التجارة في عصر ظاهر العمر الزيداني
التجارة في عصر ظاهر العمر
كتب الأستاذ الدكتور خالد محمد صافي حول هذا الموضوع في كتابه " ظاهر العمر الزيداني حاكم الجليل في القرن الثاني عشر ( 1689-1775 م) والذي صدر عن دار المقتبس في بيروت سنة 1439هـ-2018 م
أبدى ظاهر عناية كبيرة بالتجارة منذ اللحظات الأولى لتسلمه الحكم خلفاً لأبيه، وازداد اهتمامه بها بعد استيلائه على عكا، إذ استطاع النهوض بالمدينة وتطويرها وجعلها عاصمته الإدارية والسياسية والاقتصادية. وقبل الحديث عن التجارة بشقيها الداخلي والخارجي يجدر التطرق إلى إسهام ظاهر العمر في تطوير عكا.
أ ـ تطوير عكا:
إن كل مسافر مر في عكا من سنة 1291 ـ 1740م وصفها بأنها قرية صغيرة غير مسورة وخربة لا يقطنها أكثر من عدة مئات من السكان يعيشون في أكواخ بائسة([1]). فالرحالة التركي «ايفليا شلبي Evliya Tshelebi» الذي زار عكا في منتصف القرن السابع عشر ذكر أن بها مسجد سنان باشا المجاور للقلعة ومسجداً آخر وحماماً([2]). وقد وصف بوكوك «Richard Pococke» الذي زار عكا سنة 1737م وكان آخر رحالة زارها قبل استيلاء ظاهر العمر عليها، بأنها تتكون من المدينة القديمة والمدينة الجديدة التي تضم الحي الذي أقام فيه الرهبان المسيحيون فيه أديرتهم ومنها دير للأرثوذكس وآخر للاتين يضم خاناً يعيش فيه الأوروبيون باستثناء قنصل انجلترا. أما الميناء فصغير وممتليء بالحجارة تستخدمه السفن الصغيرة للرسو فيه صيفاً لنقل البضائع. وقدر «بوكوك» محيط مدينة عكا الجديدة ب 1. 5كم ولا توجد لها أسوار([3]). وأشار الرحالة «ماريتي» إلى أن فخر الدين المعنى الذي حاول في النصف الأول من القرن السابع عشر أن يبني في عكا بعض المباني وجلب السكان إليها قام لاحقاً بتدمير مينائها عن طريق ملئه بردم وركام المنازل القديمة في عكا لمنع الأسطول العثماني من الرسو فيه. وأصبح الميناء نتيجة لذلك ضيقاً لا يمكن دخوله إلا من قبل المراكب الصغيرة([4]). ووصف «فولني» عكا قبل استيلاء ظاهر العمر عليها بأنها كومة من الأنقاض، وقرية غير مسورة، ليس لها وسائل دفاعية([5]).
وقام ظاهر بعد استيلائه على مدينة عكا سنة 1746م بتحصينها، فبنى أبراجاً عديدة للدفاع عنها وأحاطها بسور وترك فيه بابين فقط([6]). وحوّل المدينة من قرية بائسة إلى مركز إداري وسياسي واقتصادي. وأدى تحول المدينة إلى مركز إداري إقليمي إلى تشجيع السكان على القدوم إليها وإحداث تحول في بنيتها الاجتماعية، ونشّط حياتها التجارية والحرفية([7]). وصارت عكا بعد نحو عقد من استيلاء ظاهر عليها مدينة مزدهرة بلغ عدد سكانها حوالي 16 ألف نسمة([8]). وشُيد فيها مسجدان جديدان من قبل ظاهر العمر. وبُني فيها ثلاث كنائس للنصارى وكنيس لليهود. وضمت المدينة سوقين مزودين بالبضائع بشكل دائم أحدهما يحتوي على بضائع وسلع متنوعة، والثاني مزدهر بمجموعة من الأقمشة والأنسجة لصنع الملابس([9]). ويُدعى أحد السوقين «سوق ظاهر العمر» وكان يوجد به نحو مائة وعشر دكاكين على الجانبين([10]). وضم السوق أيضاً حمامين عامين مزخرفين بالرخام وبناؤهما جيد جميل. واحتوى كذلك على عدة مقاهٍ منحت المكان مظهراً حيوياً مقبولاً([11]). وأدخل ظاهر تحسينات عديدة على ميناء المدينة لتسهيل حركة التجارة وكي يحتفظ بأقصى قدر ممكن من السيطرة على حركة التجارة في المدينة([12]). وأصبحت عكا تحت حكمه أهم مدن جنوب غرب بلاد الشام من الناحيتين الاقتصادية والسياسية فانتقل مركز الجذب من الداخل إلى الساحل([13]). وأضحت عكا السوق الأكثر نشاطاً في بلاد الشام الجنوبية. وتفوقت في فترة الستينات على صيدا من حيث النشاط التجاري وعدد السكان([14]). وأشار «فولني» إلى أن عدد سكان صيدا كان سنة 1783 حوالي خمسة الآف نسمة([15]).
وأعجب الرحالة الروسي «سيرجي بليشيف» بسوق عكا المزدهر في سنوات السبعينات ووصف المدينة قائلاً: «إن الشوارع في معظم أحياء المدينة ضيقة لكنها مبلطة بالحجارة لتسهيل سير المشاة. ويحف بها عدد كبير من الحوانيت المكتظة بمختلف أنواع البضائع المحلية والأوروبية»([16]).
ب ـ التجارة الداخلية:
اهتم ظاهـر العمـر بالتجارة الداخليـة، وعمـل علـى إنعاشها مـن خلال مجموعة من الإجراءات تمثلت في:
1 ـ توطيد الأمن في الطرق الرئيسية ومنع البدو من فرض العوائد على المسافرين في هذه الطرق. ومثال ذلك قيامه بإلغاء العوائد التي كان يفرضها البدو على المارين قرب قرية عيون التجار الواقعة على طريق التجارة بين دمشق ومصر. هذه العوائد التي يقال إنه تقاسمها البدو مناصفة مع والي دمشق([17]). وشدد ظاهر على حكام مناطقه في حفظ النظام في مناطقهم وحذرهم بأن أي عابر سبيل ينهب في طريق. فإن حاكم البلد الذي يوجد بها هذا الطريق يكون غارماً لما سلب وضامناً له ويتحمل الحاكم مسئولية ذلك([18]). وأدى هذا الإجراء إلى انتقال التجار ببضائعهم بأمان من منطقة إلى أخرى دون خوف من هجمات قطاع الطرق.
2 ـ ساهمت الأسواق التي أقامها ظاهر العمر في عكا وحيفا التي كانت مكتظة بالبضائع المحلية والأوروبية في نهضة تجارة داخلية. فكان يتم تبادل منتجات مناطق الجليل بالسلع المستوردة من دمشق ومصر وأوروبا. وأشاد الرحالة الايطالي «ماريتي» بسوق عكا في سنوات الستينات، فيما أبدى الرحالة الروسي «بليشيف» إعجابه به في سنوات السبعينات([19]). وشكلت الناصرة أهم الأسواق الداخلية في منطقة الجليل وزخرت بالبضائع القادمة من عكا ودمشق.
3 ـ حافظ ظاهر العمر على حقوق التجار، فذكر ميخائيل الصباغ: «ونبه (ظاهر) على التجار والمسببين (المتسببين) من أصحاب المهن والصنائع بأنه إذا اشترى أو أخذ أحد شيئاً مهم نسيئة (أي بتأجيل دفع الثمن) ولم يدفع الشاري ثمن ذلك يجب على البائع أن يحضر إليـه ويعرفـه خصمـه. وهـو يدفع له ثمن بضاعته ويتولى هو أمر الخصم» وأراد ظاهر من ذلك منع ما كان يفعله أهالي نابلس مع تجار الناصرة قبل استيلائه عليها.
4 ـ أقرض ظاهر بعض تجار عكا والناصرة مالاً بغير فائدة ليوسعوا تجارتهم([20]).
5 ـ دعم ظاهر العمر التجارة الداخلية من خلال الموافقة لعرب بني صخر وحلفائهم على بيع غنائمهم في مناطق حكمه، فسمح لهم بيع الغنائم التي سلبوها من قافلة الحاج الشامي سنة 1757 سعياً للكسب وتنشيطاً للتجارة. وأرسل وزيره إبراهيم الصباغ لشراء هذه الغنائم التي احتوت على أشياء ثمينة من جواهر، وملابس، وأدوية، وعطور، وسلع أخرى مرتفعة الثمن. وتم شراء هذه السلع بأسعار مخفضة نظراً لعدم معرفتهم بقيمتها الحقيقية، ورغبة منهم في بيعها والتخلص منها في مناطق ظاهر لعدم قدرتهم على بيعها بحرية في مناطق أخرى تخضع لولاة الدولة العثمانية([21]). كما شجع ظاهر العمر قراصنة مالطا على بيع غنائمهم في عكا. وأراد من إقامة علاقة معهم حماية تجارته من هجماتهم، وفي الوقت نفسه تحقيق الربح من هذه التجارة الممنوعة من قبل الدولة العثمانية كون قراصنة مالطا يبيعون غنائمهم بأسعار معتدلة لعدم قدرتهم على بيعها في موانيء بلاد الشام الأخرى([22]).
6 ـ انعكس النهـوض الزراعـي الذي قـام بـه ظاهـر العمـر فـي مناطقه وتشجيعه التجارة الخارجية إيجابياً على التجارة الداخلية. فشهدت مناطق البلاد حركة تجارية نشطة فيما بينها، وازدحمت الطرق بالقوافل التجارية الداخلية بين عكا وبين باقي المناطق الداخلية.
ج ـ التبادل التجاري مع المناطق المجاورة في بلاد الشام:
قامت عكا وصيدا بدور الموانيء البحرية لدمشق ونافذتها على العالم الخارجي. فالطريق القادم من دمشق عبر وادي البقاع يلتف حول جبال لبنان الشرقية، وعندها يتشعب إلى طريقين إحداهما يتجه إلى عكا عبر ممر بين جبال لبنان وجبل عامل والأخرى تتجه شمالاً إلى صيدا عبر مرجعيون([23]).
واستطاع ظاهر جذب تجار دمشق إلى عكا، إذ قدم لهم التسهيلات الملائمة. وأصبح هؤلاء التجار الذين اعتادوا سابقاً تزويد أنفسهم بالبضائع من سوق صيدا يقدمون إلى عكا بأعداد كبيرة. وساد الطريق التجاري بين عكا ودمشق حركة قوافل نشطة([24]). وساهم اضطراب الأمن في منطقة البقاع في تحول طرق التجارة ونشاطها بين عكا ودمشق، وجعل ذلك الحركة التجارية بين دمشق والموانيء الأخرى مثل صيدا تتراجع كثيراً لصالح عكا([25]).
وشهد منتصف القرن الثامن عشر انتقال حركة التجارة في بلاد الشام جنوباً بعد أن بقيت طيلة القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر تتمركز في مدينة حلب في الشمال. وصارت كل من دمشق وعكا مركز التجارة في بلاد الشام. فقد تراجعت تجارة حلب لأسباب عدة أهمها اندلاع الحرب العثمانية الفارسية في النصف الأول من القرن الثامن عشر. وقيام «بطرس الأكبر» قيصر روسيا بتدمير وتخريب مناطق إنتاج الحرير في شمال غرب فارس الذي شكل مادة التجارة الرئيسية مع حلب. وكذلك بسبب الإضطرابات الداخلية في ولاية حلب، وقلة الأمن في الطرقات نتيجة النهب والسلب من قبل التركمان، والإكراد والبدو. وممارسة ولاة حلب سياسة تعسفية ظالمة بحق التجار، وازدياد التنافس بين شركة الهند الشرقية وشركة الشرق القائمة على تجارة حلب وبلاد الشام، وتحول الكثير من صادرات حرير بلاد فارس عبر الخليج العربي بدلاً من استخدام الطريق البري إلى البحر المتوسط([26]).
وازهرت التجارة في جنوب غرب بلاد الشام، وقامت عكا بدور الميناء الرئيس للمنطقة والمنفذ إلى المناطق الداخلية. وشكلت دمشق السوق الخلفية لعكا، إذ تزودت بالبضائع القادمة من أوروبا مثل التوابل والأصباغ غيرها عبر ميناء عكـا. وشكلت دمشق في الـوقت نفسه منطقـة عبـور للبضائع إلى بغداد. وساهم انتشار الأمن في الطرق بين عكا ودمشق في تنشيط حركة القوافل بين المدينتين([27]). وسعى كلٌ من ظاهر العمر وأسعد باشا العظم والي دمشق إلى جلب الرخاء والازدهار الاقتصادي إلى جنوب بلاد الشام تحقيقاً لمصالحهما في إحراز الكسب والثراء. وساهم ذلك في سيادة حالة من التعايش السلمي بين الطرفين، إذ رأى أسعد باشا أن أي مشكلات أو احتكاكات بينه وبين ظاهر العمر ستؤثر سلباً على حركة التجارة بين عكا ودمشق. وجرى الاتفاق بين الطرفين لتحقيق الهدوء واتباع سياسة سلمية. ورفض أسعد باشا تحريض الصدر الأعظم له للقيام بحملات عسكرية تأديبية ضد ظاهر([28]). وشجع أسعد باشا على سياسته السلمية أيضاً كون التجارة البرية بين دمشق والقاهرة تمر عبر مناطق ظاهر في قرية عيون التجار، تلك القرية التي شهدت في عهد ظاهر نشاطاً تجارياً مهماً وملحوظاً. ووصفها «ماريتي» بأنها مفعمة بالنشاط، وتسودها تجارة مزدهرة، حيث يعقد فيها سوق موسمي في كل يوم إثنين يتردد عليه التجار من مناطق مختلفة. وهو مزدهر بتجارة الأقمشة والماشية وسلع من كل نوع، ولا يقل عن أغنى الأسواق في أوروبا([29]).
ويمكن القول: إن ظاهر العمر اتبع سياسة تجارية ناجحة استطاع من خلالها جعل عكا أهم الموانيء التجارية في جنوب غرب بلاد الشام([30]). واستغل ضعف مركز حلب التجاري وجذب الحركة التجارية إلى جنوب بلاد الشام، فصارت عكا ودمشق محور التجارة الرئيسي في بلاد الشام في منتصف القرن الثامن عشر.
ونجح ظاهر العمر في جذب جزء من تجارة جبل عامل إلى عكا، فساهم تحالفه مع المتاولة في الستينات إلى تصدير كميات كبيرة من قطن وتبغ جبل عامل عبر عكا([31]).
د ـ سياسة ظاهر الاحتكارية:
اتبع ظاهر العمر نظاماً احتكارياً في التجارة بناءً على مشورة وزيره إبراهيم الصباغ([32]). وجاء سعي ظاهر العمر إلى تحقيق الكسب وجني أرباح النشاط الزراعي والتجاري دافعاً له لاتباع هذا النظام. وفوق ذلك فإن الجيش الذي كونه ظاهر العمر لتثبيت مركزه وتحقيق طموحاته التوسعية وحفظ النظام في مناطق كان يتطلب نفقات وأموالاً لا يستهان بها، وبحاجة إلى تأمين دخل ثابت له([33]). وقام إبراهيم الصباغ بدورٍ مركزي في هذا النظام، فقد قال فولني: «إن إبراهيم الصباغ احتكر كل صنف من التجارة، فهو وحده البائع للذرة والقطن والأصناف الأخرى المعدة للتصدير، وهو وحده الذي يشتري الملابس، والصبغة النيلية والسكر، والبضائع الأخرى»([34]).
وحدد كل من ظاهر العمر وإبراهيم الصباغ أسعار المنتجات المحلية، واستوردا البضائع الأجنبية وفرضا أسعار بيعها للمستهلكين، وبذلك حرما التجار الأوروبين من الأرباح الطائلة التي كانوا يحققونها. وساهما في حماية السكان المحليين من تسلط التجار الأوروبيين، ولكنهما في الواقع استبدلا ذلك باحتكارهما للتجارة الداخلية والخارجية. وهذا الإجراء هو ما عرف فيما بعد بالاقتصاد الموجه أو اقتصاد الدولة([35]).
وأدت سياسة ظاهر في فرض أسعار المنتجات المحلية مثل القطن إلى صدامه مع التجار الفرنسيين، ولكنه استغل قوة نفوذه في إملاء الأسعار التي يراها ملائمة للقطن. وأصبحت تجارة القطن في معظمها تقدم من خلال تجار يعتمدون على ظاهر أو على كبار موظفيه([36]). وعلق جودة على اتباع ظاهر نظام الاحتكار بالقول: «في اعتقادنا أن الشيخ ظاهر العمر كان أول من أدخل هذا النظام إلى الشرق العربي في العصر الحديث وليس محمد علي باشا في مصر في أوائل القرن التاسع عشر. وإن محمد علي قد أدخل عليه تعديلات كثيرة فأخرجه بثوب أكثر اتساقاً ونظاماً»([37]). ومارس ظاهر العمر وإبراهيم الصباغ سياستهما الاحتكارية من خلال امتلاك دكاكين عديدة سهلت عليهما التدخل في النشاط التجاري الداخلي والخارجي، فحسب السجلات العثمانية فإنه تم احصاء قائمة بممتلكات ظاهر وإبراهيم الصباغ بعد موتهما تتضمن نحو مئة وست دكاكين، وستة وخمسين مخزناً وفرناً([38]). واستطاع ظاهر العمر وإبراهيم الصباغ تكديس ثروة طائلة وجدت طريقها بعد مقتلهما إلى خزينة الدولة العثمانية.
ﻫ ـ التجارة الخارجية:
أولى ظاهر العمر أهمية بالغة للتجارة الخارجية التي شكلت عماد نشاطه الاقتصادي، وبذل كل جهد مستطاع في جذب تلك التجارة إلى مناطق حكمه عبر ميناءي عكا وحيفا. واتخذ ظاهر العديد من الإجراءات التي ساهمت في جذب التجار الأوروربيين ولاسيما الفرنسيين إلى مناطق سيطرته، فشجع المنتجات الزراعية ذات الطلب العالي في أسواق أوروبا مثل القطن، وأبدى سلوكاً حسناً ولطيفاً، وتسامحاً دينياً تجاه التجار الأوروبيين، وحافظ على حرية المرور والحركة في موانئه ومناطق حكمه، إذ أدرك أن عدد التجار الأوروبيين سيزداد بصورة تتناسب مع التسهيلات التي يجدونها في بيع وشراء بضائعهم([39]). وكانت الدول الأوروبية تدفع رسوماً جمركية مقدارها 3. / . على تجارتها في الدولة العثمانية حسب الامتيازات الأجنبية([40]). فخفض ظاهر رسوم الجمارك في موانيء بلاده لجذب التجار الأوروبيين إليها([41]).
ونظم ظاهر حركة الملاحة بين ميناءي عكا وحيفا، حيث سعى إثر استيلائه على حيفا إلى استغلال موقعها الجغرافي باعتبارها مرسىً وملاذاً أمناً للسفن شتاءً([42]). فجبل الكرمل يحمي المرفأ من الرياح من الجنوب والجنوب الغربي، وقاع البحر المجاور للمرفأ يخلو من العوائق الطبيعية أمام حركة السفن. ولذلك فإن السفن ترسو فيه عند اشتداد الأنواء في فصل الشتاء([43]). وفي المقابل فإن ميناء عكا كان ذا حركة ضعيفة شتاءً كون المراكب الشراعية لاتستطيع المخاطرة بالرسو وشحن أو تفريغ البضائع في بحر مفتوح خوفاً من العواصف. وفوق ذلك فإن ميناء عكا مليء بالأنقاض وغير قادر على استقبال السفن الكبيرة، إذ تتعرض السفن إلى الخطر في حال بقائها على الساحل، مما يدفعها إلى تحميل وتفريغ حمولتها بوساطة مراكب صغيرة خاصة بتحميل السفن([44]). وأحدث هذا الوضع مشادات بين تجار عكا الذين يفضلون شحن بضائعهم من عكا إلى أوروبا مباشرة وبين أصحاب شركات التأمين وقباطنة السفن الذين يفضلون الرسو في مرفأ حيفا باعتباره أكثر أماناً. ومن أجل تنظيم حركة الملاحة وحل الإشكالات القائمة بين التجار وشركات التأمين جعل ظاهر السفن ترسو مقابل عكا في الشهور من أيار إلى أيلول حيث لا يوجد خطر خلالها من الرياح العكسية التي نادراً ما تهب صيفاً. أما الشهور السبعة الأخرى فإن السفن ترسو خلالها لتشحن وتفرغ بضائع عكا في ميناء حيفا، ثم تنقل من مكان إلى آخر بوساطة مراكب صغيرة([45]). وصارت حيفا بموجب هذا التنظيم ميناء عكا الشتوي. وكانت خطوة ظاهر هذه أول محاولة لتنظيم الملاحة بين المينائين([46]).
وسيتم الحديث عن التجارة الخارجية لظاهر العمر من خلال تناول علاقاته التجارية مع الدول الأوروبية وولايات الدولة العثمانية خارج بلاد الشام مثل مصر وقبرص.
1 ـ علاقاته التجارية مع فرنسا:
احتلت تجارة ظاهر مع الفرنسيين مركز الصدارة في تجارته الخارجية. وسيتم أولاً استعراض جذور التجارة الفرنسية في بلاد الشام لاسيما الجنوب الغربي منها.
أ ـ جذور التجارة الفرنسية في الشرق:
يعود الوجود الفرنسي في بلاد الشام إلى سنة 1535م، حين حصلت فرنسا على أول امتيازات لها في الدولة العثمانية بموجب معاهدة وقعت بين السلطان العثماني سليمان القانوني والملك الفرنسي فرانسوا الأول. واتخذت الدول الأوروبية من الامتيازات التي حصلت عليها فرنسا نهجاً يتبع في علاقاتها مع الدولة العثمانية. وهذه الامتيازات هي في الواقع الأصول والأسس التي استندت إليها الجاليات الأوروبية في تجارتها وإقامتها في بلاد الشام([47]). وتم تجديد الامتيازات في عهد السلاطين اللاحقين، إذ كانت مدة الامتيازات تستمر طيلة حياة السلطان الذي منحها، وهي بحاجة إلى تجديد في كل مرة يتولى فيها سلطان جديد. واستمرت هذه السياسة في تجديد الامتيازات حتى سنة 1740م حيث اتخذت طابعاً مستمراً في عهد السلطان وخلفائه([48]).
وشجع الأمير فخر الدين المعني الثاني في القرن السابع عشر التجارة مع الأوروبيين، وأقام علاقات تجارية ومالية مع التجار الفرنسيين في عكا([49]).
وشهد منتصف القرن السابع عشر سوء العلاقات بين الدولة العثمانية وفرنسا، وساعد ذلك حاكم صيدا على ممارسة التعسف والظلم في جمع الأموال من التجار الفرنسيين سنة 1658م مما دفعهم إلى الإنتقال إلى عكا مع قنصلهم. ومكثوا هناك أربعة أشهر ثم عادوا إلى صيدا بعد تسوية الخلافات القائمة مع حاكم صيدا([50]).
ونشطت التجارة الفرنسية في بلاد الشام في أواخر القرن السابع عشر بفضل سياسة «كولبير Colbert» وزير الدولة الفرنسية لشؤون البحرية الذي حسن علاقة فرنسا مع الدولة العثمانية. وغدت التجارة الفرنسية هي السائدة في بلاد الشام([51]). وأوكلت معاملات تجارة فرنسا مع العثمانيين إلى هيئة مميزة على رأسها وزير البحرية، وكانت ترد إليه الرسائل بدون انقطاع من المراكز القنصلية الفرنسية في المشرق. وساعد الوزير موظف مقره في غرفة تجارة مرسيليا التي انشئت سنة 1650م بهدف الاهتمام بصورة رئيسية بتجارة الشرق باعتبار مدينة مرسيليا مركزاً لهذه التجارة. وكان ينوب في بلاد الشام عن غرفة تجارة مرسيليا قناصل ونواب قناصل، ويعين الملك أو السفير في القسطنطينية القنصل حسب أهمية المركز. ومن واجباته تبادل الرسائل معهما، وأن يخضع لسلطتهما ويمثلهما أمام التجار. ولا يُسمح لأي تاجر فرنسي الإقامة في بلاد الشام إلا بعد الحصول على إذن من غرفة تجارة مرسيليا وفق شروط معينة، ومن يخالف ذلك يحق للسفير أو القنصل إعادته إلى فرنسا([52]).
وسيطرت صيدا على التجارة الخارجية لجنوب غرب بلاد الشام طيلة القرنيين السادس عشر والسابع عشر. ومارس الفرنسيون تجارة نشطة في عكا، وكانوا الوحيدين بين الأوروبيين الذين أقاموا فيها باستمرار([53]). ويؤكد مؤرخو التجارة الفرنسية في الشرق أن الأولوية التجارية في بلاد الشام الجنوبية كانت للتجار الفرنسيين. واحتكر الفرنسيون دون منافسة تذكر من قبل الإنجليز تجارة الواردات والصادرات في موانيء صيدا وعكا ويافا. واستمر الأمر كذلك حتى قيام الثورة الفرنسية سنة 1789م([54]).
وتبع التجار الفرنسيون في عكا وكلاءهم الأعلى مركزاً في صيدا الذين كانوا بدورهم مسئولين مباشرة أمام غرفة تجارة مرسيليا. وكانت السلعة الرئيسة للتجارة الفرنسية هي القطن، حيث يُثمن قطن جنوب غرب بلاد الشام عالياً في أوروبا، ويتم تصديره إلى فرنسا بأشكال عديدة منها الخام والمغزول. وعلى الرغم من زراعة القطن في منطقتي الرملة واللد إلا أن أفضل نوعية خيوط كانت القادمة من الجليل (قطن عكا). والطلب المتزايد على قطن منطقة الجليل في نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر والأرباح الكبيرة التي تجنى من تصديره شجع تجار صيدا وعكا على الحصول على أكبر قدرٍ منه([55]). وبلغ عدد التجار الفرنسيين في عكا في سنة 1714م حوالي 18 تاجراً، ولم يكونوا أقل أهمية من نظرائهم في صيدا([56]).
ورأى «كوهين» أن بداية القرن الثامن عشر شهد ثلاثة تطورات مهمة كان لها تأثير كبير على مستقبل النشاط التجاري في بلاد الجليل وهي:
1 ـ الطلب المتزايد على قطن الجليل.
2 ـ التفكك التدريجي للعلاقات بين تجار صيدا وتجار عكا، إذ بدأ تجار عكا في العمل بشكل مستقل محاولين تغيير الوضع السائد قبل ذلك، حتى تمت إعادة الوضع إلى ما كان عليه تحت إصرار السلطات الفرنسية.
3 ـ المحاولة التي قام بها التجار غير الفرنسيين في شق طريق لهم في تجارة القطن في جنوب غرب بلاد الشام.
وتم في العقد الأول من القرن الثامن عشر تعيين قنصل جديد لإنجلترا وهولندا في عكا يدعى «بول ماشوك Paul Maashook». ومارس تجارة نشطة استطاع من خلالها السيطرة على معظم إنتاج القطن في الجليل من خلال العديد من الوسائل أهمها شراء المحصول في مواقع انتاجه، وكسر احتكار التجار الفرنسيين لذلك. كما أقنع التجار الفرنسيين في عكا بقطع روابطهم مع التجار الفرنسيين في صيدا لتحقيق مكاسب ربحية أكبر. واستطاع التجار الفرنسيون المتعاملون معه احتكار جزءٍ كبير من القطن الذي يصل إلى عكا وجنوا وحققوا من ذلك أرباحاً طائلة([57]). وأشار «ماسون Masson» إلى ذلك بالقول: «إن التجار الفرنسيين في عكا أكثر التجار الفرنسيين استقلالاً عن القنصل الفرنسي وتجار صيدا في سورية»([58]).
ب ـ العلاقات التجارية بين ظاهر العمر والتجار الفرنسيين:
أقام ظاهر العمر علاقات تجارية مع التجار الفرنسيين في عكا منذ تسلمه الحكم، وتشير التقارير الفرنسية إلى وجـود علاقات تجاريـة وماليـة بيـن ظاهر العمر وشيوخ الزيادنة الآخرين من جهة وبين التجار الفرنسيين خلال فترة العشرينات والثلاثينات([59]). ونوه «فولني» إلى علاقة ظاهر العمر التجارية مع وكلاء فرنسيين في عكا قبل استيلائه عليها([60]). وشهدت بداية الأربعينات ترتيباً تجارياً بين النائـب القنصلي الفرنسي فـي عكـا «جوزيـف بـلانك Joseph Blance» بتشجيع من القنصل الفرنسي في صيدا الذي كان له مصلحة استثمارية في ذلك وبين ظاهر العمر، وبموجب هذا الترتيب فإن «بلانك» سدد ضرائب الميري المستحقة على ظاهر لوالي صيدا، وزود ظاهر أيضاً بالأسلحة والبارود وذخائر أخرى مقابل تزويد ظاهر له بالقطن والقمح. وعبر عبود الصباغ (مؤرخ سيرة ظاهر) عن هذه العلاقة بعبارة موجزة: «وكان كامل (كل ما) يطلع في بلاده من قطن وغلال كان يوردها لهم (للفرنسيين)»([61]).
وساهمت التجارة مع الفرنسيين في تعاظم ثروة ظاهر، فقال القنصل الفرنسي في صيدا في بداية الأربعينات في إشارة إلى ظاهر العمر وأسرته: «إن الشيوخ قد أصبحوا أغنياء على حسابنا». وقال في نهاية سنة 1742م: «هذه التجارة هي السبب الرئيسي لوقاحة الشيوخ. وأنهم أصبحوا أثرياء بسبب ذلك». وبعد سنوات أشار إلى ظاهر بأن السلفات النقدية للتجار الفرنسيين هي التي جعلته قوياً جداً([62]). والحقيقة أن علاقة ظاهر العمر مع الفرنسيين ساهمت في تزايد قوته إذ استطاع بالأموال التي كسبها تحصين مدينة طبريا حيث صمد في وجه حملات سليمان باشا العظم([63]). ولكن يجب ألا تنسى مساهمة مصادر الدخل الأخرى لظاهر من ضرائب الميري وغيرها. إضافة إلى وجوب إدراك الأرباح التي حققها الطرف الآخر من هذه التجارة.
ساءت العلاقات التجارية بين ظاهر العمر والتجار الفرنسيين عقب استيلائه على عكا سنة 1746م، فطرد ظاهر في تشرين الثاني 1747م أحد التجار الفرنسيين مـن عكا([64]). وكانت العادة المتبعـة أن يحدد سعـر القطن في المناطق التي يسيطر عليها ظاهر العمر من قبله ومن قبل التجار الفرنسيين، ولكن ظاهراً الذي شعر بازدياد نفوذه وسطوته بعد صد هجمات سليمان باشا العظم واستيلائه على عكا أراد أن يحدد وحده أسعار القطن في مناطق التزامه([65]). وحـاول الفرنسيون تحدي ظاهـر العمـر وإجباره علـى التجـارة معهـم حسب شروطهم، وتوجهوا إلى سفيرهم في إستانبول للتدخل لدى الباب العالي للضغط عليه ولكن هذه المحاولة أخفقت([66]). وسعى ظاهـر في المقابل إلى منـع مزارعي الجليل مـن بيـع القطـن للفرنسيين، وعمـل علـى تشجيع التجار الإنجليز على التعامل معه بنشاط أكبر وتسويق قطنه في أوروربا عبرهم. ولكن محاولته هذه باءت بالفشل([67]). ومهد ذلك الطريق أمام ظاهر العمر والفرنسيين للتوصل إلى اتفاق بينهما لتحقيق مصالحهما المشتركة، فتوصل ظاهر والنائب القنصلي الفرنسي في عكا «فوكيه» إلى اتفاق ينظم التجارة بينهما، وتم توقيع الاتفاق من قبل ظاهر العمر والقنصل الفرنسي في صيدا «دوفرايون De Verrayon» في 12 تموز 1753([68]).
وتشير رسالة أرسلها ظاهر العمر إلى وزير الدولة الفرنسية عقب هذا الاتفاق ومؤرخة في 5 ذي الحجة 1166ﻫ / 14 كانون الأول 1753م أنه يلتزم في معاملاته مع الجالية الفرنسية في بلاده «حسب العهد والميثاق المنعقد بين الدولة العثمانية والدولة الفرنساوية»([69]). ويبدو من نص الرسالة أن الاتفاق الموقع قد تضمن التزام الطرفين بالامتيازات الممنوحة من الدولة العثمانية للفرنسيين.
ولكن الاتفاق الذي تم بين ظاهر والفرنسيين واجه تلكؤاً فرنسياً في تطبيق بعض بنوده. فجاء في رسالة بعثها ظاهر في8 رجب 1167ﻫ/ 1 آيار 1754م إلى وزير الدولة الفرنسية لشؤون البحرية شكر ظاهر له على استدعاء قنصل فرنسا في صيدا الذي كان معادياً لظاهر، وإلى شكوى ظاهر من التكلؤ في تطبيق بنود الاتفاق. وقال ظاهر في رسالته: «وتم الاتفاق الذي صار من مدة يسيرة ما بيننا وبين القنصل «دفرايون De Verrayon» عن يد وكيله قنصل «فوكيه» في عكا. فما صار إلا على شرط أن الحال يسلك والمتجر يدرج والقسمة تبطل وكل شيء يرجع إلى مجراه. وكل هذا اعتمدناه عليه وصدقناه. والحق أن إلى الآن لم نرى (نرَ) شيء من الشرط المذكور وكل شيء باقي على ماكان. ولكن لنا رجا أن سعادتكم قريباً تأمروا التجار يتاجروا بالأخذ والعطى كعادتهم ولم يشاهدوا منا إلا وجوه الرعاية والغيرة على حفظ أموالهم وأخذهم وعطاهم كمثلما يكون عين رزقنا... وتأمروا بانتخاب قنصل جديد لصيده (صيدا) من انتخابكم الحميد لأجل راحة الطايفة وغيرها...»([70]).
وتتجلى في رسالة ظاهر لهجة ليونة وحرص على تعامله مع التجار الفرنسيين وتعهد ظاهر برعاية مصالحهم رغم الخلافات القائمة بينهم([71]). فذكر «ماسون Masson» أن الفترة بين 1753 ـ 1756م شهدت شكاوي عديدة من قبل الطرفين، ولكن تحسنت العلاقة بينهما في آواخر الخمسينات، فقد تلقى أحد أبناء ظاهر القادم إلى صيدا استضافه القنصل الفرنسي الذي قدم له هدية عبارة عن بندقية مزودة بالفضة بقيمة 200 جنيه (ربما جنيه استرليني)، ودفع ذلك ظاهراً إلى ارسال شكره إلى القنصل، ودعاه لزيارته([72]).
وشهدت أواخر الخمسينات وبداية الستينات ذروة النشاط التجاري الفرنسي في عكا. ووصف نعمان باشا والى صيدا الحركة التجارية في تلك الفترة بقوله: «إن السفن التي تُرسل من قبل التجار من مرسيليا إلى موانيء الولاية كانت تفرغ حمولتها في عكا منذ سنوات عديدة، وإن التجار هنا مجبرون على تفريغ البضائع الموجهة لهم هناك([73]). وبموجب الامتيازات الأجنبية فإن الرسوم الجمركية تجبى لمرة واحدة من الأوروبيين([74])، فكان التجار الفرنسيون عند وصول بضائعهم إلى صيدا يبرزون إيصالاً بدفع الرسوم في عكا، وبذلك يعفون من دفع الرسوم مرة أخرى. وأدرك والي صيدا مقدار الخسارة التي يعانيها من جراء التحول المتزايد للتجارة إلى عكا. وحاول اتخاذ اجراءات لمنع ذلك ولكنه لم يستطع تغييـر الـوضع القائـم([75]). ويبدو أن تسهيلات ظاهـر العمـر الجمركية ساهمت كثيراً في إحداث ذلك.
وأكد صدق قول نعمان باشا والي صيدا رسالة قنصل فرنسا في صيدا «كليرمبو Clairambault» إلى غرفة تجارة مرسيليا في الفترة نفسها، إذ طالب القنصل بالتخلي عن صيدا إذا استمر تجار مرسيليا بتوجيه كل سفنهم إلى عكا. وطالب بوقف ذلك واقترح أن ترسل الغرفة التجارية عدة سفن إلى صيدا مباشرة. وأبدى قنصل صيدا وتجارها قلقاً وغيرة من تحول التجارة لصالح عكا، وقد تضمنت الفترة شكاوي عديدة من قناصل وتجار صيدا ضد تجار عكا. وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على نجاح ظاهر العمر في تطوير عكا في مثل هذه الفترة القصيرة. إذ جعلها خلال عشر سنوات الميناء الرئيسي لتجارة جنوب غرب بلاد الشام([76]).
وأشار «ماريتي» إلى أن خلافات وقعت بين النائب القنصلي الفرنسي في عكا وبين تجارها الفرنسيين مما أدى إلى إقالته، وأصبحت تُؤدي واجبات نائب القنصل من قبل التجار أنفسهم، وتولوا عبء ذلك بالتناوب أسبوعياً، ولكنهم بقوا بصورة دائمة تحت اشراف القنصل الفرنسي في صيدا([77]).
ويوضح الجدول التالي الذي أورده Roux أعداد التجار الفرنسيين والعاملين لحسابهم في بلاد الشام في سنة 1764م([78]).
المركز الرئيسي | موظفون | تجار | حرفيون وخدم | وكلاء | المجموع |
الإسكندرونة | 1 | 2 | ـ | 1 | 4 |
حلب | 12 | 12 | 6 | 12 | 42 |
طرابلس الشام | 5 | 5 | ـ | 5 | 15 |
اللاذقية | 1 | 2 | ـ | ـ | 3 |
صيدا | 6 | 13 | 2 | 13 | 34 |
عكا | 3 | 10 | 2 | ـ +[8] | 23 |
يافا | ـ | 1 | ـ | ـ | 1 |
الرملة | الموضوعات |