أصل الزيادنة وموطنهم الأصلي

كتب الأستاذ الدكتور خالد محمد صافي حول هذا الموضوع في كتابه " ظاهر العمر الزيداني حاكم الجليل في القرن الثاني عشر ( 1689-1775 م) والذي صدر عن دار المقتبس في بيروت سنة   1439هـ-2018 م

فقال :

إن مؤَرِخي سيرة ظاهر العمر لم يتطرقا إلى أصل الزيادنة بوضوح وجزم، إذ أشار ميخائيل إليهم بالقول: «الزيادنة عيلة كانت نازلة في بني أسد العرب النازلين في براري حول معرة النعمان بين الشام وحلب. يرحلون مع بني أسد أينما رحلوا وينزلون حيث نزلوا. وكانت تدعى هذه العيلة أنهم أشراف من بني زيد بن الحسن بن على بن أبي طالب من فاطمة وبهذا يرجعون إلى عرب الحجاز كما قال البعض»([1]). وحديث ميخائيل عن أصلهم مقتضب، وينتابه عدم الجزم.

وقال عبود الصباغ: «إنه كان في طبريا من معاملة بلاد صفد من إيالة صيدا رجل فلاح متقدم عن بقية الفلاحين الموجودين في طبرية»([2]) ولا توجد هنا إشارة إلى أصل الزيادنة سوى أنهم فلاحون من طبرية. ونجد الاضطراب في تناول أصلهم عند محمد خليل المرادي صاحب سلك الدُرَرِ في أعيان القرن الثاني عشر حين ترجم لظاهر مكتفياً بالإشارة بصورة عامة إلى أسلافه بقوله: «وكان والده وجده وأعمامه حكاماً بصفد وعكا ويعرفون ببني زيدان وهم حمولة كبيرة»([3]) ونجد في المقابل في مصادر أخرى روايات أكثر تصريحاً عن أصل الزيادنة وموطنهم الأصلي، منها إشارة مقتضبة لدى حيدر الشهابي «هذا الرجل (ظاهر العمر) أصله من أهالي بر المدينة المذكورة، وهو من ذوي البيوت المشهورة، فانتدبته الأعصار وساعدته الأقدار، وضاء كوكب سعده، وأشرق شمس مجده»([4]). وقال جودت في تاريخه: «إن رجلاً اسمه زيدان جاء من المدينة المنورة إلى صفد فأولد عمر، وعمر أولد الظاهرهذا»([5]). أما نعمان القساطلي فأورد «وزيدان ركن هذه العائلة أصله من إحدى قبائل عرب الطائف بالحجاز أمحلت بلاده سنة 1103ﻫ (1691م) فوافى عرابة البطوف([6]) مع أخويه صالح وطلحة ونزلوا بها بمواشيهم حيث توجد المراعي الكثيرة»([7]). وترد رواية مشابهة لرواية القساطلـي عنـد عيسى إسكندر المعلـوف نقلاً عـن قصـة بعنوان «ظاهر العمر حاكم عكا وما يتبعها في القـرن الثامن عشر» وقـد غفـل من أسم مؤلفها: «بني زيدان قدموا من عرب الطائف لقحط بلادهم الحجازية في أول القرن الثاني عشر للهجرة، وكانوا ثلاثة أخوة: زيدان وصالح وطلحة، فنزلوا بمواشيهم في عرابة البطوف من بلاد الشاغور([8]) في فلسطين»([9]). وقال حنا سمارة: «أتت أمة عربية من الحجاز والأكبر في هذه الأمة كان الأمير زيدان، وهؤلاء كانوا مشهورين بالشجاعة والكرم فلما بلغوا هذه البلاد نزلوا بقرية عرابة البطوف»([10]).

ويرى أسعد منصور في نسب الزيادنة قولين، الأول: «إنهم منسوبون إلى زيدان جد ظاهر ووالد عمر، وإنه كان من قبائل عرب الطائف في الحجاز، أمحلت بلاده سنة 1690م، وجاء عرابة البطوف بأخويه صالح وطلحة وهي من مقاطعة الشاغور». والقول الثاني: «إنهم منسوبون إلى بني زيدان عشيرة كبيرة كانت من سوائل (ربما القصد نهر الأردن) الأردن وبحيرة طبرية، فقوى أمرها وعظمـت شوكتها حتـى استولـت على تلك الأنحاء»([11]). وتتفق الروايـة الثانية لدى أسعد منصور مع رواية دائـرة المعارف العربيـة([12]) وقال نوفل: «كان قد هاجر من المدينة المكرمة إلى بلاد صفد رجلاً يقال له أبو زيدان وولده عمر»([13]) وقال «فولني»: «إن ظاهر عربي المولد، ينحدر من القبائل البدوية التي تخيم على ضفاف نهر الأردن وضواحي بحيرة طبرية»([14]).

وبناءً على ما سبق فإن معظم الروايات تتفق على أن أصل الزيادنة وموطنهم الأصلي هو الحجاز، وأنهم لأسباب عديدة ربما أهمها أن بلادهم أمحلت اضطروا للهجرة والترحال حتى استقروا في طبرية أو عرابة البطوف. ومن الممكن أنهم نزحوا من الحجاز إلى منطقة طبرية مباشرة أو إلى معرة النعمان ثم إلى طبرية([15])