مواقع إنما وأسرارها في أبواب الحدود من سنن ابن ماجه
مواقع إنما وأسرارها في أبواب الحدود من سنن ابن ماجه
كتب عن هذا الموضوع الكاتب الصيني ماشياومينغ في كتاب ( إنما وأسرارها البلاغية في سنن ابن ماجه ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة ( 1439هـ - 2018م)
فقال:
روى ابن ماجـه بسنده عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَـأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟ قَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُـولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «أَتَشْفَعُ فِي حَـدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟» ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُـمْ أَنَّهُمْ كَانُـوا إِذَا سَـرَقَ فِيهِـمْ الشَّرِيفُ تَرَكُـوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُـوا عَلَيْـهِ الحَـدَّ، وَايْمُ الله! لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَـا». قَـالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْـنَ سَعْـدٍ يَقُولُ: قَدْ أَعَاذَهَا الله ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ تَسْرِقَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا([1]).
* مقصود الحديث:
المقصود من الحديث الشريف هـو النهي عن الشفاعـة في الحـدود بعدمـا رفعت إلى الإمـام([2])، والبيـان بوجوب إقامتها إذا بلغت الإمـام، والتزام العدل والمساواة في تنفيذها امتثالا لأمر الله ـ تعالى ـ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّـهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّـهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾[النساء: 135].
* عناصر بناء الحديث:
لتحقيق هـذا المقصد، ورد الحديث بمجموعـة كبيرة من الجمـل، يمكـن تقسيمها إلى أربعة عناصـر رئيسيـة: العنصر الأول: مقدمة ذكر فيها سبب ورود الحديث، وهي شفاعـة أسامـة بن زيد ـ رضي الله عنـه ـ عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حد فاطمـة بنت الأسـود التـي سرقـت (أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَـأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقَالُـوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَـا رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟ قَالُـوا: وَمَـنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْـهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْـدٍ، حِبُّ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ.)؛ والعنصر الثاني: إنكار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شفاعته (فَقَالَ رَسُول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟»)؛ والعنصر الثالث: خطبـة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالـغ فيهـا تهديده على ترك القيام بالحدود وعدم التسوية في تنفيذها (ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَـرَقَ فِيهِـمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ الله! لَوْ أَنَّ فَاطِمَـةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا».)؛ والعنصر الرابع: قول الليث بن سعد ـ رضي الله عنه ـ علم فيه أدبا رفيعا للأمة (قَالَ مُحَمَّـدُ بْنُ رُمْـحٍ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْـدٍ يَقُولُ: قَدْ أَعَاذَهَـا الله ـ عَزَّ وَجَـلَّ ـ أَنْ تَسْرِقَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا.).
* أسلوب القصر في الحديث ـ عناصر بنائه ـ وعلاقاته بغيره من عناصر الحديث:
ورد أسلوب القصر بإنما المتمثل في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَـرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَـدَّ) فـي العنصر الثاني من الحديث، خطبـة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ووقع موقع التعليل لإنكاره الشفاعـة والتأكيـد لـه، حيث إن خطبتـه هذه جاءت بعد إنكاره شفاعة أسامـة ـ رضي الله عنه ـ في حـد السرقـة كما ذكـر في مقدمـة الحديث، فقد أنكـر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أسامـة ـ رضي الله عنه ـ شفاعته في الحد ووبخه (أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُـدُودِ الله؟)، إذ إن هـذا السؤال لم يكن على حقيقتـه، بل إنه سؤال إنكاري توبيخي، بمعنى أنك لا ينبغي لـك أن تشفع في ذلـك، لأنـه حـد من حدود الله لا تجوز الشفاعة فيه([3]).
وتعليل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لإنكاره هذا جاء مؤكدا بأسلوب القصر بإنما، مسبقا بأسلوب النداء المنبـه للمخاطبين من غفلتهم وسهوهم، ملحقا بأسلوب القسم المؤكد به على أن الحد لا بد من تنفيذه، ولا بد من التسوية والعدل في التنفيذ، حيث فرض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لو تكون السرقة من فاطمة ـ رضي الله عنها ـ أحب الناس إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لنفذ الحد عليها دون التفريق بينها وبين غيرها.
ومن هنا نرى أن هذه الخطبة مليئة بالتأكيد والتهديد. لذلك قالت السيدة عائشة ـ رضـي الله عنهـا ـ: (فَاخْتَطَبَ)، مشيرة إلى هـذه التأكيدات، لأن لفـظ (اختطب) فيه معنى المعالجة وبذل الجهد، يعني: بالغ في خطبته أو أظهر خطبته([4]). فأكـد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من خلال تلـك الأساليب البليغة على أن الشفاعة في الحدود لا تجـوز، وأنـه لا بـد من تنفيذهـا ما دامت قـد رفعت إلى الإمام، وأنه لا بد من التسوية والعدل في تنفيذها. وهدد وتوعد على مخالفة ذلك، لأن هذه المخالفة هي سبب هلاك بني إسرائيل، حيث إنهـم تركوا الحدود، تركوا التسويـة والعـدل في تنفيذهـا، لأنهـم كانـوا ينفذونهـا على الضعفاء ولا ينفذونهـا على الشرفاء، ولهذا أهلكهم الله ـ سبحانه وتعالى ـ . فمن يشفـع في حـد من حـدود الله ـ تعالى ـ فهو مشابه لهـم، إذ إنـه لا يشفع إلا لكون المشفوع لـه شأن أو شرف أو مكانة بينهم، فيكون صنيعه هذا قريبا مما يصنعه أولئك، فيستحق ما استحقوا.
فالشفاعة في الحد قد يؤدي إلى ما حل ببني إسرائيل من هلاك، فكأن الذين يشفعون فيـه قد غفلـوا ونسوا أو تجاهلوا الوقائـع التاريخية التـي لا ينبغي لأحد نسيانها، ولم يتعظوا بها. فبذلـك كانوا محتاجين إلى من يوقظهم من غفلتهـم هذه، ويذكرهم تلك الوقائع ليتنبهوا ويرتدعوا.
ومن هنـا وجههم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا النـداء الطويل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ!) منزلا بعد غفلتهم المعنوي منزلة البعد الحسي، تنبيها واستيقاظا لهم.
ثم شـرح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم واقعة من الوقائع التي قد نسوها أو تجاهلوها، وهو أن بني إسرائيل كانوا يتركون الحدود أو لا يسوون في تنفيذها، فأهلكهم الله ـ عز وجل ـ بهذا السبب. وقد أكده النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من خلال أسلوب القصر حيث قصر هلاكهم على هذا السبب.
وفي هذا القصر تعليل لإنكاره ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشفاعـة، إشارة إلى أن هذا الإنكار لم يكن إلا رحمـة منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهم، ورأفـة بهم، وخوفـا عليهـم، لأنه إن تقبل هذه الشفاعة يترك الحد كما ترك بنو إسرائيل، فيستحقوا ما استحق بنو إسرائيل.
وفيه تحذير وتهديد ووعيد لمن يشفـع في الحد، لأن شفاعته هذه قد تؤدي إلى ما حـل ببني إسرائيل من هـلاك، فيكون الشافع هو الجالب لهذا الهلاك. لأن هلاكهم لم يكن إلا بسبب ترك إقامـة الحد وعدم التسوية في تنفيذه، ولا يتجاوز ذلك إلى غيره، فهذا يعني أن الشفاعة التي تحيل دون إقامة الحد أو التزام التسوية في تنفيذ الحد قد يؤدي بكم ـ يا أيها الذين شفعـوا في الحد ـ إلى النتيجة نفسها، فانتبهوا واحذروا يا أولي الألباب..
قال أبو العباس القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ إن هذه الجملة القصرية «تهديدووعيد شديد على ترك القيام بالحدود، وعلى ترك التسوية فيما بين الدني والشريف، والقوي والضعيف»([5]).
أورد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسلوب القصر بطريـق (إنما)، لأن هـلاك بني إسرائيل بذلـك السبب أمر واقع قد حدث في التاريخ، وهو معلوم لمن يقرأ التاريخ قراءة فاحصة واعية، فهو واضح ينبغي ألا يُنسى أو يُتجاهل. وما دام كذلك، فإن على كل واحد أن يتعظ، ويحذر من أن يقع فيما وقع فيه السابقون. ففي أسلوب القصر هنا بهذا الطريق خاصة إضافة إلى ما سبق دلالة على حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصحابه ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ والأمـة أجمعين على أخذ العبرة من الأحداث التاريخية لئـلا يقعـوا فيما وقـع فيـه أولئك السابقون. وفي هـذا دلالـة واضحـة على رحمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورفقه بأمته، وشفقته عليهم ورأفته بهم، مصداقا لقول الله ـ تعالى ـ: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾[التوبة: 128].
وبهـذا القصر نبـه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المخاطبين من غفلتهم، وهددهم على سوء عاقبـة هذه الغفلـة مشيرا من خلالـه إلى أن الشفاعـة في الحد لا تجوز، وأن الحد لا بد من تنفيذه، ولا بد من التسويـة والعدل في التنفيذ مؤكدا ذلك مرة أخرى بأسلـوب القسـم اللاحـق (وَايْمُ الله! لَوْ أَنَّ فَاطِمَـةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَـا). وهـذا القسم لتأكيد ضرورة التزام التسويـة في تنفيذ الحد. والأمر الذي أقسم عليه هو «إخبـار عن مقدر يفيد القطع بأمر محقق، وهو وجوب إقامة الحد على البعيد والقريب، والبغيض والحبيب، لا تنفع في ذرية شفاعة، ولا تحول دونه قرابـة ولا جماعـة»([6]). ووقوع السرقـة من فاطمـة ـ رضي الله عنها ـ لم يكن ولن يكون، وإنما ذكرهـا هنـا على سبيل الفرض وضرب المثل، وذلك لتأكيد وجوب التسوية في تنفيذ الحد. وعلى الرغم من أن لفاطمة ـ رضي الله عنها ـ ذلك الشرف العظيم، وهـو نسبتهـا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكونها ابنته وبضعة منه، فلو حصل منها ذلك فإن الحكم واحد، ولا فرق بين شريف ووضيع.
لـذا سـاق الجملـة بحرف امتناع لامتناع (لو)، فإنه يفيد غالبا عدم تحقق شرطه. وقال الليـث ابن سَعْدٍ ـ رضي الله عنـه ـ: (قَدْ أَعَاذَهَا الله ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ تَسْرِقَ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا.) وإنما خص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاطمة ابنته ـ رضي الله عنها ـ بالذكر «لأنها أعز أهله عنده، ولأنه لم يبق من بناته حينئذ غيرها، فأراد المبالغة في إثبات إقامة الحد على كل مكلف وترك المحاباة في ذلك، ولأن اسم السارقة وافق اسمها ـ رضي الله عنها ـ فناسب أن يضرب المثل بها»([7]).
القصر هنا وقع بين أجزاء الجملـة الفعليـة، حيث قصر الفعل الصادر من فاعلـه (هَلَـكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) على المفعول لأجلـه (أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَـرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُـوا عَلَيْـهِ الحَدَّ)، لأن حرف (أن) مع اسمـه وخبره هنـا «في محل النصب على المفعول لأجله»([8]). فالقصر هنا قصر موصوف على صفة، قصر هلاك السابقين على كونه بسبب تركهم إقامة حد السرقة على شريفهم، وإقامته على ضعيفهم، وبذلك تركوا الحد أحيانا، ولم يلتزموا بالتسوية والعدل في تنفيذه. فهذا هو سبب هلاكهم، غير أن ذلك لم يكن هو السبب الوحيد لهلاكهم، بل هنـاك غـيره من أسباب الهلاك كما سبق أن من أسبابه إلحاحَهم على السؤال. «وإنما حصر هلاكهم هنا في هذا السبب مبنيا على المبالغة، وذلك لتأكيد خطورة بالغة لهذا السبب، فكأنه قد أخفى غيره من الأسباب، وكأن تلك الأسباب لم تكن، إذ لا يظهر تأثيرها بجوار هذا السبب الخطير، فلم يعتد بها. لذلك، يكون هذا القصر من قبيل القصر الحقيقي المبني على المبالغة»([9]).
قال ابن دقيق العيد ـ رحمه الله تعالى ـ: «ولفظة (إنما) ههنا دالة على الحصر. والظاهر: أنه ليس للحصر المطلق مع احتمال ذلك، فإن بني إسرائيل كانت فيهم أمور كثيرة تقتضي الإهلاك، فيحمل ذلـك على حصر مخصوص، وهـو الإهلاك بسبب المحاباة في حدود الله، فلا ينحصر ذلك في هذا الحد المخصوص»([10]).
وتعريف فاعـل الفعل هنـا باسم الموصول (الذي) ليشمل كل من يقصد بهـم من السابقين في هذا السياق، وكـل من لم ينفـذ حدود الله ـ عز وجل ـ، ولم يتحر العدل والتسوية في تنفيذها، فجلب على نفسه المحنة والهلاك، ولو أنهم في الظاهر هم بنو إسرائيل. وذلك للزيادة في الترهيب من الشفاعة في الحد والتهديد عليها، والحمـل على تنفيذه بكل العـدل والمساواة، إضافة إلى ذلك فإن فيه إحالة على قراءة تاريخ السابقين، فإن وقائع التاريخ لا تكذب، ثم التفكـر فيها والاعتبار بهـا. وفي إيثار التعبير بالجملـة الفعلية وإبراز الظرف (من قبلكم) مع إضافته إلى ضمير المخاطبين حـث لهـم على أخـذ العبرة منهم. فما دامت قصص أولئـك قد حدثت ومضت قبلكم وأنتم قد عرفتموها، فينبغي عليكم أن تتعظوا وتعتبروا. فاتركوا ما يؤدي إلى مصيرهم هذا، وفي ذلك شرف لكم في الدنيا والآخرة.
ثم أورد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كان عليـه بنـو إسرائيل من التفريق بين السارقين عند تنفيذ الحد في صورة مقابلة([11])، ترسم للأمة هذا التفريق الظالم بكل وضوح، تشنيعا لصنيع أولئك الهالكين، فقابـل اثنين باثنين: (الشريف) يقابل (الضعيف) «لما يستلزم الشرف من القوة»([12])؛ و(تركوا) يقابل (أقاموا).
هكذا جاء أسلوب القصر بإنما هنا في مقام إنكار المنكر، فعلل لهذا الإنكار من جهة، وهدد وحذر الأمـة من الوقوع فيما أنكره من جهة أخرى، وتبعا لذلك فقد حقق ما يهدف إليه الحديث الشريف، فنهى عن الشفاعة في الحدود بكل جزم، وأمر بإقامتها والتزام العدل والمساواة في تنفيذها بكل حزم، تحقيقا لأمن المجتمع واستقراره. هذا وإن الحدود عقوبات رادعة مخيفة قد يظنها البعض قاسية، ولكن الشاعر يقول:
فَقَسَا لِتَزْدَجِرُوا وَمَنْ يَكُ حَازِمًا | فَلْيَقْسُ أَحْيَانًا وَحِينًا يَرْحَمُ([13]) |
«إن النفوس الشريرة الأمارة بالسوء، والمدعومة من إبليس وجنوده تحتاج إلى ما يلقى في قلوبها الرعب حتى تحجم عن الدخول في مسالك الفساد في الأرض، وعن ترويع الناس على ممتلكاتهم»([14]). لذا شرع الحكيم الرحيم حد السرقة لتأمين النـاس على أموالهـم، فإن الأمـن أغلى ما في الوجود. فليس لأحد إبطال حد الله ـ تعالى ـ وتضييعه، ولا شفاعة فيه ولا محاباة، الشريف أمامه كالوضيع، ولا فداء له، فالغني أمامه كالفقير.
وبالتحليل الذي مضى تبين لنا أن استخدام (إنما) هو الأليق بهذا المقام، ولو استخدم غيرها من طرق القصر مثل (النفي والاستثناء) لضاعت ما في استخدام (إنما) من الدقة والجمال. وذلك أن في استخدام (إنما) ما لم يكن في استخدام غيرها من المبالغة، حيث إن (إنما) تفيد أن مفهوم هذا القصر معلوم لدى المخاطبين، وهو كون هلاك الأمم السابقة بالسبب المذكور. حقاً إن ذلك السبب هو من أهم أسبابهلاكهم، وهو علامة معصيتهم لله ـ عز وجل ـ وعدم تنفيذهم بأحكامه، فاستحقوا ما استحقـوا. وهـذا مما لا يخفى على من يحسن قراءة التاريخ، فإن وقائع التاريخ لا تكذب. وإنما حكى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هنـا للأمـة هذه الحقيقـة على سبيل التذكـير والتنبيه، تعليلا لرفض الشفاعة في حد من حدود الله ـ عز وجل ـ، وتحذيرا لهم من نتيجـة هذه الشفاعـة غير المشروعة. فناسبت (إنما) هذا التعليل أو التحذير، لأن التعليل بالشيء المعلوم أقنع، والتحذير بالأمر الواضحة نتيجته أزجر.
* * *
روى ابن ماجـه بسنـده عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيـدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: مَا كُنْتُ أَدِي مَنْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الحَدَّ إِلَّا شَارِبَ الخَمْرِ، فَإِنَّ رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ جَعَلْنَاهُ نَحْنُ([15]).
* مقصود الحديث:
المقصود من الحديث الشريف هـو بيـان أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يحد في شارب الخمـر حـدا مضبوطا، فمن مات من حـد الخمـر وجبت له الدية، لأنه مات من التعزير.
* عناصر بناء الحديث:
لتحقيق هـذا المقصـد، أورد علي ـ كـرم الله وجهـه ـ كلامه في ثلاث جمل، مبينـا في الأولى منهـا أن من مـات بسبب إقامـة الحـد عليه على الوجه الذي سنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم تلـزم لـه الديـة، إلا إذا كان مات بسبب حـد الخمر، فإن له الدية (مَـا كُنْتُ أَدِي مَنْ أَقَمْتُ عَلَيْـهِ الحَـدَّ إِلَّا شَارِبَ الخَمْرِ)؛ ومعللا لذلك في الثانية بأنـه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يَسُنَّ في شارب الخمر حدا مضبوطا (فَإِنَّ رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَمْ يَسُنَّ فِيـهِ شَيْئًا)؛ ومؤكـدا فـي الثالثـة لعـدم سـن النبـي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيـه (إِنَّمَا هُـوَ شَيْءٌ جَعَلْنَاهُ نَحْنُ).
* أسلوب القصر في الحديث ـ عناصر بنائه ـ وعلاقاته بغيره من عناصر الحديث:
جـاء أسلوب القصر بإنما في الجملـة الثالثة المؤكدة لعدم سن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شارب الخمر حدا مضبوطا، حيث قصر فيه ما فعلوه في حد الخمر من الضرب بالسوط أو الضرب أكثر من أربعين جلدة على أنه شيء اجتهده الصحابة ـ رضوانالله تعالى عليهم ـ، ونفى ضمنيا أن يكون ذلـك مما سنه وحدده النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ جَعَلْنَاهُ نَحْنُ). وقد سبقت هذه الجملة القصريـة بجملة صرح فيها علي ـ كرم الله وجهه ـ بنفي سـنّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شـارب الخمر حـدا مضبوطا (فَإِنَّ رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا)، فتكون هـذه الجملة القصرية تأكيدا للجملة السابقة عليها لما فيها من نفي ضمني كما ذكرنا.
هـذا وقد ثبت أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جلـد في الخمر بالجريد والنعال، وأنه جلد أربعين، وجلد أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ أربعين، وجلد عمر ـ رضي الله عنه ـ ثمانين([16]). فقال العلماء إن مراد علي ـ كـرم الله وجهـه ـ في قولـه (فَإِنَّ رَسُـولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا) أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يقـدر فيـه حدا مضبوطا، ولم يحدّ الثمانين، أي: أنـه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يسن شيئـا زائـدا على الأربعين، أو أنـه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يَسُنّ الجلد بالسوط، وإنما كان يضربه بالجريد والنعال([17]).
ثم إنـه ممـا أجمـع عليـه العلماء أن من مات بسبب إقامـة الإمام عليه حداً محدوداً واجباً عليه على الوجه الذي سنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، لم يلزم الإمـام شيء، ولا عاقلته، ولا بيت المال، لأنه قتله الحق. وأما من مات من التعزير فقد اختلف العلماء في حكمه، فمنهم يرى وجوب ضمانـه بالدية والكفارة، ومنهم من ذهب إلى أنه لا شيء عليه([18]).
ومن هنا أول ما يقع في النفوس أن حكم من مات بسبب حد الخمر كحكم من مات بسبب غيره من الحدود، فإن الكل حد من حدود الله ـ تعالى ـ، فلا يختلف في الحكم. غير أن الحق لم يكـن كذلـك، لـذا أورد علي ـ كرم الله وجهه ـ كلامه بوسائل التوكيد لتصحيح هذا الموقف المتسارع غير الدقيق، حيث قرر من خلال أسلوب القصر المؤكد أن الدية ثابتة في حد الخمر، ولا تتجاوزه إلى غيره من الحدود (مَا كُنْتُ أَدِي مَنْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الحَـدَّ إِلَّا شَارِبَ الخَمْرِ). ثم علل حكمه هذا (فَإِنَّ رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا)، وقوى تعليله بأسلوب القصر الآخر (إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ جَعَلْنَاهُ نَحْنُ).
وأورد هذا القصر الأخير بطريق (إنما) لبيان وضوح مفهوم القصر وجلائه، فإنه بعدما سبقـه قولـه في النفي الصريح لسـنّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيـه شيئا، يكون من الواضح أن ما فعلـوه هـو من اجتهاداتهم هـم. فذكـر هـذا القصر تأكيـد للنفي السابـق، أو إجابـة على سؤال محتمل، لأنـه عندما نفى سن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في ذلك شيئا، قد يسأل: فما الذي فعلتموه أنتم في حد الخمر من ضرب شاربها بسوط، أو ضربـه ثمانين جلـدة، فأجاب على هذا السؤال بأن ذلـك من اجتهاداتهم للتعزير والتخويف والتأديب والتهذيب. وعلى كل فإن هذه الجملة القصرية وثيقة الصلةبالجملة السابقة عليها، فلم يعطف بينهما بالواو، لأن هذه الصلة الداخلية القوية أغنتهما عن ذلك.
ومن خلال هاتين الجملتين علل علي ـ كرم الله وجهه ـ وجه وجوب الدية في الذي مات بسبب إقامـة حـد الخمـر وأكده، وفي هذا دلالة على مدى احتياط خليفـة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتوقيـه، فإنـه لما رأى أن الصحابـة ـ رضوان الله تعالى عليهـم ـ زادوا عـدد الضرب، وغـيروا آلـة الضـرب، والنبـي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يصـرح بتحديد العدد والآلـة، وجد في نفسه من ذلك شيئا، وشعر بأن الضرب أكثر من أربعين جلدة أو الضرب بالسوط أشبـه بالتعزير، لأن الصحابة ما فعلوا ذلك إلا لأجـل زيادة التعزيـر والتخويـف لمـا كثـر شاربوهـا. لذلك رأى علي ـ كرم الله وجهه ـ أن الحكم فيمن مات بسبب حد الخمر ينبغي أن يكون مختلفا عن الحكم فيمن مـات بسبب غـيره مـن الحدود، «فصـرح بالتـزام الديـة إن وقـع لحد الخمر موت المجلود احتياطاً وتوقياً»([19]).
هـذا، وإن «العقـل هبـة الله ـ تعالى ـ، ميز بـه الإنسان على سائر مخلوقات الأرض، فالاعتداء على العقـل ولو للحظـة واحـدة اعتـداء على أقـدس مخلوق وأشرف أعضاء. لذا حـرم الله شرب الخمـر، وجعل لشاربها عقابا وحدا زاجرا. وهـذا العقـاب رادع للنفوس الأبيـة الكريمـة العزيزة في زمن كان نور الإسلام يشاغف القلوب، ثم لما ضعفت النفوس وكثر شاربو الخمر بعد مرور الزمن، زاد عمر ـ رضي الله عنه ـ العقوبة بعد مشاورته مع كبار الصحابة ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ، فجعلوها ثمانين جلدة، يجلد بالسوط، وذلك لزيادة التعزير والتخويف والتأديب والتهذيب»([20]). ويا ليت سيدنـا عمر ـ رضي الله عنه ـ يظهر في عصرنا هذا! فسيرى اختلافا كبيرا، وعليه يكون الاجتهاد أمراً عظيماً.
والقصر هنـا وقع بين أجزاء الجملـة الاسميـة، حيث قصر المبتدأ الضمير (هو) على خـبره (شيء جعلناه نحن)، والضمير المقصور هذا يعود على الضرب أكثـر من أربعين جلـدة، أو الضرب بالسـوط حسب ما فسره العلماء لقوله (فَإِنَّ رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا) كما سبق ذكره. ثم المقصور عليه (شيء جعلناه نحن) جـاء نكرة موصوفـة، لإفادة أن ما فعلوه هو من اجتهادهم، ولم يكن ثابتا من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فلا يعـرف سـداده من عدمـه، كمثـل ما في النكرة من الإبهام. فإن أصابـوا فلهـم أجران، وإلا فلهـم أجـر. ولزيادة تأكيـده على أنه لم يكن من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أكـد فاعـل الفعـل (جعلنـا) من خـلال تكراره بالضمير المنفصل (نحن). والفاعـل جاء جمعا، إشارة إلى أن ذلـك كـان يتم بينهم بالتشاور، هكذا كان أمرهم شورى بينهم، وما أحوج إلى العودة إليه في عصرنا هذا!
وهذا القصـر من قبيل قصر الموصوف على الصفـة، قصر الموصوف (هو) على صفة كونه من اجتهاداتهم (شيء جعلناه نحن)، ونفى عنه صفة كونه ثابتا من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ . فواضح أنه من قبيل القصر الإضافي للقلب، حيث قلب فكرة من يعتقد أن ما فعلوه كان ثابتا من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأثبت أن ذلك كان من اجتهاداتهم هم، ولا يتعدى ذلك إلى سن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
هكـذا جـاء أسلوب القصر بإنما هنا في مقام بيان الحكم، فعلل لوجه بناء الحكم المذكور وأكـده، وتبعـا لذلك أقنع المخاطبين بحكمـه إلى حـد كبير، فإن الحكم المعلل المؤكد ليس كالحكم المرسل غير المعلل، فهو يتمكن من النفوس فضل تمكـن. واستخدام (إنما) هـو الأنسب لهذا المقام، لأن ما تفيده (إنما) من وضوح مفهوم القصر يناسب هذا التعليل. وهذا القصر قد سبق بجملة نفيٍ قرّبت مفهوم هذا القصر كما سبقت الإشارة إلى ذلك في التحليل السابق.
* * *
([2]) قال العلماء: إن الشفاعة في الحدود حـرام بعدمـا رفعت إلى الإمام لأنه قد تعلق بها حق الله ـ تعالى ـ، وجائزة قبل بلوغها إلى الإمام لأنه ليس على الإمام التجسس عما لم يبلغه. ينظر: معالم السنن: ج3 ص300؛ شرح ابن بطال على صحيح البخاري: ج8 ص408 ـ 409؛ إكمال المعلـم: ج5 ص501؛ المفهـم لما أشكـل من تلخيص كتـاب مسلم: ج5 ص78 ـ 79؛ شرح النووي على صحيـح مسلـم: ج11 ص186؛ شرح الطيبي على مشكاة المصابيح: ج8 ص2527؛ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: ج7 ص180.
([3]) ينظر: المفهم لما أشكل مـن حديث الصحيحين: ج5 ص78؛ فتـح الباري لابن حجر: ج12 ص96؛ عمـدة القاري: ج23 ص430؛ مرقـاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: ج7 ص179؛ إرشاد السـاري: ج9 ص457؛ منحـة البـاري: ج6 ص560؛ تحفـة الأحوذي: 4 ص698؛ فتح المنعم: ج6 ص570.
([9]) ينظر: مرقاة المفاتيح شـرح مشكـاة المصابيح: ج7 ص180؛ تحفة الأحوذي: ج4 ص678 ـ 679؛ فتح المنعم: ج6 ص571.
([13]) البيت لأبي تمام. ينظر: شرح ديوان أبي تمام للخطيب التبريزي (421 ـ 502ﻫ): ص99. قدم له ووضع هوامشه وفهارسه: راجي الأسمر، دار الكتاب العربي ـ بيروت، الطبعة الثانية 1414ﻫ ـ 1994م.
([16]) ينظر: صحيح البخاري: كتاب الحـدود باب ما جـاء في ضرب شـارب الخمر، حديث رقم: 6773، وباب الضـرب بالجريـد والنعال، حديث رقم: 6776؛ سنن ابن ماجه: كتاب الحدود باب حد السكران، حديث رقم: 2570/ 2571.
([17]) ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم: ج11 ص221؛ فتح الباري لابن حجر: ج12 ص73؛ عمـدة القـاري: ج23 ص416؛ عون المعبود: ج12 ص193 ـ 194؛ فتح المنعم: ج6 ص614.