جاري التحميل

مواقع إنما وأسرارها في أبواب الحديث عن الفتن من سنن ابن ماجه

مواقع  إنما وأسرارها في أبواب الحديث عن الفتن من سنن ابن ماجه

كتب عن هذا الموضوع الكاتب الصيني ماشياومينغ في كتاب ( إنما وأسرارها البلاغية في سنن ابن ماجه ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة ( 1439هـ - 2018م)

فقال:

روى ابن ماجـه بسنـده عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْـبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْسًا أَخْبَرَهُ، قَالَ: إِنَّا لَقُعُودٌ عِنْـدَ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وَهُوَ يَقُصُّ عَلَيْنَا وَيُذَكِّرُنَا، إِذْ أَتَاهُ رَجُـلٌ فَسَارَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «اذْهَبُوا بِهِ فَاقْتُلُوهُ»، فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ، دَعَاهُ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَقَـالَ: «هَلْ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله؟» قَالَ: نَعَـمْ. قَالَ: «اذْهَبُوا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُـوا: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، فَإِذَا فَعَلُـوا ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيَّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ»([1]). 

* مقصود الحديث:

مقصود الحديث هو بيان أن من رسالة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قتـال المشركين وأهل الأوثان ومن لا يوحّـدون، لإعلاء كلمـة الله العليا حتى يُظهِروا إسلامهم، وأن من ظهر منه إسلامه فقد عصم دمه ومالـه، فلا يجوز حينئذ إهدار دمه واستباحة ماله بسبب من الأسباب إلا بحق الإسلام.

* عناصر بناء الحديث:

جـاء الحديث في سياق موقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من رجـل أتاه فتكلم معه سرا (أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْسًا أَخْبَرَهُ، قَالَ: إِنَّا لَقُعُودٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وَهُوَ يَقُصُّ عَلَيْنَا وَيُذَكِّرُنَا، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ.)، أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أول الأمر بقتله حين فهم من مسارته ما يوجب القتل (اذْهَبُوا بِهِ فَاقْتُلُوهُ)، ثم رجع عن ذلك عندما تأكـد من أن الرجل قد شهد أن لا إله إلا الله، وأمر بتخلية سبيله (فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ، دَعَاهُ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَقَـالَ: «هَلْ تَشْهَـدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «اذْهَبُوا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ».) معلـلا لذلك بأن رسالته مقصورة على قتال أهل الشـرك والأوثان حتى يقولـوا: لا إله إلا الله (فَإِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِـلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا الله) مؤكدا أن من شهد أن لا إله إلا الله، فقد عصم دمـه وماله (فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيَّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ).

* أسلوب القصر في الحديث ـ عناصر بنائه ـ وعلاقاته بغيره من عناصر الحديث:

ورد أسلوب القصر بإنما المتمثل في قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (فَإِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا الله) تعليلا لرجوعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن موقفه الأول من ذلك الرجل، وهو القتل، حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ (اذْهَبُوا بِهِ فَاقْتُلُوهُ). رجع عنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما تأكد من أن الرجل قد شهد أن لا إله إلا الله (فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ، دَعَاهُ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فَقَـالَ: «هَلْ تَشْهَـدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله؟» قَالَ: نَعَـمْ.)، فأمر بتخلية سبيله (اذْهَبُوا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ). وفـاء السببية الداخلـة على هذه الجملة القصرية تدل على هذا التعليل دلالة واضحة.

إنما احتيج إلى هذا التعليل لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر أولا بقتـل ذلـك الرجل عندما فهـم من مسارتـه ما يوجب القتـل، غير أنـه ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجع عن ذلك الحكم، وأمر بتخلية سبيل الرجل. هـذا الرجـوع يثير تساؤلا في النفوس تتساءل ما السبب في هذا الرجوع؟ ومع ذلـك لم يسألـه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحد من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على شدة طاعتهم للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فما أمرُهم إلا سمع وطاعة. لكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يريد أن يترك في نفوسهم أيَّ شيء من التساؤلأو الغموض، فبينـه لهم بكـل وضوح، وعلل ما صدر منـه من الأحكام بالعلـل المقنعة والبراهين القاطعة حتى لا يترك في النفوس أي مجال للتساؤل أو الغموض، وحينئذ ما بقي للمخاطبين إلا الامتثال بالسمع والطاعة.

أورد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعليلـه بأسلوب القصر مؤكدًا به أن من شهد أن لا إله إلا الله فقد عصم دمـه، ونافيا قتـال من شهد ذلك بكل تأكيد. وهذا واضح من رسالته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهو ما أمره به ربه ـ عز وجل ـ . وبهذا علل للرجوع عن الموقف الأول إلى الموقف الثاني، فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بقتل الرجل أولًا، لأنه فهم من مسارته ما يوجب قتله، وأمر بتركه ثانيا لأن الرجل قد شهد أن لا إله إلا الله، ومن المعلوم من رسالته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن من شهد ذلك فقد عصم دمه.

وحرصا منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ على تبيين القضية بكل وضوح، وإقناع المخاطبين بكل تأكيد، لم يكتف ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا القدر من التعليل الذي قد فهـم منـه أن من شهد أن لا إله إلا الله قد عصم دمـه، بل أكد ذلك صراحة، فساق بفاء التفريع قوله (فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيَّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ).

القصر هنا وقع بين أجزاء الجملة الفعلية، حيث قصر الفعل المبني للمفعول على التعظيم مع نائب فاعله وما يتعلق بالفعل (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) على الجار والمجرور المتعلقين بالفعل (حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا الله). وجاء الفعل مبنيًا للمفعول على التعظيم للدلالة على شهرة فاعله وتعينه بذلك، ومن فوائد هذا العدول عن التصريح دعوى اليقين والتعويل على شهادة العقل([2]). 

قال ابن حجـر ـ رحمـه الله تعالى ـ: «أي: أمرني الله، لأنه لا آمر لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا الله، وقياسـه في الصحابي إذا قـال: أمـرت، فالمعنى أمرنـي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولا يحتمـل أن يريـد أمرني صحابي آخر، لأنهم من حيث إنهم مجتهدون لا يحتجون بأمـر مجتهد آخـر، وإذا قاله التابعي احتمـل. والحاصل أن من اشتهر بطاعة رئيس إذا قال ذلك، فهم منه أن الآمر له هو ذلك الرئيس»([3]). 

وقولـه (أن أقاتل) أصلـه: بأن أقاتـل، وحذف الجـار من (أن) كثير شائع مطرد([4]). قال العيني ـ رحمه الله تعالى ـ: «قوله (أقاتل الناس) إنما ذكر باب المفاعلة التي وضعت لمشاركة الاثنين، لأن الدين إنما ظهر بالجهاد، والجهاد لا يكون إلا بين اثنين»([5]). 

ومن خلال ما يفيده هذا الفعـل رد ابن دقيـق العيد ـ رحمه الله تعالى ـ على من استدل بأحاديث هذا الباب على جـواز قتـل تاركي الصلاة([6])، حيث يقول: «وهذا إن قصد به الاستدلال بالمنطوق وهو قوله ـ عليه السلام ـ (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى الخ) فإنـه يقتضي بمنطوقه: الأمـر بالقتال إلى هذه الغايـة، فقد وهل وسها، لأنه فرق بين المقاتلة على الشيء والقتل عليه، فإن (المقاتلة) مفاعلة، تقتضي الحصول من الجانبين. ولا يلزم من إباحة المقاتلة على الصلاة إذا قوتل عليها إباحة القتل عليها من الممتنع عن فعلهـا إذا لم يقاتـل، ولا إشكال بأن قومـا لو تركـوا الصلاة ونصبوا القتال عليها أنهم يقاتلون. إنما النظر والخلاف فيما إذا ترك إنسان من غير نصب قتال: هل يقتل أم لا؟ فتأمل الفرق بين المقاتلة على الصلاة والقتل عليها، وأنه لا يلزم من إباحة المقاتلة عليها إباحة القتل عليها»([7]). 

اتفـق العلماء على أن المأمور بقتالهـم هنا هم المشركون وأهل الأوثان ومن لا يوحّدون، ثم إن منهم من رأى أن الألف واللام في (الناس) للجنس، فخروج أهل الكتاب الملتزمين بأداء الجزيـة من ذلـك بأدلـة أخرى، مثـل قوله ـ تعالى ـ: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[التوبة: 29] ونحوه. فهذا يكون من باب ذكر العام الذي خص منه البعض. وقيل: إن الألف والـلام فيـه للعهـد، يقصد بهم هؤلاء المأمور بقتالهم، فلا يدخل فيهم أهل الكتاب، والقتال يسقط عنهم بقبول الجزية([8]).

وكلمـة (حتى) حـرف غايـة وجـر، بمعنى إلى، والفعـل بعدها (يَقُولُوا) منصوب بأن مضمرة، وهذا الفعـل و(أن) في تأويل مصدر مجرور بحتى، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (أُقَاتِلَ). وهذه الغاية يحتمل أن تكون للقتال أو للأمر بالقتال، وقد رجح القاري ـ رحمه الله تعالى ـ كونها غاية للقتال، معللا لذلك بأن الغاية تتعين للمقاتلة القابلة للاستمرار، وأن الأمر به غير قابل للاستمرار([9]). 

هذا القصر قصر موصوف على صفـة، قصر الموصوف (قتال الناس الذي يؤمر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ) على الصفة (كونـه إلى غايـة إعلان شهادتهم). وبهذا أثبت لهذا القتال صفـة استمراره إلى غايـة إعلانهم الشهادة، ونفى عنه صفة تجاوزه إلى هذا الحد. فيبدو أن هذا القصر يكون من قبيل القصر الإضافي للقلب، لأنه جاء ـ كما سبق ذكره ـ لتعليل رجوعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن حكمه بقتل ذلك الرجل الذي سمع منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يوجب هذا القتل، وأمره ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتخلية سبيله. لأنه عند هذا الرجوع أو الأمر قـد لا تفهم بعض النفوس علة ذلك ظنا منها أن قتال مثل ذلك الرجل مستمر، ولا تمنعـه شهادة الرجـل. فرد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على هذا الظن المحتمل، مقررا أن القتال الذي يؤمر به هو ينتهي مع شهادة المقاتل، ولا يجوز قتاله بعد إعلانه الشهادة.وقد صرح ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلـك في الجملة الشرطية اللاحقة: (فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيَّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ).

هكذا قصر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ استمرار القتال الذي أمر بـه على كونه لغاية نطق المقاتل بكلمة التوحيد (لَا إِلَهَ إِلَّا الله)، غير أنه «يراد معه (وأن محمدا رسول الله)، لأنهما لتلازمهما وعدم قبول إحداهما بدون الأخرى اشتُهِر اختصارُ الرواة والاكتفاء بذكر الأولى»([10]). وقد جاء التصريح بالشهادة الثانية في روايات أخرى([11]). 

قال القاضي عياض ـ رحمه الله تعالى ـ: «واختصاصه ذلك بمن قال: لا إله إلا الله، تعبير عن الإجابة إلى الإيمان. وأن المراد بهذا مشركو العرب وأهل الأوثان ومـن لا يقـر بالصانع ولا يوحـده، وهم كانوا أول من دُعِي إلى الإسلام وقوتل عليه، فأما غيره ممن يقر بالتوحيد والصانع فلا يكتفى في عصمته دمه بقول ذلك، إذ كان يقولها في كفره، وهي من اعتقاده، ولذلك جاء في الحديث الآخر: (وأني رسول الله، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة.)»([12]) وتعقب الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ على ذلك يقول: «ولا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جـاء بـه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما جـاء في الروايـة الأخرى لأبي هريرة([13]) هي مذكورة في الكتـاب حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به»([14]).

وقـال أبـو العباس القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ: «ظاهره أن من نطق بكلمة التوحيد فقـط حكم له بحكم الإسلام. وهذا الظاهـر متروك قطعا، إذ لا بد مع ذلك من النطق بالشهادة بالرسالة أو بما يدل عليها، لكنه سكت عن كلمة الرسالة لدلالة كلمة التوحيد عليها، لأنهما متلازمان، فهي مرادة قطعا. ثم النطق بالشهادتين يدل على الدخول في الدين، والتصديق بكل ما تضمنه، وعلى هذا فالنطق بالكلمة الأولى يفيد إرادة الثانية»([15]). 

وقال السندي ـ رحمه الله تعالى ـ: «قوله: (حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا الله) لعله كناية عن إظهار شعار الإسلام، وبه يحصل التوفيق بين الروايات المختلفة في هذا الباب كما لا يخفى عمن يطلع عليهـا، ويندب أنـه لا بـد من الاعتراف برسالتـه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فكيف اكتفى بالتوحيد؟! ثم لا بد من حمل الحديث على مشركي العرب أو أنه كان قبل شروع الجزية، وإلا فالقتال كما ينتهي بالإسلام ينتهي بأداء الجزية في حق غير العرب»([16]). 

هكذا جاء أسلوب القصر بإنما هنا في مقام بيان الحكم في كيفية المعاملة مع المشركين وأهل الأوثان وغيرهم من لا يقرون بوجود الصانع ولا يوحدونه. بين ذلـك فعلا وقولا، حيث حكم على رجـل من مثل هؤلاء بالقتل حين يسمع منه ما يوجب القتـل، ثم رجع عن حكمـه عندما علـم أن الرجـل ينطـق بالشهادة، كأنـه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا الفعل يعلم الأمـة أن الأصل مع هؤلاء هو القتال، وأن الحكم عليهم يبنى على الظاهـر، أما الباطن، فيترك لعالم الغيوب والسرائر. ثـم وضـح الحكم قولا، فعلـل لما فعل وأكده. وبذلك حقق المقصود من الحديث على أكمل الوجه.

ومن خلال التحليل السابـق تبين لنـا أن استخدام (إنما) هـو الأليـق بهذا المقام، لأن القصر هنـا جاء تعليلا لرجوعه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن موقفه الأول بالنسبة ذلك الرجل المسار إليه كما عرفنا من خلال التحليل، فما تفيده (إنما) من ادعاء وضوح مفهوم القصر يناسب هذا التعليل، لأن تعليل الحكم بما هو معلوم لدى المخاطب أقوى أثرا في إقناعه بالحكم.

*  *  *

روى ابن ماجه بسنده عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي الفِتْنَـةِ؟ قَالَ حُذَيْفَـةُ: فَقُلْتُ: أَنَـا، قَـالَ: إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَاالصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ المُنْكَرِ». فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَهَذَا أُرِيدُ، إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْـرِ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا؟ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: فَيُكْسَرُ البَابُ أَوْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لَا يُغْلَقَ. قُلْنَـا لِحُذَيْفَةَ: أَكَـانَ عُمَـرُ يَعْلَمُ مَنْ البَابُ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَـدٍ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَـا أَنْ نَسْأَلَـهُ: مَنْ البَابُ؟ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: عُمَرُ ـ رضي الله عنه ـ ([17]). 

* مقصود الحديث:

الحديث يهدف من ناحية إلى بيان أن ما يعملـه الرجـل من صالح الأعمال من الصلاة والصيام والصدقـة، والأمـر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها، يكفِّر ذنبَه الصادر عنه في شأن الأهل والولد والمال والجار، ما لم يكن من الكبائر، قال ـ تعالى ـ: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾[هود: 114]([18]). ويهدف من ناحية أخرى إلى ذكـر عظمـة منزلـة عمر ـ رضي الله عنه ـ في الإسلام، وأنه باب مغلق للفتنة.

* عناصر بناء الحديث:

لتحقيق هـذا المقصد جاء الحديث على شكل الحوار الجاري بين صحابيين كبيرين همـا عمـر وحذيفة ـ رضي الله عنهما ـ . بدأ بسؤال عمـر ـ رضي الله عنه ـ للحاضرين عـن حديـث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فـي الفتنـة([19]) (أَيُّكُـمْ يَحْفَـظُ حَدِيثَ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي الفِتْنَةِ؟)، أجابه حذيفة ـ رضي الله عنه ـ أن الحديث هو (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ المُنْكَرِ)، لكن الذي أراد عمـر ـ رضـي الله عنـه ـ بسؤالـه ليس هـذا الحديث، إنه يسأل عن فتنة أكبر منها (لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ)، فتعجب حذيفة ـ رضي الله عنه ـ من هذا السؤال وأنكره، لأن تلك الفتنة لا تكون ما دام عمر ـ رضي الله عنـه ـ موجودا، لأنه هو الباب المغلق لها (مَا لَكَ وَلَهَا؟ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا). ثم صرح فيما بقي من الحوار أن هذا الباب هو عمر ـ رضي الله عنه ـ .

* أسلوب القصر في الحديث ـ عناصر بنائه ـ وعلاقاته بغيره من عناصر الحديث:

ورد أسلوب القصر بإنما في قول عمر ـ رضي الله عنه ـ (إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ)، ووقع موقع التأكيد لنفي كون مراده من سؤاله الحديث الذي ذكره حذيفة (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِـهِ وَوَلَدِهِ وَجَـارِهِ، تُكَفِّرُهَـا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ المُنْكَرِ)، وكون الفتنة التي طلب الإخبار عنها تلك الفتنة. وذلك أن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ ذكر هذا الحديث إجابة على سؤال عمر ـ رضي الله عنه ـ (أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي الفِتْنَةِ؟)، غير أن مراد عمر ـ رضي الله عنه ـ بالفتنة ليس ما ذكر في هذا الحديث، فصرح عمر ـ رضي الله عنه ـ بنفيه (لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ) مؤكدا لهذا النفي بأسلوب القصر هذا (إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ). فهذه الجملـة القصريـة وقعت موقع التأكيد للنفي الصريح السابق عليها، وذلك لأن من المعلوم أن القصر عبارة عن إثبات شيء لشيء ونفيهعن غيره. ففي هذه الجملة نفي ضمني، نفى أن يكون مراده الحديث الذي ذكره حذيفة ـ رضي الله عنه ـ، لأنه أثبت أن مراده بالفتنة هي الفتنة (الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ). وهذا النفي الضمني هو تأكيد للنفي الصريح السابق (لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ).

هذا ويمكن أن تعتبر هذه الجملـة القصرية جوابا عن سؤال مقدر، وذلك أن النفـي الصريح في قولـه (لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ) يثير في النفوس تساؤلا، كأن يسأل: إذا لم يكن هذا الحديث مرادك، فماذا تريد بسؤالك؟ فجاءت الإجابـة: (إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ)، أي: أريد الحديث في الفتنـة الكبرى التي تموج كموج البحر.

 وعلى كـل مـن الوجهين جـرّد الجملتين عن العطف بالواو، لأن ما بينهما من ترابط داخلي وثيق يغنيهما عن هذا العطف.

القصر هنا وقع بين أجزاء الجملـة الفعليـة، حيث قصر الفعل الصادر من فاعله (أُرِيدُ) على المفعول به (الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ). وهو قصر موصوف على صفة، إذ الفعل مع فاعله كالموصوف لمفعولـه، فهنا قصر الموصوف (إرادته) على الصفـة (كونها متعلقـة على ما ذكر ومرتبطـة بـه). وهو من قبيل القصر الإضافي للقلب، حيث أثبت فيه للموصوف (إرادته) صفة تعلقها على (الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ) وارتباطها بها، ونفى عنـه صفـة تعلقهـا على (فِتْنَـة الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ) وارتباطها بذلك، لأنه جاء ردا على اعتقاد المخاطب، وذلك أن المخاطب حذيفة ـ رضي الله عنـه ـ عندما سأله عمر ـ رضي الله عنه ـ: (أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي الفِتْنَةِ؟) أجاب على السؤال بالحديث: (فِتْنَـةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَـا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ المُنْكَرِ). وهو بإجابته هذه كأنه ظن أن مراد عمر ـ رضي الله عنه ـ بالفتنة هي فتنة الرجل في أهله وولده وجاره. لكن هذا لم يكن المراد، وقد صرح عمر بذلك، ثم أكد على ذلك بهذه الجملة القصرية، مثبتا فيها أن مراده هي الفتنة الكبرى التي تموج كموج البحر، نافيا عن مراده أن يكون فتنة الرجل في أهله وولده وجاره. وبذلك رد على المخاطب، وقلب ظنه غير الموفق بأسلوب مؤكد.

هذا وقـد ذكر ابن بطـال ـ رحمه الله تعالى ـ أن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ إنما عـدل حين سألـه عمـر ـ رضي الله عنه ـ عن الإخبار بالفتنة الكبرى إلى الإخبار بالفتنة الخاصة التي هي فتنـة الرجل في أهله وماله وولده لئلا يُغَمَّ ويشتغل باله، ومن ثم قال له (إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا) ولم يقل له: أنت الباب، وهو يعلم أن الباب عمر ـ رضي الله عنه ـ، فعرض له بما فهم عنه عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه هو الباب، ولم يصرح له بذلك، لئلا يواجهه بما يشق عليه ويُهِمُّه، وذلك من حسن أدب حذيفة ـ رضي الله عنه ـ ([20]). 

جاء المقصور عليه معرفـا باسم الموصول (الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ)، ليبين من خلال ذلـك الصفات التي تتميز بهـا هذه الفتنـة الكبرى التي هـي المقصـود من السؤال، وليصور مدى شدتها وخطورتها. فهنا كنى عنها بهذه العبارة المكونة من اسم الموصول وصلتـه، وهي كنايـة عن موصوف، كناية عن الفتنة الكبرى. وهذه العبـارة الكنائيـة عـبر عنها من خلال التشبيه الرائع صور من خلاله مدى شـدة تلـك الفتنـة الكبرى، حيث شبـه اضطراب تلـك الفتنـة بمـوج البحر في شدة المخاصمة وكثرة المنازعة.

قال الكرماني ـ رحمه الله تعالى ـ: «قوله (تَمُوجُ) أي: تضطرب ويدفع بعضها بعضا، وشبه بموج البحر لشدة عظمها وكثرة شيوعها»([21]). وقال ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ: «قوله (تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ) أي: تضطرب اضطراب البحر عند هيجانه، وكنى بذلـك عن شدة المخاصمة وكثرة المنازعة وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة»([22]). 

لعـل ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ أراد بقولـه (وكنى بذلـك) المعنى الـذي أفاده هذا التشبيه، والوجه الذي جمع بين المشبـه والمشبـه بـه، ولم يقصـد الكناية الاصطلاحية في البلاغـة، لأن الكنايـة هنـا كنايـة عن الموصوف، وهـي الفتنـة الكبرى.

ووجـه الشبـه في هذا التشبيه يجمع بين الشدة والكثرة معا، وليس المراد به الكثرة فقـط، ومما يؤيـد ذلك قول حذيفـة ـ رحمه الله تعالى ـ في روايـة أخـرى: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَقُولُ: «يَأْتِيكُمْ بَعْـدِي فِتَنٌ كَمَوْجِ البَحْرِ يَدْفَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا»([23]). 

وربما أشار بهذه الفتنة الكبرى إلى ما قاله عليّ ـ كرم الله وجهه ـ: «وَضَعَ الله فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَمْسَ فِتَنٍ: فِتْنَةً عَامَّةً، ثُمَّ فِتْنَةً خَاصَّةً، ثُمَّ فِتْنَةً عَامَّةً، ثُمَّ فِتْنَةً خَاصَّةً، ثُمَّ فِتْنَةً تَمُوجُ كَمَوْجِ البَحْرِ، يُصْبِحُ النَّاسُ فِيهَـا كَالبَهَائِمِ»([24]). أليس هذا ما يحدث الآن في المجتمعات التي فقدت الأخلاق والقيم؟!

هكذا جـاء أسلوب القصر بإنما هنـا في مقـام الحوار، فأكد به صاحبه على عدم وقوف المخاطب على مراده، وبين بذلـك مراده الأصيل، فبين وأكد أنه أراد بسؤالـه (أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فِي الفِتْنَةِ؟) الفتنة الكبرى. ولكن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ تعجب من سؤاله عن تلك الفتنة وأنكر وقوعها (مَا لَكَ وَلَهَا؟ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ!) معللًا لتعجبه أو إنكاره بقوله (إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا)، أي: بين الوقت الذي أنت فيه وبين وقت تلك القتنة وجودك الذي بمنزلة الباب المغلق، فلا يخرج منهـا شيء ما دمت حيـا. كأنه مثل الفتنة بدار، ومثل حياة عمر ـ رضي الله عنـه ـ بباب لهـا مغلـق، ومثل موته بفتح ذلك الباب، فما دامت حياة عمر ـ رضي الله عنه ـ موجودة، فهي الباب المغلق، لا يخرج مما هو داخل تلك الدار شيء، فإذا مات فقـد انفتح ذلك الباب، فخرج مـا في تلـك الدار([25]). ومعلوم أن هذا الباب هو عمر ـ رضي الله عنـه ـ كما صرح بذلك في الحديث، وبهذا أشار لنا إلى عظمة منزلة عمر ـ رضي الله عنه ـ في الإسلام.

ومما سبـق من التحليل تبين لنـا أن استخدام (إنما) هو الأنسب لهذا المقام، لأن هـذا القصر قد سبق بجملـة نفى فيه عمـر ـ رضي الله عنه ـ صريحا أن يكون مراده من السؤال ما ذكره حذيفة  ـ رضي الله عنه ـ، وبهذا قد قرب مفهوم القصر ووضح إلى حـد كبير، فناسب استخـدام طريق (إنما) الذي يفيـد هذا الوضوح، تأكيدًا للنفي السابق عليه.

 

 

*  *  *

 

 



([1])   سنن ابـن ماجـه: كتـاب الفتـن باب الكـف عمن قـال: لا إلـه إلا الله، حديـث رقم: 3929.

([2])   ينظر: عمدة القاري: ج1 ص288.

([3])   فتح الباري: ج1 ص96.

([4])   ينظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري: ج1 ص122؛ فتح الباري: ج1 ص96؛ عمدة القاري: ج1 ص287.

([5])   عمدة القاري: ج1 ص289.

([6])   مذهب الشافعي ومالك ـ رحمهما الله تعالى ـ: تارك الصلاة عمدا يقتـل حـدا؛ ومذهب أحمد ـ رحمه الله تعالى ـ: تاركها يقتـل كفـرا وردة. ينظر: مرعـاة المفاتيـح شرح مشكاة المصابيح: ج1 ص59.

([7])   إحكام الأحكام: ص603.

([8])   ينظر: معالم السنن: ج2 ص11؛ إكمال المعلم: ج1 ص246؛ شرح النووي على صحيح مسلم: ج1 ص206 ـ 207؛ شرح الطيبي على مشكاة المصابيح: ج2 ص452؛ شرح الكرمانـي على صحيح البخـاري: ج1 ص122؛ شـرح الطيبي على مشكاة المصابيح؛ مرقاة المفاتيح شـرح مشكـاة المصابيح: ج1 ص149؛ عمدة القاري: ج1 ص289؛=

 =         فتح المنعم: ج1 ص79.

([9])   ينظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري: ج1 ص122؛ عمدة القاري: ج1 ص287؛ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: ج1 ص149.

([10])   فتح المنعم: ج1 ص80.

([11])   منها: عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَـرَ ـ رضي الله عنهما ـ قَالَ: قَـالَ رَسُولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ. فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَـا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله.» صحيح مسلم: كتاب الإيمان باب الأمـر بقتـال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة، حديث رقم: 22.

([12])   إكمال المعلم: ج1 ص246.

([13])   هي: عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ عَنْ رَسُولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَـدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَيُؤْمِنُوا بِي، وَبِمَا جِئْتُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله.» (صحيح مسلم: كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة، حديث رقم: 21) .

([14])   شرح النووي على صحيح مسلم: ج1 ص207.

([15])   المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: ج1 ص187 ـ 188.

([16])   شرح السندي على سنن ابن ماجه: ج4 ص315.

([17])   سنن ابن ماجه: كتاب الفتن باب ما يكون من الفتن، حديث رقم: 3955.

([18])   ينظر: شرح السندي على سنن ابن ماجه: ج4 ص331.

([19])   معنى الفتنة في الأصل الاختبار والامتحان، ثم استعمل في كل أمر يكشفه الامتحان عن سـوء. وتطلق على الكفر والغلـو في التأويل البعيد، وعلى الفضيحة والبلية والعذاب والقتـال والتحـول من الحسن إلى القبيح والميل إلى الشيء والإعجاب بـه، وتكون في الخـير والشـر كقولـه ـ تعالى ـ: ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً[الأنبياء: 35]. والمراد بفتنة الرجل في أهلـه وولـده وجاره ما يعرض له معهم، أو الالتهاء بهم، أو أن يأتي لأجلهم بما لا يحل له أو يخـل بما يجب عليـه. والضابط أن كل ما يشغل صاحبه عن الله فهو فتنة له، وكذلك المكفرات لا تختص بما ذكر، بـل نبـه بـه على ما عداهـا، فذكـر من عبادة الأفعال الصلاة والصيام، ومن عبادة المال الصدقة، ومن عبادة الأقوال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ينظر: فتح الباري: ج2 ص11/ ج6 ص700.

([20])   ينظر:شرح ابن بطال على صحيح البخاري: ج10 ص48.

([21])   شرح الكرماني على صحيح البخاري: ج4 ص179.

([22])   فتح الباري: ج6 ص701.

([23])   أخرجـه الطبراني في المعجم الكبير: باب الحـاء: ومن مسنـد حذيفة ـ رضي الله عنه ـ، حديث رقم: 3024.

([24])   مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الفتن باب من كـره الخروج في الفتنـة وتعوذ منها، رقم: 38153.

([25])   ينظر: فتـح الباري: ج6 ص701؛ عمدة القاري: ج5 ص15/ ج16 ص181؛ شرح السندي على سنن ابن ماجه: ج4 ص331.

الموضوعات