جاري التحميل

اللوثرية بين التعذيب والانتقام

الموضوعات

اللوثرية بين التعذيب والانتقام

كتب الدكتور تيسير خميس العمر حول هذا الموضوع في كتابه ( العنف والحرب والجهاد) الصادر عن دار المقتبس بيروت  سنة (1439هـ - 2018م)

فقال :

 إن اشتعال نيران الحقد والكراهية بين المذاهب النصرانية، قد ألهب النفوس بالعنف والقسوة، فلا سبيل إلى إخماد رأي إلا بإخماد أنفاس صاحبه، فهي الطريقة المثلى التي آمـن بها أصحاب الآراء النصرانيـة. ففي مطلـع القـرن السادس عشر ظهرت حركة إصلاح ديني في فرنسا قادها (مارتن لوثر) سميت بالبروتستانتية، »واعتنقهـا أتبـاع (كلفن) ممن سمـوا بالهجونـوت، فنشطت وأثـارت الحـروبوالاصطدامات، حيث أصبحت يحسب لها حساب (وأراد تشارلز التاسع 1574) أن ينشـر الأمن في ربوع البلاد فهـادن الهجونوت، وأدنى زعماءهم من حضرته، وتوج هـذه الحركة بالرغبة في تزويج أختـه من زعيـم لهـم فأثار هذا الملك ثائرة الكاثوليك»([1]).

»وفي ليلـة الزفـاف أقبلت جمـوع الهوجونوت تتـرى إلى باريس، فأطلـق الرصاص على زعيمهم، وعندئـذ عـزم على التنكيل بمـن حاول اغتياله، وخشي الكاثوليك مغبة ذلك، فعقدوا النية على أن يجعلوا عيد القديس (بارتلميو) 24 / أغسطس من عام 1572 مذبحة يبيدون فيها خصومهم، وفي منتصف الليل دق ناقوس كنيسة (سـان جرمـان) مؤذناً بالبدء، فإذا بأشراف الكاثوليكوالحرس الملكـي، وجمـوع الجماهير، تنقـض على بيوت الهوجونوت والفنادق، التي آوتهم وتأتي على مـن بهـا ذبحاً، فإذا أصبح الصباح كانت باريس تجري بدماء ألفين من النفوس... وتطايرت أنبـاء المذبحـة المروعـة إلى الأقاليم، فإذا بها بدورها مجزرة تجـري بدمـاء ثمانيـة آلاف من هؤلاء المساكين، بل قيل إن هذه المذبحة قد أودت بحياة نيـف وعشرين ألفاً، وكاد البابا (جريجوري) يطيـر فرحاً حتـى أنه أمر بأن تصك أوسمة تخليد ذكراها، وتوزع على وجوه الشعب»([2]).

 ورغم المحن التي أصابت البروتستانت فقد استمروا حتى أثبتوا وجودهم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه أكان البروتستانت يسيرون في الطريق الذي سارعليه خصومهم من العنف والقسوة؟ أم أنهم قاموا على أساس من الرفق واللين؟ فلننظر إلى معلمهم الأول (مارتن لوثر) كيف يُقَيِّم الناس فهو: «نفسه كان يسمي أرسطو الخنزيـر الدنس الكذاب، وقال عن (كوبر نيكوس) وهو أول رائد عرفه الفلك الحديث، أنه منجم مأفون مصاب بمس»([3]). وانخرطت البروتستانتية في العنـف الـذي سلكـه أسلافهـم من زعماء الكنائس، لما أصبـح لهم قوة، «أقرت البروتستانتية الاضطهاد مبدأ مشروعاً لمقاومة الهرطقة وتوكيد الإيمان الصحيح، وقد أكد لوثر هذا المبدأ في خطابه إلى أمير هس»([4]).

»أما كلفن الزعيم الثاني للبروتستانتية فقـد أيد إحراق سرفيتوس الاسباني الذي هاجم عقيدة التثليث»([5]).

*  *  *

 



(([1]   قصة الاضطهاد الديني ص 89.

(([2]   قصة الاضطهاد الديني ص 89.

(([3]   التعصب والتسامح ص 72.

(([4]   قصة الاضطهاد الديني ص 72 ص 103.

(([5]   المرجع السابق ص 105.

الموضوعات