جاري التحميل

معاملة ظاهر العمر للنصارى

الموضوعات

معاملة ظاهر العمر للنصارى

كتب الأستاذ الدكتور خالد محمد صافي حول هذا الموضوع في كتابه " ظاهر العمر الزيداني حاكم الجليل في القرن الثاني عشر ( 1689-1775 م) والذي صدر عن دار المقتبس في بيروت سنة   1439هـ-2018 م

فقال:

تميز حكم ظاهر العمر بالتسامح الديني. وليس أدل على ذلك من اتخاذه وزراءه وكتابه منهم، ولم يفرق ظاهر في تعامله بين المسلمين والنصارى. وساهم ذلك في هجرة الكثير من المسيحيين من أنحاء مختلفة من بلاد الشام إلى مناطق حكمه، واستمر ذلك حتى السنوات الأخيرة من ذلك الحكم([1]). ومن أهم الجماعات التي هاجرت إلى بلاد الشيخ ظاهر طائفة الروم الكاثوليك «الملكيون» الذين كانوا يعانون من اضطهاد الطائفة الأرثذوكسية في ولايات بلاد الشام([2]). فقد سعى هؤلاء إلى الأمن السياسي والتسامح الديني في مناطق ظاهر إضافة إلى رغبتهم في اللحاق بالنشاط التجاري الذي انتقل إلى الساحل الجنوبي الغربي لبلاد الشام في القرن الثامن عشر. وتوافر لدى هؤلاء المهارات والخبرة التجارية ورأس المال. وساهم ذلك في صعودهم السريع اقتصادياً وادارياً([3]).

وأشرك ظاهر النصارى في حكم المناطق الواقعة تحت سيطرته، فأشار «ماريتي» إلى قيام ظاهر بجعل السلطة في الناصرة في يد رئيس كنيسة «مريم العذراء». وجعل التزام المدينة في يد أباء الأراضي المقدسة. هذا في الوقت الذي رفض فيه السماح بإقامة مفتي مسلم فيها مما دفع «ماريتي» إلى القول إن ظاهراً كان يحابي المسيحيين([4]). كما استخدم بعض المسيحيين في التزام بعض القرى الأخرى([5])، وأقطع الخوري خليف من الناصرة وآل معلوف إقطاعات عديدة([6]).

واستطاع المسيحيون في عهد ظاهر وبمساندته إنشاء وتعمير الكنائس، فمنح ظاهر العمر في أواخر الثلاثينات مكاناً للعبادة للروم الكاثوليك في الناصرة([7]). وساند وزيره إبراهيم الصباغ في استصدار فرمان لبناء كنيسة للروم الكاثوليك في عكا في سنة 1760م. وأُعيد في سنة 1763م تعمير كنيسة البشارة في الناصرة التي أنشأها الرهبان الفرنسيسكان في سنة 1620م([8]). وأُعيد في عهد ظاهر بناء دير الكرمل للرهبان الكرملين الذين أسسوا رهبنتهم في القرن الثالث عشر في العهد الصليبي في جبل الكرمل، وهربوا منها بعد سقوط عكا في يد المسلمين سنة 1291م([9])، وقد استقر في عهد ظاهر وضع الرهبنات المسيحية في مناطق حكمه([10]).

وأراد ظاهر من سياسة التسامح الديني التي اتبعها إعادة إسكان مناطق الجليل لتحقيق مشروعه وطموحه إلى تنشيط التجارة والزراعة، وجلب الرخاء الاقتصادي إليها.



([1])   بريك ـ تاريخ الشام، ص27، 106. كرد علي ـ خطط، ج2، ص 281.

Mariti ـ Travels ,II ,P. 162.

([2])   جودة ـ حركة الشيخ ظاهر العمر، ص 147. ميخائيل الصباغ ـ تاريخ ابراهيم الصباغ، ص1ب.Philip ـ Jews , P. 160.

([3])   Philip ـ Jews , P. 164.

([4])   Mariti ـ Travels , II, P. P.162,167.

([5])   Ibid, II, P. 194.

([6])   منصور ـ تاريخ الناصرة ـ ص66. المعلوف ـ دواني القطوف، ص273.

([7])   منصور ـ تاريخ الناصرة، ص 62. هيد ـ ظاهر العمر، ص78 ـ 83. كرمل ـ تاريخ حيفا، ص93.

([8])   بريك ـ تاريخ الشام، ص90. سمارة ـ مختصر، ص22 ـ 23.

([9])   الدباغ ـ بلادنا، ج7، ق2، ص473. Mariti ـ Travels , II , P. 134.

([10])   منصور ـ تاريخ الناصرة، ص195.

الموضوعات