قانون إسلامي لمتدين الحرب ورفع العنف
قانون إسلامي لمتدين الحرب ورفع العنف
كتب الدكتور تيسير خميس العمر حول هذا الموضوع في كتابه ( العنف والحرب والجهاد) الصادر عن دار المقتبس –بيروت – سنة (1439هـ - 2018م)
فقال :
تبقى المبادئ السامية والعقائد الصحيحة منارات هدى ومنبع إلهام لجميع الشعـوب؛ في استنبـاط أحكـام لكل مستجـد ومستحدث على الساحة الدولية؛ بمختلف الجوانب الحيوية والحياتية سياسية واقتصادية وفكريـة... ونظراً لأهمية ما شاع في العالم من مظالم أرهقت البشر فأصبحوا كغريق في خضم لجب؛ لا يسمع صراخـه مغيث ولا يجيب لندائـه نبيـه من أنات البشر وجراحهـا تطرح الأسئلة وتجيب الشريعة الإسلامية الغراء، فينطلق إشعاعها إلى الإنسانية لتستضيء به وتنشر ظلالهـا لتفيئـه ومن خلال التعاليم الإسلامية العظيمة، نقترح القانون التالي لمنع العنف والحرب أو التخفيف من ويلاتهما إن وقعتا:
مادة (1): يولد الإنسان بمواهب فطرية منحه إياها الخالق سبحانه؛ فيجب تنميتها ورعايتها حتى تصل به إلى المرتبة التي تخوله حمل الرسالة الخلافية الموكل بها في الأرض.
مادة (2): تفتيح الطاقات الإنسانية وعدم كبتها واجب يبعد الإنسان عن العنف؛ وإذا حدث العكس وجد المرتع الخصب للعنف ضد إنسانية الإنسان.
مـادة (3): يحـرم العنـف مادياً ومعنوياً، فالحفـاظ على سلامـة الإنسـان وضرورياته الحياتية من مأكل وملبس وزواج ومسكن ومطعم يعتبر مطلباً إسلامياً وإنسانياً.
والحفاظ على كرامـة الإنسان واحترام إبداعـه وإنتاجـه الفكـري ضرورة إنسانية يحض الإسلام عليها.
مادة (4): يوضـع الحـوار مقابـل العنـف ما دام يتطلب إشغـال العقـل والاهتداء بنوره، فاللجوء إلى القوة ظلم وعنف وظلامات تمتهن بها البشرية.
مادة (5): أي معارضة للحريـة وحبس للكلمة يعتبر عنفاً يجب أن يحول دونه دعاة السلام في العالم.
مادة (6): الإكراه على الدين مبدأ ترفضه الفطرة الإنسانية؛ ويمنعه الإسلام. والحرية الدينية مكفولة ما لم يترتب عليها إخلال بالنظام العام.
مادة (7): يطلب السـماح بوجـود جبهـات معارضة للحكم في كل دولة لكشف أخطـاء الحكومـات أولاً؛ والوقوف في وجـه غطرستهـا ثانياً، فلا تظلم ولا تتعسف ويكون ذلك مجالاً لتفتق العبقريات ثالثاً.
مادة (8): احتكار السلطـة بيد فـرد أو فئـة في دولـة من دول العالم عنف منظم؛ وخطر يهدد كرامة الإنسان فيجب العمل على إزالتها والقضاء عليها ضمن ضغط عالمي؛ ووضعها في مقاطعـة وغربة سياسية تصبح معها تلك الحكومات منبوذة داخلياً وخارجياً.
مادة (9): إقامة منظمـة عالميـة لحـل الخلافات في العالم عـلى الصعيدين الخارجي والداخلي؛ مبنـية على أساس إرساء العدل وتثبيت أركان الحق؛ لا على أساس ميزان القوى العسكرية عند أي دولة من الدول.
مادة (10): الحفـاظ على قيـم المجتمعـات وأخلاقهـا ومحاربـة التفلـت والانحلال؛ الذي ليس له حد. ويجب ذلك للأسباب التالية:
أ ـ المحافظة على القيم الأخلاقية وعدم إضاعة المراهقين فكرياً وشخصياً كما يحـدث من إقامة علاقات جنسية غير مشروعة، مما سبب كثرة اللقطاء الذين يعتبرون عالة على المجتمع؛ وبذرة عنف لا يعلم متى تنبت.
ب ـ عدم تفتيت وضياع الأسرة التي تعتبر حجر الأساس في المجتمع؛ ففي ضياعها ضياع القيم الإنسانية وتدمير للأفراد الذين تستهويهم الجريمة والعنف.
وعدم انتشار أمراض وخيمة استهلكت كثيراً من موارد المجتمع؛ وعطلت طاقات خلاقـة ومبدعـة؛ فكان لذلك الأثر الكبير في تبديد القوى العاملة على تقدم الإنسانية وتحضرها.
مادة (11): التركيـز على التربيـة كعامل هام في تنشئة أجيال واعية ذاكرة تتفهم مشاكل بلدها خاصة والعالم عامة.
مادة (12): توحيد المناهج العلمية في العالم أو العمل على توحيدها ما أمكن في بعض الجوانب، وفرض دراسات على التلامذة في العالم يتعرفون من خلالها علىعادات وقيـم المجتمعات الأخرى، وتعزيز التواصـل العلمي بين دول العالم من خلال تبادل المعلومات والرحلات المشتركة.
مادة (13): السعـي من أجـل التقريب بين المستويات في الحصـول عـلى مستوى من الرفاه بين أفراد الشعوب في العالم، والقضاء على التمايز في هذا المجالواجب إنساني يطهر النفوس من الأحقاد.
مادة (14): التحذير من المبادئ التي لا تحترم القيم الدينية والقيم الخلقية؛ والسعي إلى نبذها من المجتمعات لأنها من ضروب العنف الهدام.
مادة (15): القتال مشروع عند وجود العدوان والهـدف مـنه ينحصر فيما يلي:
أ ـ كفالة حرية العقيدة والتبليغ.
ب ـ الدفاع عن النفس.
ج ـ نصرة المظلوم أينما كان ومهما كانت عقيدته.
مادة (16): وسائـل الحـرب الجائـزة: هـي مـا تجعل الخسائر محدودة مع كل ما يتفق مع أعراف الحرب ومراعاة المعاملة بالمثل؛ ما لم يترتب على ذلك فناء عام، فلا يجوز قطـع الشجـر ولا هـدم البناء ولا الإفساد في الأرض إلا لضرورة حربيـة كالتترس بهـا أو التحصن فيهـا، ولا يجـوز أيضا استعمال القنابل الذرية والسموم وجميع أنواع الأسلحة الفتاكة؛ التي تؤدي إلى قتل ما لا يجوز قتالهم من الآمنين والنساء والأطفال والشيوخ والفلاحين والعمال.
مادة (17):
أ ـ لا يجوز بدء الحـرب دون إعلان العـدو ومضي مدة تمنع المباغتة؛ ما لم تكن هناك ضرورة حربية تستدعي المفاجأة.
ب ـ يضمن من بدؤوا الحرب دون إعلان ما أتلفوه من أموال وما أهدروه من دماء.
ج ـ إضافة لما تقدم يتقيد المسلمون بالدعوة إلى الإسلام بالحجة والبرهان والتخيير بين إحدى ثلاث الإسلام أو العهد أو القتال.
مادة (18): توسيع نظـام الأمان حتى يصبح قانوناً عالمياً؛ يعمل به في كل قطر من أقطار العالم؛ لما يتوفر فيه من كل أنواع الحماية والرعاية للشخصالأجنبي وماله وأسرته؛ ويسهل تبادل العلاقات السلمية بين دول العالم، ويكون للمستأمن حق التمتع بالمرافق العامـة والقضاء، وله حق ممارسة الأعمال التجارية في حدود معينة؛ ولـه حـق الزواج والتملك ويسأل عن أعماله مدنياً وجنائياً؛ ويطبق عليه القانون في حدود ما يقضي النظام العام أو يتعلق به حق لمسلم.
مادة (19): فتح الحـدود الإقليميـة بين الدول المتحاربة وقت الحرب إذا كان بغرض سلمي أو لمصلحة حربية أو حاجة تجارية.
مادة (20): المؤمِّـن اليوم: هو ولي الأمر أو نائبه المختص بإعطاء الأمان، والمستأمن هو من يتمتع بالأمان المؤقت؛ سواء في حالة الحرب أو من أجل الدخول إلى البلد الآخر ويتحقق في البلد الإسلامي بتأشيرة دخول.
مادة (21): للأجهزة الحكوميـة مراقبـة المستأمن أثنـاء الأمان وذلك من أجل المحافظة على حقوق الأفراد والصالح العام.
مادة (22): يصدر الأمان عن إرادة حرة خالية من العيوب التي تؤثر فيها كالإكراه والغلط والتدليس والغبن والتغرير، ويجوز للمستأمن رد الأمان والعودة إلى بلده إن وجد خلاف مصلحته في هذا الأمان.
مادة (23): يجوز تقييد المستأمن بمكان معين داخل البلاد؛ ولأهل البلاد الحريـة في منعـه من الدخول إلى بعض المناطق والسماح في أخرى إذا كانت هناك موانع عقدية أو أمنيـة، حتى لا يكون الأمان سبباً للفتنة أو ذريعة لتحقيق مآرب العدو.
مادة (24): لا يشترط في الأمان أن يكون لمصلحة، وإنما يلزم عدم وجود الضرر، فلا يصح الأمان لجاسوس أو طليعـة أو من فيـه مضرة كمرجف وناقل أسرار.
مادة (25): يحدد الأمان من قبل الدولة ولها المدة التي تشاء؛ فيجوز بحسب الحاجة لمدة مطلقة أو بمدة طويلة أو قصيرة.
مادة (26): لا تقييد للأمان في الصياغة اللغوية أو الزمان؛ فيصح بأي لغة كانت كما يصح في حالتي الحرب والسلم معاً.
مادة (27): يثبت الأمان بالبينة وإقرار الحاكم، ولا يقبل ادعاء المستأمن الأمان ما لم يكن ذا مهمة سياسية أو تاجراً أو طالباً لأمان.
مادة (28): توسيع مجال التمثيل الدبلوماسي والسياسي الدائم بين أقطار العالم لتدعيم العلاقات السياسيـة أو الاقتصادية؛ وتقويـة أواصر الـود وزيادة التفاهم وإعطاء المبعوثين السياسيين الحصانة الكاملة شخصية واقتصادية وقضائية؛ ولا يتأثـر هـذا بقيام الحرب ما لم يقـم الممثـل السياسي بخيانة أو إضرار فيبعد عندها.
مادة (29): المعاهـدات أصل عام مقرر في العلاقات الدولية؛ والوفاء بها أمر تلزمه الشرائع الربانية والمسلمات العقليـة والفطـر السليمة؛ فيطالب الجميع بالتزامها واحترامها إلا عند إعلان الحرب أو أن تظهـر خيانة تتنافى مع التزامات العهد.
مادة (30): لا يتعـدى قيـام الحـرب نقـض المعاهدات السياسية، وتبقى ما بعدها مـن معاهدات تجارية أو التي تنظم وضعـاً عاماً لا صلة له بالمتحاربين؛ فلا تنقضي بمجرد قيام الحرب إلا إذا كان في المعاهدات التجارية إضرار محتم.
مادة (31): لا يتأثـر الأمان بإعلان الحرب إلا إذا حصلت مخالفة صارفة لمقتضى العقد؛ كمقاومة السلطـة الحاكمة أو الإخلال بالنظام العام. أما ارتكاب الجرائم المدنية والسياسية أو الجنائيـة فلا يترتب عليها نقض العهد ويرجع البت فيها للقانون.
مادة (32): يجوز قتل الجاسوس ويجوز حبسه وعقابه بحسب ما يرى ولي الأمر من المصلحة.
مادة (33): لا يسري أثر نقض المعاهدة على جميع المعاهدين وإنما ينحصر بالناقض فقط؛ إذا كانت المعاهدة ذمـة أو أمان؛ فإن كانت هدنة فلا ينتقض عهد الباقين إلا إذا سكتوا عن الناقض؛ ولم يوجد منهم إنكار بقول أو فعل؛ أو ناصرواالناقض صراحة أو ضمناً أو كان الناقض رئيس دولة العدو.
مادة (34): إذا انتقض أمـان المستأمن فإنـه يبعد من البلاد ويبلغ المأمن، وإذا انتقض أمان المهادن صار كالحربي، ولا يجوز إبعاد الذمي ما لم يقاتل المسلمينأو تنطبق عليه حالة من أحوال إسقاط الجنسية المعروفة حديثاً.
مادة (35): التحذير من تصدير الأسلحة من قبل الدولة المنتجة لها ونحوه من كـل مـا فيـه تقويـة على العدوان يعرف أنها تستخدمها في قتال غير مشروع، ويجوز تصدير الأطعمة والأقوات والألبسة والأخشاب وسائر المنتجات الزراعيةوالصناعية غير الحربية ما لم يمنعها ولي الأمر في أثناء قيام الحرب.
مادة (36): لا يجوز قتال غير المقاتلة كالنساء والصبيان والمدنيين ورجال الدين والأطباء؛ إلا إذا اشتركوا في الحرب برأي أو قتال أو في حالة الغارات أو التترس بهم.
مادة (37): لا يجوز التعرض لرعايا العدو المستأمنين في أي بلد إذا نشبت الحرب مع قومهم؛ وينبغـي إبعادهم إذا خيفت خيانـة منهـم؛ ولا يجوز مصادرة أموالهم إلا بطريـق الأسـر إذا اشتركوا في القتال؛ ويصـح الحراسـة على أموالهـم كإجراء إداري لحفظ المال.
مادة (38): ينبغي معاملة الأسير بالرفـق والرحمـة وتوفر له حاجياته من ملبس ومأكل؛ ولا يجوز تعذيبه بالجوع والعطش وغير ذلك من أنواع التعذيب.
مادة (39): يحبس الأسـير في مكـان ملائم منعاً له من الحرب ولا يكره على إفشاء أسرار دولته.
مادة (40): يتقـرر مصير الأسرى إما بإطلاق سراحهم (المن) أو بالفداء على مـال أو غير مـال أو بعقـد الذمـة في بلاد المسلمين؛ أو إعطـاء حق اللجوء السياسي أو بتبادل الأسرى مع ملاحظة المماثلة في الرتب العسكرية، ولا يجوز قتل الأسـير لغير ضرورة حربيـة، أي في حـال كونه مجرماً من مجرمي الحرب، ويعتبر الأسير أسير الدولة وليس أسير الفرد.
مادة (41): للجندي أن يستأسر إذا اضطـر أن يقاتـل في حالة التيقن من الموت، ويحرم على الأسير إفشاء الأسرار العسكرية وغيرها؛ وله الهرب إذا أمكنه ذلك؛ ويجوز تشغيله لقاء أجر ويكره ذلك في الأعمال الحربية؛ وليس له أن يقاتل معهم عدواً آخر إلا بالإكراه.
مادة (42): علـى المسلمين فكـاك أسراهم المسلمين وغـير المسلمين بأي طريق.
مادة (43): لا يجوز الإجهاز على الجرحى والمرضى ويعاملون معاملة إنسانية.
مادة (44): يحـرم التمثيل بالقتلى أو انتهاب ما معهم، وتسلم أمتعتهم إلى مكتب خاص تابع لمنظمة دولية؛ تشرف على شؤون القتلى بين الجانبين المتحاربين، ويلزم دفنهم، وترسل المعلومات عنهم إلى أقوامهم، وتسلم لهم جثثهم إذا طلبوها مع احترام عاداتهم الدينية في طريقة الدفن.
مادة (45): يجب على المسلمين إنهاء الحرب إذا قبل الأعداء اعتناق الإسلام ويترتب على ذلك عصمة الدماء والأموال.
مادة (46): تنتهي الحـرب بعقـد الصلح أو الهدنة ويسري أثر العقد على مختلف الحكام، ويظل عقد الصلح نافذاً لا يصح نقضه ما لم ينقضه العدو، ويترتب على الاتفاق فوراً أمان الأنفس والأموال.
مادة (47): يجب أن يتم الإشراف على انتهاء الحرب من قبل منظمة دولية تملك من القوة والهيمنة القانونية ما تستطيع معه أن تردع المعتدي عن اعتدائه.
مادة (48): يلـزم مـن لجأ إلى العنف بتضمين ما أتلف مـن أضرار لغير المقاتلين في أنفسهم وأموالهم.
مادة (49): لأي مواطن من غير المسلمين لا يقطن في الأرض الإسلامية أن يدخل إليها بقصد الأمان وكسب الجنسية الإسلامية عن طريق عقد الذمة.
مادة (50): تفرض الجزية على الذميين كمساهمة في بناء المجتمع مقابل ما يدفعه المسلمون من زكاة؛ وتسقط لأمور كثيرة هي الموت والعجز الدائم والفقر والعمى والزمانة المرضية والشيخوخة واعتناق الإسلام والاشتراك في القتال مع المسلمين والإعسار بها بعد مضي سنة وتقادم العهد على عدم القيام بأدائها.
مادة (51): تنتهي الحرب بالتحكيم بالمعنى الدولي الحديث، ويحدد اتفاق التحكيم إجراءاته والقواعد المطبقة بشأنه.
مادة (52): يعد قرار التحكيم أمرا ملزما للطرفين ما لم يكن هناك نقض أو خطأ جسيم أو إكراه واقع على المحكمين.
p p p