نظرة اليهود إلى الشعوب الأخرى
نظرة اليهود إلى الشعوب الأخرى
كتب الدكتور تيسير خميس العمر حول هذا الموضوع في كتابه ( العنف والحرب والجهاد) الصادر عن دار المقتبس – بيروت – سنة (1439هـ - 2018م)
فقال :
نسب اليهود أنفسهم إلى الله سبحانه وتعالى زوراً وبهتاناً، فاعتبروا أنفسهم شعب الله المختـار، ومن هنـا نرى أن نظـرة اليهودي للبشريـة تقـوم على أساس عنصري متعصب، إذ تعظم الجنس اليهودي، وتضعه في مصاف النقاوة البشرية، وتجعـل غيرهم من الخلق أمميين أو (جوييم) ومعنى هذه الكلمة عندهم «البهائم والأنجاس والكفرة والوثنيين»([1]).
أن هذه النظرة جعلت توينبي يقول عنهم «أقبح عبادة للذات الغائبة حتماًيتمثل في خطيئة اليهود التي تتبدى... وإن احتضان اليهود صفة شعب الله المختار، قد انحرفت بهم إلى العقم الفكري وقادتهـم إلى نبذ كنـز أعظـم قدراً هيأه لهم الله بمقدم عيسى الناصري»([2]).
وتتجلى هذه الدعوة العنصرية في التوراة، حيث جاء في سفر التثنية «لأنك شعب مقدس للرب إلهك وإياك اصطفى الرب إلهك، أن تكون له خاصة من جميعالأمم التي على الأرض»([3]) وفي موضع آخر نقرأ «أنا الرب إلهك الذي عززكم من بين الأمم»([4]).
وإذا تملكت هذه العقيـدة شعباً من الشعوب يرى أن كـل شيء مبـاح لمن جعلـه الرب (شعباً مختاراً) وموظفاً مطلقاً، وفي المثل اللاتيني الفرنسيون يد الله تبطش، عندئذ تكون الكارثة، ويقدس العنف، وتستباح الإنسانية.
فكانت الحروب الصليبية، وكانت أسبانيا (الملوك الكاثوليك) فكانت منها محاكم التفتيش، والقتل الجماعـي في هنـود أميركـا الحمر، وكانت روسيا المقدسة فكانت مذابح اليهود، وكان شعار ألمانيا (الله معنا) فكانت ألمانيا بسمارك قبل أن تصبح ألمانيا هتلر ومعتقـلات (أوشويز)، وخاطب الكاردينال (سليمان) جنـود الحملة الأمريكية في فيتنام قائلا (أنتم جنود المسيح) وفي عام 1972 صرح (فوستر) رئيس وزراء إفريقية الجنوبيـة المعـروف بنزعتـه العنصرية الوحشيـة قائلا «يجب ألا ننس شعب الله المزود برسالة»([5]).
إذاً إن النظرة الاصطفائية، التي تقدم شعباً على شعب في حساب المعتقدات، لتورث في النفس شروراً لا يقدر قدرها، وهنا يتحول الميزان العدل من أن يكون بالتقوى والبر إلى أن يكون بالجنس والعنصر.
إن الاصطفائيـة اليهوديـة هي جوهرياً اصطفائية (الأمية) لقد تمكنت من نفوسهم وأخلاقهم، وأصبحت لا تنفك عن أعمالهم، (فيهوه) إنه رب إسرائيل، وإسرائيل وحدهـا قدوس يهـوه (فالإبادة الجماعيـة للغوييم هي أقصى درجـات الأخلاق لدى اليهود) ([6]).
لذلك نجـد التلمود الذي يسمى (سنهدرين)، يوجب على اليهود إقامة «مجمـع قومي عظيـم ويسمى (سنهـدرين). والفصل العاشر من الرسالة نفسها (العقاب) ويتضمن وسائل الردع ضد اليهود الخارجين على السنهدرين»([7]).
لقد طبق عملياً في الحرب النازية، إذ أصاب اليهود منها بلاء عظيم، فقتلوا، وحرقوا، وشردوا في ألمانيا حيث «نشر أحد الجنود الفرنسيين تحت اسم (تريلنكا) وثيقة خطيرة تتهم الزعماء اليهود بأنهم لو أرادوا إنقاذ أبناء جلدتهم من أفران الغاز،النازية لأمكنهم ذلك، لكنهم فضلوا السكوت والتحالف مع الألمان»([8]).
هذه النظرة جعلتهم يتقوقعون على أنفسهم، ويغلقون الباب أمام من أراد أن يكون واحداً منهم، فالحاخام الأكبر اليهودي يعترض على الحكومة بـ «اعتبار اليهودي هو كل إسرائيلي، بل يجب أن يكون من أم وأب يهوديين، ورفـض تهود امرأة أمريكية على يد حاخام متحرر»([9]).
وكذلك نجد حاخام حيفا قد دفعته هذه العقيدة إلى عدم الموافقة على اعتبار بنت (بن غوريون) يهودية إسرائيلية، لأنها من أم إنكليزية.
ـ كما هم:
ولعل البعض يظـن أن هذه التعاليم قد تغيرت في هذا العصر، لما طرأ فيه من تطـور في العالم، ووحـده اتصال بين أجـزاء المعمورة، فالأمر على العكس من هذا تماماً، إن الشريعة التي توصلهم إلى نيل الوعد وتحتم عليهم القتل الجماعي، الذي يتكـرر في التوراة، تنظم حيـاة اليهودي وعاداته، وعلينا أن نتذكر دوما أن التعاليم اليهودية هذه تقرأ في كـل كنيس. وهل تحرر اليهود من الحارات الضيقة المنعزلة أو ما يسمى بالجيتو ؟
أم أنهم ما زالوا يتيهون في سراديب هذا المكان الذي يحكي قصة تاريخهم مع الأمم الأخرى ؟ هـل أقلعـوا عن نظرتهم في الحرب إلى الشعـوب الأخرى؟ لنستمع إلى نتائج الاختبار الذي أجراه عالم النفس (ح تارمان) في جامعة تل أبيب «وزع على أكثـر من ألـف طالب في صفوف الرابع إلى الثامن (حيث أدرج سفر يشوع في البرنامج) خبر القتل الجماعي الذي افترضه يشوع في أريحا حيث جاء فيه (وقتلوا كل ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.
»فطرح الأستاذ السؤال الآتي طالباً الإجابة بنعم أو لا: «لنفرض أن الجيش الإسرائيلي احتل قرية عربية أثناء الحرب، فهل عليه أن ينزل بسكانها نفس المصير([10]) الذي أنزله يشوع بسكان أريحا» كانت الأجوبة نعم تتراوح بين 66% و95% تبعاً للمدرسة أو الكيبوتز (المزرعة الجماعية) وأدى نشر نتائج التحقيق الكاشف عن الوجه الحقيقي للمجتمع الإسرائيلي إلى طرد الأستاذ تارمان»([11]).
ـ لا صدق... لا رحمة... عندهم:
مما يجب أن يتعلمـه اليهودي من معتقده، أن جميع الناس لا يتعامل معهم إلا إذا اضطر للكسب المادي منهم، ولا يفرض عليه دينه أن يكون صادقاً، وبهذا يأمر الرب (يهوه) «متى أتى بـك الرب إلهـك إلى الأرض التي أنت داخـل إليها لتملكها، وتطـرد شعوبـا كثيرا من أمامـك: الحثيين والجرجاشيين، والأموريين، والكنعانيين، والفرزيين، والحويين، واليبوسيين، سبـع شعوب أكثرهـم وأعظـم منك، ودفعهم الرب إلهك أمامك، وضربتهم فإنك تحرقهم، لا تقطع لهم عهدا، ولا تشفـق عليهـم»([12]) وتكـرر هذه الأوامر العنيفـة في صور شتى بين طيات التوراة، إذ نقـرأ ما يلي «فتأكل الشعوب الذين الرب يدفـع إليك لا تشفق عيناك عليهم»([13]).
لقد جبلت الطبيعة اليهودية على الخسة والغدر، فلم تأل جهداً عبر التاريخ للتعبير عما يجيش في الصدور من مقت أسـود، وكـره لبني الإنسان، لقد سجلت أحداثهـم على صفحـات التاريخ أسطراً حمراً داميـة، لا تعرف إلا القتل والخيانة والعذر.
* * *