جاري التحميل

معاملة ظاهر العمر لليهود

الموضوعات

معاملة ظاهر العمر لليهود

كتب الأستاذ الدكتور خالد محمد صافي حول هذا الموضوع في كتابه " ظاهر العمر الزيداني حاكم الجليل في القرن الثاني عشر ( 1689-1775 م) والذي صدر عن دار المقتبس في بيروت سنة   1439هـ-2018 م

فقال:

أبدى ظاهر العمر تسامحاً دينياً تجاه اليهود شأنهم في ذلك شأن النصارى، وأشارت المصادر اليهودية إلى أن ظاهراً باقتراح من حاخام صفد «موشي ملكي» وجه دعوة إلى الحاخام حاييم أبي العافية الذي يشغل منصب الحاخام الرئيسي في أزمير بتركيا يحثه على القدوم إلى طبريا والاستيطان فيها([1]). وكان اليهود قد طردوا من طبرية سنة 1645م من قبل الدولة العثمانية بعد أن قامت امرأه يهودية ثرية بإنشاء مكان مسور لتسكن فيه رجال ملتها. فرأى العثمانيون في ذلك شراً وسوءاً وتمت إزالته([2]).

استجاب الحاخام أبو العافية لدعوة ظاهر العمر وقدم في سنة 1740م إلى طبرية مع أبنائه الثلاثة وصهريه وعشرة من تلامذته وعائلاتهم، واستقبله ظاهر بوليمة كبيرة. وخلال عامين بنى أبو العافية في طبريا منازل وحوانيت لليهود كما بنى كنيساً ومدرسة دينية. وأصبحت مساحة الحي اليهودي عشر دونمات، وأحيط بسور يفصله عن باقي أجزاء المدينة. وشهدت طبريا ازدياداً في اليهود القادمين من أزمير وأوروبا حتى وصل عددهم سنة 1769م إلى مئة وخمسين عائلة (500 ـ 600 فرداً) وتمتعوا بالحرية الدينية تحت حكم صليبي بن ظاهر العمر وحاكم عكا الذي كانت علاقته إيجابية بهم([3]). وتبقى هذه الأرقام موضع شك لاسيما وأن «ماريتي» قد أشار إلى تناقص سكان طبرية إثر زلازل سنة 1759م، كما أنه لم يشر إلى الوجود اليهودي بها([4]).

ولكن اليهود القاطنين في صفد كانوا في وضعٍ سيء. إذ تعرضوا للابتزاز من قبل علي الظاهـر حاكم صفد. كما أن صفد كانت أقل أماناً بالنسبة لهـم بسبب عدم وجود سورٍ لها. فأدى ذلك إلى هرب العديد منهم إلى التلال المجاورة وانتقل قسم آخر إلى طبرية التي تمتع اليهود فيها بوضعٍ أفضل.([5]) وأشار «ماريتي» الذي زار صفد في الفترة بين 1760 ـ 1767م إلى أن معظم سكان مدينة صفد من اليهود وبها بعض الروم الكاثوليك([6]). بينما أشار «فولني» (1783 ـ 1785م) إلى أن عددهم بلغ خمسين أو ستين أسرة([7]). وذكر «ماريتي» أن ظاهراً قد منح اليهود في عكا كنيساً صغيراً، ولم يسمح لهم بتوسيعه، وطالبهم بالاكتفاء بهذا المكان الذي منحه لهم([8]).

وذكر «أفيشار عديد» بأن ظاهراً يعد مجدد الاستيطان اليهودي في طبرية، وأن الأمن ساد فترة حكمه بخلاف فترة الجزار التي تعرضوا فيها للظلم والابتزاز، مما جعل عددهم يقل في طبرية([9]). ويبدو أن سياسة ظاهر في زيادة سكان مناطق حكمه والنهوض بها زراعياً وتجارياً كان وراء خطواته هذه. ولكن التساؤل هنا حول مدى إدراك ظاهر للنوايا اليهودية التي أبدت الدولة العثمانية انتباهاً لها قبل قرن تقريباً.

 



([1])   أفيشار ـ طبرية مدينة الفيثارات، ص104 Cohen ـ Palestine ,P. 252.. 

([2])   ليلى الصباغ ـ فلسطين في مذكرات الفارس دارفيوا ـ البنية الطبيعية والبشرية، المؤتمر الدولي الثالث لتاريخ بلاد الشام (جغرافية فلسطين وحضارتها)، المجلد الثاني، الجامعة الأردنية، عمان، 1983، ص319 ـ 320.

([3])   أفيشار ـ طبرية مدينة الفيثارات، ص104 ـ 108.

([4])   Mariti ـ Travels, II, P. 174.

([5])   Barnai ـ The Jews in Palestine ,P. 17.

([6])   Mariti ـ Travels, II, P. 172.

([7])   Volney ـ Travels, II, P. 231.

([8])   Mariti ـ Travels , II ,P. 95.

([9])   أفيشار ـ طبرية مدينة الفيثارات، ص108.

الموضوعات