  *

 المبحث الخامس
الإجرام اليهودي إلى متى؟

هـل سينتهي الإجـرام اليهودي؟ فلنستمـع إلى كتـاب الله يقول: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّـهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّـهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة: 64].

 ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾[الأعراف: 167] .

 نلاحظ من خلال هاتين الآيتين أن شر اليهود سيعود بالدمار عليهم، وأن نار شرورهم ستنطفئ، لذلك يقول المرحوم (محمد عزة دروزة) «فتحذيراً للعربوالمسلمين من الانخداع بهاتفهم، نقول إن الأمر القرآني ينطوي حقا على مبدأ جليل من المبادئ الإسلامية الخالدة، يكون الجهاد الإسلامي هو دفاع ومقابلة عدوان، لكفالة سلامة المسلمين وديارهم وحرية الدعوة الإسلامية وسلامة البشرية، كما نرى أن نقلم أظفار اليهود من العالم»([10]).

*  *  *

 

 



(([1]   الجيتو: أصـل الكلمة (يور جيتو) واليور معناها قرية وجيتو (صغيرة جدا) وهي تطلق على الأحياء الموجودة لليهود في أي بلد لانعزالهم عن الناس وعدم اختلاطهم بأحد منالبشر.

(([2]   العصابات الصهيونية محمد عصمت شيخو دار قتيبة الطبعة الأولى ص 15.

(([3]   العصابات الصهيونية هامش ص 20.

(([4]   الصهيونية بداية ونهاية، أبو مازن، طبعة مزيدة ومنقحة ص 164.

(([5]   العصابات الصهيونية شيخو ص 40.

(([6]   ولد عام 1913 في بولونيا ونال إجازة القانون من جامعة وارسو وهو مفكر يهودي متطرف يؤمن بالعنف. وسيلة لقيام إسرائيل والحفاظ عليها ارتكب مع عصابته مجزرة دير ياسين. تولى منصب رئيس وزارة حكومة إسرائيل لمدة من الزمن.

(([7]   إرهابيو الموساد، فلاديمر ميخائيلوف ـ ص 24 ـ ط دار التقدم 1987.

(([8]   قضية إسرائيل 184.

(([9]   المرجع السابق ص 185.

(([10]   اليهود في القرآن الكريم محمد عزة دروزة ص 145 طبع 1980 م 1400 هـ.

الموضوعات