الوصول إلى سدة الحكم

كتب الدكتور تيسير خميس العمر حول هذا الموضوع في كتابه ( العنف والحرب والجهاد) الصادر عن دار المقتبس –بيروت – سنة (1439هـ - 2018م)

فقال :

 إن ليل الظلم وإن طال لا بد أن ينجاب عن صبح يشتت سواده، ويقلب الوجود إلى صحيفة بيضاء، نقرأ عليها جميع الرسوم دون أي إجهاد، ويا ويل من ساق النور ليجعله ناراً بعد ذلك يحرق بحره من عاداه.

 ويأتي بعد ذلك مرسوم (ميلان) الذي أصدره الإمبراطور (قسطنطين) إذ أقر فيه مبدأ التسامح، ووضع المسيحية مع غيرها من الأديان على قدم المساواة، ثم اعتنق المسيحية بعد عشر سنوات من هذا المرسوم([1]).

 وكان لدخول (قسطنطين) في النصرانية أثر كبير، فقد تحمس للدين الجديد، وقام يدعو إليـه بكل حماس، وأصبح يرى من الضروري ضرب المخالفين بقوة، لأنه على حق وغيره على باطل، وظهرت المسيحية على عهده قوة لها سلطة، فالذلوالاندحار للظالم المهزوم، ومن هنا تبدأ صفحة جديدة في حياة الكنيسة، يسجلها التاريخ، وسنأخذ منها مقتطفات في هذه العجالة بإذن الله.

 وبما أن (قسطنطين) هو صاحب الرأي، أصدر أحكاماً تقضي بإحراق كل يهودي يلقي على كل من اعـتنق المسيحية حجراً، وعقاب كل مسيحي تهود (صار يهودياً)، ثـم عـدل العقـاب إلى مصادرة الأملاك، فإن تزوج يهودي بمسيحية أعدم([2]).

 عجباً لمن يتحمل لظى النـار الهادئـة، التي تمزق صبر النفس والروح قبل أن تمـزق الجسد، ويتقبل جميع ما يُتهم ويُؤذى بـه بروح تسـمو فـوق كل انتقام، وتعلو على الأحقاد والإحن، ثـم يحكـم بالإعدام على من يلقي عليه حجراً، أو أن يمس كرامته إذا أصبح زمام القوة بيده، تلك شريعة الانتقام، وهكذا نرى كيف أصبحت النصرانية التي يقول كتابها:

 ـ «طوبى لصانعي السلام»([3]).

 ـ «من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر»([4]). !!

 ثم من الصعوبة بمكان أن نعـرض لهذا التاريخ المؤسف، ومن الممكن أن نتعرض لتاريخ الكنيسة من خلال ما يلي:

 1ـ اعتماد وسائـل التنكيـل والإرهاب الداخلي ضد مواطنيهم بغض النظر عن دياناتهم.

 2ـ الحرب الغشوم التي أشعلتها خارج البـلاد ونكتفي بعرض الحملات الصليبية وأثرها على شعوب الشرق.

 3ـ الخلافـات المذهبـية، والأحـداث الداميـة التـي وقعت بين النصارى أنفسهم.

*  *  *